البحث

عبارات مقترحة:

الحكم

كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...

المليك

كلمة (المَليك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعيل) بمعنى (فاعل)...

الأعلى

كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...

السَّائِبَةُ


من معجم المصطلحات الشرعية

الناقة التي كان الرجل في الجاهلية يتركها طليقة، ولا ينتفع بها . ومن أمثلته تحريم تسييب الدواب، وعدم الانتفاع بها . ومن شواهدهﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﰇ ﰈ ﰉ ﰊالمائدة :١٠٣ .


انظر : بدائع الصنائع للكاساني، 4/166، المجموع للنووي، 8/286، الكليات للكفوي، ص : 522.

تعريفات أخرى

  • يطلق على العبد الذي يعتقه سيده، ويطلقه دون أن يكون ولاؤه لأحد .

من موسوعة المصطلحات الإسلامية

التعريف

الناقة التي كان الرجل في الجاهلية يتركها طليقة، ولا ينتفع بها.

من الموسوعة الكويتية

التَّعْرِيفُ:
1 - السَّائِبَةُ مِنَ السَّيْبِ، وَمِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ الْجَرْيُ بِسُرْعَةٍ، وَالإِْهْمَال وَالتَّرْكُ. وَسَيَّبَ الشَّيْءَ: تَرَكَهُ.
وَالسَّائِبَةُ: الْعَبْدُ يُعْتَقُ عَلَى أَنْ لاَ وَلاَءَ لِمُعْتِقِهِ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ السَّائِبَةُ: الْبَعِيرُ يُدْرِكُ نِتَاجَ نِتَاجِهِ فَيُسَيَّبُ وَلاَ يُرْكَبُ وَلاَ يُحْمَل عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ.
وَالسَّائِبَةُ أَيْضًا النَّاقَةُ الَّتِي كَانَتْ تُسَيَّبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِنَذْرٍ وَنَحْوِهِ، وَكَانَ الرَّجُل فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ، أَوْ بَرِئَ مِنْ عِلَّةٍ، أَوْ نَجَّتْهُ دَابَّةٌ مِنْ مَشَقَّةٍ أَوْ حَرْبٍ قَال: نَاقَتِي سَائِبَةٌ، أَيْ تُسَيَّبُ، فَلاَ يُنْتَفَعُ بِظَهْرِهَا، وَلاَ تُحَلأَّْ (لاَ تُطْرَدْ) عَنْ مَاءٍ، وَلاَ تُمْنَعْ مِنْ كَلأٍَ وَلاَ تُرْكَبْ. (1)
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ اللَّفْظَ بِالْمَعْنَيَيْنِ: عِتْقُ الْعَبْدِ وَلاَ وَلاَءَ لَهُ.
وَتَسْيِيبُ الدَّابَّةِ بِمَعْنَى رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا وَتَرْكِهَا عَلَى سَبِيل التَّدَيُّنِ (2) . الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسَّائِبَةِ:
2 - تَخْتَلِفُ الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِتَسْيِيبِ السَّوَائِبِ بِاخْتِلاَفِ مَوْضُوعِهَا.
فَقَدْ يَكُونُ التَّسْيِيبُ وَاجِبًا، كَمَا لَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ وَفِي يَدِهِ صَيْدٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ. (3) "
وَقَدْ يَكُونُ مُبَاحًا، كَإِرْسَال الصَّيْدِ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِإِبَاحَةِ إِرْسَالِهِ. (4)
وَقَدْ يَكُونُ حَرَامًا، كَتَسْيِيبِ الدَّابَّةِ. (5)
وَقَدْ يَكُونُ مَكْرُوهًا، كَعِتْقِ الْعَبْدِ سَائِبَةً كَمَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ. (6)
أَوَّلاً: عِتْقُ الْعَبْدِ سَائِبَةً:
3 - مِنْ أَلْفَاظِ الْعِتْقِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْعِتْقِ كَقَوْل السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ: أَنْتَ عَتِيقٌ، أَوْ أَعْتَقْتُكَ، وَمِنْهَا مَا هُوَ كِنَايَةٌ يَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةٍ، وَمِنْ ذَلِكَ لَفْظُ (سَائِبَةٍ) فَمَنْ قَال لِعَبْدِهِ: أَنْتَ سَائِبَةٌ، فَلاَ يُعْتَقُ إِلاَّ إِذَا نَوَى الْعِتْقَ.
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ إِذَا أُعْتِقَ الْعَبْدُ سَائِبَةً لِمَنْ يَكُونُ الْوَلاَءُ؟
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَابْنِ نَافِعٍ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ وَمَال إِلَيْهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إِلَى أَنَّ الْوَلاَءَ يَكُونُ لِمُعْتِقِهِ، حَتَّى وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لاَ وَلاَءَ لَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ لأَِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ. وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. (7) وَقَوْلُهُ: الْوَلاَءُ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ. (8) فَكَمَا أَنَّهُ لاَ يَزُول نَسَبُ إِنْسَانٍ وَلاَ وَلَدٌ عَنْ فِرَاشٍ بِشَرْطٍ، لاَ يَزُول وَلاَءٌ عَنْ عَتِيقٍ بِالشَّرْطِ، وَلِذَلِكَ لَمَّا أَرَادَ أَهْل بَرِيرَةَ أَنْ يَشْتَرِطُوا عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا وَلاَءَ بَرِيرَةَ إِذَا عَتَقَتْ قَال ﷺ: اشْتَرِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاَءَ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَبِهَذَا أَيْضًا قَال النَّخَعِيُّ وَالشَّعْبِيُّ وَابْنُ سِيرِينَ وَرَاشِدُ بْنُ سَعْدٍ وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ، وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ مُعْتِقَهُ هُوَ الَّذِي يَرِثُهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، قَال سَعِيدٌ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ أَنَّ عُمَرَ وَابْنَ مَسْعُودٍ قَالاَ فِي مِيرَاثِ السَّائِبَةِ هُوَ لِلَّذِي أَعْتَقَهُ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: إِنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَائِبَةً لاَ يَكُونُ لِمُعْتِقِهِ الْوَلاَءُ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَيَكُونُ وَلاَؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَيَكُونُ عَقْدُ نِكَاحِهَا إِنْ كَانَتْ أُنْثَى - وَهُوَ قَوْل عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيِّ وَمَكْحُولٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ. وَقَال أَحْمَدُ: إِنْ مَاتَ الْعَتِيقُ وَخَلَّفَ مَالاً وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا اشْتُرِيَ بِمَالِهِ رِقَابٌ فَأُعْتِقُوا، وَقَدْ أَعْتَقَ ابْنُ عُمَرَ عَبْدًا سَائِبَةً فَمَاتَ فَاشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ بِمَالِهِ رِقَابًا فَأَعْتَقَهُمْ. وَعَنْ عَطَاءٍ قَال: كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا قَال: أَنْتَ حُرٌّ سَائِبَةٌ فَهُوَ يُوَالِي مَنْ شَاءَ (9) .

ثَانِيًا: تَسْيِيبُ الدَّوَابِّ:
4 - الأَْصْل أَنَّ تَضْيِيعَ الْمَال حَرَامٌ، وَقَدْ أَبْطَل اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَسْيِيبِ دَوَابِّهِمْ وَتَحْرِيمِ الاِنْتِفَاعِ بِهَا وَجَعْلِهَا لآِلِهَتِهِمْ، وَعَابَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {مَا جَعَل اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} ، (10) وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قَصَبَهُ (أَمْعَاءَهُ) فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّل مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ. (11) وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ تَسْيِيبَ الْبَهَائِمِ بِمَعْنَى تَخْلِيَتِهَا وَرَفْعِ الْمَالِكِ يَدَهُ عَنْهَا حَرَامٌ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ الْمَال وَالتَّشَبُّهِ بِأَهْل الْجَاهِلِيَّةِ، (12) وَالْوَاجِبُ عَلَى مَنْ مَلَكَ بَهِيمَةً أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا مَا تَحْتَاجُهُ مِنْ عَلَفٍ وَسَقْيٍ، أَوْ إِقَامَةِ مَنْ يَرْعَاهَا، أَوْ تَخْلِيَتِهَا لِتَرْعَى حَيْثُ تَجِدُ مَا يَكْفِيهَا، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُل مِنْ خَشَاشِ الأَْرْضِ. (13)
فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ عَلَفِهَا أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ أَبَى أَوْ عَجَزَ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهَا أَوْ ذَبْحِهَا إِنْ كَانَتْ مِمَّا تُؤْكَل، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ.
وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُجْبَرُ عَلَى الإِْنْفَاقِ دِيَانَةً وَلاَ يُجْبَرُ قَضَاءً. (14) وَمَنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَلاَ يَزُول مِلْكُهُ عَنْهَا. (15) وَهَذَا فِي الْجُمْلَةِ. وَمَنْ سَيَّبَ دَابَّتَهُ فَأَخَذَهَا إِنْسَانٌ فَأَصْلَحَهَا ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهَا. قَال الْحَنَفِيَّةُ: هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَقُول عِنْدَ التَّسْيِيبِ: جَعَلْتُهَا لِمَنْ أَخَذَهَا، فَحِينَئِذٍ لاَ سَبِيل لِصَاحِبِهَا عَلَيْهَا لأَِنَّهُ أَبَاحَ التَّمَلُّكَ، وَفِي الْقِيَاسِ تَكُونُ لِصَاحِبِهَا.
وَالثَّانِي: إِنْ كَانَ سَيَّبَهَا وَلَمْ يَقُل شَيْئًا، فَإِنَّ صَاحِبَهَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِمَّنْ أَصْلَحَهَا؛ لأَِنَّهُ لَوْ جَازَ تَمَلُّكُ مَنْ وَجَدَهَا وَأَصْلَحَهَا مِنْ غَيْرِ قَوْل الْمَالِكِ هِيَ لِمَنْ أَخَذَهَا، لَجَازَ ذَلِكَ فِي الْجَارِيَةِ وَالْعَبْدِ يَتْرُكُهُ مَرِيضًا فِي أَرْضٍ مُهْلِكَةٍ، فَيَأْخُذُهُ رَجُلٌ فَيُنْفِقُ عَلَيْهِ فَيَبْرَأُ فَيَصِيرُ مِلْكًا لَهُ، وَيَطَأُ الْجَارِيَةَ وَيُعْتِقُ الْعَبْدَ بِلاَ شِرَاءٍ وَلاَ هِبَةٍ وَلاَ إِرْثٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، وَهَذَا أَمْرٌ قَبِيحٌ. (16)
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ تَرَكَ دَابَّتَهُ بِمَهْلَكَةٍ فَأَخَذَهَا إِنْسَانٌ فَأَطْعَمَهَا وَسَقَاهَا وَخَلَّصَهَا مَلَكَهَا، وَبِهَذَا قَال اللَّيْثُ وَإِسْحَاقُ، وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الشَّعْبِيُّ مَرْفُوعًا أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: مَنْ وَجَدَ دَابَّةً قَدْ عَجَزَ عَنْهَا أَهْلُهَا أَنْ يَعْلِفُوهَا فَسَيَّبُوهَا فَأَخَذَهَا فَأَحْيَاهَا فَهِيَ لَهُ. (17) قَال الْحَنَابِلَةُ: وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتْرُكْهَا لِيَرْجِعَ إِلَيْهَا أَوْ ضَلَّتْ مِنْهُ، فَحِينَئِذٍ لاَ يَمْلِكُهَا آخِذُهَا وَتَكُونُ لِرَبِّهَا (18) .

ثَالِثًا: تَسْيِيبُ الصَّيْدِ:
5 - مَنْ مَلَكَ صَيْدًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَسْيِيبُهُ وَإِرْسَالُهُ؛ لأَِنَّهُ يُشْبِهُ السَّوَائِبَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَفِيهِ تَضْيِيعٌ لِلْمَال، وَهَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الأَْصَحِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَهُوَ قَوْل الْحَنَفِيَّةِ، سَوَاءٌ أَبَاحَهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ أَوْ لَمْ يُبِحْهُ. وَفِي قَوْلٍ آخَرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ حُرْمَةَ الإِْرْسَال مُقَيَّدَةٌ بِمَا إِذَا كَانَ الإِْرْسَال مِنْ غَيْرِ إِبَاحَةٍ لأَِحَدٍ، أَمَّا إِذَا أَبَاحَهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ فَيَجُوزُ إِرْسَالُهُ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَالْحَاصِل أَنَّ إِطْلاَقَ الصَّيْدِ مِنْ يَدِهِ جَائِزٌ إِنْ أَبَاحَهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ، وَقِيل: لاَ يَجُوزُ إِعْتَاقُهُ مُطْلَقًا (أَيْ سَوَاءٌ أَبَاحَهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ أَوْ لَمْ يُبِحْهُ) ؛ لأَِنَّهُ وَإِنْ أَبَاحَهُ فَالأَْغْلَبُ أَنَّهُ لاَ يَبْقَى فِي يَدِ أَحَدٍ فَيَبْقَى سَائِبَةً، وَفِيهِ تَضْيِيعُ الْمَال. (19) وَفِي الْقَوْل الثَّانِي عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَجُوزُ الإِْرْسَال، وَهُوَ احْتِمَالٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي ثُمَّ قَال: وَالإِْرْسَال هُنَا يُفِيدُ، وَهُوَ رَدُّ الصَّيْدِ إِلَى الْخَلاَصِ مِنْ أَيْدِي الآْدَمِيِّينَ وَحَبْسِهِمْ، وَلِهَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ اشْتَرَى عُصْفُورًا مِنْ صَبِيٍّ فَأَرْسَلَهُ. هَذَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ حُرْمَةِ الإِْرْسَال مَا إِذَا خِيفَ عَلَى وَلَدِ الصَّيْدِ بِحَبْسِ مَا صَادَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجِبُ إِرْسَالُهُ صِيَانَةً لِرُوحِهِ.
وَتَسْيِيبُ الصَّيْدِ لاَ يُزِيل مِلْكَ صَاحِبِهِ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهُ لَزِمَهُ رَدُّهُ لأَِنَّ رَفْعَ الْيَدِ لاَ يَقْتَضِي زَوَال الْمِلْكِ. وَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يَزُول مِلْكُهُ عَنْهُ وَيَمْلِكُهُ مَنْ أَخَذَهُ، وَزَوَال الْمِلْكِ هُوَ احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ. أَمَّا لَوْ قَال عِنْدَ إِرْسَالِهِ: أَبَحْتُهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ، فَإِنَّ مِلْكَ صَاحِبِهِ يَزُول عَنْهُ وَيُبَاحُ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ، لَكِنْ قَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ قَال مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ عِنْدَ إِرْسَالِهِ: أَبَحْتُهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ أَوْ أَبَحْتُهُ فَقَطْ، حَل لِمَنْ أَخَذَهُأَكْلُهُ بِلاَ ضَمَانٍ، وَلَهُ إِطْعَامُ غَيْرِهِ، وَلاَ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنِ اصْطَادَ شَخْصٌ صَيْدًا وَأَرْسَلَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَصَادَهُ آخَرُ فَهُوَ لِلثَّانِي اتِّفَاقًا عِنْدَهُمْ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ (20) .

رَابِعًا: تَسْيِيبُ صَيْدِ الْحَرَمِ:
6 - صَيْدُ الْحَرَمِ حَرَامٌ عَلَى الْحَلاَل وَالْمُحْرِمِ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ وَلاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ. (21)
وَمَنْ مَلَكَ صَيْدًا فِي الْحِل ثُمَّ أَحْرَمَ أَوْ دَخَل بِهِ الْحَرَمَ وَجَبَ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ، أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُطْلِقَ الصَّيْدَ بِمُجَرَّدِ إِحْرَامِهِ أَوْ دُخُولِهِ الْحَرَمَ، لأَِنَّ الْحَرَمَ سَبَبٌ مُحَرِّمٌ لِلصَّيْدِ وَيُوجِبُ ضَمَانَهُ فَحَرُمَ اسْتِدَامَةُ إِمْسَاكِهِ كَالإِْحْرَامِ، فَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ وَتَلِفَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ عَلَى مَا جَاءَ فِي مُغْنِي الْمُحْتَاجِ: لَوْ أَدْخَل الْحَلاَل مَعَهُ إِلَى الْحَرَمِ صَيْدًا مَمْلُوكًا لَهُ لاَ يَضْمَنُهُ، بَل لَهُ إِمْسَاكُهُ فِيهِ وَذَبْحُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ لأَِنَّهُ صَيْدُ حِلٍّ، ثُمَّ قَال بَعْدَ ذَلِكَ: وَإِنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ صَيْدٌ فَأَحْرَمَ، زَال مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَزِمَهُ إِرْسَالُهُ، لأَِنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَتَحْرُمُ اسْتِدَامَتُهُ. وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (حَرَمٍ، صَيْدٍ، إِحْرَامٍ) .
__________
(1) لسان العرب، والصحاح، والمصباح المنير.
(2) فتح القدير 8 / 155 ط دار إحياء التراث، وابن عابدين 2 / 220 - 221، والزرقاني 8 / 171، ونهاية المحتاج 8 / 119، ومطالب أولي النهى 6 / 354 - 355.
(3) مغني المحتاج 1 / 524، وابن عابدين 2 / 220.
(4) ابن عابدين 2 / 220 - 221.
(5) ابن عابدين 2 / 220، ونهاية المحتاج 8 / 119.
(6) الفواكه الدواني 2 / 209 - 210.
(7) حديث: " الولاء لمن أعتق ". أخرجه البخاري (الفتح 5 / 326 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 1143 - ط الحلبي) من حديث عائشة.
(8) حديث: " الولاء بمنزلة النسب ". أخرجه البيهقي (10 / 294 ط دائرة المعارف العثمانية) من حديث علي بن أبي طالب، وإسناده صحيح.
(9) فتح القدير 8 / 155، والدسوقي 4 / 417، والقرطبي 6 / 341، والفواكه الدواني 2 / 209، والقليوبي 4 / 351، ومطالب أولي النهى 4 / 696، والمغني 6 / 353 - 354، وكشاف القناع 4 / 498 - 499.
(10) سورة المائدة / 103.
(11) حديث: " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي ". أخرجه مسلم (4 / 2192 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(12) ابن عابدين 2 / 220، وفتح القدير 5 / 422، وأحكام القرآن لابن العربي 2 / 220، والقرطبي 6 / 335، والدسوقي 4 / 417، ونهاية المحتاج 8 / 119، والأم 6 / 189، ومطالب أولي النهى 6 / 354 - 355، وكشاف القناع 6 / 227، والمغني 8 / 563.
(13) حديث: " دخلت امرأة النار في هرة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 356 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 2022 - ط الحلبي) واللفظ للبخاري.
(14) البدائع 4 / 40، والقوانين الفقهية ص 223، والحطاب 4 / 207، ومغني المحتاج 3 / 462، والمغني 7 / 634 - 635.
(15) فتح القدير 5 / 422 نشر دار إحياء التراث، وأحكام القرآن لابن العربي 2 / 220، والأم 6 / 189، ومطالب أولي النهى 6 / 354 - 355، والمغني 8 / 563، ونهاية المحتاج 8 / 119، والمهذب 1 / 264.
(16) حاشية الطحطاوي على الدر المختار 4 / 233.
(17) حديث: " من وجد دابة قد عجز عنها أهلها. . . " أخرجه أبو داود (3 / 794 - تحقيق عزت عبيد دعاس) ، وفي آخره قال الراوي عن الشعبي له: من حدثك بهذا؟ قال: غير واحد من أصحاب رسول الله ﷺ، وإسناده حسن.
(18) المغني 5 / 744، وكشاف القناع 4 / 201، وعون المعبود 9 / 438.
(19) ابن عابدين 2 / 220 - 221، 5 / 257، وحاشية الطحطاوي على الدر 4 / 233، ومنح الجليل 1 / 585، ومغني المحتاج 4 / 279، ونهاية المحتاج 8 / 119، والقليوبي 4 / 247، والمهذب 1 / 264، وشرح منتهى الإرادات 3 / 418، ومطالب أولي النهى 6 / 354 - 355، والمغني 8 / 563.
(20) ابن عابدين 2 / 220 - 221، وجواهر الإكليل 1 / 195، ومغني المحتاج 1 / 524 - 525، والمغني 3 / 345.
(21) حديث: " إن هذا البلد حرمه الله. . . " أخرجه البخاري (الفتح 3 / 449 - ط السلفية) ، ومسلم (2 / 986 - ط الحلبي) من حديث ابن عباس، واللفظ للبخاري.

الموسوعة الفقهية الكويتية: 108/ 24