البحث

عبارات مقترحة:

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...

القيوم

كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...

الخَرْصُ


من معجم المصطلحات الشرعية

التقدير، والحَزْر لِمَا على النخل، والكرم مِنَ التَّمْرِ، وَمِنَ الْعِنَبِ . ومن أمثلته مشروعية خرص النخل، والعنب . ومن شواهده عن سهل بن أبي حَثْمَة -رَضِيَ اللهُ عَنْه - قال : قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : " إذا خرَّصتم، فدعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث، فدعوا الربع . " أحمد : 15662.


انظر : الذخيرة للقرافي، 7/216، الأم للشافعي، 2/32، مجموع الفتاوى لابن تيمية، 29/427.
هذا المصطلح مرادف لـ التقدير .

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف اللغوي

القَوْلُ بِالظَّنِّ، تَقولُ: تَكَلَّمَ بِالخَرْصِ أَيْ بِالظَنِّ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْكَذِبِ، وَالخَرَّاصُ: الكَذَّابُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا لَا يَعْلَمُ، وَأَصْلُ الخَرْصِ: حَزْرُ الشَّيْءِ وَتَقْدِيرُهُ، يُقَالُ خَرَصْتُ النَّخْلَ أَخْرِصُهُ خَرْصًا إِذَا حَزَرْتَ ثَمَرَهُ وَقَدَّرْتُهُ، وَبَاعَهُ خَرْصا أَيْ تَقْدِيرًا مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ.

إطلاقات المصطلح

يَرِدُ اطْلاَقُ الخَرْصِ أَيْضًا فِي كِتابِ البُيوعِ فِي بَابِ الرِّبَا، وَبابِ الشَّرِكاتِ.

جذر الكلمة

خرص

التعريف

التقدير، والحَزْر لِمَا على النخل من التَّمْر، ولما في الكرم من الْعِنَبِ.

المراجع

* معجم مقاييس اللغة : 2/169 - لسان العرب : 7/21-24 - المصباح المنير : 1/228 - تحرير ألفاظ التنبيه : 112 - النهاية في غريب الحديث والأثر : 2/22-23 - مقاييس اللغة : 169/2 - التوقيف على مهمات التعاريف : ص154 - المطلع على ألفاظ المقنع : ص168 -

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - الْخَرْصُ لُغَةً: الْقَوْل بِالظَّنِّ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْكَذِبِ (1) : وَمِنْهُ قَوْل الْحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {قُتِل الْخَرَّاصُونَ} (2) ، وَيُطْلَقُ عَلَى حَزْرِ مَا عَلَى النَّخْل وَالْكَرْمِ مِنَ الثِّمَارِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا. وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِالْخَرْصِ فِي النَّخْل وَالْكَرْمِ خَاصَّةً. (3)
وَالاِصْطِلاَحُ الشَّرْعِيُّ لاَ يَخْتَلِفُ عَنْ ذَلِكَ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 - التَّخْمِينُ، وَالْحَدْسُ، وَالتَّحَرِّي مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى، وَهِيَ تَحْدِيدُ الشَّيْءِ بِالظَّنِّ وَالتَّقْدِيرِ، فَهِيَ كَالْخَرْصِ فِي بَعْضِ إِطْلاَقَاتِهِ. الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:

أَوَّلاً: الْخَرْصُ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ:
3 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلإِْمَامِ خَرْصُ الثِّمَارِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْل وَالْكَرْمِ خَاصَّةً بَعْدَ بُدُوِّ صَلاَحِهَا، لِتَحْدِيدِ قَدْرِهَا وَقَدْرِ الزَّكَاةِ فِيهَا.
فَيَبْعَثُ سَاعِيهُ لِيَخْرُصَ الثِّمَارَ عَلَى رُءُوسِ النَّخْل وَالْكَرْمِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلاَحِهَا، لِيُعْلَمَ بِالْخَرْصِ وَالتَّقْدِيرِ نِصَابُ الزَّكَاةِ، وَالْقَدْرُ الْوَاجِبُ إِخْرَاجُهُ. (4)
وَيَشْتَرِطُ الْمَالِكِيَّةُ لِذَلِكَ: أَنْ يَحْتَاجَ أَصْحَابُ الثِّمَارِ إِلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا، أَمَّا إِذَا لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا، فَيُنْتَظَرَ جَفَافُ مَا يَجِفُّ مِنَ الثِّمَارِ وَتُخْرَجُ زَكَاتُهُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا، وَمَا لاَ يَجِفُّ يُنْتَظَرُ جَذُّهُ ثُمَّ يُكَال الْبَلَحُ، وَيُوزَنُ الْعِنَبُ، ثُمَّ يُقَدَّرُ جَفَافُهُمَا إِذَا شَكَّ فِي بُلُوغِهِمَا النِّصَابَ (5) .
وَاسْتَدَل جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْخَرْصِ: بِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ: أَمَرَ أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْل، وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ صَدَقَةُ النَّخْل تَمْرًا. (6) وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ بِوُجُوبِ الْخَرْصِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ (7) .
وَقَال الْخَطَّابِيُّ: أَثْبَتَ الْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ الْخَرْصَ وَالْعَمَل بِهِ، وَهُوَ قَوْل عَامَّةِ أَهْل الْعِلْمِ إِلاَّ مَا رُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَال: الْخَرْصُ بِدْعَةٌ، وَأَنْكَرَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ - يَعْنِي الْحَنَفِيَّةَ - الْخَرْصَ، وَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الْخَرْصُ تَخْوِيفًا لِلأَْكَرَةِ لِئَلاَّ يَخُونُوا، فَأَمَّا أَنْ يَلْزَمَ بِهِ حُكْمٌ فَلاَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ظَنٌّ وَتَخْمِينٌ وَفِيهِ غَرَرٌ، وَإِنَّمَا كَانَ جَوَازُهُ قَبْل تَحْرِيمِ الرِّبَا وَالْقِمَارِ (8) .

وَقْتُ الْخَرْصِ:
4 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ مَنْ يَرَى مَشْرُوعِيَّةَ الْخَرْصِ فِي أَنَّهُ يَكُونُ حِينَ يَطِيبُ الثَّمَرُ وَيَبْدُو صَلاَحُهُ، لِقَوْل عَائِشَةَ ﵂: إِنَّ الرَّسُول ﷺ كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى يَهُودِ خَيْبَرَ فَيَخْرُصُ عَلَيْهِمُ النَّخْل حِينَ يَطِيبُ قَبْل أَنْ يُؤْكَل مِنْهُ. (9) وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْخَرْصِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَإِطْلاَقُ تَصَرُّفِ أَرْبَابِ الثِّمَارِ فِي التَّصَرُّفِ فِيهَا، مِمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ.

مَا شُرِعَ فِيهِ الْخَرْصُ:
5 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْخَرْصَ لاَ يَكُونُ فِي غَيْرِ النَّخْل وَالْكَرْمِ، لِوُرُودِ الأَْثَرِ فِيهِمَا، فَلاَ يُخْرَصُ الْحَبُّ فِي سُنْبُلِهِ، وَلاَ الزَّيْتُونُ لأَِنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِمَا أَثَرٌ، وَلَيْسَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ حَتَّى يُقَاسَا عَلَيْهِ، وَالْحَبُّ مَسْتُورٌ فِي سُنْبُلِهِ، وَحَبُّ الزَّيْتُونِ مُتَفَرِّقٌ فِي شَجَرِهِ لاَ يَجْمَعُهُ عُنْقُودٌ فَيَصْعُبَ خَرْصُهُ، وَلاَ حَاجَةَ بِأَهْلِهِ إِلَى أَكْلِهِ غَالِبًا، بِخِلاَفِ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ، فَإِنَّهُمَا يُؤْكَلاَنِ رُطَبًا، فَيُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَيْهِمْ لِيُخَلَّى بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَ أَكْل الثَّمَرَةِ، وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ، ثُمَّ يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ مِنْهَا عَلَى مَا خُرِصَ.
وَلأَِنَّ ثَمَرَةَ الْكَرْمِ، وَالنَّخْل ظَاهِرَةٌ مُجْتَمِعَةٌ، فَخَرْصُهَا أَسْهَل، مِنْ خَرْصِ غَيْرِهَا (10) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ: بِجَوَازِ خَرْصِ غَيْرِ التَّمْرِ، وَالْعِنَبِ إِذَا احْتَاجَ أَهْلُهُ، أَوْ كَانُوا غَيْرَ أُمَنَاءَ. (11)
وَقَال الزُّهْرِيُّ وَالأَْوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ: يُخْرَصُ الزَّيْتُونُ وَنَحْوُهُ، لأَِنَّهُ ثَمَرٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَيُخْرَصُ كَالرُّطَبِ وَالْعِنَبِ. حُكْمُ التَّصَرُّفِ فِي الثِّمَارِ قَبْل الْخَرْصِ، وَبَعْدَهُ:
6 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّصَرُّفُ بِالأَْكْل أَوِ الْبَيْعِ، أَوِ الْهِبَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الثِّمَارِ قَبْل الْخَرْصِ، أَوِ التَّضْمِينِ وَالْقَبُول لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ بِهَا، وَلَكِنْ إِنْ تَصَرَّفَ فِي الْكُل، أَوِ الْبَعْضِ شَائِعًا صَحَّ فِيمَا عَدَا نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ.
أَمَّا بَعْدَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ، وَقَبُول الْمَالِكِ التَّضْمِينَ فَلاَ تَحْرِيمَ، لاِنْتِقَال الْحَقِّ مِنَ الْعَيْنِ إِلَى الذِّمَّةِ. (12)
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الثِّمَارِ قَبْل الْخَرْصِ وَبَعْدَهُ بِالْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا، فَإِنْ بَاعَ، أَوْ وَهَبَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلاَحِ، فَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُبْتَاعِ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَى الْبَائِعِ؛ لأَِنَّهَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ قَبْل الْبَيْعِ، فَبَقِيَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ نَحْوُ كَلاَمِ الْحَنَابِلَةِ. (13)

شُرُوطُ الْخَارِصِ:
7 - يَكْفِي فِي الْخَرْصِ خَارِصٌ وَاحِدٌ بِاتِّفَاقِ مَنْ يَرَى مَشْرُوعِيَّةَ الْخَرْصِ وَهُمُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ. (14)
لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ خَارِصًا أَوَّل مَا تَطِيبُ الثِّمَارُ (15) وَلأَِنَّهُ كَالْحَاكِمِ، وَيَعْمَل بِاجْتِهَادِهِ (16) . وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلٌ: بِاشْتِرَاطِ تَعَدُّدِ الْخَارِصِ، لأَِنَّ الْخَرْصَ كَالتَّقْوِيمِ وَالشَّهَادَةِ، وَكِلاَهُمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدُّدُ (17) .
وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْخَارِصُ أَمِينًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ، عَدْلاً، عَارِفًا بِالْخَرْصِ، وَتُشْتَرَطُ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، فِي الأَْصَحِّ؛ لأَِنَّ الْخَرْصَ وِلاَيَةٌ، وَلَيْسَ الرَّقِيقُ، وَالْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِهَا (18) .

صِفَةُ الْخَرْصِ:
8 - تَخْتَلِفُ صِفَةُ الْخَرْصِ بِاخْتِلاَفِ الثَّمَرِ، فَإِنْ كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا، فَإِنَّ الْخَارِصَ يُشَاهِدُ كُل وَاحِدَةٍ مِنَ الأَْشْجَارِ وَيَنْظُرُ، كَمْ فِي الْجَمِيعِ رُطَبًا أَوْ عِنَبًا، ثُمَّ يُقَدِّرُ مَا يَجِيءُ مِنْهَا تَمْرًا وَزَبِيبًا، وَإِنْ كَانَ أَنْوَاعًا خَرَصَ كُل نَوْعٍ عَلَى حِدَةٍ؛ لأَِنَّ الأَْنْوَاعَ تَخْتَلِفُ؛ وَلأَِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِ كُل نَوْعٍ حَتَّى يُخْرِجَ عُشْرَهُ (19) . هَل يَتْرُكُ الْخَارِصُ شَيْئًا لِلْمَالِكِ عِنْدَ الْخَرْصِ؟
9 - ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْخَارِصِ أَنْ يَتْرُكَ فِي الْخَرْصِ الثُّلُثَ، أَوِ الرُّبْعَ عَلَى حَسَبِ الْحَاجَةِ، تَوْسِعَةً عَلَى أَرْبَابِ الأَْمْوَال، لأَِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى الأَْكْل، هُمْ، وَضُيُوفُهُمْ، وَيُطْعِمُونَ جِيرَانَهُمْ، وَنَحْوَهُ لِلشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهُ يُتْرَكُ لِلْمَالِكِ ثَمَرُ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلاَتٍ، وَقَال ابْنُ حَبِيبٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: يُخَفَّفُ عَنْ أَهْل الشَّجَرِ فِي الْخَرْصِ (20) .
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ: إِذَا خَرَصْتُمْ فَجُذُّوا وَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا أَوْ تَجُذُّوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ (21) وَلأَِنَّهُ ﷺ كَانَ يَأْمُرُ بِالتَّخْفِيفِ لِلْوَاطِئَةِ (22) وَالسَّاقِطَةِ (23) وَاللاَّقِطَةِ (24) وَمَا يَنَال الْعِيَال. (25)
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَدَمُ تَرْكِ شَيْءٍ فِي الْخَرْصِ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ، الْمُقْتَضِيَةِ لِوُجُوبِ الْعُشْرِ، أَوْ نِصْفِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجْمَعُ الْخَارِصُ الْحَائِطَ (الْبُسْتَانَ) فِي الْحَزْرِ، وَلاَ يُجْزِئُهُ أَرْبَاعًا أَوْ أَثْلاَثًا، وَكَذَا لاَ يُجْمَعُ مَا زَادَ عَلَى شَجَرَةٍ كَالثِّنْتَيْنِ وَالثَّلاَثِ وَلَوْ عَلِمَ مَا بِهَا جُمْلَةً، هَذَا إِذَا اخْتَلَفَتْ فِي الْجَفَافِ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ. فَإِنِ اتَّحَدَتْ فِي الْجَفَافِ، جَازَ جَمْعُهَا فِي الْخَرْصِ. (26)
وَحَمَلُوا الْحَدِيثَ عَلَى الزَّكَاةِ، فَيُتْرَكُ لِلْمَالِكِ مِنْهَا ذَلِكَ لِيُفَرِّقَهُ عَلَى فُقَرَاءِ أَهْلِهِ، وَجِيرَانِهِ، لاَ مِنَ الْمَخْرُوصِ (27) .

حَقُّ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْخَرْصِ:
10 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ يَنْتَقِل مِنْ عَيْنِ الثِّمَارِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ بَعْدَ الْخَرْصِ، فَيَجُوزُ لِلْمَالِكِ التَّصَرُّفُ فِي جَمِيعِ الثِّمَارِ، وَيَكُونُ حَقُّ الْفُقَرَاءِ فِي ذِمَّتِهِ، فَيُخْرِجُهُ فِي وَقْتِهِ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا (28) ، وَيَشْتَرِطُ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ عِنْدَهُمْ لاِنْتِقَال حَقِّ الْفُقَرَاءِ إِلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ تَضْمِينَ السَّاعِي عَلَيْهِ، وَقَبُول الْمَالِكِ، كَأَنْ يَقُول لَهُ بَعْدَ الْخَرْصِ: ضَمَّنْتُكَ نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنَ الرُّطَبِ أَوِ الْعِنَبِ بِكَذَا تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا. وَيَقْبَل الْمَالِكُ التَّضْمِينَ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِل مِنَ الْعَيْنِ إِلَى الذِّمَّةِ، فَلاَ بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا، كَالْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يُضَمِّنْهُ أَوْ ضَمَّنَهُ وَلَمْ يَقْبَل الْمَالِكُ، بَقِيَ حَقُّ الْفُقَرَاءِ كَمَا كَانَ، مُتَعَلِّقًا بِعَيْنِ الثِّمَارِ، وَعِنْدَهُمْ قَوْلٌ: بِانْقِطَاعِ حَقِّ الْفُقَرَاءِ، بِنَفْسِ الْخَرْصِ (29) .
لأَِنَّ التَّضْمِينَ لَمْ يَرِدْ فِي الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ عَلَى حَقِيقَةِ الضَّمَانِ، بِدَلِيل أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ سُرِقَ قَبْل الْجَفَافِ بِلاَ تَفْرِيطٍ مِنَ الْمَالِكِ، فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ قَطْعًا (30) ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ.
وَذَهَبَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَكْفِي تَضْمِينُ الْخَارِصِ، وَلاَ حَاجَةَ إِلَى قَبُول الْمَالِكِ (31) .

تَلَفُ الْمَخْرُوصِ قَبْل إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ:
11 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ الْقَائِلُونَ بِالْخَرْصِ إِلَى أَنَّهُ إِذَا هَلَكَ الْمَخْرُوصُ بِلاَ تَفْرِيطٍ مِنَ الْمَالِكِ، قَبْل إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إِخْرَاجِهَا، أَمَّا إِذَا تَمَكَّنَ مِنَ الإِْخْرَاجِ، وَأَخَّرَهُ بِدُونِ عُذْرٍ أَوْ قَصَّرَ فِي الْحِفْظِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نَصِيبَ الْفُقَرَاءِ بِالْخَرْصِ (32) .

ادِّعَاءُ تَلَفِ الْمَخْرُوصِ:
12 - إِنِ ادَّعَى الْمَالِكُ تَلَفَ الْمَخْرُوصِ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ فَالْقَوْل قَوْلُهُ، بِغَيْرِ يَمِينٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْل الْخَرْصِ أَمْ بَعْدَهُ، لأَِنَّهُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلاَ يُسْتَحْلَفُ فِيهِ كَالصَّلاَةِ، وَالْحَدِّ، هَذَا رَأْيُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِنِ ادَّعَى هَلاَكَ الْمَخْرُوصِ بِسَبَبٍ خَفِيٍّ، كَسَرِقَةٍ، أَوْ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ عُرِفَ حُدُوثُهُ كَحَرِيقٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ حُدُوثُ السَّبَبِ الظَّاهِرِ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْقَوْل الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ، ثُمَّ يَحْلِفُ عَلَى أَنَّهَا هَلَكَتْ فِيهِ لاِحْتِمَال سَلاَمَةِ مَالِهِ. أَمَّا إِذَا ادَّعَى غَلَطَ الْخَارِصِ أَوْ حَيْفَهُ وَكَانَ مَا ادَّعَاهُ مُحْتَمَلاً قَبْل قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَمَلاً لَمْ يُقْبَل مِنْهُ. (33)

ثَانِيًا: فَرْزُ أَنْصِبَةِ الشُّرَكَاءِ مِنَ الثِّمَارِ عَلَى الشَّجَرِ بِالْخَرْصِ:
13 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ - وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ قِسْمَةُ الثِّمَارِ عَلَى رُءُوسِ أَشْجَارِ النَّخِيل، وَالْكَرْمِ بِالْخَرْصِ، إِذَا طَابَتِ الثِّمَارُ وَحَل بَيْعُهَا، وَاخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهَا بِأَنِ احْتَاجَ بَعْضُهُمْ لِلأَْكْل، وَالْبَعْضُ الآْخَرُ لِلْبَيْعِ، وَذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ وَسُهُولَةِ حَزْرِهِمَا بِخِلاَفِ غَيْرِهِمَا مِنَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ، فَلاَ يَجُوزُ الْفَرْزُ بِالْخَرْصِ، كَمَا تَقَدَّمَ (34) . وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فِي الْخَرْصِ عَلَى يَهُودِ خَيْبَرَ الْمُتَقَدِّمِ (ف 4) .

ثَالِثًا: الْبَيْعُ بِالْمُجَازَفَةِ:
14 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْجُمْلَةِ فِي جَوَازِ بَيْعِ الصُّبْرَةِ جُزَافًا، وَهُوَ الْبَيْعُ بِلاَ كَيْلٍ وَلاَ وَزْنٍ، بِالْحَدْسِ وَالظَّنِّ، وَالتَّخْمِينِ، اكْتِفَاءً بِالْمُشَاهَدَةِ عَنِ الْكَيْل أَوِ الْوَزْنِ (35) . وَشُرُوطُ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُهُ فِي مُصْطَلَحِ: (جُزَافٌ، وَعَرَايَا، وَمُزَابَنَةٌ) .
__________
(1) المعجم الوسيط ومصباح المنير: مادة " خرص " ومغني المحتاج 1 / 387.
(2) سورة الذاريات / 10.
(3) حديث: " أمر بالخرص في النخل والكرم خاصة " ذكره صاحب المعجم الوسيط (1 / 226) ولم يهتد إلى من أخرجه بهذا اللفظ ويدل عليه ما رواه أبو داود (2 / 257 ط عزت عبيد دعاس) من حديث عتاب بن أسيد، بلفظ " أمر رسول الله ﷺ أن يخرص العنب كما يخرص النخل ". وسيأتي تخريجه (ف / 3) .
(4) مغني المحتاج 1 / 386 - 387، المغني 2 / 706، حاشية الدسوقي 2 / 453.
(5) حاشية الدسوقي 2 / 453.
(6) حديث: " أمر أن يخرص العنب كما يخرص النخل ". أخرجه أبو داود (2 / 257 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والترمذي (3 / 27 - ط الحلبي) ، من حديث عتاب بن أسيد، وفي إسناده انقطاع بين عتاب بن أسيد والراوي عنه وهو سعيد بن المسيب، كذا في مختصر أبي داود للمنذري (2 / 211 - نشر دار المعرفة) .
(7) مغني المحتاج 1 / 386.
(8) معالم السنن 2 / 44 وانظر المغني 2 / 706، والأموال لأبي عبيد ط - دار الفكر.
(9) حديث: " كان يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر ". أخرجه أبو داود (2 / 260 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وأعله ابن حجر في التلخيص (2 / 171 - ط شركة الطباعة الفنية) بجهالة فيه، ولكن ذكر له شواهد يتقوى بها.
(10) المغني لابن قدامة 2 / 710، ومغني المحتاج 1 / 387.
(11) مواهب الجليل 1 / 387.
(12) أسنى المطالب 1 / 374، روضة الطالبين 2 / 353
(13) المغني لابن قدامة 2 / 704، حاشية الدوسوقي 1 / 435
(14) المغني لابن قدامة 2 / 707، مغني المحتاج 1 / 387، حاشية الدسوقي 1 / 454
(15) حديث: " كان النبي ﷺ يبعث عبد الله بن رواحه. . . ". سبق تخريجه ف / 4
(16) مغني المحتاج 1 / 387
(17) المصادر السابقة.
(18) مغني المحتاج 1 / 387
(19) المغني لابن قدامة 2 / 707، مغني المحتاج 1 / 387، حاشية الدسوقي 1 / 453
(20) المغني لابن قدامة 2 / 707، مغني المحتاج 1 / 387
(21) حديث: " إذا خرصتم فجذوا ودعوا الثلث. . . ". أخرجه أبو داود (2 / 259 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث سهل بن أبي حثمة، ونقل ابن حجر في التلخيص (3 / 172 - ط شركة الطباعة الفنية) عن ابن القطان أنه جهَّل الراوي عن سهل.
(22) الواطئة: المارة والسابلة سموا بذلك لوطئهم الطريق. النهاية لابن الأثير 5 / 200، وقيل: الواطئة: سقاطة التمر تقع فتوطأ بالأقدام) .
(23) الساقطة: كل ما يسقط من صاحبه ضياعا (المصباح) .
(24) اللاقطة، واللقاطة: ماكان ساقطا لا قيمة له من الشيء التافه، وما التقطت من مال ضائع (المصباح، ومتن اللغة) .
(25) حديث: " كان يأمر بالتخفيف للواطئة. . . . ". أخرجه أبو عبيد في الأموال (ص 586 - نشر دار الفكر) من حديث مكحول مرسلا ثم أخرجه من قول عمر (ص 587) من طريق الأوزعي قال: بلغنا أن عمر قال:. . .
(26) مغني المحتاج 1 / 287، والدسوقي 1 / 453، والمواق 2 / 289
(27) روضة الطالبين 2 / 250، مغني المحتاج 1 / 387
(28) المغني لابن قدامة 7 / 7، مغني المحتاج 1 / 387
(29) مغني المحتاج 1 / 387، روضة الطالبين 2 / 251
(30) مغني المحتاج 1 / 387
(31) روضة الطالبين 2 / 251
(32) المغني 2 / 707، روضة الطالبين 2 / 252
(33) مغني المحتاج 1 / 388، المغني 2 / 708، حاشية الدسوقي 1 / 454
(34) الزرقاني 6 / 202 - 203، مغني المحتاج 4 / 424، المغني 9 / 115، روضة الطالبين 11 / 215
(35) المغني 4 / 137، مغني المحتاج 2 / 18، حاشية الجمل 3 / 34 - 35، فتح القدير 5 / 470، حاشية ابن عابدين 4 / 27

الموسوعة الفقهية الكويتية: 99/ 19