القدير
كلمة (القدير) في اللغة صيغة مبالغة من القدرة، أو من التقدير،...
آفة، أو مرض دائم لا يرجى برؤه، ويقال للواحد زَمِن . ومن أمثلته حكم حضور الزَّمِن صلاة الجمعة . ومن شواهده قوله في الحديث الشريف : "الْجُمُعَةُ وَاجِبَةٌ، إِلَّا عَلَى امْرَأَةٍ، أَوْ صَبِيٍّ، أَوْ مَرِيضٍ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ مُسَافِرٍ ." الكبير للطبراني :1257.
الزَّمانَةُ: البَلاءُ والعاهَةُ، يُقال: زَمِنَ، زَمَناً، وزَمِنَةً وزَمانَةً، أيْ: مَرِضَ مَرَضاً يَدُومُ زَماناً طَوِيلاً. والزَّمانُ: الوَقْتُ. وتأتي الزَّمانَةُ بِمعنى الضَّعْفِ الـمُلازِمِ لِصاحِبِهِ بِسَبَبِ كِبَرِ سِنٍّ أو طُولِ مَرَضٍ. والزَّمِنُ والزَّمِينُ: الـمُبْتَلَى بِـمَرَضٍ يَـمْنَعُهُ مِن العَمَلِ. ومِنْ مَعَانِيها أيضاً: الضَّرَرُ والعَيْبُ.
يَرِد مُصْطلَح (زَمانَة) في الفقه في مَواضِعَ كَثِيرَةٍ، منها: كتاب الصَّلاةِ، باب: صَلاة الـجُمُعَةِ، وباب: سُجود الشُّكْرِ، وفي كتاب الزَّكاةِ، باب: قِسْمَة الصَّدقاتِ، وفي كتاب النِّكاحِ، باب: النَّفَقات، وباب: الظِّهار، وفي كتاب الجِهادِ، باب: شُرُوط الجِهادِ، وباب: أَحْكام الجِزْيَةِ، وفي كتاب الـقِصاصِ، باب: كَفَارَةِ القَتْلِ، وغَيْرها مِن الأبواب.
زمن
آفة، أو مرض دائم لا يرجى برؤه، ويقال لصاحبه زَمِن.
* مقاييس اللغة : (3/23)
* تهذيب اللغة : (13/159)
* المحكم والمحيط الأعظم : (9/67)
* القاموس المحيط : (ص 1203)
* مختار الصحاح : (ص 137)
* لسان العرب : (13/199)
* المغرب في ترتيب المعرب : (ص 210)
* طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية : (ص 50)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص 187)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 233)
* التعريفات الفقهية : (ص 109) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الزَّمَانَةُ لُغَةً: الْبَلاَءُ وَالْعَاهَةُ، يُقَال: زَمِنَ زَمَنًا وَزَمِنَةً وَزَمَانَةً: مَرِضَ مَرَضًا يَدُومُ زَمَانًا طَوِيلاً، وَضَعُفَ بِكِبَرِ سِنٍّ أَوْ مُطَاوَلَةِ عِلَّةٍ. فَهُوَ زَمِنٌ وَزَمِينٌ.
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. قَال زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ: الزَّمِنُ هُوَ الْمُبْتَلَى بِآفَةٍ تَمْنَعُهُ مِنَ الْعَمَل (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْقِعَادُ:
2 - الْقِعَادُ: دَاءٌ يَأْخُذُ الإِْبِل فِي أَوْرَاكِهَا فَيُمِيلُهَا إِلَى الأَْرْضِ.
وَالْمُقْعَدُ: مَنْ أَصَابَهُ دَاءٌ فِي جَسَدِهِ فَلاَ يَسْتَطِيعُ الْحَرَكَةَ لِلْمَشْيِ. (2) فَالزَّمَانَةُ أَعَمُّ مِنَ الْقِعَادِ؛ لأَِنَّهَا تَحْصُل بِهِ وَبِغَيْرِهِ مِنَ الأَْمْرَاضِ.
وَقِيل: الْمُقْعَدُ هُوَ الْمُتَشَنِّجُ الأَْعْضَاءِ، وَالزَّمِنُ: الَّذِي طَال مَرَضُهُ (3) .
ب - الْعَضْبُ:
3 - مِنْ مَعَانِي الْعَضْبِ: الشَّلَل وَالْخَبَل وَالْعَرَجُ.
وَالْمَعْضُوبُ: الضَّعِيفُ لاَ يَسْتَمْسِكُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَهُوَ مَعْضُوبُ اللِّسَانِ أَيْ: مَقْطُوعٌ عَيِيٌّ فَدْمٌ، وَالزَّمِنُ الَّذِي لاَ حَرَاكَ بِهِ.
فَالْمَعْضُوبُ أَعَمُّ مِنَ الزَّمِنِ (4) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالزَّمَانَةِ:
حُضُورُ الزَّمِنِ الْجُمُعَةَ:
4 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ - إِلَى أَنَّ الشَّيْخَ الزَّمِنَ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إِنْ وَجَدَ مَرْكَبًا مِلْكًا أَوْ إِجَارَةً أَوْ إِعَارَةً، وَلَمْ يَشُقَّ الرُّكُوبُ عَلَيْهِ كَمَشَقَّةِ الْمَشْيِ فِي الْوَحْل لاِنْتِفَاءِ الضَّرَرِ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَلاَ يَجِبُ قَبُول الْمَوْهُوبِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمِنَّةِ. (5) وَنَحْوُهُ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ، فَالْمَرِيضُ عِنْدَهُمْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِإِتْيَانِ الْمَسْجِدِ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولاً، أَوْ بِتَبَرُّعِ أَحَدٍ بِأَنْ يُرْكِبَهُ أَوْ يَحْمِلَهُ. (6)
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ الصِّحَّةَ، فَلاَ تَجِبُ عَلَى الزَّمِنِ وَإِنْ وَجَدَ حَامِلاً. (7)
وَلِلتَّفْصِيل: (ر: صَلاَةُ الْجُمُعَةِ، وَعُذْرٌ) .
حَجُّ الزَّمِنِ:
5 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ - إِلَى أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ السَّعْيِ إِلَى الْحَجِّ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مَالٍ يَحُجُّ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ، لأَِنَّهُ مُسْتَطِيعٌ بِغَيْرِهِ، إِذِ الاِسْتِطَاعَةُ كَمَا تَكُونُ بِالنَّفْسِ تَكُونُ بِبَذْل الْمَال وَطَاعَةِ الرِّجَال، وَإِذَا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَسْتَطِيعُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ. (8)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ - فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ - وَالصَّاحِبَانِ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا: إِنَّ الزَّمِنَ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَإِنْ مَلَكَ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ حَتَّى لاَ يَجِبَ الإِْحْجَاجُ بِمَالِهِ، لأَِنَّ الأَْصْل لَمَّا لَمْ يَجِبْ، لَمْ يَجِبِ الْبَدَل (9) .
قَال الْكَاسَانِيُّ فِي تَعْلِيل عَدَمِ وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الزَّمِنِ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ الاِسْتِطَاعَةَ لِوُجُوبِ الْحَجِّ، وَالْمُرَادُ مِنْهَا اسْتِطَاعَةُ التَّكْلِيفِ، وَهِيَ سَلاَمَةُ الأَْسْبَابِ وَالآْلاَتِ، وَمِنْ جُمْلَةِ الأَْسْبَابِ سَلاَمَةُ الْبَدَنِ عَنِ الآْفَاتِ الْمَانِعَةِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا لاَ بُدَّ مِنْهُ فِي سَفَرِ الْحَجِّ؛ لأَِنَّ الْحَجَّ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلاَ بُدَّ مِنْ سَلاَمَةِ الْبَدَنِ، وَلاَ سَلاَمَةَ مَعَ الْمَانِعِ. (10)
وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الزَّمِنَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ؛ لأَِنَّهُ يَقْدِرُ بِغَيْرِهِ إِنْ كَانَ لاَ يَقْدِرُ بِنَفْسِهِ، وَالْقُدْرَةُ بِالْغَيْرِ كَافِيَةٌ لِوُجُوبِ الْحَجِّ كَالْقُدْرَةِ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَكَذَا فَسَّرَ النَّبِيُّ ﷺ الاِسْتِطَاعَةَ بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ (11) ، وَقَدْ وُجِدَ. (12)
إِعْتَاقُ الزَّمِنِ فِي الْكَفَّارَةِ:
6 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ إِلاَّ رَقَبَةٌ سَالِمَةٌ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُضِرَّةِ بِالْعَمَل ضَرَرًا بَيِّنًا، فَلاَ يُجْزِئُ الزَّمِنُ لِعَجْزِهِ عَنِ الْعَمَل. (13)
وَلِلتَّفْصِيل (ر: كَفَّارَةٌ) .
قَتْل الزَّمِنِ فِي الْجِهَادِ:
7 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَدَمَ جَوَازِ قَتْل الزَّمِنِ إِلاَّ إِذَا قَاتَل حَقِيقَةً أَوْ مَعْنًى بِالرَّأْيِ وَالطَّاعَةِ وَالتَّحْرِيضِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ. (14)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى الأَْظْهَرِ إِلَى جَوَازِ قَتْل زَمِنٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُقَاتِل، وَلاَ رَأْيَ لَهُ، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (15)
وَلِلتَّفْصِيل: (ر: جِهَادٌ) .
أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنَ الزَّمِنِ:
8 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ إِلَى أَنَّ الزَّمِنَ لاَ جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا؛ لأَِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْل الْقِتَال لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ كَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ. (1)
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَأَبُو يُوسُفَ وُجُوبَ الْجِزْيَةِ عَلَى الزَّمِنِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا أُجْرَةُ السَّكَنِ وَأَنَّهُ رَجُلٌ بَالِغٌ مُوسِرٌ، فَلاَ يُقِيمُ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ، وَيَدُل عَلَيْهِ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ ﷺ إِلَى مُعَاذٍ بِالْيَمَنِ خُذْ مِنْ كُل حَالِمٍ دِينَارًا (2) . كَمَا يَتَنَاوَلُهُ حَدِيثُ عُمَرَ ﵁ بِعُمُومِهِ، فَإِنَّهُ أَمَرَ أَنْ تُضْرَبَ الْجِزْيَةُ عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوَاسِي، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ إِنْ كَانَتْ أُجْرَةً عَنْ سَكَنِ الدَّارِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَتْ عُقُوبَةً عَلَى الْكُفْرِ فَكَذَلِكَ، فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لاَ يُقِرُّ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ. (3) وَلِلتَّفْصِيل: (ر: جِزْيَةٌ) .
__________
(1) لسان العرب، والمعجم الوسيط مادة: (زمن) ، والإقناع 1 / 164، وحاشية الجمل 4 / 416.
(2) النهاية لابن الأثير، ومتن اللغة، والمصباح المنير مادة (قعد) .
(3) محيط المحيط مادة: (قعد) .
(4) متن اللغة والنهاية مادة: (عضب) وانظر البناية 3 / 432، والإفصاح ص 176، ونهاية المحتاج 3 / 245، وكشاف القناع 2 / 390.
(5) الإقناع 1 / 164، والمجموع 4 / 486، والتاج والإكليل بهامش الحطاب 2 / 182.
(6) كشاف القناع 1 / 495، والفروع 2 / 41.
(7) الفتاوى الهندية 1 / 144، والفتاوى الخانية بهامش الهندية 1 / 175.
(8) نهاية المحتاج 3 / 245، 246، وكشاف القناع 2 / 390، والإفصاح ص 176، والبناية 3 / 432، والعناية بهامش فتح القدير 2 / 125 ط الأميرية، وابن عابدين 2 / 142.
(9) العناية بهامش فتح القدير 2 / 125، والقرطبي 4 / 150، والإفصاح ص 176.
(10) البدائع 2 / 121.
(11) تفسير النبي ﷺ " الاستطاعة بالزاد والراحلة ". أخرجه الدارقطني (2 / 216 - ط. دار المحاسن) من حديث أنس بن مالك ورجح البيهقي (4 / 330 - ط. دائرة المعارف العثمانية) إرساله. وقال ابن المنذر: لا يثبت الحديث الذي فيه الزاد والراحلة. كذا في فتح الباري (3 / 379 - ط. السلفية) .
(12) بدائع الصنائع 2 / 121، وفتح القدير 2 / 125 - 126.
(13) الفتاوى الهندية 1 / 511، وحاشية الجمل 4 / 416، وكشاف القناع 5 / 380، والمغني 7 / 360، والزرقاني 4 / 176، والشرح الصغير 2 / 646.
(14) بدائع الصنائع 7 / 101، وابن عابدين 3 / 224، 225، وكشاف القناع 3 / 50، والشرح الصغير 2 / 275 - 276، وحاشية الجمل 5 / 194.
(15) سورة التوبة / 5.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 10/ 24