الخالق
كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...
فوز الإنسان على غيره، واسترداده حقاً له منه . ومن أمثلته يُشْرَعُ للإنسان الظَّفَرُ بحقه المالي عند من أخذه بغير حق وجحده، وَلاَ يُشْتَرَطُ الرَّفْعُ إِلَى الْقَضَاءِ إذا لم يترتب على ذلك فتنة، أو مفسدة أعظم . ومن شواهده قوله جَلَّ جَلَالُهُ : ﭽﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖﭼالبقرة :١٩٤، وحديث عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها - قَالَتْ : جَاءَتْ هِنْدُ -امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ - إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَقَالَتْ : إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أُصِيبَ مِنْ مَالِهِ، فَأُنْفِقَ عَلَيَّ، وَعَلَى وَلَدِي؟ فقَالَ لَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "لَا حَرَجَ عَلَيْكِ أَنْ تَأْخُذِي مِنْ مَالِ أَبِي سُفْيَانَ، فَتُنْفِقِيهِ عليك، وعلى ولدك بالمعروف ." ابن حبان :4258.
فوز الإنسان على غيره، واسترداده حقاً له منه.
التَّعْرِيفُ:
1 - الظَّفَرُ بِفَتْحِ الظَّاءِ فِي اللُّغَةِ الْفَوْزُ بِالْمَطْلُوبِ، وَقَال اللَّيْثُ: الظَّفَرُ الْفَوْزُ بِمَا طَلَبْتَ وَالْفَلْحُ عَلَى مَنْ خَاصَمْتَ، فَيَكُونُ مَعْنَى الظَّفَرِ بِالْحَقِّ فِي اللُّغَةِ فَوْزُ الإِْنْسَانِ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ، قَال فِي الْمِصْبَاحِ: وَيُقَال لِمَنْ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ غَرِيمِهِ فَازَ بِمَا أَخَذَ، أَيْ سُلِّمَ لَهُ وَاخْتَصَّ بِهِ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الاِسْتِيفَاءُ:
2 - الاِسْتِيفَاءُ مَصْدَرُ اسْتَوْفَى، وَهُوَ أَخْذُ الْمُسْتَحِقِّ حَقَّهُ كَامِلاً (2) .
وَقَدْ يَكُونُ بِرِضَى مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ، وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ رِضَاهُ، كَمَا قَدْ يَكُونُ بِنَاءً عَلَى حُكْمٍ قَضَائِيٍّ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، فَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الظَّفَرِ بِالْحَقِّ. ب - الاِسْتِيلاَءُ:
3 - الاِسْتِيلاَءُ لُغَةً وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ وَالْغَلَبَةُ عَلَيْهِ وَالتَّمَكُّنُ مِنْهُ (3) .
وَلاَ يَخْرُجُ فِي الاِصْطِلاَحِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى (4) .
وَيَخْتَلِفُ عَنِ الظَّفَرِ بِالْحَقِّ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالأَْعْيَانِ الْمَادِّيَّةِ، وَالظَّفَرُ يَقَعُ عَلَى الْحُقُوقِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مَحَلُّهَا عَيْنًا أَمْ لاَ، كَمَا يَخْتَلِفُ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِحَقٍّ، وَقَدْ لاَ يَكُونُ بِحَقٍّ، بَيْنَمَا الظَّفَرُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِحَقٍّ.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
يَخْتَلِفُ حُكْمُ الظَّفَرِ بِالْحَقِّ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ بِاخْتِلاَفِ الْحُقُوقِ، فَيَحْرُمُ فِي بَعْضِهَا، وَيَجُوزُ فِي بَعْضِهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي بَعْضِهَا.
أَوَّلاً: مَا يَحْرُمُ فِيهِ الظَّفَرُ:
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى تَحْرِيمِ الظَّفَرِ بِالْحَقِّ - مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ - فِي الْمَوَاضِعِ التَّالِيَةِ:
أ - تَحْصِيل الْعُقُوبَاتِ:
4 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الأَْصْل فِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَاتِ مِنْ قِصَاصٍ وَحُدُودٍ وَتَعْزِيرٍ أَنْ يَكُونَ عَنْ طَرِيقِ الْقَضَاءِ (5) لأَِنَّ هَذِهِ الأُْمُورَ عَظِيمَةُ الْخَطَرِ، حَيْثُ إِنَّهَا تُوقَعُ عَلَى النَّفْسِ، وَالْفَائِتُ فِيهَا لاَ يُسْتَدْرَكُ، فَوَجَبَ الاِحْتِيَاطُ فِي إِثْبَاتِهَا وَاسْتِيفَائِهَا (6) ، وَذَلِكَ لاَ يَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِالرَّفْعِ إِلَى الْحَاكِمِ، لِيَنْظُرَ فِيهَا وَفِي أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا، وَالاِحْتِيَاطُ فِيهَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَقِّ، الَّذِي يَنْقَادُ فِي الْغَالِبِ لِعَاطِفَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ مِنَ الْوَسَائِل اللاَّزِمَةِ لِلتَّحَرِّي مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِمَا وُضِعَ تَحْتَ يَدَيْهِ مِمَّا يُمْكِنُهُ مِنْ تَقَصِّي الْوَاقِعِ وَكَشْفِ الْحَقَائِقِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ جُعِل لِلنَّاسِ اسْتِيفَاءُ مَا لَهُمْ مِنْ عُقُوبَاتٍ لَكَانَ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إِلَى تَعَدِّي بَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ ادِّعَاؤُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَسْتَوْفُونَ حُقُوقَهُمْ، فَيَكُونُ هَذَا سَبَبًا فِي تَحْرِيكِ الْفِتْنَةِ (7) ، وَلأَِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعُقُوبَاتِ لاَ يَنْضَبِطُ إِلاَّ بِحَضْرَةِ الإِْمَامِ، سَوَاءٌ فِي شِدَّةِ إِيلاَمِهَا كَالْجَلْدِ، أَوْ فِي قَدْرِهَا كَالتَّعْزِيرِ (8) .
وَاسْتَثْنَى فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ مِمَّا تَقَدَّمَ حَالَةَ عَجْزِ صَاحِبِ الْحَقِّ فِي الْعُقُوبَةِ عَنْ تَحْصِيلِهَا بِوَاسِطَةِ الْحَاكِمِ، بِسَبَبِ الْبُعْدِ عَنْهُ، فَأَجَازُوا لِمَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ أَوْ قِصَاصٌ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ السُّلْطَانِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، لِلضَّرُورَةِ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ يُحْتَمَل ضَيَاعُهُ إِذَا لَمْ يَسْتَوْفِهِ صَاحِبُهُ فِي مِثْل هَذِهِ الْحَالَةِ، وَنَقَل الشِّرْوَانِيُّ عَنِ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلاَمِ أَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ - أَيْ بِالْقَوَدِ - بِحَيْثُ لاَ يَرَى، فَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يُمْنَعَ مِنْهُ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا عَجَزَ عَنْ إِثْبَاتِهِ (9) .
وَكَذَلِكَ قَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: يَجُوزُ لِلْمَشْتُومِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الشَّاتِمِ بِمِثْل قَوْلِهِ، وَالأَْفْضَل لَهُ أَنْ لاَ يَفْعَل (10) ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ، لأَِنَّ الْمَعْصِيَةَ لاَ تُقَابَل بِمِثْلِهَا، وَإِلَى مِثْل هَذَا ذَهَبَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (11) .
حَيْثُ قَال: الاِعْتِدَاءُ هُوَ التَّجَاوُزُ، قَال تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (12) أَيْ: يَتَجَاوَزُ، وَمَنْ ظَلَمَكَ فَخُذْ حَقَّكَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِكَ، وَمَنْ شَتَمَكَ فَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْل قَوْلِهِ، وَلاَ تَتَعَدَّ إِلَى أَبَوَيْهِ، وَلاَ إِلَى ابْنِهِ أَوْ قَرِيبِهِ، وَلَيْسَ لَك أَنْ تَكْذِبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَبَ عَلَيْكَ، فَإِنَّ الْمَعْصِيَةَ لاَ تُقَابَل بِالْمَعْصِيَةِ (13) .
وَلَكِنْ قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: لاَ يَجُوزُ لِمَنْ ضُرِبَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَنْ يَضْرِبَ مَنْ ضَرَبَهُ، وَلَوْ فَعَل يُعَزَّرُ الاِثْنَانِ، وَيَبْدَأُ بِإِقَامَةِ التَّعْزِيرِ عَلَى الْبَادِئِ، لأَِنَّهُ أَظْلَمُ، وَالْوُجُوبُ عَلَيْهِ أَسْبَقُ (14) .
ب - تَحْصِيل الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّكَاحِ:
5 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ اسْتِيفَاءِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالنِّكَاحِ وَاللِّعَانِ وَالإِْيلاَءِ وَالطَّلاَقِ بِالإِْعْسَارِ وَالإِْضْرَارِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْقَضَاءِ؛ لأَِنَّ هَذِهِ أُمُورٌ خَطِيرَةٌ، فَيَجِبُ الاِحْتِيَاطُ فِي إِثْبَاتِهَا وَتَحْصِيلِهَا، وَلأَِنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى الاِجْتِهَادِ وَالتَّحَرِّي فِي تَحْقِيقِ أَسْبَابِهَا، وَكُل ذَلِكَ يَخْتَصُّ بِهِ الْحَاكِمُ (15) .
ج - مَا يُؤَدِّي تَحْصِيلُهُ مِنَ الْحُقُوقِ إِلَى فِتْنَةٍ:
6 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فِتْنَةٌ أَوْ مَفْسَدَةٌ تَزِيدُ عَلَى مَفْسَدَةِ ضَيَاعِ الْحَقِّ، كَفَسَادِ عُضْوٍ أَوْ عِرْضٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَنَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ ظَفِرَ بِالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ أَوِ الْمُشْتَرَاةِ أَوِ الْمَوْرُوثَةِ وَخَافَ مِنْ أَخْذِهَا بِنَفْسِهِ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى السَّرِقَةِ فَلاَ يَأْخُذُهَا إِلاَّ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ (16) .
وَقَال بَعْضُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ: إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَخْذُ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ إِلَى الْحَاكِمِ إِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إِرْعَابُ الْمُسْلِمِ وَتَرْوِيعُهُ، فَلاَ يَجُوزُ لِمُسْتَحِقِّ الْعَيْنِ أَخْذُهَا إِذَا كَانَتْ مُودَعَةً عِنْدَ آخَرَ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَرْوِيعِ الْمُودَعِ عِنْدَهُ بِظَنِّ ضَيَاعِ الْوَدِيعَةِ (17) .
د - تَحْصِيل الدَّيْنِ الْمَبْذُول:
7 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَحْصِيل الدُّيُونِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إِذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بَاذِلاً لَهُ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ عَنْ أَدَائِهِ (18) ،، وَسَيَأْتِي تَفْصِيل ذَلِكَ.
ثَانِيًا - مَا يُشْرَعُ فِيهِ الظَّفَرُ بِالْحَقِّ:
ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ يُشْرَعُ الظَّفَرُ بِالْحَقِّ، وَلاَ يُشْتَرَطُ الرَّفْعُ إِلَى الْقَضَاءِ فِي الْمَوَاضِعِ التَّالِيَةِ: أ - تَحْصِيل الأَْعْيَانِ الْمُسْتَحَقَّةِ:
8 - يَجُوزُ تَحْصِيل الأَْعْيَانِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ، حَيْثُ أَجَازَ الْفُقَهَاءُ اسْتِرْدَادَهَا مِنَ الْغَاصِبِ قَهْرًا (19) ، وَمِثْل ذَلِكَ كُل عَيْنٍ مُسْتَحَقَّةٍ بِأَيِّ سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الاِسْتِحْقَاقِ، فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا دُونَ قَضَاءٍ، فَمَنْ وَجَدَ عَيْنَ سِلْعَتِهِ الَّتِي اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا أَوْ أَوْصَى بِهَا لَهُ فَلَهُ أَخْذُهَا وَلاَ يُشْتَرَطُ الرَّفْعُ إِلَى الْحَاكِمِ (20) .
وَذَكَرَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَوْ غَابَ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُسَلِّمِ الْمِفْتَاحَ إِلَى الْمُؤَجِّرِ، فَلَهُ أَنْ يَتَّخِذَ مِفْتَاحًا آخَرَ وَيَفْتَحَ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَيَسْكُنَ فِيهَا أَوْ يُؤَجِّرَهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَأَمَّا الْمَتَاعُ فَيُرَحِّلُهُ فِي نَاحِيَةٍ إِلَى حِينِ حُضُورِ صَاحِبِهِ، وَلاَ يَتَوَقَّفُ الْفَتْحُ عَلَى إِذْنِ الْقَاضِي (21) .
كَمَا ذَكَرَ فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ لِلشَّخْصِ تَحْصِيل مَنَافِعِهِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ، فَجَعَلُوا لِلْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَخْذُ الأَْعْيَانِ الَّتِي تَعَلَّقَتْ مَنَافِعُهُمْ بِهَا مِنْ أَجْل تَحْصِيل هَذِهِ الْمَنَافِعِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ دَعْوَى وَلاَ قَضَاءٌ (22) .
وَيُشْتَرَطُ فِي تَحْصِيل الأَْعْيَانِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ أَنْ لاَ يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إِلَى تَحْرِيكِ فِتْنَةٍ أَوْ مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ مِنْ مَفْسَدَةِ ضَيَاعِ الْحَقِّ، وَأَضَافَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ شَرْطًا آخَرَ لِذَلِكَ، وَهُوَ أَنْ لاَ يَكُونَ قَدْ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ حَقٌّ لِشَخْصٍ آخَرَ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِيَ شَخْصٌ عَيْنًا مِنْ آخَرَ كَانَ قَدْ أَجَّرَهَا أَوْ رَهَنَهَا فَلَيْسَ لَهُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الشَّرْطِ أَنْ يَأْخُذَهَا قَهْرًا، لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِ الْبَائِعِ بِهَا (23) .
وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا الشَّرْطَ، فَأَجَازَ أَخْذَهَا، وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لِشَخْصٍ آخَرَ (24) .
ب - تَحْصِيل نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالأَْوْلاَدِ:
9 - يَجُوزُ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَال زَوْجِهَا مَا يَكْفِيهَا وَيَكْفِي أَوْلاَدَهَا مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ وَلاَ إِذْنِ الْحَاكِمِ (25) ، وَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: دَخَلَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ فَقَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ، إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ لاَ يُعْطِينِي مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إِلاَّ مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَل عَلَيَّ فِي ذَلِكَ جُنَاحٌ؟ فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ (26) فَجَعَل لَهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ الْحَقَّ فِي أَخْذِ نَفَقَتِهَا وَنَفَقَةِ وَلَدِهَا مِنْ مَال زَوْجِهَا (27) .
ثَالِثًا - مَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الظَّفَرِ بِهِ مِنَ الْحُقُوقِ:
10 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الظَّفَرِ بِالْحُقُوقِ الْمُتَرَتِّبَةِ فِي الذِّمَّةِ: فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهُ. فَأَجَازَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ تَحْصِيل الْحُقُوقِ بِغَيْرِ دَعْوَى وَلاَ حُكْمٍ فِي حَالاَتٍ مُعَيَّنَةٍ وَبِشُرُوطٍ خَاصَّةٍ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَالأَْصْل عِنْدَهُمُ اشْتِرَاطُ إِذْنِ الْحَاكِمِ فِي كُل مَرَّةٍ يُرِيدُ صَاحِبُ الْحَقِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمَدِينِ، وَلَهُمْ عَلَى هَذَا الأَْصْل اسْتِثْنَاءَاتٌ. وَفِيمَا يَلِي تَفْصِيل ذَلِكَ:
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ:
11 - ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ، وَلَمْ يُوفِهِ إِيَّاهُ بِرِضَاهُ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ دَيْنِهِ مِنْ مَال الْغَرِيمِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَال مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ، وَأَنْ يَكُونَ بِنَفْسِ صِفَتِهِ، وَلاَ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ دَرَاهِمِ غَرِيمِهِ بِقَدْرِ حَقِّهِ إِنْ كَانَ حَقُّهُ دَنَانِيرَ، وَلاَ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ غَرِيمِهِ، وَلاَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَةً مِنْ مَنَافِعِهِ مُقَابِل تِلْكَ الدَّنَانِيرِ الَّتِي لَهُ، وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الصَّحِيحَ مُقَابِل الْمُنْكَسِرِ، بَل يَأْخُذُ مِثْل مَالِهِ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ أَيْضًا (28) .
وَيُرْوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ الرَّازِيِّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ رَأَى جَوَازَ أَخْذِ الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ اسْتِحْسَانًا. وَظَاهِرُ قَوْلِهِمْ أَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ أَنْ يَأْخُذَ جِنْسَ حَقِّهِ مِنَ الْمَدِينِ مُقِرًّا كَانَ أَوْ مُنْكِرًا، وَسَوَاءٌ أَكَانَ لِلدَّائِنِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ، كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَصَّل إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ بِنَحْوِ كَسْرِ الْبَابِ وَثَقْبِ الْجِدَارِ، بِشَرْطِ أَنْ لاَ تَكُونَ هُنَاكَ وَسِيلَةٌ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَنْ لاَ يُمْكِنَ تَحْصِيل الْحَقِّ بِوَاسِطَةِ الْقَضَاءِ (29) .
قَال ابْنُ نُجَيْمٍ: إِذَا ظَفِرَ بِمَال مَدْيُونِ مَدْيُونِهِ وَالْجِنْسُ وَاحِدٌ فِيهِمَا يَنْبَغِي أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مِقْدَارَ حَقِّهِ (30) .
ثُمَّ إِذَا أَخَذَ الدَّائِنُ مِنْ مَال مَدِينِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ، وَبِغَيْرِ إِذْنِهِ وَبِغَيْرِ قَضَاءٍ، فَتَلِفَ فِي يَدِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا أَخَذَ ضَمَانَ الرَّهْنِ (31) .
مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ:
12 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى غَيْرِهِ، وَكَانَ مُمْتَنِعًا عَنْ أَدَائِهِ، فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال الْمَدِينِ قَدْرَ حَقِّهِ، إِذَا كَانَ هَذَا الْمَال مِنْ جِنْسِ حَقِّ الدَّائِنِ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ (32) . وَهُنَاكَ أَقْوَالٌ أُخْرَى فِي الْمَذْهَبِ، مِنْهَا: أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال الْغَرِيمِ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ، وَمِنْهَا: أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِقْدَارَ حَقِّهِ مِنْ مَال غَرِيمِهِ مِنَ الْجِنْسِ أَوْ غَيْرِهِ، بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَكُونَ الْمَال الْمَأْخُوذُ وَدِيعَةً عِنْدَ الآْخِذِ، لِقَوْل الرَّسُول ﷺ: أَدِّ الأَْمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ (33) وَقَدْ ذُكِرَ فِي مِنَحِ الْجَلِيل أَنَّ هَذَا الْقَوْل ضَعِيفٌ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ، وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ جَوَازُ أَخْذِ الْحَقِّ مِنَ الْوَدِيعَةِ (34) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ جَوَازَ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْ مَال الْغَرِيمِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْقَاضِي يُشْتَرَطُ لَهُ أَنْ لاَ يَقْدِرَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ بِطَرِيقِ الشَّرْعِ الظَّاهِرِ، وَذَلِكَ بِأَنْ لاَ يَكُونَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ مُنْكِرًا (35) .
وَأَضَافَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ: إِنَّ جَوَازَ أَخْذِ الْحَقِّ بِدُونِ رَفْعٍ إِلَى الْقَاضِي مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مُجْمَعًا عَلَى ثُبُوتِهِ، وَأَنْ يَتَعَيَّنَ فِيهِ بِحَيْثُ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى الاِجْتِهَادِ وَالتَّحْرِيرِ فِي تَحْقِيقِ سَبَبِهِ وَمِقْدَارِ مُسَبَّبِهِ، وَأَنْ لاَ يُؤَدِّيَ أَخْذُهُ إِلَى فِتْنَةٍ وَشَحْنَاءَ، وَأَنْ لاَ يُؤَدِّيَ إِلَى فَسَادِ عِرْضٍ أَوْ عُضْوٍ (36) .
وَاسْتَدَل الْمَالِكِيَّةُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ مَذْهَبِهِمْ بِمَا يَلِي:
أ - قَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (37) وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ فَأَنْكَرَهُ وَامْتَنَعَ عَنْ بَذْلِهِ فَقَدِ اعْتَدَى، فَيَجُوزُ أَخْذُ الْحَقِّ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَبِغَيْرِ حُكْمِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ الشَّارِعَ قَدْ أَذِنَ بِذَلِكَ.
ب - حَدِيثُ هِنْدٍ زَوْجَةِ أَبِي سُفْيَانَ، حَيْثُ أَجَازَ لَهَا رَسُول اللَّهِ ﷺ أَخْذَ مَا يَكْفِيهَا وَيَكْفِي بَنِيهَا بِالْمَعْرُوفِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، وَبِدُونِ رَفْعٍ إِلَى الْحَاكِمِ (38) ، وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا مِنْهُ ﵊ تَشْرِيعٌ عَامٌّ يُجِيزُ لِكُل ذِي حَقٍّ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ غَرِيمِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ إِذَا امْتَنَعَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ مِنْ أَدَائِهِ، لأَِنَّهُ ﵊ قَال مَا قَالَهُ لِهِنْدٍ عَلَى سَبِيل الْفُتْيَا وَالتَّشْرِيعِ، وَلَيْسَ عَلَى سَبِيل الْقَضَاءِ (39) .
ج - قَوْل رَسُول اللَّهِ ﷺ: انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا (40) ، وَإِنَّ أَخْذَ الْحَقِّ مِنَ الظَّالِمِ نَصْرٌ لَهُ (41)
مَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ:
13 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ مَا يَسْتَحِقُّهُ الشَّخْصُ عَلَى غَيْرِهِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنًا، وَالدَّيْنُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنَ الأَْدَاءِ أَوْ لاَ، وَكَذَلِكَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَلَى مُنْكِرٍ أَوْ عَلَى مُقِرٍّ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ مَعَ الدَّائِنِ بَيِّنَةٌ أَوْ لاَ، وَفِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي.
أَوَّلاً - إِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ عَيْنًا:
14 - قَال الشَّافِعِيَّةُ إِذَا اسْتَحَقَّ شَخْصٌ عَيْنًا تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ فَلَهُ أَوْ وَلِيِّهِ - إِنْ لَمْ يَكُنْ كَامِل الأَْهْلِيَّةِ - أَخْذُ الْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ بِلاَ رَفْعٍ لِلْقَاضِي وَبِلاَ عِلْمِ مَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ لِلضَّرُورَةِ إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ أَخْذِهَا فِتْنَةً أَوْ ضَرَرًا، وَإِلاَّ رَفَعَ الأَْمْرَ إِلَى قَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ لَهُ إِلْزَامُ الْحُقُوقِ كَمُحْتَسِبٍ وَأَمِيرٍ لاَ سِيَّمَا إِنْ عَلِمَ أَنَّ الْحَقَّ لاَ يَتَخَلَّصُ إِلاَّ عِنْدَهُ. ثَانِيًا - إِذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ دَيْنًا عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنَ الأَْدَاءِ:
15 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ دَيْنًا حَالًّا عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنَ الأَْدَاءِ طَالَبَهُ بِهِ لِيُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ وَلاَ يَحِل أَخْذُ شَيْءٍ لِلْمَدِينِ لأَِنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الدَّفْعِ مِنْ أَيِّ مَالٍ شَاءَ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ مَالٍ مُعَيَّنٍ لَهُ جَبْرًا عَنْهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ، فَإِنْ تَلِفَ عِنْدَهُ ضَمِنَهُ.
ثَالِثًا - إِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى مُنْكِرٍ وَلاَ بَيِّنَةَ:
16 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنِ اسْتَحَقَّ دَيْنًا عَلَى مُنْكِرٍ لَهُ وَلاَ بَيِّنَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ لِلدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ جِنْسِ حَقِّهِ مِنْ مَال الْمَدِينِ أَوْ مِنْ مَال مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إِنْ ظَفِرَ بِهِ اسْتِقْلاَلاً؛ لِعَجْزِهِ عَنْ أَخْذِهِ إِلاَّ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ أَخْذُ غَيْرِ جِنْسِهِ إِنْ فُقِدَ جِنْسُ حَقِّهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ، وَفِي قَوْلٍ يَمْتَنِعُ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمَلُّكِهِ.
رَابِعًا - إِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى مُقِرٍّ مُمْتَنِعٍ أَوْ عَلَى مُنْكِرٍ وَلَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ:
17 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ دَيْنًا عَلَى مُقِرٍّ مُمْتَنِعٍ مِنَ الأَْدَاءِ أَوْ عَلَى مُنْكِرٍ وَلِلدَّائِنِعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ اسْتِقْلاَلاً مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الدَّيْنِ إِنْ وَجَدَهُ وَمِنْ غَيْرِهِ إِنْ فَقَدَهُ عَلَى الأَْصَحِّ فِي الصُّورَتَيْنِ.
وَقِيل يُرْفَعُ الأَْمْرُ فِيهِمَا إِلَى قَاضٍ كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ تَخْلِيصُ الْحَقِّ بِالْمُطَالَبَةِ وَالتَّقَاضِي.
خَامِسًا - إِذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ دَيْنًا لِلَّهِ تَعَالَى:
18 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ دَيْنًا لِلَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ إِذَا امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ أَدَائِهَا وَظَفِرَ الْمُسْتَحِقُّ بِجِنْسِهَا مِنْ مَال الْمَالِكِ فَلَيْسَ لَهُ الأَْخْذُ.
سَادِسًا - كَسْرُ الْبَابِ وَنَحْوِهِ لِلْوُصُول إِلَى الْمُسْتَحَقِّ:
19 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِذَا جَازَ لِلْمُسْتَحِقِّ الأَْخْذُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِقَاضٍ فَلَهُ حِينَئِذٍ كَسْرُ بَابٍ وَنَقْبُ جِدَارٍ لاَ يَصِل إِلَى الْمُسْتَحَقِّ إِلاَّ بِهِ، لأَِنَّ مَنِ اسْتَحَقَّ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْوُصُول إِلَيْهِ وَلاَ يَضْمَنُ مَا فَوَّتَهُ كَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى دَفْعِ الصَّائِل إِلاَّ بِإِتْلاَفِ مَالِهِ فَأَتْلَفَهُ لاَ يَضْمَنُ، وَأَضَافُوا: مَحَل ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْحِرْزُ لِلدَّيْنِ، وَغَيْرُ مَرْهُونٍ، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ وَأَلاَّ يَكُونَ مَحْجُوزًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ، وَأَلاَّ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ، وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الْكَسْرِ وَنَحْوِهِ بِأَنْ لاَ يُوَكِّل غَيْرَهُ فَإِنْ فَعَل ضَمِنَ.سَابِعًا - تَمَلُّكُ مَا يَظْفَرُ بِهِ صَاحِبُ الْحَقِّ:
20 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ ظَفَرًا بِحَقِّهِ إِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْحَقِّ يَتَمَلَّكُهُ بَدَلاً عَنْ حَقِّهِ، أَمَّا الْمَأْخُوذُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحَقِّ أَوْ أَعْلَى مِنْ صِفَتِهِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ لِلْحَاجَةِ، وَقِيل يَجِبُ رَفْعُهُ إِلَى قَاضٍ يَبِيعُهُ، لأَِنَّهُ لاَ يَتَصَرَّفُ فِي مَال غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ، وَقَالُوا: الْمَأْخُوذُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ فِي الأَْصَحِّ إِنْ تَلِفَ قَبْل تَمَلُّكِهِ وَبَيْعِهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لاَ يَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ فَوْقَ حَقِّهِ إِنْ أَمْكَنَهُ الاِقْتِصَارُ عَلَى قَدْرِ حَقِّهِ لِحُصُول الْمَقْصُودِ بِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ ضَمِنَ الزَّائِدَ، لِتَعَدِّيهِ بِأَخْذِهِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بِأَنْ لَمْ يَظْفَرْ إِلاَّ بِمَا تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى حَقِّهِ أَخَذَهُ وَلاَ يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ، ثُمَّ إِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ قَدْرِ حَقِّهِ فَقَطْ بَاعَ الْجَمِيعَ وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ قَدْرَ حَقِّهِ وَرَدَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ عَلَى غَرِيمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ بَاعَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَرَدَّ مَا زَادَ.
ثَامِنًا - الظَّفَرُ بِمَال غَرِيمِ الْغَرِيمِ:
21 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ مَال غَرِيمِ غَرِيمِهِ بِشُرُوطٍ هِيَ: أَلاَّ يَظْفَرَ بِمَال الْغَرِيمِ، وَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ جَاحِدًا أَوْ مُمْتَنِعًا، وَأَنْ يَعْلَمَ الْمُسْتَحِقُّ الْغَرِيمَ أَنَّهُ أَخَذَحَقَّهُ مِنْ مَال غَرِيمِهِ، وَأَنْ يَعْلَمَ غَرِيمَ الْغَرِيمِ (42) .
مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ:
22 - ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ - كَمَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ - إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى غَيْرِهِ حَقٌّ وَهُوَ مُقِرٌّ بِهِ بَاذِلٌ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إِلاَّ مَا يُعْطِيهِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَزِمَهُ رَدُّهُ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ حَقِّهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ عَلَيْهِ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ؛ لأَِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِلإِْنْسَانِ غَرَضٌ فِي الْعَيْنِ، فَإِنْ أَتْلَفَهَا أَوْ تَلِفَتْ فَصَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَكَانَ الثَّابِتُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ تَقَاصَّا فِي قِيَاسِ الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ مَانِعًا لَهُ لأَِمْرٍ يُبِيحُ الْمَنْعَ كَالتَّأْجِيل وَالإِْعْسَارِ لَمْ يَجُزْ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، وَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا لَزِمَهُ رَدُّهُ إِنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ عِوَضَهُ إِنْ كَانَ تَالِفًا، وَلاَ يَحْصُل التَّقَاصُّ هَاهُنَا لأَِنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لَهُ لاَ يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ فِي الْحَال، وَإِنْ كَانَ مَانِعًا لَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَدَرَ عَلَى اسْتِخْلاَصِهِ بِالْحَاكِمِ أَوِ السُّلْطَانِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الأَْخْذُ أَيْضًا بِغَيْرِهِ، لأَِنَّهُ قَدَرَ عَلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِمَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَى اسْتِيفَائِهِ مِنْ وَكِيلِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ جَاحِدًا لَهُ وَلاَ بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ لاَ يُجِيبُهُ إِلَى الْمُحَاكَمَةِ وَلاَ يُمْكِنُهُ إِجْبَارُهُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ نَحْوُ هَذَا، فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ، وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: جَعَل أَصْحَابُنَا الْمُحَدِّثُونَ لِجَوَازِ الأَْخْذِ وَجْهًا فِي الْمَذْهَبِ مِنْ حَدِيثِ هِنْدٍ حِينَ قَال لَهَا النَّبِيُّ ﷺ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ (43) .
وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: وَيَتَخَرَّجُ لَنَا جَوَازُ الأَْخْذِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَخَذَ بِقَدْرِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ تَحَرَّى وَاجْتَهَدَ فِي تَقْوِيمِهِ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَنَا قَوْل النَّبِيِّ ﷺ: أَدِّ الأَْمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ (44) وَمَتَى أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَقَدْ خَانَهُ فَيَدْخُل فِي عُمُومِ الْخَبَرِ، وَقَال ﷺ: لاَ يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ (45) وَلأَِنَّهُ إِنْ أُخِذَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ كَانَ مُعَاوَضَةً بِغَيْرِ تَرَاضٍ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ الْحَقِّ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ، فَإِنَّ التَّعْيِينَ إِلَيْهِ (46) .
وَأَبَاحَ أَحْمَدُ: فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَخْذَ الضَّيْفِ مِنْ مَال مَنْ نَزَل بِهِ وَلَمْ يُقِرَّهُ بِقَدْرِ قِرَاهُ، لِظُهُورِ سَبَبِ الأَْخْذِ، وَمَتَى ظَهَرَ السَّبَبُ لَمْ يُنْسَبِ الآْخِذُ إِلَى الْخِيَانَةِ، لِمَا وَرَدَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ﵁ أَنَّهُ قَال: قُلْنَا يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّكَ تَبْعَثُنَا فَنَنْزِل بِقَوْمٍ فَلاَ يَقْرُونَنَا، فَمَا تَرَى؟ فَقَال لَنَا رَسُول اللَّهِ ﷺ: إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ فَاقْبَلُوا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا فَخُذُوا مِنْهُمْ حَقَّ الضَّيْفِ الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمْ (47) .
وَقَال طَائِفَةٌ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: إِذَا ظَهَرَ السَّبَبُ لَمْ يَجُزِ الأَْخْذُ بِغَيْرِ إِذْنٍ لإِِمْكَانِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا خَفِيَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ وُصُول حَقِّهِ إِلَيْهِ حِينَئِذٍ بِدُونِ الأَْخْذِ خُفْيَةً (48) .
__________
(1) لسان العرب، تاج العروس، المصباح المنير، مختار الصحاح.
(2) الموسوعة الفقهية 4 / 146.
(3) المصباح المنير.
(4) الموسوعة الفقهية 4 / 157.
(5) البحر الرائق 7 / 192، منح الجليل 4 / 321، المنهاج وشرح المحلي وحاشية القليوبي وحاشية عميرة 4 / 334، قواعد الأحكام 2 / 197، 198، تحفة المحتاج وحاشية الشرواني وحاشية العبادي 10 / 286، حاشية الباجوري 2 / 400، الأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 279.
(6) تحفة المحتاج 10 / 286، مغني المحتاج 4 / 461.
(7) منح الجليل 4 / 321، قواعد الأحكام 2 / 198.
(8) قواعد الأحكام 2 / 198.
(9) حاشية الشرواني وحاشية العبادي على تحفة المحتاج 10 / 286.
(10) البحر الرائق 7 / 192.
(11) سورة البقرة / 194.
(12) سورة الطلاق / 1.
(13) تفسير القرطبي 2 / 338.
(14) البحر الرائق 7 / 192.
(15) تهذيب الفروق 4 / 123، 124، شرح المحلي على المنهاج وحاشية القليوبي وحاشية عميرة 4 / 334.
(16) تهذيب الفروق 4 / 123، منح الجليل 4 / 321، الوجيز في فقه مذهب الإمام الشافعي 2 / 260، تحفة المحتاج 10 / 288، حاشية الباجوري 2 / 400، كشاف القناع 6 / 357.
(17) تحفة المحتاج 10 / 288، مغني المحتاج 4 / 462 ط. الحلبي.
(18) مغني المحتاج 4 / 462.
(19) ابن عابدين 1 / 290، وتهذيب الفروق 4 / 123، منح الجليل 4 / 321، الوجيز للغزالي 2 / 260، المنهاج وشرح المحلي وحاشية القليوبي وحاشية عميرة 4 / 335، تحفة المحتاج 10 / 287، 288، مغني المحتاج 4 / 462، حاشية الباجوري 2 / 400، كشاف القناع 4 / 211، غاية المنتهى 3 / 463.
(20) البحر الرائق 7 / 192، قرة عيون الأخيار 1 / 380، تهذيب الفروق 4 / 123، منح الجليل 4 / 321، المنهاج وشرح المحلي وحاشية القليوبي وحاشية عميرة 4 / 335، تحفة المحتاج 10 / 287، 288.
(21) البحر الرائق 7 / 192.
(22) تحفة المحتاج 10 / 287، مغني المحتاج 4 / 462، حاشية الباجوري 2 / 400.
(23) شرح المحلي وحاشية القليوبي وحاشية عميرة 4 / 335، مغني المحتاج 4 / 460.
(24) تحفة المحتاج 10 / 287، 288.
(25) تهذيب الفروق 4 / 125، شرح النووي على صحيح مسلم 2 / 7، 8، المهذب 2 / 319، المغني 9 / 237، القواعد لابن رجب ص 17، 31، 32، كشاف القناع 4 / 211، غاية المنتهى 3 / 463.
(26) حديث: " خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ". أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 405) ومسلم (3 / 1338) من حديث عائشة واللفظ لمسلم.
(27) صحيح البخاري مع فتح الباري 13 / 146، صحيح مسلم بشرح النووي 12 / 7، سنن أبي دود مع معالم السنن 3 / 166، سنن النسائي 8 / 246، 247، السنن الكبرى 10 / 141، إحكام الأحكام لابن دقيق العيد 4 / 164.
(28) البحر الرائق 7 / 192، قرة عيون الأخيار 1 / 380.
(29) انظر المرجعين السابقين.
(30) البحر الرائق 7 / 192، قرة عيون الأخيار 1 / 380.
(31) انظر المرجعين السابقين.
(32) الأحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام ص 27، منح الجليل 4 / 321.
(33) حديث: " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك ". أخرجه أبو داود (3 / 805) والترمذي (3 / 555) من حديث أبي هريرة وقال الترمذي: حديث حسن غريب.
(34) منح الجليل 4 / 321.
(35) تهذيب الفروق 4 / 123، منح الجليل 4 / 321.
(36) تهذيب الفروق 4 / 123.
(37) سورة البقرة / 194.
(38) حديث هند زوجة أبي سفيان، تقدم تخريجه فـ 9.
(39) الأحكام للقرافي ص 27.
(40) حديث: " انصر أخاك ظالما أو مظلوما ". أخرجه البخاري (فتح الباري 5 / 98) ومسلم 4 / 1998 من حديث أنس واللفظ للبخاري. وانظر موارد الظمآن ص 457، وحلية العلماء 3 / 94.
(41) تفسير القرطبي ص 730 طبعة الشعب.
(42) مغني المحتاج 4 / 461 - 464.
(43) حديث: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ". تقدم فـ 9.
(44) حديث: " أد الأمانة إلى من ائتمنك. . . ". تقدم فـ (12) .
(45) حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه ". أخرجه أحمد (5 / 425) ، والبيهقي (6 / 100) من حديث أبي حميد الساعدي، وقال ابن حجر في التلخيص (3 / 46) : وحديث أبي حميد أصح ما في الباب.
(46) المغني لابن قدامة 9 / 325 - 327.
(47) حديث: " إن نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغى للضيف. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 532) ومسلم (3 / 1353) من حديث عقبة بن عامر.
(48) القواعد والفوائد الأصولية ص 309، والقواعد لابن رجب ص 31.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 156/ 29