الرب
كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...
ما يكون رَدًّا على سؤالٍ، أَو ادعاءٍ، أَو دَعْوَى، أَو رسالةٍ، أَو اعتراضٍ، ونحو ذلك . ومن أمثلته الجواب بكلمة "نعم " و "أجل "، ونحوها، ويتضمن الموافقة على السؤال، كقولك : نعم، لمن سألك : هل صليت العصر؟ ومن شواهده قوله تَعَالَى : ﭽﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢﭣ ﭤ ﭥﭼ الأعراف :٤٤ .
ما يكون رَدًّا على سؤالٍ، أَو ادعاءٍ، أَو دَعْوَى، أَو رسالةٍ، أَو اعتراضٍ، ونحو ذلك.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَوَابُ: رَدِيدُ الْكَلاَمِ، وَالْفِعْل: أَجَابَ يُجِيبُ.
وَالإِْجَابَةُ رَجْعُ الْكَلاَمِ، تَقُول: أَجَابَهُ عَنْ سُؤَالِهِ، وَقَدْ أَجَابَهُ إِجَابَةً وَإِجَابًا وَجَوَابًا.
وَالإِْجَابَةُ وَالاِسْتِجَابَةُ بِمَعْنًى، يُقَال: اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَالاِسْمُ الْجَوَابُ.
وَالْجَوَابُ مَا يَكُونُ رَدًّا عَلَى سُؤَالٍ، أَوْ دُعَاءٍ، أَوْ دَعْوَى، أَوْ رِسَالَةٍ، أَوِ اعْتِرَاضٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَالْجَمْعُ أَجْوِبَةٌ وَجَوَابَاتٌ.
وَجَوَابُ الْقَوْل قَدْ يَتَضَمَّنُ تَقْرِيرَهُ، نَحْوُ: نَعَمْ، إِذَا كَانَ جَوَابًا لِقَوْلِهِ: هَل كَانَ كَذَا، وَنَحْوِهِ، وَقَدْ يَتَضَمَّنُ إِبْطَالَهُ، وَلاَ يُسَمَّى جَوَابًا إِلاَّ بَعْدَ طَلَبٍ. وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ فِي الاِصْطِلاَحِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الإِْقْرَارُ:
2 - الإِْقْرَارُ: الاِعْتِرَافُ بِالشَّيْءِ، وَالإِْخْبَارُ بِحَقٍّ لآِخَرَ، وَإِخْبَارٌ عَمَّا سَبَقَ. فَالإِْقْرَارُ قَدْ يَكُونُ جَوَابًا إِذَا كَانَ بَعْدَ طَلَبٍ، فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ (2) .
الرَّدُّ:
3 - الرَّدُّ: صَرْفُ الشَّيْءِ وَرَجْعُهُ، يُقَال: رَدَّهُ عَنِ الأَْمْرِ إِذَا صَرَفَهُ عَنْهُ، وَيُقَال: سَلَّمَ فَرَدَّ عَلَيْهِ، وَرَدَدْتُ إِلَيْهِ جَوَابَهُ، وَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْوَدِيعَةَ. فَالرَّدُّ يَكُونُ جَوَابًا إِذَا كَانَ بَعْدَ طَلَبٍ (3) ، فَالرَّدُّ أَعَمُّ مِنَ الْجَوَابِ.
الْقَبُول:
4 - قَبُول الشَّيْءِ: أَخْذُهُ، وَيُقَال: قَبِلْتُ الشَّيْءَ إِذَا رَضِيتَهُ، وَقَبِلْتُ الْخَبَرَ إِذَا صَدَّقْتَهُ. وَيَأْتِي الْقَبُول فِي الْعُقُودِ جَوَابًا عَلَى الإِْيجَابِ؛ كَقَوْل الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُ، جَوَابًا لِقَوْل الْبَائِعِ: بِعْتُكَ (4) . الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
5 - يَخْتَلِفُ حُكْمُ الْجَوَابِ بِاخْتِلاَفِ مَوْضِعِهِ. فَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا عَيْنِيًّا كَجَوَابِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنِ الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ. أَوْ وَاجِبًا كِفَائِيًّا كَجَوَابِ السَّلاَمِ عَلَى جَمَاعَةٍ.
وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا كَجَوَابِ الْمُفْتِي إِذَا أَفْتَى بِمَا لاَ يَعْرِفُ. وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا كَجَوَابِ قَاضِي الْحَاجَةِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ. وَيَجُوزُ التَّوَقُّفُ عَنِ الإِْجَابَةِ إِنْ كَانَ فِي الْجَوَابِ حَرَجٌ كَفِعْل النَّبِيِّ ﷺ مَعَ مَنْ سَأَلَهُ عَنِ الْحَجِّ: أَكُل عَامٍ؟ (5) .
أَنْوَاعُ الْجَوَابِ:
6 - الْجَوَابُ يَكُونُ بِالْقَوْل كَ (نَعَمْ) أَوْ (لاَ) أَوْ بِجُمْلَةٍ تُفِيدُ الْمَطْلُوبَ. وَقَدْ يَكُونُ بِالْكِتَابَةِ، وَبِالإِْشَارَةِ مِنَ الأَْخْرَسِ، وَقَدْ يَكُونُ بِالْفِعْل (6) . مَا يَتَعَلَّقُ بِالْجَوَابِ مِنْ أَحْكَامٍ:
أَوَّلاً: عِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ:
دَلاَلَةُ الْجَوَابِ عَلَى الْعُمُومِ أَوِ الْخُصُوصِ:
7 - الْجَوَابُ عَنِ السُّؤَال إِمَّا أَنْ يَسْتَقِل بِنَفْسِهِ، أَوْ لاَ يَسْتَقِل.
فَإِنْ كَانَ لاَ يَسْتَقِل بِنَفْسِهِ بِحَيْثُ لاَ يَحْصُل الاِبْتِدَاءُ بِهِ كَ (نَعَمْ) فَهُوَ تَابِعٌ لِلسُّؤَال فِي عُمُومِهِ وَخُصُوصِهِ.
وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ يَسْتَقِل بِنَفْسِهِ بِحَيْثُ لَوْ وَرَدَ مُبْتَدَأً كَانَ كَلاَمًا تَامًّا فَفِي إِفَادَتِهِ لِلْعُمُومِ تَفْصِيلٌ وَخِلاَفٌ يُذْكَرُ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ (7) .
ثَانِيًا: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
الأَْثَرُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْجَوَابِ:
8 - قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْجَوَابِ الْتِزَامٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ الْكَلاَمُ السَّابِقُ (أَيِ السُّؤَال) إِذَا تَعَيَّنَ أَنَّهُ الْجَوَابُ وَوَقَعَ تَصْدِيقًا لِلْكَلاَمِ السَّابِقِ؛ لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ إِقْرَارًا وَاعْتِرَافًا بِمَا تَضَمَّنَهُ الْكَلاَمُ السَّابِقُ، وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى قَاعِدَةِ (السُّؤَال مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ) يَعْنِي أَنَّ مَا قِيل فِي السُّؤَال الْمُصَدَّقِ كَأَنَّ الْمُجِيبَ الْمُصَدِّقَ قَدْ أَقَرَّ بِهِ. وَيَتَّفِقُ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ أَلْفَاظَ (نَعَمْ - أَجَل - بَلَى. .) تَتَعَيَّنُ جَوَابًا وَتَصْدِيقًا لِمَا تَضَمَّنَهُ السُّؤَال، وَتَكُونُ الإِْجَابَةُ بِهَذِهِ الأَْلْفَاظِ إِقْرَارًا وَاعْتِرَافًا بِمَا جَاءَ فِيهِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الأَْلْفَاظَ مِنْ صِيَغِ الإِْقْرَارِ الصَّرِيحَةِ، وَلأَِنَّ الْجَوَابَ بِهَا لاَ يَسْتَقِل بِنَفْسِهِ.
أَمَّا إِذَا كَانَ الْجَوَابُ غَيْرَ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يَسْتَقِل بِنَفْسِهِ فَفِيهِ احْتِمَالاَتُ الإِْخْبَارِ أَوِ الإِْنْشَاءِ، وَيَرْجِعُ غَالِبًا إِلَى النِّيَّةِ أَوْ إِلَى الْقَرَائِنِ. وَمِنْ هُنَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي اعْتِبَارِهِ جَوَابًا مُلْزِمًا بِمَا تَضَمَّنَهُ الْكَلاَمُ السَّابِقُ أَوْ غَيْرَ مُلْزِمٍ.
وَمِنْ تَطْبِيقَاتِ ذَلِكَ مَا يَأْتِي:
1 - فِي الإِْقْرَارِ:
9 - أ - إِذَا قَال رَجُلٌ لآِخَرَ: لِي عَلَيْكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ مَبِيعٍ، فَقَال: نَعَمْ يَكُونُ الْجَوَابُ بِنَعَمْ تَصْدِيقًا لِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ، فَهُوَ إِخْبَارٌ بِجَمِيعِ مَا ادَّعَاهُ الْمُدَّعِي؛ لأَِنَّ كَلِمَةَ نَعَمْ مِنْ صِيَغِ الإِْقْرَارِ الصَّرِيحَةِ، وَقَدْ خَرَجَتْ جَوَابًا، وَجَوَابُ الْكَلاَمِ إِعَادَةٌ لَهُ لُغَةً، كَأَنَّهُ قَال: لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ مَبِيعٍ (8) .
ب - وَمِثْل ذَلِكَ مَا لَوْ قَال: أَلَيْسَ لِي عِنْدَكَ أَلْفٌ؟ فَقَال: بَلَى؛ لأَِنَّ بَلَى جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ بِأَدَاةِ النَّفْيِ.
ج - وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ فِي يَدِ رَجُلٍ دَابَّةٌ فَقَال لَهُ رَجُلٌ: اسْتَأْجِرْهَا مِنِّي، أَوِ ادْفَعْ إِلَيَّ غَلَّتَهَا، فَقَال: نَعَمْ (9) .
وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا، كَمَا لَوْ قَال رَجُلٌ لآِخَرَ: لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ، فَقَال: اتَّزِنْ، أَوْ خُذْ، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ يُعْتَبَرُ إِقْرَارًا؛ لأَِنَّهُ يَحْتَمِل خُذِ الْجَوَابَ مِنِّي، أَوِ اتَّزِنْ إِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِي، وَهُوَ إِقْرَارٌ عِنْدَ سُحْنُونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَإِنْ قَال فِي جَوَابِهِ: هِيَ صِحَاحٌ أَوْ قَال: خُذْهَا، أَوِ اتَّزِنْهَا، فَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يَكُونُ إِقْرَارًا؛ لأَِنَّ الْهَاءَ كِنَايَةٌ عَنِ الْمَذْكُورِ فِي الدَّعْوَى، وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (وَهُوَ قَوْل عَامَّةِ الأَْصْحَابِ عِنْدَهُمْ) وَالْحَنَابِلَةِ لاَ يَكُونُ إِقْرَارًا؛ لأَِنَّ الصِّفَةَ تَرْجِعُ إِلَى الْمُدَّعَى وَلَمْ يُقِرَّ بِوُجُوبِهِ؛ وَلأَِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، فَأَمْرُهُ بِأَخْذِهَا أَوْلَى أَنْ لاَ يَلْزَمَ مِنْهُ الْوُجُوبُ (10) . وَانْظُرْ مُصْطَلَحَ (إِقْرَارٌ) .
2 - فِي الطَّلاَقِ:
10 - أ - جَاءَ فِي أَشْبَاهِ ابْنِ نُجَيْمٍ: مَنْ قَال: امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَعَبْدُهُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ الْمَشْيُ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ إِنْ دَخَل هَذِهِ الدَّارَ، فَقَال زَيْدٌ: نَعَمْ، كَانَ زَيْدٌ حَالِفًا بِكُلِّهِ؛ لأَِنَّ الْجَوَابَ يَتَضَمَّنُ إِعَادَةَ مَا فِي السُّؤَال (11) .
وَمَنْ قِيل لَهُ: أَطَلَّقْتَ امْرَأَتَكَ؟ فَقَال: نَعَمْ، طَلُقَتِ امْرَأَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ؛ لأَِنَّ نَعَمْ صَرِيحٌ فِي الْجَوَابِ، وَالْجَوَابُ الصَّرِيحُ لِلَّفْظِ الصَّرِيحِ صَرِيحٌ (12) .
ب - وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا كَمَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَقِيل لَهُ: مَا فَعَلْتَ؟ فَقَال: هِيَ طَالِقٌ، قَال الْحَنَفِيَّةُ: تَطْلُقُ وَاحِدَةً فِي الْقَضَاءِ؛ لأَِنَّ كَلاَمَهُ انْصَرَفَ إِلَى الإِْخْبَارِ بِقَرِينَةِ الاِسْتِخْبَارِ، فَالْكَلاَمُ السَّابِقُ مُعَادٌ عَلَى وَجْهِ الإِْخْبَارِ عَنْهُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ نَوَى الإِْخْبَارَ يَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا (أَيْ فِي الْمَذْهَبِ) وَإِنْ نَوَى إِنْشَاءَ الطَّلاَقِ فَيَلْزَمُهُ طَلْقَتَانِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إِخْبَارًا وَلاَ إِنْشَاءً فَقَوْلاَنِ فِي لُزُومِ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ (13) .
ج - وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ إِنْشَاءً غَيْرَ خَارِجٍ عَنِ الْكَلاَمِ الأَْوَّل، كَانَ الأَْوَّل مُعَادًا فِيهِ، كَمَا لَوْ قَال لاِمْرَأَتِهِ: أَمْرُكِ بِيَدِكِ وَنَوَى الثَّلاَثَ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلاَثًا، أَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي، أَوِ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَلَمْ تَذْكُرِ الثَّلاَثَ فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ يُرْجَعُ إِلَى نِيَّتِهَا فِي بَيَانِ عَدَدِ الطَّلَقَاتِ إِذَا لَمْ تُبَيِّنِ الْعَدَدَ فِي قَوْلِهَا: طَلَّقْتُ نَفْسِي. أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فَيَكُونُ ثَلاَثًا؛ لأَِنَّهُ جَوَابُ تَفْوِيضِ الثَّلاَثِ، فَيَكُونُ ثَلاَثًا (14) .
د - وَقَدْ لاَ يُعْتَبَرُ الْكَلاَمُ الثَّانِي جَوَابًا وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءً. وَمِثَال ذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَال: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ: هَذَا جَوَابٌ وَزِيَادَةٌ؛ لأَِنَّ فِي الثَّلاَثِ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْوَاحِدَةِ؛ لأَِنَّ الْوَاحِدَةَ تُوجَدُ فِي الثَّلاَثِ فَقَدْ أَتَى بِمَا سَأَلَتْهُ وَزِيَادَةً، فَيَلْزَمُهَا الأَْلْفُ، كَأَنَّهُ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً.
وَقَال أَبُو حَنِيفَةَ: تَقَعُ الثَّلاَثُ مَجَّانًا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الثَّلاَثَ لاَ تَصْلُحُ جَوَابًا لِلْوَاحِدَةِ، فَإِذَا قَال ثَلاَثًا فَقَدْ عَدَل عَمَّا سَأَلَتْهُ، فَصَارَ مُبْتَدِئًا بِالطَّلاَقِ، فَتَقَعُ الثَّلاَثُ بِغَيْرِ شَيْءٍ (15) .
وَقَال الزَّرْكَشِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَأَجَابَهَا، وَأَعَادَ ذِكْرَ الْمَال لَزِمَ الْمَال. وَكَذَا إِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ فِي الأَْصَحِّ، كَذَا يَنْصَرِفُ إِلَى السُّؤَال. وَقِيل: يَقَعُ رَجْعِيًّا وَلاَ مَال (16) . وَيُرْجَعُ فِي تَفْصِيل ذَلِكَ إِلَى أَبْوَابِهِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ (طَلاَقٌ وَإِقْرَارٌ) .
الاِمْتِنَاعُ عَنِ الْجَوَابِ:
11 - الْجَوَابُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ بِشُرُوطِهَا عِنْدَ طَلَبِ الْقَاضِي ذَلِكَ مِنْهُ.
فَإِنْ أَقَرَّ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ طُولِبَ الْمُدَّعِي بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنِ امْتَنَعَ عَنِ الْجَوَابِ، فَقَال: لاَ أُقِرُّ وَلاَ أُنْكِرُ، أَوْ سَكَتَ عَنِ الْجَوَابِ، فَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ، فَإِنِ اسْتَمَرَّ حُكِمَ عَلَيْهِ لأَِنَّ امْتِنَاعَهُ عَنِ الْجَوَابِ يُعَدُّ إِقْرَارًا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَأَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَأَحَدِ أَقْوَال الْمَالِكِيَّةِ يَقُول لَهُ الْقَاضِي: إِنْ أَجَبْتَ وَإِلاَّ جَعَلْتُكَ نَاكِلاً وَحَكَمْتُ عَلَيْكَ، وَيُكَرِّرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَجَابَ وَإِلاَّ جَعَلَهُ نَاكِلاً وَحَكَمَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ نَاكِلٌ عَمَّا تَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْجَوَابُ فِيهِ.
وَقَال الْكَاسَانِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: الأَْشْبَهُ أَنَّهُ إِنْكَارٌ، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي الاِخْتِيَارِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ (17) . وَمِمَّا يَتَّصِل بِذَلِكَ الإِْثْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الاِمْتِنَاعِ عَنِ الْجَوَابِ الْوَاجِبِ كَجَوَابِ الْمُفْتِي وَالشَّاهِدِ، فَمَنْ كَتَمَ ذَلِكَ أَلْجَمَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ (18) ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُول: {وَلاَ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (19) . وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ انْظُرْ: (فَتْوَى، شَهَادَةٌ) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير، والمعجم الوسيط، والكليات 2 / 172.
(2) لسان العرب، والمصباح المنير، ونهاية المحتاج 5 / 64، والزيلعي 5 / 2.
(3) لسان العرب، والمصباح المنير، ونهاية المحتاج 8 / 47.
(4) لسان العرب، والمصباح المنير، والكليات 2 / 172، ونهاية المحتاج 3 / 366.
(5) حديث سكوت النبي ﷺ أخرجه مسلم (2 / 975 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة. ونصه قال: خطبنا رسول الله ﷺ فقال: " أيها الناس، قد فرض الله عليكم الحج فحجوا " فقال رجل: أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثا. فقال رسول وانظر ابن عابدين 4 / 420 ونهاية المحتاج 8 / 47 - 48 وقليوبي 4 / 215 والفواكه الدواني 2 / 420 - 421 - 422، والمغني 3 / 217، والمنثور 2 / 216، وأعلام الموقعين 4 / 173 والآداب الشرعية 1 / 418
(6) المراجع السابقة والكليات للكفوي 2 / 172.
(7) إرشاد الفحول / 133، وفواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت 1 / 289 - 290 والمستصفى للغزالي 2 / 58 - 60.
(8) البدائع 7 / 208 وشرح المادة / 66 من المجلة للأتاسي 1 / 177 وجواهر الإكليل 2 / 133 والمهذب 2 / 347 والمغني 5 / 217.
(9) شرح المجلة للأتاسي المادة / 66، والمغني 5 / 217، والمهذب 2 / 347.
(10) الهداية 3 / 181 - 182 والمهذب 2 / 347، والمغني 5 / 219.
(11) الأشباه لابن نجيم ص 153.
(12) المغني 7 / 139، وأشباه السيوطي / 157 والمهذب 2 / 82.
(13) شرح المجلة المادة / 66 للأتاسي 1 / 177، والدسوقي 2 / 385.
(14) شرح المجلة المادة 66 للأتاسي والكافي لابن عبد البر 2 / 589 / 590، والمهذب 2 / 83، والمغني 7 / 143، والمنثور في القواعد للزركشي 2 / 214 - 215.
(15) المجلة للأتاسي المادة / 66 وجواهر الإكليل 1 / 336، والمهذب 2 / 76، والمغني 7 / 77.
(16) المنثور 2 / 214.
(17) ابن عابدين 4 / 420، والبدائع 6 / 226، والاختيار 2 / 109، وتبصرة الحكام 1 / 129، وجواهر الإكليل 2 / 226 - 228، واللباب لابن رشد / 256، والمهذب 2 / 301 - 304 وقليوبي 4 / 338، ونهاية المحتاج 8 / 249 وما بعدها والمغني 9 / 86 - 90.
(18) أعلام الموقعين 4 / 157.
(19) سورة البقرة 283.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 211/ 16