الشكور
كلمة (شكور) في اللغة صيغة مبالغة من الشُّكر، وهو الثناء، ويأتي...
البناء الأسفل من البناء الأعلى فوقه . ومن أمثلته ما ذكروه في جعل السُّفْل مسجداً، والعلوِّ بيتاً .
-بِضَمِّ السِّيْنِ وَكَسْرِهَا-: ضِدُّ العُلْوِ وَالارْتِفَاعِ، وَمِنْهُ: سُفْلُ الدَّارِ وَغَيْرِهَا.
وَرَدَ إِطْلاقُ مُصْطَلَحِ السُّفْلِ في مَوَاطِنَ مِنْ كُتُبِ الفِقْهِ وَأَبْوَابِهِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ: كِتَابُ الإِجَارَةِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى إِجَارَةِ البَيْتِ الذي فِيْهِ عُلْوٌ وَسُفْلٌ، وَكِتَابُ الصُّلْحِ، وَكِتَابُ القِسْمَةِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى قِسْمَةِ الدُّوْرِ وَالأَرَاضي المُنْقَسِمَةِ إِلى عُلْوٍ وَسُفْلٍ، وَكِتَابُ الشَّهَادَاتِ عِنْدَ الكَلامِ عَلَى شَهَادَةِ أَهْلِ السُّفْلِ عَلَى أَهْلِ العُلْوِ في الحَائِطِ المَائِلِ، وَكِتَابُ الدَّعَاوى عِنْدَ الكَلامِ عَلَى تَدَاعي أَصْحَابِ الدُّوْرِ السُّفْلِيَّةِ عَلى العُلْوِيَّةِ.
سفل
سيِّئ الخُلُق، خسيس نَذْل.
* جمهرة اللغة : (2/ 847)
* تهذيب اللغة : (12/ 298)
* الصحاح : (5/ 1730)
* مجمل اللغة : (ص: 463، 625)
* مقاييس اللغة : (3/ 78)
* المحكم والمحيط الأعظم : (8/ 502)
* لسان العرب : (11/ 337)
* الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) : (5/ 44 - تحرير ألفاظ التنبيه : (ص: 203)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص: 300)
* الكليات : (ص: 510)
* التعريفات الفقهية : (ص: 113)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (25/ 44) -
التَّعْرِيفُ:
1 - السُّفْل بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِهَا لُغَةً: ضِدُّ الْعُلْوِ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا، وَالأَْسْفَل ضِدُّ الأَْعْلَى (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا اللَّفْظِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، إِذْ قَالُوا: السُّفْل اسْمٌ لِمَبْنًى مُسَقَّفٍ (2) . وَالْمُرَادُ بِالسُّفْل السُّفْل النِّسْبِيُّ لاَ الْمُلاَصِقُ لِلأَْرْضِ لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ طِبَاقًا مُتَعَدِّدَةً، فَكُل مَا نَزَل عَنِ الْعُلْوِ فَهُوَ سُفْلٌ (3) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالسُّفْل:
هَدْمُ السُّفْل وَانْهِدَامُهُ:
2 - إِذَا هَدَمَ صَاحِبُ السُّفْل سُفْلَهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ حَتَّى انْهَدَمَ، يُجْبَرُ عَلَى إِعَادَتِهِ. بِهَذَا يَقُول جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ صَاحِبَ السُّفْل أَتْلَفَ حَقَّ صَاحِبِ الْعُلْوِ بِإِتْلاَفِ مَحَلِّهِ وَيُمْكِنُ جَبْرُهُ بِالإِْعَادَةِ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ (4) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوِ انْهَدَمَ السُّفْل وَلَوْ بِهَدْمِ مَالِكِهِ تَعَدِّيًا لَمْ يُجْبِرْهُ صَاحِبُ الْعُلْوِ عَلَى إِعَادَتِهِ لأَِجْل بِنَائِهِ عَلَيْهِ (5) .
أَمَّا لَوِ انْهَدَمَ السُّفْل بِلاَ صُنْعِ صَاحِبِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بِنَائِهِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي. بِهَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (6) .
قَال الْكَاسَانِيُّ: وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ السُّفْل مِنْ مَال نَفْسِهِ، ثُمَّ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ إِنْ بَنَى بِإِذْنِ صَاحِبِ السُّفْل أَوْ إِذْنِ الْقَاضِي وَإِلاَّ فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بَنَى؛ لأَِنَّ الْبِنَاءَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَكِنْ فِيهِ ضَرُورَةٌ؛ لأَِنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ لاَ يُمْكِنُهُ الاِنْتِفَاعُ بِمِلْكِ نَفْسِهِ إِلاَّ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَصَارَ مُطْلَقًا لَهُ شَرْعًا، وَلَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا؛ لأَِنَّ الْبِنَاءَ مِلْكُهُ لِحُصُولِهِ بِإِذْنِ الشَّرْعِ وَإِطْلاَقِهِ لَهُ فَلَهُ أَنْ لاَ يُمَكِّنَهُ مِنَ الاِنْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ إِلاَّ بِبَدَلٍ يَعْدِلُهُ وَهُوَ الْقِيمَةُ (7) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ صَاحِبَ السُّفْل يُجْبَرُ عَلَى الْبِنَاءِ لِيَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْعُلْوِ مِنِ انْتِفَاعِهِ بِهِ (8) .
التَّنَازُعُ فِي السَّقْفِ
3 - لَوْ كَانَ السُّفْل لِوَاحِدٍ وَالْعُلْوُ لآِخَرَ وَتَنَازَعَا فِي السَّقْفِ وَلاَ بَيِّنَةَ فَالسَّقْفُ لِلأَْسْفَل عِنْدَ التَّنَازُعِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ} (9) .
فَأَضَافَ السَّقْفَ لِلْبَيْتِ وَالْبَيْتُ لِلأَْسْفَل؛ وَلأَِنَّ يَدَ رَبِّ السُّفْل أَسْبَقُ فَشَهِدَ الظَّاهِرُ لَهُ - بِهَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ (10) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: السَّقْفُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ سُفْل أَحَدِهِمَا وَعُلْوِ الآْخَرِ كَالْجِدَارِ بَيْنَ مِلْكَيْهِمَا، فَإِذَا تَدَاعَيَاهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِحْدَاثُهُ بَعْدَ بِنَاءِ الْعُلْوِ كَالأَْزَجِ الَّذِي لاَ يُمْكِنُ عَقْدُهُ عَلَى وَسَطِ الْجِدَارِ بَعْدَ امْتِدَادِهِ فِي الْعُلْوِ جُعِل فِي يَدِ صَاحِبِ السُّفْل؛ لاِتِّصَالِهِ بِبِنَائِهِ عَلَى سَبِيل التَّرْصِيفِ، وَإِنْ أَمْكَنَ بِأَنْ يَكُونَ السَّقْفُ عَالِيًا فَيَثْقُبَ وَسَطَ الْجِدَارِ وَتُوضَعَ رُءُوسُ الْجُذُوعِ فِي الثُّقْبِ فَيَصِيرَ الْبَيْتُ بَيْتَيْنِ، فَهُوَ فِي أَيْدِيهِمَا لاِشْتِرَاكِهِمَا فِي الاِنْتِفَاعِ بِهِ (11) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّ السَّقْفَ بَيْنَهُمَا؛ لاِنْتِفَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِهِ، لاَ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ وَحْدَهُ (12) .
إِشْرَافُ الْجَارِ الأَْعْلَى عَلَى دَارِ الْجَارِ الأَْسْفَل:
4 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ - إِلَى أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى مَنْ أَحْدَثَ كُوَّةً أَوْ بَابًا أَوْ غُرْفَةً مِنْ دَارِهِ يُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ أَنْ يَسُدَّ جَمِيعَهَا (13) .
وَأَمَّا الْكُوَّةُ الْقَدِيمَةُ فَلاَ يُقْضَى بِسَدِّهَا وَيُقَال لِلْجَارِ: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ إِنْ شِئْتَ (14) .
وَقَال الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ فَرْقَ بَيْنَ الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ، حَيْثُ كَانَتِ الْعِلَّةُ الضَّرَرَ الْبَيِّنَ لِوُجُودِهَا فِيهِمَا (15) . وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ - وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ - أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ شُبَّاكًا أَوْ بِنَاءً جَدِيدًا وَجَعَل لَهُ شُبَّاكًا عَلَى الْمَحَل الَّذِي هُوَ مَقَرٌّ لِنِسَاءِ جَارِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُلاَصِقًا أَوْ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ فَاصِلٌ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِرَفْعِ الضَّرَرِ، وَيُجْبَرُ عَلَى رَفْعِهِ بِصُورَةٍ تَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إِمَّا بِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ وَضْعِ طَبْلَةٍ، لَكِنْ لاَ يُجْبَرُ عَلَى سَتْرِ الشُّبَّاكِ بِالْكُلِّيَّةِ (16) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ فَتْحُ كُوَّاتٍ وَشَبَابِيكَ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ الاِسْتِضَاءَةِ؛ لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ. وَقَيَّدَ الْجُرْجَانِيُّ جَوَازَ فَتْحِ الْكُوَّاتِ بِمَا إِذَا كَانَتْ عَالِيَةً لاَ يَقَعُ النَّظَرُ مِنْهَا إِلَى دَارِ جَارِهِ، إِلاَّ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ صَرَّحَ بِجَوَازِ فَتْحِ كُوَّةٍ فِي مِلْكِهِ مُشْرِفَةٍ عَلَى جَارِهِ وَعَلَى حَرِيمِهِ، وَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ، لأَِنَّهُ لَوْ أَرَادَ رَفْعَ جَمِيعِ الْحَائِطِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ، فَإِذَا رَفَعَ بَعْضَهُ لَمْ يُمْنَعْ.
وَقَال بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ: يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنِ الْجَارِ بِأَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ جِدَارًا يُقَابِل الْكُوَّةَ وَيَسُدُّ ضَوْأَهَا وَرُؤْيَتَهَا فَإِنَّهُ لاَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ (17) . وَصَرَّحَ الْبُجَيْرِمِيُّ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الشَّخْصِ فَتْحُ كُوَّةٍ فِي جِدَارِهِ يَطَّلِعُ مِنْهَا عَلَى عَوْرَاتِ جَارِهِ (18) .
__________
(1) المصباح المنير والمفردات للراغب الأصفهاني ولسان العرب.
(2) شرح المجلة للأتاسي 4 / 137، وحاشية خير الدين الرملي على جامع الفصولين 2 / 209.
(3) الزرقاني 6 / 60.
(4) بدائع الصنائع 6 / 264، وابن عابدين 4 / 358، والزرقاني 6 / 60، 61، والمغني 4 / 569، وكشاف القناع 3 / 415.
(5) القليوبي وعميرة 2 / 316.
(6) بدائع الصنائع 6 / 264، وابن عابدين 4 / 358، وأسنى المطالب 2 / 224، والمغني 4 / 565، 568.
(7) بدائع الصنائع 6 / 264، وانظر ابن عابدين 4 / 358.
(8) الشرح الصغير 3 / 480، والقوانين الفقهية ص 346، والمغني 4 / 468، وكشاف القناع 3 / 415.
(9) سورة الزخرف / 33.
(10) جامع الفصولين 2 / 210، والزرقاني 6 / 60، 61.
(11) روضة الطالبين 4 / 226.
(12) كشاف القناع 3 / 416، والمغني 4 / 564.
(13) الخرشي 6 / 59، 60 والدسوقي 3 / 369، وابن عابدين 4 / 361، ومغني المحتاج 2 / 186.
(14) الدسوقي 3 / 369.
(15) ابن عابدين 4 / 361
(16) مجلة الأحكام العدلية المادة (1202) والبزازية بهامش الهندية 6 / 414، وكشاف القناع 3 / 413، والمغني4 / 573، ومطالب أولي النهى # 3 / 358.
(17) مغني المحتاج 2 / 186، 187، وأسنى المطالب وحاشية الرملي عليه 2 / 222 - 223.
(18) بجيرمي على الخطيب 3 / 84 نشر دار المعرفة.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 44/ 25
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".