القابض
كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...
ذَهَاب بَصَر إِحْدَى العَيْنَيْن . ومن أمثلته لاَ يَثْبُتُ بالعور حَقُّ، فَسْخِ النِّكَاحِ لأحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَا لَمْ يَشْتَرِطِ السَّلاَمَةَ مِنْهُ .
ذَهَاب بَصَر إِحْدَى العَيْنَيْن.
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْعَوَرِ فِي اللُّغَةِ: ذَهَابُ حِسِّ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ، يُقَال عَوِرَ الرَّجُل: ذَهَبَ بَصَرُ إِحْدَى عَيْنَيْهِ، فَهُوَ أَعْوَرُ وَهِيَ عَوْرَاءُ وَالْجَمْعُ عُورٌ (1) .
وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَهُ بِالْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ نَفْسِهِ (2) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْعَشَا:
2 - الْعَشَا - مَقْصُورٌ - سُوءُ الْبَصَرِ بِاللَّيْل وَالنَّهَارِ يَكُونُ فِي النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالطَّيْرِ (3) ، يُقَال: عَشِيَ عَشًى: ضَعُفَ بَصَرُهُ فَهُوَ أَعْشَى وَالْمَرْأَةُ عَشْوَاءُ (4) . وَقِيل: الْعَشَا يَكُونُ سُوءُ الْبَصَرِ مِنْ غَيْرِ عَمًى، وَيَكُونُ الَّذِي لاَ يُبْصِرُ بِاللَّيْل وَيُبْصِرُ بِالنَّهَارِ (5) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَوَرِ وَالْعَشَا: أَنَّ الْعَوَرَ ذَهَابُ حِسِّ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ، وَالْعَشَا سُوءُ الْبَصَرِ.
ب - الْعَمَشُ:
3 - مِنْ مَعَانِي الْعَمَشِ ضَعْفُ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ مَعَ سَيَلاَنِ دَمْعِهَا فِي أَكْثَرِ أَوْقَاتِهَا، يُقَال: عَمِشَ فُلاَنٌ عَمَشًا: ضَعُفَ بَصَرُهُ مَعَ سَيَلاَنِ دَمْعِ عَيْنِهِ فِي أَكْثَرِ الأَْوْقَاتِ فَهُوَ أَعْمَشُ وَهِيَ عَمْشَاءُ (6) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَوَرِ وَالْعَمْشِ أَنَّ الْعَوَرَ ذَهَابُ حِسِّ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ وَالْعَمَشُ ضَعْفُ الرُّؤْيَةِ مَعَ سَيَلاَنِ الدَّمْعِ. ج - الْحَوَل:
4 - الْحَوَل - بِفَتْحَتَيْنِ - أَنْ يَظْهَرَ الْبَيَاضُ فِي الْعَيْنِ فِي مُؤَخَّرِهَا، وَيَكُونُ السَّوَادُ مِنْ قِبَل الْمَاقِّ وَطَرَفِ الْعَيْنِ مِنْ قِبَل الأَْنْفِ (7) .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَوَرِ وَالْحَوَل: أَنَّ الْعَوَرَ ذَهَابُ حِسِّ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ، وَالْحَوَل عَيْبٌ فِي الْعَيْنِ لاَ يُذْهِبُ حِسَّهَا.
د - الْعَمَى:
5 - الْعَمَى ذَهَابُ الْبَصَرِ كُلِّهِ فَالرَّجُل أَعْمَى وَالْمَرْأَةُ عَمْيَاءُ وَالْجَمْعُ عُمْيٌ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمَى وَالْعَوَرِ أَنَّ الْعَمَى لاَ يَقَعُ إِلاَّ عَلَى الْعَيْنَيْنِ جَمِيعًا، فِي حِينِ أَنَّ الْعَوَرَ هُوَ ذَهَابُ حِسِّ إِحْدَى الْعَيْنَيْنِ (8) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَوَرِ:
أ - التَّضْحِيَةُ بِالْعَوْرَاءِ:
6 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ لاَ تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِالْعَوْرَاءِ الْبَيِّنِ عَوَرُهَا، لِمَا رَوَى الْبَرَاءُ ﵁ عَنْ رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَال لاَ يُضَحَّى بِالْعَرْجَاءِ بَيِّنٌ ظَلْعُهَا، وَلاَ بِالْعَوْرَاءِ بَيِّنٌ عَوَرُهَا، وَلاَ بِالْمَرِيضَةِ بَيِّنٌ مَرَضُهَا، وَلاَ بِالْعَجْفَاءِ الَّتِي لاَ تُنْقِي (9) وَلأَِنَّهَا قَدْ ذَهَبَتْ عَيْنُهَا (10) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّضْحِيَةِ بِعَوْرَاءَ لاَ تُبْصِرُ بِإِحْدَى عَيْنَيْهَا مَعَ قِيَامِ صُورَةِ الْعَيْنِ، فَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَهُوَ الْمُقَابِل لِلأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْعَيْنِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى إِجْزَاءِ الْعَوْرَاءِ الَّتِي عَلَى عَيْنِهَا بَيَاضٌ وَهِيَ قَائِمَةٌ لَمْ تَذْهَبْ؛ لأَِنَّ عَوَرَهَا لَيْسَ بِبَيِّنٍ. وَلاَ يُنْقِصُ ذَلِكَ لَحْمَهَا (11) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّ الْعَوْرَاءَ لاَ تُجْزِئُ فِي الأُْضْحِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ صُورَةُ الْعَيْنِ قَائِمَةً، وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ إِطْلاَقِ عِبَارَاتِ الْحَنَفِيَّةِ. فَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهَا بَيَاضٌ لاَ يَمْنَعُهَا النَّظَرَ أَجْزَأَتْ (12) . ب - فَسْخُ النِّكَاحِ بِالْعَوَرِ:
7 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْعَوَرَ لاَ يَثْبُتُ بِهِ حَقُّ فَسْخِ النِّكَاحِ لأَِحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَا لَمْ يَشْتَرِطِ السَّلاَمَةَ مِنْهُ.
أَمَّا إِذَا اشْتَرَطَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ السَّلاَمَةَ مِنَ الْعَوَرِ وَنَحْوِهِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ شَرْطُ السَّلاَمَةِ بِوَصْفِ الْوَلِيِّ، أَوْ وَصْفِ غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَسَكَتَ بِأَنَّهَا صَحِيحَةُ الْعَيْنَيْنِ، فَبَانَ خِلاَفُ ذَلِكَ، فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ - وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَهُمْ - أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ (13) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَطَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ السَّلاَمَةَ مِنَ الْعَوَرِ وَنَحْوِهِ كَالْعَمَى وَالشَّلَل وَالزَّمَانَةِ فَوُجِدَ بِخِلاَفِ ذَلِكَ لاَ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ (14) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ سَلاَمَةَ الزَّوْجِ فَبَانَ دُونَ الْمَشْرُوطِ، فَلَهَا الْخِيَارُ. وَإِنْ شُرِطَتِ السَّلاَمَةُ فِي الزَّوْجَةِ فَفِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِلزَّوْجِ قَوْلاَنِ لِتَمَكُّنِهِ مِنَ الطَّلاَقِ، قَال النَّوَوِيُّ: الأَْظْهَرُ ثُبُوتُهُ (15) . ج - إِعْتَاقُ الأَْعْوَرِ فِي الْكَفَّارَاتِ:
8 - يُجْزِئُ إِعْتَاقُ الأَْعْوَرِ فِي الْكَفَّارَاتِ دُونَ الأَْعْمَى؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ تَكْمِيل الأَْحْكَامِ وَتَمْلِيكُ الْعَبْدِ الْمَنَافِعَ وَالْعَوَرُ لاَ يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يَضُرُّ بِالْعَمَل فَأَشْبَهَ قَطْعَ إِحْدَى الأُْذُنَيْنِ (16) .
وَنَقَل أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْحَنَابِلَةِ قَوْلاً بِعَدَمِ إِجْزَاءِ الأَْعْوَرِ فِي الْكَفَّارَاتِ؛ لأَِنَّ الْعَوَرَ نَقْصٌ يَمْنَعُ التَّضْحِيَةَ وَالإِْجْزَاءَ فِي الْهَدْيِ فَأَشْبَهَ الْعَمَى (17) .
د - جِنَايَةُ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ عَلَى الأَْعْوَرِ:
9 - لاَ تُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالْحَدَقَةِ الْعَمْيَاءِ؛ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ، بَل تَجِبُ فِيهَا حُكُومَةُ عَدْلٍ بِالاِجْتِهَادِ، وَكَذَلِكَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الذَّاهِبِ ضَوْءُهَا حُكُومَةٌ كَالْيَدِ الشَّلاَّءِ، بِهَذَا يَقُول جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ: (أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُنْذِرِ) . (18)
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ﵁ أَنَّهُ قَال: فِي عَيْنِ الأَْعْوَرِ الَّتِي لاَ يُبْصِرُ بِهَا مِائَةَ دِينَارٍ، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ أَنَّهُ قَال: فِيهَا ثُلُثُ دِيَتِهَا، وَبِهِ قَال إِسْحَاقُ، وَقَال مُجَاهِدٌ: فِيهَا نِصْفُ دِيَتِهَا (19) .
وَإِذَا قَلَعَ صَحِيحُ الْعَيْنَيْنِ عَيْنَ الأَْعْوَرِ الْمُبْصِرَةَ فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَبَيْنَ أَخْذِ دِيَةٍ كَامِلَةٍ مِنْ مَال الْجَانِي (20) .
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ - وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ - أَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ مِنْ مِثْلِهَا وَيَأْخُذُ نِصْفَ الدِّيَةِ؛ لأَِنَّهُ ذَهَبَ بِجَمِيعِ بَصَرِهِ وَأَذْهَبَ الضَّوْءَ الَّذِي بَدَلُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَقَدْ تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِ الضَّوْءِ؛ إِذْ لاَ يُمْكِنُ أَخْذُ عَيْنَيْنِ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ، وَلاَ أَخْذُ يَمِينٍ بِيُسْرَى، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِبَدَل نِصْفِ الضَّوْءِ (21) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ عَيْنَ الأَْعْوَرِ السَّلِيمَةَ يَجِبُ فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ (22) .
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ عَلَى الأَْصَحِّ أَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ (23) .
هـ - جِنَايَةُ الأَْعْوَرِ عَلَى صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ:
10 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالثَّوْرِيُّ إِلَى أَنَّهُ إِذَا فَقَأَ أَعْوَرٌ مِنْ سَالِمٍ مُمَاثِلَتَهُ السَّالِمَةَ يُقْتَصُّ مِنْهُ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ وَهُوَ قَوْل مَسْرُوقٍ وَابْنِ سِيرِينَ وَابْنِ مَعْقِلٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَال: {وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} (24) وَقَال النَّبِيُّ ﷺ: فِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ (25) فَفِي الْعَيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَالْقِصَاصُ مِنْ صَحِيحِ الْعَيْنِ وَالأَْعْوَرِ كَهَيْئَتِهِ بَيْنَ سَائِرِ النَّاسِ (26) .
وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ لاَ تُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالْحَدَقَةِ الْعَمْيَاءِ، وَتُؤْخَذُ الْقَائِمَةُ بِالصَّحِيحَةِ إِذَا رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (27) .
أَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَيُخَيِّرُونَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَبَيْنَ أَخْذِ الدِّيَةِ كَامِلَةً، بِمَعْنَى أَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَ الْجَانِي السَّالِمَةَ فَيُصَيِّرُهُ أَعْمَى أَوْ يَتْرُكَ الْقِصَاصَ وَيَأْخُذَ مِنَ الْجَانِي دِيَةَ مَا تَرَكَهُ (28) .
وَيَرَى الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ إِذَا قَلَعَ الأَْعْوَرُ عَيْنَ الصَّحِيحِ فَلاَ قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ ﵄، وَبِهِ قَال سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ (29) .
وَإِنْ فَقَأَ الأَْعْوَرُ مِنَ السَّالِمِ غَيْرَ الْمُمَاثِلَةِ لِعَيْنِهِ السَّلِيمَةِ بِأَنْ فَقَأَ مِنَ السَّالِمِ مُمَاثِلَةَ الْعَوْرَاءِ فَتَلْزَمُ الْجَانِيَ نِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ وَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ لِعَدَمِ الْمَحَل الْمُمَاثِل، بِهَذَا قَال الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ الْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا: إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ الْيُمْنَى بَيْضَاءَ فَأَذْهَبَ الْعَيْنَ الْيُمْنَى مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَالْمَفْقُوءَةُ يُمْنَاهُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَهُ النَّاقِصَةَ إِذَا كَانَ يُسْتَطَاعُ فِيهَا الْقِصَاصُ بِأَنْ يُبْصِرَ شَيْئًا قَلِيلاً وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ عَيْنِهِ (30) .
وَإِنْ فَقَأَ الأَْعْوَرُ عَيْنَيِ السَّالِمِ عَمْدًا بِالْقَوَدِ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ يَفْقَأَ الْمُمَاثِلَةَ مِنَ الْجَانِي فَيُصَيِّرُهُ أَعْمَى لِبَقَاءِ سَالِمَتِهِ، وَنِصْفُ الدِّيَةِ يَأْخُذُهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنَ الْجَانِي بَدَل مَا لَيْسَ لَهَا مُمَاثِلُهُ، وَلَمْ يُخَيَّرْ سَالِمُ الْعَيْنَيْنِ فِي الْمُمَاثِلَةِ بِحَيْثُ يَكُونُ لَهُ الْقِصَاصُ أَوْ أَخْذُ الدِّيَةِ لِئَلاَّ يَلْزَمَ عَلَيْهِ أَخْذُ دِيَةٍ وَنِصْفٍ، وَهُوَ خِلاَفُ مَا وَرَدَ عَنِ الشَّارِعِ ﷺ، بِهَذَا يَقُول الْمَالِكِيَّةُ (31) .
وَيَرَى الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَلاَ شَيْءَ لَهُ سِوَى ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ قَدْ أَخَذَ جَمِيعَ بَصَرِهِ، فَإِنِ اخْتَارَ الدِّيَةَ فَلَهُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِقَوْل النَّبِيِّ ﷺ: وَفِي الْعَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَلأَِنَّهُ لَمْ يَتَعَذَّرِ الْقِصَاصُ فَلَمْ تَتَضَاعَفِ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ قَطَعَ الأَْشَل يَدَ صَحِيحٍ أَوْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرَ أَوْ يَدُ الْقَاطِعِ أَنْقَصَ (32) .
و جِنَايَةُ الأَْعْوَرِ عَلَى الأَْعْوَرِ:
11 - لَوْ قَلَعَ الأَْعْوَرُ الْعَيْنَ السَّلِيمَةَ لِمِثْلِهِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ لِتَسَاوِيهِمَا مِنْ كُل وَجْهٍ إِذَا كَانَتِ الْعَيْنُ مِثْل الْعَيْنِ فِي كَوْنِهَا يَمِينًا أَوْ يَسَارًا، وَإِنْ عَفَا إِلَى الدِّيَةِ فَلَهُ جَمِيعُهَا (33) .
__________
(1) لسان العرب، والقاموس المحيط، والمعجم الوسيط.
(2) البناية 9 / 140، والشرح الصغير 2 / 143، وأوجز المسالك 9 / 228.
(3) لسان العرب والقاموس المحيط.
(4) المصباح المنير.
(5) لسان العرب.
(6) المعجم الوسيط.
(7) لسان العرب.
(8) القاموس المحيط والمصباح المنير.
(9) حديث: " لا يضحى بالعرجاء بين ضلعها. . . ". أخرجه الترمذي (4 / 86) وقال: حديث حسن صحيح.
(10) البناية شرح الهداية 9 / 140، وتبيين الحقائق 6 / 25، والشرح الصغير 2 / 143، والمجموع 8 / 400، وكشاف القناع 3 / 5، والمغني 8 / 624.
(11) البناية شرح الهداية 9 / 141، والمجموع 8 / 400، وروضة الطالبين 3 / 195، وكشاف القناع 3 / 5.
(12) تبيين الحقائق 6 / 5، حاشية ابن عابدين على الدر المختار 5 / 205، وحاشية أبي السعود بشرح الكنز 3 / 380، والشرح الصغير 2 / 143، والمجموع 8 / 400، وروضة الطالبين 3 / 195.
(13) الدسوقي 2 / 280، والفواكه الدواني 2 / 67، الفروع 5 / 234 - 235 ومطالب أولي النهى 5 / 149 - 150.
(14) المبسوط للسرخسي 5 / 97.
(15) روضة الطالبين 7 / 185.
(16) حاشية ابن عابدين 2 / 579، والشرح الصغير 2 / 648، وروضة الطالبين 7 / 285، والمغني 7 / 361.
(17) المغني 7 / 361.
(18) البزازية بهامش الفتاوى الهندية 6 / 391، والشرح الصغير 4 / 352، وروضة الطالبين 9 / 197، وحاشية الجمل 5 / 66، وتفسير القرطبي 6 / 194
(19) تفسير القرطبي 6 / 194.
(20) الشرح الصغير 4 / 356، والمغني 7 / 718، 719.
(21) المغني 7 / 718، 719.
(22) الفتاوى الأنقروية 1 / 174، والفتاوى البزازية بهامش الهندية 6 / 391، وروضة الطالبين 9 / 272.
(23) البزازية بهامش الهندية 6 / 391.
(24) سورة المائدة / 45.
(25) حديث: " في العينين الدية ". أخرجه النسائي (8 / 58) من حديث عمرو بن حزم، وقال ابن حجر في التلخيص (4 / 18) : صححه جماعة من الأئمة.
(26) الفتاوى الهندية 6 / 9 وتفسير القرطبي 6 / 194 والمغني 7 / 717.
(27) روضة الطالبين 9 / 197.
(28) الشرح الصغير 4 / 357، وتفسير القرطبي 6 / 194.
(29) المغني 7 / 717، وتفسير القرطبي 6 / 194.
(30) الفتاوى الهندية 6 / 9 - 10، والشرح الصغير 4 / 357.
(31) الشرح الصغير 4 / 357.
(32) المغني 7 / 718.
(33) المغني 7 / 718.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 38/ 31
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".