الحي
كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...
اللقاء بالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مع الإيمان به، والموت على الإسلام . وقد جعلها الحافظ ابن حجر في كتابه "التقريب " أعلى درجة من درجات التعديل . وشاهده قول الإمام ابن الصلاح : "وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي أنه قال : أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثاً، أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أعطوا كل من رآه حكم الصحبة "
الصُّحْبَةُ: الـمُلازَمَةُ والـمُرافَقَةُ، يُقالُ: صَحِبَهُ، يَصْحَبُهُ، صُحْبَةً، وصَحابَةً، أيْ: عاشَرَهُ وَرافَقَهُ ولازَمَهُ. والصّاحِبُ: الـمُلازِمُ إِنْساناً كان أو غَيْرَهُ، ولا فَرْقَ بين أنْ تَكونَ مُصاحَبَتُهُ بِالبَدَنِ أو بِالعِنايَةِ، ومِن مَعانِيها: الـمُعاشَرَةُ. والجَمْعُ: أَصْحابٌ وصَحابَةٌ.
صحب
اللقاء بالنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- مع الإيمان به، والموت على الإسلام. وقد جعلها الحافظ ابن حجر في كتابه "التقريب" أعلى درجة من درجات التعديل.
* تهذيب اللغة : (4/153)
* معجم مقاييس اللغة : (3/335)
* المحكم والمحيط الأعظم : (3/167)
* لسان العرب : (1/519)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (1/333)
* الباعث الحثيث : (ص 179)
* شرح اختصار علوم الحديث : (ص 151)
* الإصابة في تمييز الصحابة : (1/353)
* نزهة النظر : (ص 57)
* فتح المغيث : (3/93)
* معجم مقاليد العلوم في التعريفات والرسوم : (ص 45) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الصُّحْبَةُ فِي اللُّغَةِ: الْمُلاَزَمَةُ وَالْمُرَافَقَةُ، وَالْمُعَاشَرَةُ. يُقَال: صَحِبَهُ يَصْحَبُهُ صُحْبَةً، وَصَحَابَةً بِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ: عَاشَرَهُ وَرَافَقَهُ، وَلاَزَمَهُ (1) .
وَفِي حَدِيثِ قَيْلَةَ: خَرَجْتُ أَبْتَغِي الصَّحَابَةَ إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ (2) .
هَذَا مُطْلَقُ الصُّحْبَةِ لُغَةً. أَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ: فَإِذَا أَطْلَقُوا الصُّحْبَةَ؛ فَالْمُرَادُ بِهَا صُحْبَةُ النَّبِيِّ ﷺ
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الرُّفْقَةُ:
2 - الرُّفْقَةُ فِي اللُّغَةِ: مُطْلَقُ الصُّحْبَةِ فِي السَّفَرِ أَوْ غَيْرِهِ، يُقَال: رَافَقَ الرَّجُل صَاحَبَهُ: وَقِيل فِي السَّفَرِ خَاصَّةً فَهِيَ أَخَصُّ مِنَ الصُّحْبَةِ (3) .
ب - الصَّدَاقَةُ:
3 - الصَّدَاقَةُ، وَالْمُصَادَقَةُ: الْمُخَالَّةُ: بِمَعْنًى وَاحِدٍ، يُقَال: صَادَقْتُهُ مُصَادَقَةً وَصَدَاقَةً: خَالَلْتُهُ، وَالصَّدَاقَةُ أَخَصُّ مِنَ الصُّحْبَةِ (4) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالصُّحْبَةِ:
مَا تَثْبُتُ بِهِ الصُّحْبَةُ:
4 - اخْتَلَفَ أَهْل الْعِلْمِ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ الصُّحْبَةُ، وَفِي مُسْتَحِقِّ اسْمِ الصُّحْبَةِ. قَال بَعْضُهُمْ: " إِنَّ الصَّحَابِيَّ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ ﷺ مُؤْمِنًا بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الإِْسْلاَمِ " وَقَال ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ: هَذَا أَصَحُّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.
فَيَدْخُل فِيمَنْ لَقِيَهُ: مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ لَهُ، وَمَنْ قَصُرَتْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ، وَمَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ، وَمَنْ غَزَا مَعَهُ، وَمَنْ لَمْ يَغْزُ مَعَهُ، وَمَنْ رَآهُ رُؤْيَةً وَلَوْ مِنْ بَعِيدٍ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ لِعَارِضٍ، كَالْعَمَى.
وَيَخْرُجُ بِقَيْدِ الإِْيمَانِ: مَنْ لَقِيَهُ كَافِرًا وَإِنْ أَسْلَمَ فِيمَا بَعْدُ، إِنْ لَمْ يَجْتَمِعْ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى بَعْدَ الإِْيمَانِ، كَمَا يَخْرُجُ بِقَيْدِ الْمَوْتِ عَلَى الإِْيمَانِ: مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الإِْسْلاَمِ بَعْدَ صُحْبَةِ النَّبِيِّ ﷺ وَمَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ فَلاَ يُعَدُّ صَحَابِيًّا.
وَهَل يُشْتَرَطُ التَّمْيِيزُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ؟ مِنْهُمْ مَنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ. قَال ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي: بَعْدَ أَنْ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ " وَعَمَل مَنْ صَنَّفَ فِي الصَّحَابَةِ يَدُل عَلَى الثَّانِي " أَيْ: عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّمْيِيزِ.
وَقَال بَعْضُهُمْ: لاَ يَسْتَحِقُّ اسْمَ الصُّحْبَةِ، وَلاَ يُعَدُّ فِي الصَّحَابَةِ إِلاَّ مَنْ أَقَامَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ سَنَةً فَصَاعِدًا، أَوْ غَزَا مَعَهُ غَزْوَةً فَصَاعِدًا، حُكِيَ هَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَقَال ابْنُ الصَّلاَحِ: هَذَا إِنْ صَحَّ: طَرِيقَةُ الأُْصُولِيِّينَ (5) .
وَقِيل: يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الصُّحْبَةِ: طُول الاِجْتِمَاعِ وَالرِّوَايَةُ عَنْهُ مَعًا، وَقِيل: يُشْتَرَطُ أَحَدُهُمَا، وَقِيل: يُشْتَرَطُ الْغَزْوُ مَعَهُ، أَوْ مُضِيُّ سَنَةٍ عَلَى الاِجْتِمَاعِ، وَقَال أَصْحَابُ هَذَا الْقَوْل: لأَِنَّ لِصُحْبَةِ النَّبِيِّ ﷺ شَرَفًا عَظِيمًا لاَ يُنَال إِلاَّ بِاجْتِمَاعٍ طَوِيلٍ يَظْهَرُ فِيهِ الْخُلُقُ الْمَطْبُوعُ عَلَيْهِ الشَّخْصُ، كَالْغَزْوِ الْمُشْتَمِل عَلَى السَّفَرِ الَّذِي هُوَ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَالسَّنَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْفُصُول الأَْرْبَعَةِ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهَا الْمِزَاجُ (6) . طُرُقُ إِثْبَاتِ الصُّحْبَةِ:
5 - الصُّحْبَةُ تَثْبُتُ بِطُرُقٍ:
(7) - مِنْهَا: التَّوَاتُرُ بِأَنَّهُ صَحَابِيٌّ.
(8) - ثُمَّ الاِسْتِفَاضَةُ، وَالشُّهْرَةُ، الْقَاصِرَةُ عَنِ التَّوَاتُرِ.
(9) - ثُمَّ بِأَنْ يُرْوَى عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ فُلاَنًا لَهُ صُحْبَةٌ، أَوْ عَنْ أَحَدِ التَّابِعِينَ بِنَاءً عَلَى قَبُول التَّزْكِيَةِ عَنْ وَاحِدٍ.
(10) - ثُمَّ بِأَنْ يَقُول هُوَ إِذَا كَانَ ثَابِتَ الْعَدَالَةِ وَالْمُعَاصَرَةِ - أَنَا صَحَابِيٌّ، أَمَّا الشَّرْطُ الأَْوَّل: وَهُوَ الْعَدَالَةُ فَجَزَمَ بِهِ الآْمِدِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لأَِنَّ قَوْلَهُ: أَنَا صَحَابِيٌّ، قَبْل ثُبُوتِ عَدَالَتِهِ يَلْزَمُ مِنْ قَبُول قَوْلِهِ: إِثْبَاتُ عَدَالَتِهِ، لأَِنَّ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ عُدُولٌ فَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ قَوْل الْقَائِل: أَنَا عَدْلٌ، وَذَلِكَ لاَ يُقْبَل.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمُعَاصَرَةُ فَيُعْتَبَرُ بِمُضِيِّ مِائَةِ سَنَةٍ وَعَشْرِ سِنِينَ مِنْ هِجْرَةِ النَّبِيِّ ﷺ، لِقَوْلِهِ ﷺ فِي آخِرِ عُمْرِهِ لأَِصْحَابِهِ: أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ؟ فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَْرْضِ أَحَدٌ (7) وَزَادَ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْل مَوْتِهِ ﷺ بِشَهْرٍ (12) .
عَدَالَةُ مَنْ ثَبَتَتْ صُحْبَتُهُ:
6 - اتَّفَقَ أَهْل السُّنَّةِ: عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الصَّحَابَةِ عُدُولٌ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلاَّ شُذُوذٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ.
وَهَذِهِ الْخِصِّيصَةُ لِلصَّحَابَةِ بِأَسْرِهِمْ، وَلاَ يُسْأَل عَنْ عَدَالَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، بَل ذَلِكَ أَمْرٌ مَفْرُوغٌ مِنْهُ، لِكَوْنِهِمْ عَلَى الإِْطْلاَقِ مُعَدَّلِينَ بِتَعْدِيل اللَّهِ لَهُمْ وَإِخْبَارِهِ عَنْ طَهَارَتِهِمْ، وَاخْتِيَارِهِ لَهُمْ (13) بِنُصُوصِ الْقُرْآنِ، قَال تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآْيَةَ (14) .
قِيل: اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ الآْيَةَ وَارِدَةٌ فِي أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ.
وَقَال عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (15) وَقَال تَعَالَى: {مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} (16) الآْيَةَ وَفِي نُصُوصِ السُّنَّةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ كَثْرَةٌ، مِنْهَا حَدِيثُ: أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْل أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ (17) .
وَقَال ﷺ: اللَّهَ، اللَّهَ فِي أَصْحَابِي لاَ تَتَّخِذُوهُمْ غَرَضًا بَعْدِي، فَمَنْ أَحَبَّهُمْ فَبِحُبِّي أَحَبَّهُمْ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ فَبِبُغْضِي أَبْغَضَهُمْ، وَمَنْ آذَاهُمْ فَقَدْ أَذَانِي، وَمَنْ أَذَانِي فَقَدْ أَذَى اللَّهَ، وَمَنْ آذَى اللَّهَ فَيُوشِكُ أَنْ يَأْخُذَهُ (18) .
قَال ابْنُ الصَّلاَحِ: ثُمَّ إِنَّ الأُْمَّةَ مُجْمِعَةٌ عَلَى تَعْدِيل جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ لاَبَسَ الْفِتَنَ مِنْهُمْ فَكَذَلِكَ، بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الإِْجْمَاعِ، إِحْسَانًا لِلظَّنِّ بِهِمْ، وَنَظَرًا إِلَى مَا تَمَهَّدَ لَهُمْ مِنَ الْمَآثِرِ، وَكَأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَتَاحَ الإِْجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ نَقَلَةَ الشَّرِيعَةِ (19) .
وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَا يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِتَعْدِيلِهِمْ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ مَعَ تَعْدِيل اللَّهِ وَرَسُولِهِ لَهُمْ إِلَى تَعْدِيل أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ عَنِ الْخَطِيبِ فِي " الْكِفَايَةِ " أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرِدْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فِيهِمْ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ لأََوْجَبَتِ الْحَال الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا مِنَ الْهِجْرَةِ، وَالْجِهَادِ، وَنُصْرَةِ الإِْسْلاَمِ، وَبَذْل الْمُهَجِ وَالأَْمْوَال، وَقَتْل الآْبَاءِ، وَالأَْبْنَاءِ، وَالْمُنَاصَحَةِ فِي الدِّينِ، وَقُوَّةِ الإِْيمَانِ وَالْيَقِينِ: الْقَطْعَ بِتَعْدِيلِهِمْ، وَالاِعْتِقَادَ بِنَزَاهَتِهِمْ، وَأَنَّهُمْ كَافَّةً أَفْضَل مِنْ جَمِيعِ الْخَالِفِينَ بَعْدَهُمْ وَالْمُعَدَّلِينَ الَّذِينَ يَجِيئُونَ مِنْ بَعْدِهِمْ، ثُمَّ قَال: هَذَا مَذْهَبُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَمَنْ يُعْتَمَدُ قَوْلُهُ، وَرَوَى بِسَنَدِهِ إِلَى أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيَّ قَال: " إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُل يَنْتَقِصُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَاعْلَمْ أَنَّهُ زِنْدِيقٌ "، ذَلِكَ أَنَّ الرَّسُول ﷺ حَقٌّ، وَالْقُرْآنَ حَقٌّ، وَمَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ، وَإِنَّمَا أَدَّى إِلَيْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ الصَّحَابَةُ، وَهَؤُلاَءِ يُرِيدُونَ أَنْ يُجَرِّحُوا شُهُودَنَا، لِيُبْطِلُوا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، وَالْجَرْحُ بِهِمْ أَوْلَى، وَهُمْ زَنَادِقَةٌ (20) .
إِنْكَارُ صُحْبَةِ مَنْ ثَبَتَتْ صُحْبَتُهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ:
7 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ - ﵁ - لِرَسُول اللَّهِ ﷺ (21) . لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْذِيبِ قَوْله تَعَالَى: {إِذْ يَقُول لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (22) وَاخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ غَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، كَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ - ﵃ - فَنَصَّ الشَّافِعِيَّةُ: عَلَى أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ سَائِرِ الصَّحَابَةِ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ لاَ يَكْفُرُ بِهَذَا الإِْنْكَارِ. وَهُوَ مَفْهُومُ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْل الْحَنَفِيَّةِ. وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَكْفُرُ لِتَكْذِيبِهِ النَّبِيَّ ﷺ؛ وَلأَِنَّهُ يَعْرِفُهَا الْعَامُّ، وَالْخَاصُّ، وَانْعَقَدَ الإِْجْمَاعُ عَلَى ذَلِكَ، فَنَافِي صُحْبَةِ أَحَدِهِمْ، أَوْ كُلِّهِمْ مُكَذِّبٌ لِلنَّبِيِّ ﷺ (23) .
سَبُّ الصَّحَابَةِ:
8 - مَنْ سَبَّ الصَّحَابَةَ، أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ، فَإِنْ نَسَبَ إِلَيْهِمْ مَا لاَ يَقْدَحُ فِي عَدَالَتِهِمْ، أَوْ فِي دِينِهِمْ بِأَنْ يَصِفَ بَعْضَهُمْ بِبُخْلٍ، أَوْ جُبْنٍ، أَوْ قِلَّةِ عِلْمٍ، أَوْ عَدَمِ الزُّهْدِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَلاَ يَكْفُرُ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ.
أَمَّا إِنْ رَمَاهُمْ بِمَا يَقْدَحُ فِي دِينِهِمْ أَوْ عَدَالَتِهِمْ كَقَذْفِهِمْ: فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ قَذَفَ الصِّدِّيقَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ: عَائِشَةَ - ﵄ - زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، لأَِنَّهُ مُكَذِّبٌ لِنَصِّ الْقُرْآنِ.
أَمَّا بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي تَكْفِيرِ مَنْ سَبَّهُمْ، فَقَال الْجُمْهُورُ: لاَ يَكْفُرُ بِسَبِّ أَحَدِ الصَّحَابَةِ، وَلَوْ عَائِشَةَ بِغَيْرِ مَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ (24) وَيَكْفُرُ بِتَكْفِيرِ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ أَوِ الْقَوْل بِأَنَّ الصَّحَابَةَ ارْتَدُّوا جَمِيعًا بَعْدَ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَوْ أَنَّهُمْ فَسَقَوْا؛ لأَِنَّ ذَلِكَ تَكْذِيبٌ لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الرِّضَا عَنْهُمْ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ مَضْمُونَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ: أَنَّ نَقَلَةَ الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ كُفَّارٌ، أَوْ فَسَقَةٌ، وَأَنَّ هَذِهِ الأُْمَّةَ الَّتِي هِيَ خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ، وَخَيْرُهَا الْقَرْنُ الأَْوَّل كَانَ عَامَّتُهُمْ كُفَّارًا، أَوْ فُسَّاقًا، وَمَضْمُونُ هَذَا: أَنَّ هَذِهِ الأُْمَّةَ شَرُّ الأُْمَمِ، وَأَنَّ سَابِقِيهَا هُمْ أَشْرَارُهَا، وَكُفْرُ مَنْ يَقُول هَذَا مِمَّا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ (25) .
وَجَاءَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: يَجِبُ إِكْفَارُ مَنْ كَفَّرَ عُثْمَانَ، أَوْ عَلِيًّا، أَوْ طَلْحَةَ، أَوْ عَائِشَةَ، وَكَذَا مَنْ يَسُبُّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ يَلْعَنُهُمَا (26) .
__________
(1) الإصابة 1 / 7، فتح الباري 7 / 4، علوم الحديث لابن الصلاح 263، والقاموس المحيط.
(2) حديث قيلة: " خرجت أبتغي الصحابة إلى رسول الله ﷺ. . . ". أورده الهيثمي في المجمع (6 / 11 - ط. القدسي) ضمن حديث طويل وقال: " رواه الطبراني ورجاله ثقات ".
(3) لسان العرب.
(4) المصدر السابق
(5) الإصابة 1 / 7، فتح الباري 7 / 4، علوم الحديث لابن الصلاح 263.
(6) حاشية العطار على جمع الجوامع 2 / 196.
(7) علوم الحديث لابن الصلاح 264، الإصابة 1 / 8 - 9 وحديث: " أريتكم ليلتكم هذه. . . ". أخرجه البخاري (الفتح / 1 / 211 - ط. السلفية) ومسلم (4 / 1965 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر واللفظ لمسلم.
(8)
(9)
(10)
(11) علوم الحديث لابن الصلاح 264، الإصابة 1 / 8 - 9 وحديث: " أريتكم ليلتكم هذه. . . ". أخرجه البخاري (الفتح / 1 / 211 - ط. السلفية) ومسلم (4 / 1965 - ط الحلبي) من حديث ابن عمر واللفظ لمسلم.
(12) حديث جابر أخرجه مسلم (4 / 1966) .
(13) الإصابة 1 / 9 - 10، علوم الحديث 264.
(14) سورة آل عمران / 110.
(15) سورة البقرة / 143.
(16) سورة الفتح / 29.
(17) حديث: " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده. . . " أخرجه البخاري (الفتح 7 / 21 - ط. السلفية) ومسلم (4 / 1967 - ط. الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري، واللفظ لمسلم.
(18) حديث: " الله الله في أصحابي. . . " أخرجه الترمذي (5 / 696 - ط. الحلبي) من حديث أبي سعيد الخدري، وقال: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه " وذكر هذا الحديث الذهبي من مناكير راويه عن أبي سعيد في الميزان (4 / 564 - ط. الحلبي) .
(19) التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح للعراقي (301) .
(20) الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي 46 - 49، وعلوم الحديث 264، الإصابة 1 / 17 و 18.
(21) حاشية ابن عابدين 1 / 377، وشرح الزرقاني 8 / 74، نهاية المحتاج 7 / 419، مطالب أولي النهى 6 / 287.
(22) سورة التوبة / 40.
(23) أسنى المطالب 4 / 118، وحاشية الدسوقي 4 / 303، وكشاف القناع 6 / 172.
(24) نهاية المحتاج 7 / 419، شرح الزرقاني 8 / 74، فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية 6 / 318، 319.
(25) مطالب أولي النهى 6 / 282.
(26) فتاوى قاضيخان بهامش الفتاوى الهندية 6 / 318 - 319، مطالب أولي النهى 6 / 287.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 312/ 26