القاهر
كلمة (القاهر) في اللغة اسم فاعل من القهر، ومعناه الإجبار،...
أُمُّ الأْمِّ، وَأُمُّ الأْبِ وإن علت . ويشهد له أنه جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللهُ عَنْه - تسأله ميراثها، فقال : ما لك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، فارجعي حتى أسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - أعطاها السدس، فقال : هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذ لها أبو بكر السدس " ابن حبان، وصححه : 6031.
الجَدَّةُ: أُمُّ الأُمِّ وأُمُّ الأَبِ وإِنْ عَلَتا، وجَمْعُ الجَدَّةِ: جَدّات، والذَّكَرُ: الجَدُّ.
يُطلَق مُصْطَلَح (جَدَّة) في الفقه في عِدَّةِ مَواطِنَ، مِنها: كتاب النِّكاحِ، باب: المحرَّمات مِن النِّساءِ، وباب: مَوانِع النِّكاحِ، وفي باب الأَحَقّ بِالحَضانَةِ، وفي كتاب القِصاصِ، باب: قَتْل الوالِدِ بِوَلَدِه، وفي كتاب الجهاد، باب: شُروط الجِهادِ، وغيرِ ذلك مِن الأبواب.
جدد
أُمُّ الأْمِّ، وَأُمُّ الأْبِ وإن علت.
* لسان العرب : (3/108)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 366)
* شرح حدود ابن عرفة : (ص 165)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 161)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (1/522)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (15/119) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَدَّةُ لُغَةً: أُمُّ الأُْمِّ وَأُمُّ الأَْبِ وَإِنْ عَلَتَا، وَجَمْعُهَا جَدَّاتٌ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجَدَّةِ:
مِيرَاثُ الْجَدَّةِ:
2 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَوْرِيثِ جَدَّتَيْنِ: أُمِّ الأُْمِّ، وَأُمِّ الأَْبِ، وَأُمَّهَاتِهِمَا وَإِنْ عَلَوْنَ بِمَحْضِ الإِْنَاثِ أَيْ دُونَ تَخَلُّل ذَكَرٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي أُمِّ الْجَدِّ (أُمِّ أَبِي الأَْبِ) فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى تَوْرِيثِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ كَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمْ، وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالأَْوْزَاعِيِّ وَابْنِ سِيرِينَ وَالثَّوْرِيِّ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَرَبِيعَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ. وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْجَدَّةَ الَّتِي تُدْلِي إِلَى الْمَيِّتِ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُمَّيْنِ فَاسِدَةٌ، وَلاَ تَرِثُ؛ لأَِنَّهَا تُدْلِي بِأَبٍ غَيْرِ وَارِثٍ كَمَا فِي حَالَةِ أُمِّ أَبِي الأُْمِّ (2) .
هَذَا وَعَدَمُ تَوْرِيثِ الْجَدَّةِ غَيْرِ الصَّحِيحَةِ إِنَّمَا هُوَ بِالْفَرْضِ. وَهِيَ تَرِثُ مِيرَاثَ الأَْرْحَامِ.
فَرْضُ الْجَدَّةِ وَالْجَدَّاتِ:
3 - أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ لِلْجَدَّةِ السُّدُسَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ أُمٌّ. وَذَلِكَ لِمَا رَوَاهُ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ قَال: جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا.
فَقَال: مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ، وَمَا أَعْلَمُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُول اللَّهِ ﷺ شَيْئًا. وَلَكِنِ ارْجِعِي حَتَّى أَسْأَل النَّاسَ. فَقَال الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: حَضَرْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَعْطَاهَا السُّدُسَ. فَقَال: هَل مَعَكَ غَيْرُكَ؟ فَشَهِدَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَأَمْضَاهُ لَهَا (3) .
وَهَذَا سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ أَمْ مِنْ جِهَةِ الأَْبِ.
وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهَا فَرْعٌ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ.
وَسَوَاءٌ أَقَرُبَتِ الْجَدَّةُ أَمْ بَعُدَتْ مَا دَامَتْ وَارِثَةً.
وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ وَاحِدَةً أَمْ أَكْثَرَ، فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مِيرَاثَ الْجَدَّاتِ السُّدُسُ أَيْضًا وَإِنْ كَثُرْنَ، وَذَلِكَ لِقَضَائِهِ ﷺ فِي الْمِيرَاثِ بِالسُّدُسِ بَيْنَهُمَا. وَلِقَضَاءِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بَيْنَ الْجَدَّتَيْنِ فَقَال عَنِ السُّدُسِ: إِنِ اجْتَمَعْتُمَا فَهُوَ لَكُمَا، وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا (4) . حَجْبُ الْجَدَّةِ:
4 - الْجَدَّاتُ قَدْ يَحْجُبُهُنَّ غَيْرُهُنَّ، وَقَدْ يَحْجُبُ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا فِي الْمِيرَاثِ. فَقَدْ أَجْمَعَ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الأُْمَّ تَحْجُبُ كُل الْجَدَّاتِ سَوَاءٌ أَكُنَّ مِنْ جِهَتِهَا أَوْ مِنْ جِهَةِ الأَْبِ؛ لأَِنَّ الْجَدَّاتِ يَرِثْنَ بِالْوِلاَدِ، فَكَانَتِ الأُْمُّ أَوْلَى مِنْهُنَّ لِمُبَاشَرَتِهَا الْوِلاَدَةَ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُل جَدَّةٍ قُرْبَى تَحْجُبُ الْبُعْدَى الَّتِي مِنْ جِهَتِهَا مُطْلَقًا.
وَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ الْجَدَّةَ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ تُسْقِطُ الْبُعْدَى الَّتِي مِنْ جِهَةِ الأَْبِ. وَنَقَل ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ خِلاَفًا فِي ذَلِكَ (5) .
وَاخْتَلَفُوا فِي إِسْقَاطِ الْجَدَّةِ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الأَْبِ لِلْبُعْدَى الَّتِي مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهَا تَحْجُبُهَا لأَِنَّهَا أَقْرَبُ مِنْهَا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّهَا لاَ تَحْجُبُهَا وَالسُّدُسُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلاَنِ: أَظْهَرُهُمَا وَهِيَ الرِّوَايَةُ الْمَنْصُوصَةُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهَا لاَ تَحْجُبُهَا، وَتَشْتَرِكَانِ فِي السُّدُسِ؛ لأَِنَّ الأَْبَ نَفْسَهُ لاَ يَحْجُبُهَا فَالْجَدَّةُ الْمُدْلِيَةُ بِهِ أَوْلَى.
وَالثَّانِي: أَنَّهَا تَحْجُبُهَا لِقُرْبِهَا مِنَ الْمَيِّتِ (6) .
5 - وَاخْتَلَفُوا فِي حَجْبِ الْجَدَّةِ بِابْنِهَا، أَيْ بِأَبِي الْمَيِّتِ أَوْ جَدِّهِ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، إِلَى أَنَّهُ يَحْجُبُهَا، فَلاَ تَرِثُ مَعَ وُجُودِ الأَْبِ إِلاَّ جَدَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ الَّتِي مِنْ قِبَل الأُْمِّ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهَا تُدْلِي بِهِ فَلاَ تَرِثُ مَعَهُ كَالْجَدِّ مَعَ الأَْبِ، وَأُمِّ الأُْمِّ مَعَ الأُْمِّ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَهِيَ رِوَايَةٌ لِلشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهَا تَرِثُ مَعَ ابْنِهَا (7) لِمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ ﵁ قَال: أَوَّل جَدَّةٍ أَطْعَمَهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ السُّدُسَ أُمُّ أَبٍ مَعَ ابْنِهَا، وَابْنُهَا حَيٌّ. وَلأَِنَّ الْجَدَّاتِ أُمَّهَاتٌ، فَيَرِثْنَ مِيرَاثَ الأُْمِّ لاَ مِيرَاثَ الأَْبِ، فَلاَ يُحْجَبْنَ بِهِ كَأُمَّهَاتِ الأُْمِّ (8) .
تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْجَدَّةِ:
6 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ نِكَاحُ الْجَدَّاتِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كُنَّ مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ أَوْ مِنْ جِهَةِ الأَْبِ وَإِنْ عَلَوْنَ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} (9) فَالأُْمَّهَاتُ كُل مَنْ يَنْتَسِبُ إِلَيْهِنَّ بِوِلاَدَةٍ سَوَاءٌ وَقَعَ عَلَيْهَا اسْمُ الأُْمِّ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا - أَيِ الَّتِي وَلَدَتْكَ أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَتْكَ - وَإِنْ عَلَتْ وَارِثَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ وَارِثَةٍ (10) .
تَحْرِيمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَجَدَّتِهَا:
7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَجَدَّتِهَا، إِذِ الْجَدَّاتُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الأُْمَّهَاتِ فِي الْحُرْمَةِ (11) . عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ أَيْضًا نِكَاحُ جَدَّةِ الزَّوْجَةِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ أَوْ طَلاَقِهَا، كَمَا يَحْرُمُ نِكَاحُ بِنْتِ بِنْتِ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُول بِهَا بَعْدَ طَلاَقِ الزَّوْجَةِ أَوْ مَوْتِهَا، أَمَّا إِذَا كَانَتِ الزَّوْجَةُ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا وَفَارَقَهَا فَيَحِل لَهُ الزَّوَاجُ بِبِنْتِ بِنْتِهَا.
تَشْبِيهُ الزَّوْجَةِ بِالْجَدَّةِ فِي الظِّهَارِ:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ شَبَّهَ زَوْجَتَهُ بِظَهْرِ جَدَّتِهِ فَهُوَ ظِهَارٌ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ أَمْ الأَْبِ؛ لأَِنَّ تَشْبِيهَ الزَّوْجَةِ بِظَهْرِ الأُْمِّ أَوِ الْجَدَّةِ أَوْ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ سَوَاءٌ (12) .
حَقُّ الْجَدَّةِ بِالْحَضَانَةِ:
9 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ أَحَقَّ النَّاسِ بِالْحَضَانَةِ بَعْدَ الأُْمِّ سَوَاءٌ مَاتَتْ أَوْ نَكَحَتْ أَجْنَبِيًّا أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى - أَيْ جَدَّةُ الطِّفْل لأُِمِّهِ - وَإِنْ عَلَتْ.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَنْتَقِل الْحَضَانَةُ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَضَانَةَ تَنْتَقِل بَعْدَ الْجَدَّةِ لأُِمٍّ إِلَى الْجَدَّاتِ لأَِبٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الأَْخَوَاتِ ثُمَّ الْخَالاَتِ. وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحَضَانَةَ تَنْتَقِل إِلَى الْخَالاَتِ ثُمَّ الْجَدَّاتِ مِنْ جِهَةِ الأَْبِ ثُمَّ الأَْخَوَاتِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْجَدِيدِ إِلَى تَقْدِيمِ الْجَدَّاتِ لأَِبٍ عَلَى الأَْخَوَاتِ وَالْخَالاَتِ، وَفِي الْقَدِيمِ إِلَى تَأْخِيرِهِنَّ عَنِ الأَْخَوَاتِ وَالْخَالاَتِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْحَضَانَةَ تَنْتَقِل بَعْدَ أُمِّ الأُْمِّ إِلَى الأَْبِ، ثُمَّ إِلَى أُمَّهَاتِهِ، ثُمَّ إِلَى الأَْخَوَاتِ وَالْخَالاَتِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِتَقْدِيمِ أُمِّ الأُْمِّ بِمَا قَضَاهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁ فِي عَاصِمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵄. فَقَدْ طَلَّقَ عُمَرُ زَوْجَتَهُ وَلَهُ مِنْهَا عَاصِمٌ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ، وَكَانَ لَهَا أُمٌّ فَقَبَضَتْ عَاصِمًا عِنْدَهَا، فَخَاصَمَهَا عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَضَى لِجَدَّتِهِ (أُمِّ أُمِّهِ) بِالْحَضَانَةِ وَقَال عُمَرُ: سَمِعْتُ وَأَطَعْتُ (13) .
قَتْل الْجَدَّةِ بِحَفِيدِهَا:
10 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - أَنَّهُ لاَ قِصَاصَ عَلَى وَالِدٍ يَقْتُل وَلَدَهُ، وَكَذَا الأُْمُّ وَالأَْجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ سَوَاءٌ أَكَانُوا مِنْ جِهَةِ الأَْبِ أَمْ مِنْ جِهَةِ الأُْمِّ، قَرُبُوا أَمْ بَعُدُوا. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ ﷺ: لاَ يُقَادُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ (14) وَالْجَدَّةُ وَالِدَةٌ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى التَّفْصِيل فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَاتَّفَقُوا مَعَ الْجُمْهُورِ فِيمَا لَوْ حَذَفَهُ بِالسَّيْفِ. أَمَّا إِنْ قَصَدَ قَتْل الاِبْنِ وَإِزْهَاقَ رُوحِهِ بِأَنْ أَضْجَعَهُ فَذَبَحَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَيَجْرِي مَجْرَاهُ الأَْجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ (15) .
اسْتِئْذَانُ الْجَدَّةِ فِي الْجِهَادِ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ إِذْنَ لأَِحَدٍ مُطْلَقًا فِي النَّفِيرِ الْعَامِّ، حَيْثُ يَتَعَيَّنُ الْجِهَادُ وَيَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ وَلاَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الإِْذْنُ، كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ، وَبَقِيَّةِ الْفَرَائِضِ.
وَاتَّفَقُوا فِي غَيْرِ النَّفِيرِ الْعَامِّ أَنَّهُ لاَ يَخْرُجُ مَنْ لَهُ وَالِدَانِ بِغَيْرِ إِذْنِهِمَا، وَلَوْ فَعَل يَحْرُمُ عَلَيْهِ لأَِنَّ بِرَّهُمَا وَاجِبٌ. وَاخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ اسْتِئْذَانِ الأَْجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ فِي حَال عَدَمِ وُجُودِ الْوَالِدَيْنِ.
فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ - إِلَى أَنَّ الأَْجْدَادَ وَالْجَدَّاتِ كَالآْبَاءِ وَالأُْمَّهَاتِ فَيَحْرُمُ خُرُوجُهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ لِلْجِهَادِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِمْ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ اسْتِئْذَانُهُمَا لأَِنَّهُمَا لَيْسَا كَالأَْبَوَيْنِ، فَإِنْ أَبَى الْجَدَّانِ فَلَهُ الْخُرُوجُ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ إِذْنَ لِغَيْرِ الأَْبَوَيْنِ مِنَ الأَْقَارِبِ حَتَّى الْجَدَّيْنِ لأَِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَرِدْ بِذَلِكَ وَلاَ هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ (16) .
__________
(1) لسان العرب، وتاج العروس، مادة: (جدد) .
(2) الاختيار شرح المختار للموصلي 5 / 104 ط مصطفى البابي الحلبي بمصر 27 سنة 1370 هـ، والمبسوط لشمس الدين السرخسي 29 / 167. مطبعة السعادة بمصر ط ا، وتبيين الحقائق للزيلعي 6 / 231، دار المعرفة للطباعة والنشر ببيروت، والزرقاني شرح مختصر خليل 8 / 208 دار الفكر ببيروت سنة 1398 هـ. ونهاية المحتاج للرملي 6 / 19 المكتبة الإسلامية، وروضة الطالبين 6 / 11 ط المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، ومطالب أولي النهى 4 / 554 المكتب الإسلامي للطباعة والنشر بدمشق، والمغني لابن قدامة المقدسي 6 / 206 مكتبة الرياض الحديثة بالسعودية.
(3) حديث: " جاءت الجدة إلى أبي بكر. . . " أخرجه أبو داود 3 / 317 - تحقيق عزت عبيد دعاس، وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (3 / 82 - ط شركة الطباعة الفنية) : " إسناده صحيح لثقة رجاله، إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة، قاله ابن عبد البر بمعناه ".
(4) المبسوط لشمس الدين السرخسي 29 / 167، وتبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي 6 / 231 - 232، والزرقاني شرح مختصر خليل 8 / 208، وكفاية الطالب شرح الرسالة 2 / 308 ط مصطفى البابي الحلبي، ونهاية المحتاج للرملي 6 / 19 - 20، وروضة الطالبين 6 / 11، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني 2 / 47 مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر سنة 1359 هـ، ومطالب أولي النهى 4 / 554، والمغني لابن قدامة 6 / 206.
(5) الاختيار شرح المختار للموصلي 5 / 104، والزرقاني شرح مختصر خليل 8 / 208، وكفاية الطالب شرح الرسالة 2 / 308، وروضة الطالبين للنووي 6 / 26 - 27، ومطالب أولي النهى 4 / 554، 566.
(6) الفتاوى الهندية 6 / 453 المكتبة الإسلامية، ديار بكر بتركيا، وكفاية الطالب شرح الرسالة 2 / 308، ونهاية المحتاج للرملي 6 / 16، وروضة الطالبين 6 / 27، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 7 / 310 ط مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة. تصوير دار إحياء التراث العربي ببيروت سنة 1377 هـ، والمغني لابن قدامة 6 / 206.
(7) الاختيار شرح المختار للموصلي 5 / 95، والمبسوط لشمس الدين السرخسي 29 / 169، والزرقاني شرح مختصر خليل 8 / 208، ونهاية المحتاج للرملي 6 / 16، وروضة الطالبين 6 / 26، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي 7 / 311، والمغني لابن قدامة المقدسي 6 / 206.
(8) حديث: عبد الله بن مسعود قال: أول جدة أطعمها رسول الله ﷺ: أخرجه الترمذي (4 / 421 - ط الحلبي) ، والبيهقي (6 / 226 - ط دائرة المعارف العثمانية) وقال البيهقي: " محمد بن سالم - يعني الذي في إسناده - غير محتج به ".
(9) سورة النساء / 23.
(10) الاختيار شرح المختار للموصلي 3 / 84، وكفاية الطالب شرح الرسالة للعدوي 2 / 44، ونهاية المحتاج شرح المنهاج للرملي 6 / 266، ومطالب أولي النهى 5 / 87 - 88.
(11) فتح القدير لابن الهمام 2 / 358 ط الأميرية ببولاق بمصر المحمدية سنة 1315 هـ، والمدونة للإمام مالك 2 / 276 مطبعة السعادة بمصر سنة 1323 هـ تصوير دار صادر ببيروت، ونهاية المحتاج شرح المنهاج للرملي 6 / 266، ومطالب أولي النهى 5 / 98.
(12) الاختيار شرح المختار للموصلي 3 / 161، والفواكه الدواني 2 / 79، دار المعرفة للطباعة والنشر ببيروت، روضة الطالبين للنووي 8 / 264، والكافي لابن قدامة المقدسي 2 / 880. الطبعة الأولى. المكتب الإسلامي بدمشق. وكشاف القناع للبهوتي 5 / 368، نشر مكتبة النصر الحديثة بالرياض.
(13) الاختيار شرح المختار للموصلي 4 / 14، وفتح القدير لابن الهمام 3 / 315، والمدونة للإمام مالك 2 / 357، 361، وكفاية الطالب شرح الرسالة 2 / 104، وروضة الطالبين 9 / 101، 108 - 109، ونهاية المحتاج شرح المنهاج 7 / 214 - 216، والكافي لابن قدامة 2 / 1005، وكشاف القناع 5 / 496.
(14) حديث: " لا يقاد والد بولده " أخرجه الترمذي (تحفة الأحوذي 4 / 656 ط السلفية) وابن ماجه (2 / 888 ط عيسى الحلبي) وأحمد والبيهقي (8 / 38 دار المعرفة) وذكر الحافظ الزيلعي عن البيهقي أنه قال: وهذا إسناد صحيح (نصب الراية 4 / 339) وقال عبد الحق: هذه الأحاديث كلها معلولة لا يصح منها شيء. وقال الشافعي: حفظت عن عدد من أهل العلم لقيتهم أن لا يقتل الوالد بالولد وبذلك أقول (التخليص الحبير 4 / 17) .
(15) فتح القدير لابن الهمام 8 / 259، روضة الطالبين للنووي 9 / 151، والفروع لابن مفلح 5 / 643، الطبعة الثالثة سنة 1388 هـ عالم الكتب ببيروت. أسهل المدارك شرح إرشاد السالك 3 / 118. الطبعة الثانية مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه بمصر. وحاشية الدسوقي 4 / 242 - 243 عيسى البابي الحلبي وشركاه.
(16) تبيين الحقائق للزيلعي 3 / 241 - 242 ط 1 الأميرية ببولاق مصر سنة 1313، ومواهب الجليل شرح مختصر خليل 3 / 350 مكتبة النجاح. طرابلس - ليبيا، والتاج والإكليل لمختصر خليل (في هامش المواهب) 3 / 350 مكتبة النجاح - طرابلس - ليبيا، وروضة الطالبين 10 / 211، والكافي لابن قدامة 4 / 254 - 255 ط 2 المكتب الإسلامي سنة 1399 هـ بيروت.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 119/ 15