المجيد
كلمة (المجيد) في اللغة صيغة مبالغة من المجد، ومعناه لغةً: كرم...
الصوت الخارج من الفم بسبب أمر عَجَبٍ، بحيث يسمعه صاحبه لا جيرانه . ومن أمثلته بطلان الصلاة بضحك المصلي . ومن شواهده عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ يَوْمًا، فَجَاءَ رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ، فَوَقَعَ فِي رَكِيَّةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَضَحِكَ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - قَالَ : "مَنْ ضَحِكَ، فَلْيُعِدْ وُضُوءَهُ، ثُمَّ لْيُعِدْ صَلَاتَهُ ". عبد الرزاق :3760، وهو مرسل .
التَّعْرِيفُ:
1 - الضَّحِكُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ ضَحِكَ بِكَسْرِ الْحَاءِ، وَالضَّحِكُ: انْبِسَاطُ الْوَجْهِ وَبُدُوُّ الأَْسْنَانِ مِنَ السُّرُورِ (1) ، وَالتَّبَسُّمُ مَبَادِئُ الضَّحِكِ، وَيُسْتَعْمَل فِي السُّرُورِ الْمُجَرَّدِ، نَحْوَ قَوْله تَعَالَى: {وُجُوهٌ يَوْمئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} (2) ، وَاسْتُعْمِل لِلتَّعَجُّبِ الْمُجَرَّدِ (3) .
وَلاَ يَخْرُجُ التَّعْرِيفُ الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ التَّعْرِيفِ اللُّغَوِيِّ، وَقَدْ حَدَّهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: بِأَنَّهُ مَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ لاَ لِجِيرَانِهِ (4)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْقَهْقَهَةُ:
2 - فِي اللُّغَةِ: قَهْقَهَ: أَيْ رَجَّعَ فِي ضَحِكِهِ، أَوِ اشْتَدَّ ضَحِكُهُ (5) . وَحَدَّهُ الْجُرْجَانِيُّ: بِمَا يَكُونُ مَسْمُوعًا لَهُ وَلِجِيرَانِهِ (6) .
ب - التَّبَسُّمُ:
3 - هُوَ مَا عَرَى عَنِ الصَّوْتِ، وَهُوَ مَبَادِئُ الضَّحِكِ، وَتَبْدُو فِيهِ الأَْسْنَانُ فَقَطْ (7) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - الضَّحِكُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ تَبَسُّمًا أَوْ قَهْقَهَةً، وَالأَْصْل فِيهِ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ تَبَسُّمًا جَازَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، بَل كَانَ مِنْ فِعْلِهِ ﷺ وَقَدْ حَثَّ عَلَيْهِ ﷺ فَقَدْ وَرَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ ﵁ أَنَّهُ قَال: مَا كَانَ ضَحِكُ رَسُول اللَّهِ - ﷺ - إِلاَّ تَبَسُّمًا (8) وَقَال الرَّسُول ﷺ: تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ (9) وَأَمَّا الضَّحِكُ قَهْقَهَةً فَقَدْ كَرِهَهُ الْفُقَهَاءُ وَنَهَوْا عَنْ كَثْرَتِهِ، فَقَدْ قَال ﷺ: لاَ تُكْثِرُوا الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ (10) وَقَال ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ: ضَحِكُ الْمُؤْمِنِ مِنْ غَفْلَتِهِ - يَعْنِي: غَفْلَتَهُ عَنْ أَمْرِ الآْخِرَةِ - وَلَوْلاَ غَفْلَتُهُ لَمَا ضَحِكَ (11) .
الضَّحِكُ دَاخِل الصَّلاَةِ
5 - الضَّحِكُ بِصَوْتٍ يُفْسِدُ الصَّلاَةَ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ إِنْ ظَهَرَ حَرْفَانِ فَأَكْثَرُ، أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ مِنَ الْمُصَلِّي، فَالْبُطْلاَنُ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْكَلاَمِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهِ، وَالْكَلاَمُ فِي الصَّلاَةِ مُبْطِلٌ لَهَا (12) .
وَالْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهَا لاَ تَبْطُل بِذَلِكَ مُطْلَقًا، لِكَوْنِهِ لاَ يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ كَلاَمًا، وَلاَ يَتَبَيَّنُ مِنْهُ حَرْفٌ مُحَقَّقٌ، فَكَانَ شَبِيهًا بِالصَّوْتِ الْغُفْل (13) .
أَمَّا الضَّحِكُ بِغَيْرِ صَوْتٍ وَهُوَ التَّبَسُّمُ، فَلاَ تَفْسُدُ الصَّلاَةُ بِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ لأَِنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِيهَا كَلاَمٌ (14) ، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ ﵁ قَال: بَيْنَمَا كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ إِذْ تَبَسَّمَ فِي صَلاَتِهِ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاَةَ، قُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ رَأَيْنَاكَ تَبَسَّمْتَ. قَال: مَرَّ بِي مِيكَائِيل وَعَلَى جَنَاحِهِ أَثَرُ غُبَارٍ وَهُوَ رَاجِعٌ مِنْ طَلَبِ الْقَوْمِ، فَضَحِكَ إِلَيَّ، فَتَبَسَّمْتُ إِلَيْهِ (1) .
وَقَدْ قَسَّمَ الأَْقْفَهْسِيُّ، مِنَ الْمَالِكِيَّةِ الضَّحِكَ إِلَى وَجْهَيْنِ: بِغَيْرِ صَوْتٍ وَهُوَ التَّبَسُّمُ، وَبِصَوْتٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْل الرِّسَالَةِ: وَمَنْ ضَحِكَ فِي الصَّلاَةِ أَعَادَهَا وَلَمْ يُعِدِ الْوُضُوءَ. وَقَال أَصْبَغُ كَذَلِكَ: لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ فِي التَّبَسُّمِ، إِلاَّ الْفَاحِشُ مِنْهُ شَبِيهٌ بِالضَّحِكِ، فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يُعِيدَ فِي عَمْدِهِ، وَيَسْجُدَ فِي سَهْوِهِ (2) .
__________
(1) المغرب للمطرزي (ص: 28) ط. دار الكتاب العربي.
(2) سورة عبس / 38، 39.
(3) تاج العروس 7 / 155 ط. دار البيان. بنغازي.
(4) التعريفات ص 179 ط دار الكتاب العربي.
(5) ترتيب القاموس المحيط 4 / 708 ط. الدار العربية للكتاب.
(6) التعريفات للجرجاني (ص 230) ط دار الكتاب العربي.
(7) رد المحتار على الدر المختار 1 / 98.
(8) حديث: " ما كان ضحك رسول الله ﷺ إلا تبسما ". أخرجه الترمذي (5 / 601) وقال: (حديث صحيح غريب) .
(9) حديث: " تبسمك في وجه أخيك لك صدقة ". أخرجه الترمذي (4 / 340) وقال: حديث حسن غريب.
(10) حديث: " لا تكثروا الضحك، فإن كثرة الضحك تميت القلب ". أخرجه ابن ماجه (2 / 1403) من حديث أبي هريرة، وصحح إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (2 / 336) .
(11) تنبيه الغافلين للسمرقنيدي (1 / 216 ط. دار الشروق) .
(12) ابن عابدين 1 / 97 - 98 ط. بولاق. مواهب الجليل 2 / 34، نهاية المحتاج 2 / 34، المغني 2 / 51.
(13) نهاية المحتاج 2 / 34، والمغني 2 / 51.
(14) رد المحتار على الدر المختار 1 / 98، مواهب الجليل 2 / 33، نهاية المحتاج 2 / 34.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 173/ 28