الرحمن
هذا تعريف باسم الله (الرحمن)، وفيه معناه في اللغة والاصطلاح،...
ما يخرجه الطائر من فضلات . ومن أمثلته طهارة ذرق الطيور مما يؤكل لحمه كالحمام، والعصافير . قال ابن قدامة : "ورخص في ذرق الطائر أبو جعفر، والحكم، وحماد، وأبو حنيفة، وعن أحمد : أن ذلك نجس ".
الذَّرْقُ: رَوْثُ الطّائِرِ وخُرْؤُهُ، وهو مِنْهُ كالغائِطِ مِن الإِنْسانِ، يُقال: ذَرَقَ الطّائِرُ ذَرْقاً، أيْ: أَخْرَجَ رَوْثَهُ.
يَرِد مُصْطلَح (ذَرْق) في كِتابِ الصَّلاةِ، باب: شُروط الصَّلاةِ، وفي كِتابِ الجِناياتِ، باب: دِيَّة الأَعْضاءِ عند الكلامِ عمَّن سَقَى شَخْصاً ذَرْقَ حَمامٍ فَذَهَبَ صَوْتُهُ.
ذرق
ما يخرجه الطائر من فضلات.
* تهذيب اللغة : (9/71)
* مقاييس اللغة : (2/351)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/346)
* لسان العرب : (10/108)
* تاج العروس : (25/318)
* حاشية ابن عابدين : (1/147)
* حاشية قليوبي وعميرة على شرح المحلي على المنهاج : (1/184)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (21/210)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (2/199) -
1 - الذَّرْقُ فِي اللُّغَةِ خَرْءُ الطَّائِرِ، مِنْ ذَرَقَ الطَّائِرُ يَذْرِقُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا ذَرْقًا وَذُرَاقًا إِذَا رَمَى بِسَلْحِهِ. وَهُوَ مِنْ الطَّائِرِ كَالتَّغَوُّطِ مِنَ الإِْنْسَانِ. وَقَدْ يُسْتَعَارُ فِي الثَّعْلَبِ وَالسَّبُعِ. (1)
وَيُطْلَقُ فِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ نَفْسِهِ. (2)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
2 - الْخَرْءُ وَالذَّرْقُ وَالْخِثْيُ وَالْبَعْرُ وَالرَّوْثُ وَالنَّجْوُ وَالْعَذِرَةُ أَلْفَاظٌ تُطْلَقُ عَلَى فَضْلَةِ الْحَيَوَانِ الْخَارِجَةِ مِنَ الدُّبُرِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الأَْلْفَاظِ كَمَا جَاءَ فِي ابْنِ عَابِدِينَ أَنَّ الرَّوْثَ يَكُونُ لِلْفَرَسِ وَالْبَغْل وَالْحِمَارِ، وَالْخِثْيَ لِلْبَقَرِ وَالْفِيل، وَالْبَعْرَ لِلإِْبِل وَالْغَنَمِ، وَالْخَرْءَ لِلطُّيُورِ، وَالنَّجْوَ لِلْكَلْبِ، وَالْعَذِرَةَ لِلإِْنْسَانِ، وَالرَّجِيعُ يُطْلَقُ عَلَى الرَّوْثِ وَالْعَذِرَةِ. (3) وَهَذَا فِي الْغَالِبِ، وَقَدْ يُسْتَعْمَل بَعْضُهَا مَكَانَ بَعْضٍ تَوَسُّعًا، كَمَا وَرَدَ فِي عِبَارَاتِ الْفُقَهَاءِ. (4)
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
أَوَّلاً: ذَرْقُ الطُّيُورِ الَّتِي يُؤْكَل لَحْمُهَا:
3 - ذَرْقُ الطُّيُورِ مِمَّا يُؤْكَل لَحْمُهُ كَالْحَمَامِ وَالْعَصَافِيرِ، طَاهِرٌ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ) وَذَلِكَ لِعُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ بِسَبَبِ امْتِلاَءِ الطُّرُقِ وَالْخَانَاتِ بِهَا؛
وَلإِِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى تَرْكِ الْحَمَامِ فِي الْمَسَاجِدِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَإِنْ أَصَابَ شَيْءٌ مِنْهُ بَدَنَ الإِْنْسَانِ أَوْ ثَوْبَهُ دَاخِل الصَّلاَةِ أَوْ خَارِجَهَا لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ وَلاَ يَنْجُسُ ثَوْبُهُ. (5)
وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ خَرْءَ الدَّجَاجِ وَالْبَطِّ الأَْهْلِيِّ؛ لأَِنَّهُمَا يَتَغَذَّيَانِ بِنَجَسٍ فَلاَ يَخْلُو خَرْؤُهُمَا مِنَ النَّتِنِ وَالْفَسَادِ. (6)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ - بِنَجَاسَةِ خَرْءِ الطُّيُورِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ مَأْكُول اللَّحْمِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لأَِنَّهُ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ ﷺ: تَنَزَّهُوا مِنَ الْبَوْل (7) وَلأَِنَّهُ رَجِيعٌ فَكَانَ نَجَسًا كَرَجِيعِ الآْدَمِيِّ. وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ ذَرْقِ الطُّيُورِ الْمَأْكُولَةِ اللَّحْمِ، سَوَاءٌ أَكَانَ قَلِيلاً أَمْ كَثِيرًا عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِمَشَقَّةِ الاِحْتِرَازِ عَنْهُ، وَفِي رِوَايَةٍ لاَ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ.
وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا، فَقَالُوا بِالْعَفْوِ عَنْهُ فِي الصَّلاَةِ مُطْلَقًا، وَفِي خَارِجِ الصَّلاَةِ يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ وَلاَ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ. (8)
ثَانِيًا - ذَرْقُ الطُّيُورِ الَّتِي لاَ يُؤْكَل لَحْمُهَا:
4 - جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ ذَرْقَ الطُّيُورِ الَّتِي لاَ يُؤْكَل لَحْمُهَا كَالْبَازِ وَالشَّاهِينِ وَالرَّخَمِ وَالْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ نَجَسٌ، وَهَذَا قَوْل الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الأَْصَحُّ وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ مِمَّا أَحَالَهُ طَبْعُ الْحَيَوَانِ إِلَى نَتْنٍ وَفَسَادٍ. (9)
وَفِي رِوَايَةِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ طَاهِرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلاَفًا لِمُحَمَّدٍ. وَاسْتَدَلُّوا لِطَهَارَتِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِمَا يَنْفَصِل مِنَ الطُّيُورِ نَتْنٌ وَخَبَثُ رَائِحَةٍ. وَلاَ يُنَحَّى شَيْءٌ مِنَ الطُّيُورِ عَنِ الْمَسَاجِدِ فَعَرَفْنَا أَنَّ خَرْءَ الْجَمِيعِ طَاهِرٌ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ فَرْقَ فِي الْخَرْءِ بَيْنَ مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ وَمَا لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ. (10)
5 - وَعَلَى الْقَوْل بِنَجَاسَتِهِ - كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ - قَال الْمَالِكِيَّةُ: يُعْفَى عَمَّا أَصَابَ مِنْهُ الثَّوْبَ أَوِ الْبَدَنَ مِقْدَارَ مَا يَصْعُبُ وَيَشُقُّ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ، بِأَنْ يَكُونَ مِقْدَارَ الدِّرْهَمِ أَوْ أَقَل فِي الْمِسَاحَةِ. (11)
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ لِعُمُومِ الْبَلْوَى وَلِعُسْرِ الاِحْتِرَازِ عَنْهُ، وَلاَ يُعْفَى عَنْ كَثِيرِهِ لِنُدْرَتِهِ وَعَدَمِ مَشَقَّةِ الاِحْتِرَازِ عَنْهُ. (12)
وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ عِنْدَهُمْ بِالْعَادَةِ الْغَالِبَةِ، فَمَا يَغْلِبُ عَادَةً التَّلَطُّخُ بِهِ وَيَعْسُرُ الاِحْتِرَازُ عَنْهُ عَادَةً قَلِيلٌ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِ كَثِيرٌ. (13)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنَ النَّجَاسَاتِ إِلاَّ إِذَا كَانَتْ دَمًا أَوْ قَيْحًا يَسِيرًا مِمَّا لاَ يَفْحُشُ فِي نَظَرِ الشَّخْصِ؛ لأَِنَّ الأَْصْل عَدَمُ الْعَفْوِ عَنِ النَّجَاسَةِ إِلاَّ مَا خَصَّهُ الدَّلِيل، وَلَمْ يُوجَدْ إِلاَّ فِي الدَّمِ وَالْقَيْحِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: (مَا كَانَ لإِِحْدَانَا إِلاَّ ثَوْبٌ وَاحِدٌ تَحِيضُ فِيهِ، فَإِنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ بَلَّتْهُ بِرِيقِهَا ثُمَّ قَصَعَتْهُ بِرِيقِهَا) (14) وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَسْجُدُ فَيُخْرِجُ يَدَيْهِ فَيَضَعُهُمَا بِالأَْرْضِ، وَهُمَا يَقْطُرَانِ دَمًا مِنْ شِقَاقٍ كَانَ فِي يَدَيْهِ، وَعَصَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ دَمٍ وَقَيْحٍ فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
وَعَلَى ذَلِكَ إِنْ صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ وَإِنْ قَلَّتْ أَعَادَ. (15)
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ الْقَيْءِ وَالْمَذْيِ وَرِيقِ الْبَغْل وَالْحِمَارِ وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ وَسِبَاعِ الطَّيْرِ. قَال الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى: وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي أَبْوَالِهَا وَأَرْوَاثِهَا لأَِنَّهُ يَشُقُّ التَّحَرُّزُ عَنْهُ. (16)
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَعَلَى الرِّوَايَةِ بِنَجَاسَةِ الذَّرْقِ، اعْتَبَرَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ مِنَ النَّجَاسَةِ الْخَفِيفَةِ لأَِنَّهَا تَذْرِقُ فِي الْهَوَاءِ وَالتَّحَامِي عَنْهُ مُتَعَذِّرٌ، وَاعْتَبَرَهُ مُحَمَّدٌ مِنَ النَّجَاسَةِ الْغَلِيظَةِ؛ لأَِنَّ التَّخْفِيفَ لِلضَّرُورَةِ وَلاَ ضَرُورَةَ هُنَا؛ لِعَدَمِ مُخَالَطَةِ هَذِهِ الطُّيُورِ لِلنَّاسِ. (17)
وَعَلَى ذَلِكَ فَيُعْفَى قَدْرُ مَا دُونَ رُبْعِ الثَّوْبِ أَوِ الْبَدَنِ الْمُصَابِ بِذَرْقِ الطُّيُورِ غَيْرِ مَأْكُولَةِ اللَّحْمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَلاَ يُعْفَى أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَصْل الْحَنَفِيَّةِ مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ النَّجَاسَةِ الْخَفِيفَةِ وَالنَّجَاسَةِ الْغَلِيظَةِ.
وَيُعْرَفُ قَدْرُ الدِّرْهَمِ عِنْدَهُمْ فِي النَّجَاسَةِ الْمُتَجَسِّدَةِ بِالْوَزْنِ، وَفِي الْمَائِعَةِ بِالْمِسَاحَةِ بِأَنْ تَكُونَ قَدْرَ مُقَعَّرِ الْكَفِّ دَاخِل مَفَاصِل الأَْصَابِعِ. (18)
وَتَفْصِيل الْمَوْضُوعُ فِي مُصْطَلَحِ: (نَجَاسَة) .
مَوَاطِنُ الْبَحْثِ
: 6 - ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ ذَرْقِ الطُّيُورِ وَفَضَلاَتِ الْحَيَوَانَاتِ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ وَبَحْثِ الأَْنْجَاسِ وَالْمَعْفُوَّاتِ عَنِ الأَْنْجَاسِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
__________
(1) لسان العرب والمصباح المنير، ومتن اللغة في المادة.
(2) ابن عابدين 1 / 147، 213، وحاشية القليوبي 1 / 184.
(3) حاشية ابن عابدين 1 / 147، المصباح (رجع) .
(4) ابن عابدين 1 / 147، وجواهر الإكليل 1 / 9، 217، ومغني المحتاج 1 / 79.
(5) الاختيار 1 / 34، وجواهر الإكليل 1 / 217، وكشاف القناع 1 / 193، 4 / 1، والمغني لابن قدامة 2 / 89.
(6) الاختيار 1 / 35، وجواهر الإكليل 1 / 9.
(7) حديث: " تنزهوا من البول " أخرجه الدارقطني (1 / 127 - ط دار المحاسن) من حديث أنس بن مالك، وصوب إرساله من الطريق الذي رواه، ولكن ذكر ابن أبي حاتم الرازي في علل الحديث (1 / 26 ط السلفية) طريقًا أخرى له وصوب أنه محفوظ.
(8) حاشية القليوبي 1 / 184، ومغني المحتاج 1 / 79، 193، والمغني لابن قدامة 2 / 88.
(9) ابن عابدين 1 / 214، البناية على الهداية 1 / 747، والاختيار 1 / 34، ومغني المحتاج 1 / 79، وقليوبي 1 / 184، والمغني 2 / 86، وكشاف القناع 1 / 193، وجواهر الإكليل 1 / 9، 217، وحاشية الدسوقي 1 / 151.
(10) البناية على الهداية 1 / 747.
(11) جواهر الإكليل 1 / 11، وحاشية الدسوقي 1 / 71، 72.
(12) حاشية القليوبي 1 / 184، ونهاية المحتاج 2 / 26، ومغني المحتاج 1 / 79، 93.
(13)
(14) حديث عائشة: " ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد " أخرجه أبو داود (1 / 254 - تحقيق عزت عبيد دعاس) .
(15) المغني 2 / 77، 78، وكشاف القناع 1 / 193، 194.
(16) كشاف القناع 1 / 193، 194، والمغني لابن قدامة 2 / 82.
(17) البناية على الهداية 1 / 446، 447.
(18) البناية على الهداية 1 / 447، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص 83 - 84، وحاشية ابن عابدين 1 / 147.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 210/ 21