المعطي
كلمة (المعطي) في اللغة اسم فاعل من الإعطاء، الذي ينوّل غيره...
نَظَر المرء بعينيه إلى آخر نظراً مَشُوباً بِحَسَدٍ، يَحْصُل لِلْمَنْظُورِ مِنْهُ ضَرَرٌ . ويقال للناظر الحاسد : عائن . ومن أمثلته ثبوت الإصابة بالعين الحاسدة، والاستطباب منها بالدعاء، والتبريك . ومن شواهده قول مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ : اغْتَسَلَ أَبِي -سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ - بِالْخَرَّارِ . فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ . وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ . قَالَ : وَكَانَ سَهْلٌ رَجُلاً أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِلْدِ، قَالَ، فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ : مَا رَأَيْتُ كالْيَوْمِ . وَلاَ جِلْدَ عَذْرَاءَ . فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ . وَاشْتَدَّ، وَعْكُهُ . فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَأُخْبِرَ : أَنَّ سَهْلاً وُعِكَ . وَأَنَّهُ غَيْرُ رَائِحٍ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ . فَأَتَاهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - فَأَخْبَرَهُ، سَهْلٌ بِالَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِ عَامِرٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : "عَلاَمَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ أَلاَّ بَرَّكْتَ . إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ . تَوَضَّأْ لَهُ ."فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرٌ . فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم - لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ." مالك :734، ومعنى أَلاَّ بَرَّكْتَ : لو قلتَ : تبارك الله أحسن الخالقين، أو ما شاء الله ...إلخ .
هي التي يُبْصِرُ بِها النّاظِرُ، وتُطلَق على الشَّيْءِ المَحْسُوسِ المُشاهَدِ بِالعَيْنِ الباصِرَةِ، وعَيْنُ الشَّيْءِ نَفْسُهُ، يُقال: أَخَذْتُ مالِي بِعَيْنِهِ، أي: نَفْسَ مالِي. وتأتي بِمعنى المالِ العَتِيدِ الحاضِرِ، يُقال: اشْتَرَيْتُ عَيْناً بِعَيْنٍ، أيْ: حاضِراً بِحاضِرٍ. ومِن معانيِها: يَنْبُوعُ الماءِ الذي يَنْبُعُ مِن الأَرْضِ ويجْرِي، والجاسُوس، وما ضُرِبَ مِن الدَّنانِيرِ والدَّراهِمِ، وغير ذلك. وجمعُها: عُيونٌ، وأعْيُنٌ، وأعْيانٌ.
يَرِد مُصطلَح (عَيْن) في الفقه في عِدَّة مواطِن، منها: كتاب البيوع، باب: الإجارَة، وباب: الضَّمان، وباب: الدَّيْن، وباب: السَّلَم، وباب: الشَّرِكَة، وباب: المُضارَبَة، وفي كتاب الزَّكاة، باب: زكاة العُروض، وغير ذلك. ويُطلَق في باب: المُزارَعة والمُساقاة، ويُراد به: نَبْع الماءِ الجارِي. ويُطلَق في كتاب الموارِيث عند الكلام على الإخوة الأعيان، ويُراد بهم: الإخوة الأشِقّاء مِن الأبِ والأمِّ. ويُطلَق في كتاب الجهاد، ويُراد به: الجاسوسُ الذي يَتَلَمَّسُ أخبارَ النّاسِ خُفْيَةً. ويُطلَق في كتاب الجنايات، باب: الجناية فيما دون النَّفس، وفي كتاب الدّيّات، باب: دِيَة الأعضاء والمَنافِع، ويُراد به: العَينُ الباصِرَة التي يَتمكَّن بها الإنسانُ مِن النَّظَر. ويُطلَق في كتاب الجامع للآداب، باب: مساوئ الأخلاق، ويُراد به: نَظَرٌ بِاسْتِحْسانٍ مَشُوبٌ بِحَسَدٍ مِن خَبِيثِ الطَّبْعِ يَحْصُل لِلْمَنْظُورِ مِنْهُ ضَرَرٌ. ويُطلَق في علم أصول الفقه، باب: الأحكام التَّكلِيفيَّة عند الكلام على فَرضِ العَيْنِ، ويُراد به: ما فُرِضَ على الأشخاصِ بِأعيانِهِم لا يَسْقُط عنهم بِقِيامِ الغَيْرِ، ويُقابِلُه: فَرْضُ الكِفايَةِ.
عين
نَظَر المرء بعينيه إلى آخر نظراً مَشُوباً بِحَسَدٍ، يَحْصُل لِلْمَنْظُورِ مِنْهُ ضَرَرٌ. ويقال للناظر الحاسد: عائن.
* العين : (2/254)
* تهذيب اللغة : (3/130)
* مقاييس اللغة : (4/199)
* مشارق الأنوار : (2/107)
* مختار الصحاح : (ص 223)
* تاج العروس : (35/440)
* المهذب : (1/277)
* المطلع على ألفاظ المقنع : (ص 253)
* الكليات : (ص 642)
* دستور العلماء : (2/277)
* القاموس الفقهي : (ص 269)
* التعريفات الفقهية : (ص 155)
* فتح الباري شرح صحيح البخاري : (10/169)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 326) -
التَّعْرِيفُ:
1 - تُطْلَقُ الْعَيْنُ فِي اللُّغَةِ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ ضَبَطَتْهَا كُتُبُ اللُّغَةِ (1) .
وَالْعَيْنُ فِي مَوْضُوعِنَا يُقْصَدُ بِهَا الْعَيْنُ الَّتِي تُسَبِّبُ الإِْصَابَةَ بِهَا، يُقَال: عَانَهُ يُعِينُهُ عَيْنًا أَصَابَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ عَائِنٌ وَالْمُصَابُ مَعِينٌ - بِفَتْحِ الْمِيمِ - وَمَا أَعْيَنَهُ،. . أَيْ: مَا أَشَدَّ إِصَابَتَهُ بِالْعَيْنِ، وَالْعَيُونُ - بِفَتْحِ الْعَيْنِ - وَالْمِعْيَانُ الشَّدِيدُ الإِْصَابَةِ بِالْعَيْنِ، وَالْمَعِينُ وَالْمَعْيُونُ الْمُصَابُ بِهَا وَالْعَائِنَةُ مُؤَنَّثُ الْعَائِنِ.
وَاسْتَعْمَل الْعَرَبُ مَادَّةَ: نَجَأَ، لِلدَّلاَلَةِ عَلَى الإِْصَابَةِ بِالْعَيْنِ فَيُقَال: نَجَأَهُ نَجَأً أَصَابَهُ بِالْعَيْنِ وَرَجُلٌ نَجُوءُ الْعَيْنِ أَيْ خَبِيثُهَا شَدِيدُ الإِْصَابَةِ بِهَا، وَأَيْضًا يُقَال: رَجُلٌ مَسْفُوعٌ أَيْ أَصَابَتْهُ سَفْعَةٌ - بِالْفَتْحِ - أَيْ عَيْنٌ، وَيُقَال أَيْضًا: رَجُلٌ نَفُوسٌ إِذَا كَانَ حَسُودًا يَتَعَنَّ أَمْوَال النَّاسِ لِيُصِيبَهَا بِعَيْنٍ وَأَصَابَتْ فُلاَنًا نَفْسٌ أَيْ عَيْنٌ.
وَفِي الاِصْطِلاَحِ عَرَّفَهَا ابْنُ حَجَرٍ بِقَوْلِهِ: نَظَرٌ بِاسْتِحْسَانٍ مَشُوبٌ بِحَسَدٍ مِنْ خَبِيثِ الطَّبْعِ يَحْصُل لِلْمَنْظُورِ مِنْهُ ضَرَرٌ.
وَعَرَّفَهَا أَبُو الْحَسَنِ الْمَنُوفِيُّ بِأَنَّهَا: سُمٌّ جَعَلَهُ اللَّهُ فِي عَيْنِ الْعَائِنِ إِذَا تَعَجَّبَ مِنْ شَيْءٍ وَنَطَقَ بِهِ وَلَمْ يُبَارِكْ فِيمَا تَعَجَّبَ مِنْهُ (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْحَسَدُ:
2 - الْحَسَدُ فِي اللُّغَةِ: كُرْهُ النِّعْمَةِ عِنْدَ الْغَيْرِ وَتَمَنِّي زَوَالِهَا، يُقَال: حَسَدْتُهُ النِّعْمَةَ: إِذَا كَرِهْتَهَا عِنْدَهُ.
وَاصْطِلاَحًا: عَرَّفَهَا الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّهَا تَمَنِّي زَوَال نِعْمَةِ الْمَحْسُودِ إِلَى الْحَاسِدِ.
وَالصِّلَةُ أَنَّ الْحَسَدَ أَصْل الإِْصَابَةِ بِالْعَيْنِ (3) .
ب - الْحِقْدُ:
3 - الْحِقْدُ لُغَةً: الاِنْطِوَاءُ عَلَى الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ. وَاصْطِلاَحًا: سُوءُ الظَّنِّ فِي الْقَلْبِ عَلَى الْخَلاَئِقِ لأَِجْل الْعَدَاوَةِ (4) . وَالصِّلَةُ أَنَّ الْحِقْدَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِلإِْصَابَةِ بِالْعَيْنِ. ثُبُوتُ الْعَيْنِ:
4 - الإِْصَابَةُ بِالْعَيْنِ ثَابِتٌ مَوْجُودٌ أَخْبَرَ الشَّرْعُ بِوُقُوعِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} (5) أَيْ يَعْتَانُونَكَ بِعُيُونِهِمْ فَيُزِيلُونَكَ عَنْ مَقَامِكَ الَّذِي أَقَامَكَ اللَّهُ فِيهِ عَدَاوَةً وَبُغْضًا فِيكَ، فَهُمْ كَانُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ نَظَرَ حَاسِدٍ شَدِيدِ الْعَدَاوَةِ يَكَادُ يُزْلِقُهُ لَوْلاَ حِفْظُ اللَّهِ وَعِصْمَتُهُ لَهُ.
وَقَدْ أَرَادُوا بِالْفِعْل أَنْ يُصِيبُوهُ بِالْعَيْنِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا مُشْتَهِرِينَ بِذَلِكَ فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا مِثْلَهُ وَلاَ مِثْل حُجَجِهِ، بِقَصْدِ إِصَابَتِهِ بِالْعَيْنِ، فَعَصَمَهُ اللَّهُ مِنْ شُرُورِهِمْ وَأَنْزَل عَلَيْهِ هَذِهِ الآْيَةَ الْكَرِيمَةَ (6) .
وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: الْعَيْنُ حَقٌّ (7) وَرَوَى أَبُو ذَرٍّ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: الْعَيْنُ تُدْخِل الرَّجُل الْقَبْرَ وَالْجَمَل الْقِدْرَ (8) . وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَشِيئَتِهِ، قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: إِنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ عِنْدَ نَظَرِ الْعَائِنِ إِلَى الْمُعَايَنِ وَإِعْجَابِهِ بِهِ إِذَا شَاءَ مَا شَاءَ مِنْ أَلَمٍ أَوْ هَلَكَةٍ، وَكَمَا يَخْلُقُهُ بِإِعْجَابِهِ وَبِقَوْلِهِ فِيهِ فَقَدْ يَخْلُقُهُ ثُمَّ يَصْرِفُهُ دُونَ سَبَبٍ، وَقَدْ يَصْرِفُهُ قَبْل وُقُوعِهِ بِالاِسْتِعَاذَةِ، فَقَدْ كَانَ ﵊ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ ﵄ بِمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهِ إِبْرَاهِيمُ ابْنَيْهِ إِسْمَاعِيل وَإِسْحَاقَ عَلَيْهِمْ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ كُل شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ وَمِنْ كُل عَيْنٍ لاَمَّةٍ (9)
مَا يُسْتَطَبُّ بِهِ مِنْ الْعَيْنِ:
أ - التَّبْرِيكُ:
5 - الْمَقْصُودُ بِالتَّبْرِيكِ هُنَا الدُّعَاءُ مِنَ الْعَائِنِ لِلْمَعِينِ بِالْبَرَكَةِ عِنْدَ نَظَرِهِ إِلَيْهِ فَذَلِكَ - بِإِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَشِيئَتِهِ - يَحُول دُونَ إِحْدَاثِ أَيِّ ضَرَرٍ بِالْمَعِينِ وَيُبْطِل كُل أَثَرٍ مِنْ آثَارِ الْعَيْنِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْل بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُول: اغْتَسَل أَبِي سَهْل بْنُ حُنَيْفٍ بِالْخَرَّارِ، فَنَزَعَ جُبَّةً كَانَتْ عَلَيْهِ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، قَال: وَكَانَ سَهْل رَجُلاً أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِلْدِ قَال: فَقَال لَهُ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلاَ جِلْدَ عَذْرَاءَ قَال: فَوُعِكَ سَهْلٌ مَكَانَهُ وَاشْتَدَّ وَعْكُهُ - أَيْ صُرِعَ - فَأُتِيَ رَسُول اللَّهِ ﷺ فَأُخْبِرَ أَنَّ سَهْلاً وُعِكَ، وَأَنَّهُ غَيْرُ رَائِحٍ مَعَكَ يَا رَسُول اللَّهِ، فَأَتَاهُ رَسُول اللَّهِ ﷺ " فَأَخْبَرَهُ سَهْلٌ بِاَلَّذِي كَانَ مِنْ شَأْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، فَقَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: عَلاَمَ يَقْتُل أَحَدُكُمْ أَخَاهُ؟ أَلاَّ بَرَّكْتَ - مُخَاطِبًا بِذَلِكَ عَامِرًا مُتَغَيِّظًا عَلَيْهِ وَمُنْكِرًا - أَيْ قُلْتَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُبْطِل الْمَعْنَى الَّذِي يُخَافُ مِنَ الْعَيْنِ وَيُذْهِبُ تَأْثِيرَهُ - ثُمَّ قَال: إِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ، تَوَضَّأْ لَهُ فَتَوَضَّأَ لَهُ عَامِرٌ، فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ رَسُول اللَّهِ ﷺ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (10) .
قَال ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: يَقُول لَهُ: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ وَلاَ تَضُرَّهُ، وَأَيْضًا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ فَقَال: مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاَللَّهِ لَمْ يَضُرَّهُ (11) قَال الْعَدَوِيُّ: فَوَاجِبٌ عَلَى كُل مَنْ أَعْجَبَهُ شَيْءٌ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ أَنْ يُبَارِكَ لِيَأْمَنَ مِنَ الْمَحْذُورِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُول: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ (12) .
ب - الْغُسْل:
6 - يَجِبُ عَلَى الْعَائِنِ إِذَا دَعَاهُ الْمَعِينُ لِلاِغْتِسَال أَنْ يَغْتَسِل لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: الْعَيْنُ حَقٌّ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ لَسَبَقَتْهُ الْعَيْنُ، وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا (13) .
قَال الذَّهَبِيُّ: قَوْلُهُ ﷺ: اسْتُغْسِلْتُمْ أَيْ إِذَا طَلَبَ مِنْكُمْ مَنْ أَصَبْتُمُوهُ بِالْعَيْنِ أَنْ تَغْسِلُوا لَهُ فَأَجِيبُوهُ وَهُوَ أَنْ يَغْسِل الْعَائِنُ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِي قَدَحٍ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى الْمَعِينِ وَيَكْفَأَ الْقَدَحَ وَرَاءَهُ عَلَى ظَهْرِ الأَْرْضِ وَقِيل: يَغْسِلُهُ بِذَلِكَ حِينَ يَصُبُّهُ عَلَيْهِ فَيَبْرَأُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى (14) . ج - الرُّقْيَةُ:
7 - الرُّقِيُّ مِمَّا يُسْتَطَبُّ بِهِ لِلإِْصَابَةِ بِالْعَيْنِ مَشْرُوعٌ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ: أَمَرَنِي النَّبِيُّ ﷺ أَوْ أَمَرَ أَنْ يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ (15) وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ رَأَى فِي بَيْتِهَا جَارِيَةً فِي وَجْهِهَا سَفْعَةً فَقَال: اسْتَرْقُوا لَهَا فَإِنَّ بِهَا النَّظْرَةَ (16) .
وَقَال الذَّهَبِيُّ: الرُّقِيُّ وَالتَّعَاوُذُ إِنَّمَا تُفِيدُ إِذَا أُخِذَتْ بِقَبُولٍ وَصَادَفَتْ إِجَابَةً وَأَجَلاً، فَالرُّقِيُّ وَالتَّعَوُّذُ الْتِجَاءٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِيَهَبَ الشِّفَاءَ كَمَا يُعْطِيهِ بِالدَّوَاءِ (17) .
وَقَال ابْنُ الْقَيِّمِ: إِنَّمَا يُسْتَرْقَى مِنَ الْعَيْنِ إِذَا لَمْ يُعْرَفِ الْعَائِنُ. أَمَّا إِذَا عُرِفَ الْعَائِنُ الَّذِي أَصَابَهُ بِعَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالاِغْتِسَال (18) . عُقُوبَةُ الْعَائِنِ:
8 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا أَتْلَفَ الْعَائِنُ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ أَمَّا إِذَا قَتَل بِعَيْنِهِ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ إِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ بِحَيْثُ يَصِيرُ عَادَةً.
وَنَقَل ابْنُ حَجَرٍ عَنْ النَّوَوِيِّ قَوْلَهُ: لاَ يُقْتَل الْعَائِنُ وَلاَ دِيَةَ وَلاَ كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لأَِنَّ الْحُكْمَ إِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الأَْمْرِ الْمُنْضَبِطِ الْعَامِّ دُونَ مَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِ النَّاسِ وَبَعْضِ الأَْحْوَال مِمَّا لاَ انْضِبَاطَ لَهُ، كَيْفَ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ فِعْلٌ أَصْلاً، وَإِنَّمَا غَايَتُهُ حَسَدٌ وَتَمَنٍّ لِزَوَال النِّعْمَةِ، وَأَيْضًا فَاَلَّذِي يَنْشَأُ عَنِ الإِْصَابَةِ بِالْعَيْنِ حُصُول مَكْرُوهٍ لِذَلِكَ الشَّخْصِ وَلاَ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَكْرُوهُ فِي زَوَال الْحَيَاةِ، فَقَدْ يَحْصُل لَهُ مَكْرُوهٌ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَثَرِ الْعَيْنِ. وَالنُّقُول مِنْ مُخْتَلِفِ الْمَذَاهِبِ مُتَضَافِرَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ مِنْ كَوْنِ الإِْمَامِ يَمْنَعُ الْعَائِنَ مِنْ مُخَالَطَةِ النَّاسِ إِذَا عَرَفَ بِذَلِكَ وَيُجْبِرُهُ عَلَى لُزُومِ بَيْتِهِ؛ لأَِنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْمَجْذُومِ وَآكِل الْبَصَل وَالثُّومِ فِي مَنْعِهِ مِنْ دُخُول الْمَسَاجِدِ، وَإِنِ افْتَقَرَ فَبَيْتُ الْمَال تَكْفِيهِ الْحَاجَةَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَصْلَحَةِ وَكَفِّ الأَْذَى (19) .
__________
(1) تاج العروس شرح القاموس، ولسان العرب.
(2) فتح الباري 10 / 169 طبع بولاق، سنة 1301، وحاشية العدوي على شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني 2 / 351.
(3) المصباح المنير والتعريفات للجرجاني، وزاد المعاد 3 / 118.
(4) المصباح والتعريفات للجرجاني.
(5) سورة القلم / 51.
(6) تفسير القرطبي 20 / 255، وتفسير ابن كثير 3 / 485، وفتح الباري 10 / 203.
(7) حديث:: " " العين حق. . . " ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 203) .
(8) حديث:: " " العين تدخل الرجل القبر. . . " ". أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (9 / 244) من حديث جابر، واستنكره الذهبي في ميزان الاعتدال (2 / 275) .
(9) شرح ابن العربي على سنن الترمذي 8 / 217. وحديث:: " " كان ﵊ يعوذ الحسن والحسين. . . " ". أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 408) من حديث ابن عباس.
(10) حديث أبي أمامة بن سهل بن حنيف:: " " اغتسل أبي بالخرار. . . " ". أخرجه مالك في الموطأ (2 / 938) ، وصححه ابن حبان (13 / 470) .
(11) حديث:: " " من رأى شيئًا فأعجبه " ". أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (5 / 109) وقال:: رواه البزار من رواية أبي بكر الهذلي، وأبو بكر ضعيف جدًا.
(12) شرح الموطأ للزرقاني 4 / 148، وحاشية العدوي على كفاية الطالب 2 / 392.
(13) شرح الزرقاني على الموطأ 4 / 151. وحديث ابن عباس:: " " العين حق، ولو كان شيء سابق القدر. . . " ". أخرجه مسلم (4 / 1719) .
(14) الطب النبوي ص 275.
(15) حديث عائشة:: أمرني النبي - ﷺ -. . . " ". أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 199) .
(16) حديث أم سلمة أنه رأى في بيتها جارية في وجهها سفعة. أخرجه البخاري (فتح الباري 10 / 199) . والسفعة بفتح أولها وضمه، وهو تغير لون البعض من الوجه فيخرجه عن لونه الأصلي، فإن كان أحمر فالسفعة سوداء، وإن كان أبيض فالسفعة صفرة، والنظرة تدل على الإصابة بالعين (فتح الباري 10 / 202) .
(17) الطب النبوي للذهبي ص276.
(18) بدائع الفوائد لابن القيم 2 / 246.
(19) عن الرزقاني على الموطأ 4 / 150، وعن شرح التاودي لكتاب أدبي خليل صصفحة 3 كراس 36 طبع فاس، والدسوقي 4 / 245، وفتح الباري 10 / 205، وانظر روضة الطالبين 9 / 348.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 119/ 31