الآخر
(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...
الأمر المؤلم الذي تُقْصَد إماطته . ومنه ما هو حسي ينال من البدن، وما هو معنوي ينال من الكرامة الإنسانية، وهو أشدهما إيلاماً . وقد يعرض منه للداعية الكثير، فيؤجر إذا صبر عليه، واحتسبه عند الله . وفي ذلك قوله تعالى : ﭽﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶﯷﭼالتوبة : 61.
الضَّرَرُ اليَسِيرُ ، تَقُولُ: تَأَذَّى مِنَ المَطَرِ إِذَا تَضَرَّرَ ضَرَرًا غَيْرَ كَبِيرٍ ، وَالتَّأَذِّي: التَّضَرُّرُ ، وَالِإيذَاءُ: الإِضْرَارُ بِالآخرين ، وَأَصْلُ الأَذَى: وُصُولُ المَكْرُوهِ لِلْشَّخْصِ ، يُقَالُ: أَذِيَ الرَّجُلُ أَذًى وَصَلَ إلَيْهِ الْمَكْرُوهُ ، وَالأَذَى أَيْضًا: الشَّيْءُ تَكْرَهُهُ ، وَالإِيذَاء: إِيصَالُ المَكْرُوهِ لِلْآخرين ، تَقُولُ: آذَيْتُ فُلَانًا أُوذِيهِ أَذِيَّةً إِذَا أَوْصَلْتُ لَهُ مَا يَكْرَهُهُ ، والأَذِيُّ: الشديدُ التَّأَذِّي مِنَ النَّاسِ ، وَيُطْلَقُ الأَذَى بِمَعْنَى: القَذَرِ ، تَقُولُ: أَذِيَ الشَّيْءُ أَذًى إِذَا قَذِرَ ، وَمِنْ مَعَانِي الأَذَى أَيْضًا: السُّوءُ والعَيْبُ والأَلَمُ والوَجَعُ.
يَذْكُرُ الفُقَهَاءُ مُصْطَلَحَ (أَذَى) بِهَذَا المَعْنَى فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى مِنْهَا: كِتَابُ الصَّلاَةِ فِي بَابِ صَلاَةِ أَهْلِ الأَعْذَارِ ، وَكِتَابُ النِّكَاحِ فِي بَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ ، وَكِتَابُ الوَصِيَّةِ فِي بَابِ شُرُوطِ الوَصِيَّةِ ، وَكِتَابُ الجِنَاياتِ فِي بَابِ دَفْعِ الصَّائِلِ. وَيُسْتَعْمَلُ أَيْضًا بِمَعْنَى:(الشَّيْءُ الضَّارُّ كَالشَّوْكِ وَالنَّجاسَةِ وَغَيْرِهِ) فِي مَوَاطِنَ عَدِيدَةٍ مِنْهَا: كِـتَابُ الطَّهَارَةِ فِي بَابِ آدَابِ قَضاءِ الحَاجَةِ ، وَبَابِ الحَيْضِ وَالنِّفَاسِ ، وَكِتَابُ الحَجِّ فِي مَحْظُورَاتِ الإِحْرامِ ، وَكِتَابُ الصَّيْدِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّيْدِ، وَغَيْرُهَا.
أذي
مَا يَصِلُ إِلَى الإِنْسَانِ مِنْ ضَرَرٍ خَفِيفٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ جِسْمِهِ أَوْ مَالِهِ.
الضَّرَرُ اليَسِيرُ ، وَالتَّأَذِّي: التَّضَرُّرُ ، وَأَصْلُ الأَذَى: وُصُولُ المَكْرُوهِ لِلْشَّخْصِ ، وَالإِيذَاءِ: إِيصَالُ المَكْرُوهِ لِلْآخرين ، وَمِنْ مَعَانِي الأَذَى أَيْضًا: السُّوءُ والعَيْبُ والأَلَمُ والوَجَعُ.
الضرر غير الجسيم.
* الصحاح : 6 /2266 - معجم مقاييس اللغة : 1 /78 - التوقيف على مهمات التعاريف : ص44 - النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب : 1 /45 - المغرب في ترتيب المعرب : ص23 - المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث : 1 /47 - المعجم الوسيط : 1 /12 - معجم مقاييس اللغة : 1 /78 - المعجم الوسيط : 1 /12 - حاشية ابن عابدين : 2 /66 -
التَّعْرِيفُ:
1 - الأَْذَى فِي اللُّغَةِ يُطْلَقُ عَلَى الشَّيْءِ تَكْرَهُهُ وَلاَ تُقِرُّهُ (1) ، وَمِنْهُ الْقَذَرُ (2) . وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الأَْثَرِ الَّذِي يَتْرُكُهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ إِذَا كَانَ أَثَرًا يَسِيرًا، جَاءَ فِي تَاجِ الْعَرُوسِ عَنِ الْخَطَّابِيِّ: الأَْذَى: الْمَكْرُوهُ الْيَسِيرُ (3) .
وَالأَْذَى يَرِدُ فِي اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ أَيْضًا (4) ، فَهُمْ يُطْلِقُونَهُ عَلَى الشَّيْءِ الْمُؤْذِي، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ رَسُول اللَّهِ ﷺ: وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَْذَى عَنِ الطَّرِيقِ. (5)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الضَّرَرُ:
2 - الشَّرُّ عِنْدَمَا يَكُونُ يَسِيرًا يُسَمِّيهِ أَهْل اللُّغَةِ " أَذًى "، وَعِنْدَمَا يَكُونُ جَسِيمًا يُسَمُّونَهُ " ضَرَرًا ". قَال فِي تَاجِ الْعَرُوسِ: " الأَْذَى: الشَّرُّ الْخَفِيفُ، فَإِنْ زَادَ فَهُوَ ضَرَرٌ (6) ". أَمَّا الْفُقَهَاءُ فَإِنَّ اسْتِعْمَالَهُمُ الْعَامَّ لِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ (أَذًى، ضَرَرٌ) يَدُل عَلَى أَنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ هَذَا الْفَرْقَ وَيُرَاعُونَهُ فِي كَلاَمِهِمْ، فَهُمْ يَقُولُونَ: عَلَى الطَّائِفِ حَوْل الْكَعْبَةِ أَلاَّ يُؤْذِيَ فِي طَوَافِهِ أَحَدًا (7) ، وَيَقُولُونَ: عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَلاَّ يُؤْذُوا أَحَدًا مِنْ أَهْل الْهُدْنَةِ مَا دَامُوا فِي هُدْنَتِهِمْ (8) ، وَنَحْوُ ذَلِكَ كَثِيرٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. بَيْنَمَا هُمْ يَقُولُونَ: لاَ يَجُوزُ لِمَرِيضٍ أَنْ يُفْطِرَ إِنْ كَانَ لاَ يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ (9) .
وَيَقُولُونَ: ضَمَانُ الضَّرَرِ، وَلاَ يَقُولُونَ: ضَمَانُ الأَْذَى، كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كِتَابِ الضَّمَانِ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ.
فَنِسْبَةُ الأَْذَى لِلضَّرَرِ كَنِسْبَةِ الصَّغَائِرِ إِلَى الْكَبَائِرِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ:
أ - الأَْذَى بِمَعْنَى الضَّرَرِ الْبَسِيطِ:
3 - الأَْذَى حَرَامٌ، وَتَرْكُهُ وَاجِبٌ بِالاِتِّفَاقِ (10) مَا لَمْ يُعَارَضْ بِمَا هُوَ أَشَدُّ، فَعِنْدَئِذٍ يُرْتَكَبُ الأَْذَى، عَمَلاً بِالْقَاعِدَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا: يُرْتَكَبُ أَخَفُّ الضَّرَرَيْنِ لاِتِّقَاءِ أَشَدِّهِمَا (11) . وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ مِنْهَا: كِتَابُ الْحَجِّ، عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَلَى لَمْسِ الْحَجَرِ الأَْسْوَدِ، وَفِي كِتَابِ الرِّقِّ، عِنْدَ كَلاَمِهِمْ عَلَى مُعَامَلَةِ الرَّقِيقِ، وَفِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالإِْبَاحَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الْكَثِيرُ مِنْ هَذَا الْقَبِيل.
ب - الأَْذَى بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُؤْذِي:
4 - يُنْدَبُ إِزَالَةُ الأَْشْيَاءِ الْمُؤْذِيَةِ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْنَمَا وُجِدَتْ، فَقَدِ اعْتَبَرَ الرَّسُول ﷺ إِمَاطَةَ الأَْذَى عَنِ الطَّرِيقِ مِنَ الإِْيمَانِ بِقَوْلِهِ: الإِْيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً أَفْضَلُهَا لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَْذَى عَنِ الطَّرِيقِ. (12)
وَقَال أَبُو بَرْزَةَ: يَا رَسُول اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ. قَال: اعْزِل الأَْذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ. (13) وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَمُرَّ بِنَبْلِهِ فِي مَكَانٍ يَكْثُرُ فِيهِ النَّاسُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُمْسِكَ بِنَصْلِهِ؛ لِئَلاَّ يُؤْذِيَ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (14) . وَمَنْ رَأَى عَلَى أَخِيهِ أَذًى فَعَلَيْهِ أَنْ يُمِيطَهُ عَنْهُ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ: إِنَّ أَحَدَكُمْ مِرْآةُ أَخِيهِ، فَإِنْ رَأَى بِهِ أَذًى فَلْيُمِطْهُ عَنْهُ (15) .
وَالْمَوْلُودُ يُحْلَقُ شَعْرُهُ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ وَيُمَاطُ عَنْهُ الأَْذَى (16) . وَيُقْتَل الْحَيَوَانُ الْمُؤْذِي (1) وَلَوْ وُجِدَ فِي الْحَرَمِ، كَفًّا لأَِذَاهُ عَنِ النَّاسِ.
5 - الأَْشْيَاءُ الْمُؤْذِيَةُ إِذَا وُجِدَتْ فِي بِلاَدِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا لاَ تُزَال إِضْعَافًا لِلْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ، فَلاَ يُقْتَل الْحَيَوَانُ الْمُؤْذِي فِي بِلاَدِهِمْ (2) ، كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.
__________
(1) أساس اللغة لابن فارس مادة: أذى (بتصرف) .
(2) المصباح المنير مادة: أذى.
(3) تاج العروس، والمرجع للعلايلي مادة: أذى.
(4) مفردات الراغب الأصفهاني مادة: أذى.
(5) حديث: (وأدناها إماطة الأذى. . .) أخرجه مسلم في كتاب الأيمان باب عدد شعب الأيمان.
(6) تاج العروس مادة: أذى.
(7) حاشية ابن عابدين 2 / 66، طبع بولاق الأولى.
(8) حاشية قليوبي 4 / 238، طبع مصطفى البابي الحلبي.
(9) الفروع 2 / 21، طبع مطبعة المنار سنة 1341 هـ
(10) انظر: الدر المختار بحاشية ابن عابدين 2 / 166، طبع بولاق الأولى، وحاشية قليوبي 4 / 94 و 238، والفروع 2 / 388
(11) انظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم بحاشية الحموي ص 120
(12) حديث: (الأيمان بضع وسبعون شعبة. . . .) أخرجه مسلم في كتاب الأيمان باب عدد شعب الأيمان.
(13) حديث: (اعزل الأذى. . . .) أخرجه مسلم - انظر شرح النووي لمسلم 16 / 171، طبع المطبعة الأزهرية، والإمام أحمد في المسند 4 / 423، الطبعة الأولى.
(14) شرح النووي لمسلم 16 / 169
(15) حديث " إن أحدكم مرآة. . . " أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة، وقال: " يحيى بن عبيد الله ضعفه شعبة، وفي الباب عن أنس " وأخرجه الطبراني في الأوسط، والضياء بلفظ: " المؤمن مرآة المؤمن " قال المناوي: بإسناد حسن (تحفة الأحوذي 2 / 416 ط. التجارية) .
(16) مسند الإمام أحمد 4 / 18، والمغني 8 / 646، طبع المنار الثالثة.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 355/ 2
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".