الباطن
هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...
العِمامة سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ الرَّأْسَ يُعْصَبُ بِهَا . ومن أمثلته حكم المسح في الوضوء على العصابة –العِمامة - والجبيرة . ومن شواهده عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ –رَضِيَ اللهُ عَنْه - قَالَ : انْكَسَرَتْ إِحْدَى زَنْدَيَّ، فَسَأَلْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، "فَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ ."ابن ماجه :657، وضعفه الألباني .
العِمامة سُمِّيَتْ بذلك؛ لأنَّ الرَّأْسَ يُعْصَبُ بِهَا.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْعِصَابَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنَ الْعَصْبِ، وَهُوَ الطَّيُّ الشَّدِيدُ، يُقَال: عَصَبَ الشَّيْءَ يَعْصِبُهُ عَصْبًا: طَوَاهُ وَلَوَاهُ، وَقِيل: شَدَّهُ، وَالْعِصَابَةُ مَا عُصِبَ بِهِ يُقَال: عَصَبَ رَأْسَهُ وَعَصَبَهُ: شَدَّهُ (1) ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْعِمَامَةِ، وَالْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ، وَالْخَيْل، وَالطَّيْرِ (2) .
أَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ فَخُصَّ اسْتِعْمَالُهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فِي مَعْنَيَيْنِ: الأَْوَّل -
الْعِمَامَةُ، كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَهُمْ أَنْ يَمْسَحُوا عَلَى الْعَصَائِبِ (3) قَال الْخَطَّابِيُّ: الْعَصَائِبُ الْعَمَائِمُ سُمِّيَتْ عَصَائِبَ؛ لأَِنَّ الرَّأْسَ يُعْصَبُ بِهَا (4) . الثَّانِي - مَا يُعْصَبُ بِهِ الْجِرَاحَةُ (5) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْجَبِيرَةُ:
2 - الْجَبِيرَةُ لُغَةً: الْعِيدَانُ الَّتِي تُشَدُّ عَلَى الْعَظْمِ لِتَجْبُرَهُ عَلَى اسْتِوَاءٍ، يُقَال: جَبَرْتُ الْيَدَ أَيْ وَضَعْتَ عَلَيْهَا الْجَبِيرَةَ (6) .
وَاسْتَعْمَلَهَا أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ فِي نَفْسِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، إِلاَّ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ فَسَّرُوا الْجَبِيرَةَ بِالْمَعْنَى الأَْعَمِّ، حَيْثُ قَالُوا: الْجَبِيرَةُ مَا يُدَاوِي الْجُرْحَ، سَوَاءٌ أَكَانَ أَعْوَادًا أَمْ لَزْقَةً أَمْ غَيْرَ ذَلِكَ (7) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
أَوَّلاً - الْعِصَابَةُ بِمَعْنَى الْعِمَامَةِ:
ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ أَحْكَامَ الْعِصَابَةِ بِمَعْنَى الْعِمَامَةِ فِي مَوَاضِعَ، مِنْهَا:
أ - الْمَسْحُ:
3 - ذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ - عَلَى تَفْصِيلٍ عِنْدَهُمْ - إِلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فِي الْوُضُوءِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَال: { تَوَضَّأَ رَسُول اللَّهِ ﷺ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْعِمَامَةِ (8) ؛ وَلأَِنَّهُ حَائِلٌ فِي مَحَلٍّ وَرَدَ الشَّرْعُ بِمَسْحِهِ فَجَازَ عَلَيْهِ كَالْخُفَّيْنِ، كَمَا قَال ابْنُ قُدَامَةَ (9) ، لَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ قَيَّدُوا الْجَوَازَ بِمَا إِذَا خِيفَ عَلَى نَزْعِهَا ضَرَرٌ، أَوْ شَقَّ نَزْعُهَا (10) .
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَلَمْ يَقُولُوا بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ، بَل قَالُوا تُرْفَعُ وَيُمْسَحُ عَلَى الرَّأْسِ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْحَرَجِ فِي رَفْعِهَا، وَالأَْمْرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَارِدٌ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ، بِخِلاَفِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ، لِمَا فِي نَزْعِهِ مِنَ الْحَرَجِ فَيَجُوزُ (11)
. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (عِمَامَة) (وَمَسْح)
ب - السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ:
4 - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ، قَال الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلاَّ لِعُذْرٍ، وَإِنْ صَحَّ بِشَرْطِ كَوْنِهِ عَلَى جَبْهَتِهِ، كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا لاَ فَوْقَ الْجَبْهَةِ (12) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ السُّجُودِ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ، ر: (سُجُودٌ ف 7) .
وَتَفْصِيل أَحْكَامِ الْعِصَابَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (عِمَامَة) .
ثَانِيًا - الْعِصَابَةُ بِمَعْنَى مَا يُعْصَبُ بِهِ:
5 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْمَسْحِ عَلَى مَا يُعْصَبُ بِهِ مِنَ اللُّصُوقِ، وَاللَّزُوقِ وَالْجَبَائِرِ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ نِيَابَةً عَنِ الْغَسْل أَوِ التَّيَمُّمِ (13) .
وَتَفْصِيل أَحْكَامِ الْعِصَابَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (جَبِيرَة ف 4 وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) لسان العرب.
(2) لسان العرب والمصباح المنير.
(3) حديث ثوبان: " أن النبي ﷺ أمرهم أن يمسحوا على العصائب ". أخرجه أبو داود (1 / 101) ، والحاكم (1 / 169) ، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(4) سنن أبو داود مع شرح الخطابي 1 / 101، 102.
(5) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 185.
(6) المصباح المنير ولسان العرب.
(7) ابن عابدين 1 / 185، ومنح الجليل 1 / 96، وأسنى المطالب 1 / 81، والمغني لابن قدامة 1 / 277.
(8) حديث المغيرة بن شعبة: " توضأ رسول الله ﷺ ومسح على الخفين والعمامة. . . ". أخرجه مسلم (1 / 230) .
(9) شرح الزرقاني على خليل 1 / 130، والمغني لابن قدامة 1 / 300، 301.
(10) شرح الزرقاني 1 / 130.
(11) ابن عابدين 1 / 181.
(12) ابن عابدين 1 / 336، وجواهر الإكليل 1 / 54.
(13) البدائع 1 / 13، والمهذب 1 / 44، والمجموع 2 / 323، والمغني لابن قدامة 1 / 277.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 130/ 30