الاسْتِحالة
من معجم المصطلحات الشرعية
من موسوعة المصطلحات الإسلامية
التعريف
تحوُّل المادة من حالة إلى أخرى بفعل آدمي، أو بدونه.
من الموسوعة الكويتية
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الاِسْتِحَالَةِ لُغَةً: تَغَيُّرُ الشَّيْءِ عَنْ طَبْعِهِ وَوَصْفِهِ، أَوْ عَدَمِ الإِْمْكَانِ (1) . وَلاَ يَخْرُجُ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ وَالأُْصُولِيِّينَ لِلَفْظِ (اسْتِحَالَةٍ) عَنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ اللُّغَوِيَّيْنِ.
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوْطِنُ الْبَحْثِ:
يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ تَبَعًا لِلاِسْتِعْمَالاَتِ الْفِقْهِيَّةِ أَوِ الأُْصُولِيَّةِ:
2 - الاِسْتِعْمَال الْفِقْهِيُّ الأَْوَّل: بِمَعْنَى تَحَوُّل الشَّيْءِ وَتَغَيُّرِهِ عَنْ وَصْفِهِ. وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِحَالَةُ الْعَيْنِ النَّجِسَةِ. وَبِمَ تَكُونُ الاِسْتِحَالَةُ؟
الأَْعْيَانُ النَّجِسَةُ، كَالْعَذِرَةِ، وَالْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ، قَدْ تَتَحَوَّل عَنْ أَعْيَانِهَا وَتَتَغَيَّرُ أَوْصَافُهَا، وَذَلِكَ بِالاِحْتِرَاقِ أَوْ بِالتَّخْلِيل، أَوْ بِالْوُقُوعِ فِي شَيْءٍ طَاهِرٍ، كَالْخِنْزِيرِ يَقَعُ فِي الْمِلاَحَةِ، فَيَصِيرُ مِلْحًا.
وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى طَهَارَةِ الْخَمْرِ بِاسْتِحَالَتِهَا بِنَفْسِهَا خَلًّا، وَيَخْتَلِفُونَ فِي طَهَارَتِهَا بِالتَّخْلِيل (2) .
أَمَّا النَّجَاسَاتُ الأُْخْرَى الَّتِي تَتَحَوَّل عَنْ أَصْلِهَا فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي طَهَارَتِهَا.
وَيُفَصِّل ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ فِي مَبْحَثِ الأَْنْجَاسِ، وَكَيْفِيَّةِ تَطْهِيرِهَا، فَمَنْ يَحْكُمُ بِطَهَارَتِهَا يَقُول: إِنَّ اسْتِحَالَةَ الْعَيْنِ تَسْتَتْبِعُ زَوَال الْوَصْفِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ (3) .
وَيُرَتِّبُونَ عَلَى ذَلِكَ فُرُوعًا كَثِيرَةً، تَفْصِيلُهَا فِي مُصْطَلَحِ (تَحَوُّل) .
3 - الاِسْتِعْمَال الْفِقْهِيُّ الثَّانِي: بِمَعْنَى عَدَمِ إِمْكَانِ الْوُقُوعِ. وَمِنْ ذَلِكَ اسْتِحَالَةُ وُقُوعِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، أَوِ اسْتِحَالَةُ الشَّرْطِ الَّذِي عُلِّقَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ وَنَحْوُهُ.
فَمِنَ الشَّرَائِطِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْفُقَهَاءُ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ: أَلاَّ يَكُونَ مُسْتَحِيل التَّحَقُّقِ عَقْلاً أَوْ عَادَةً، أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُتَصَوِّرَ الْوُجُودِ حَقِيقَةً أَوْ عَادَةً، وَيَضْرِبُونَ لِذَلِكَ أَمْثِلَةً، كَمَنْ يَحْلِفُ: لأََشْرَبَنَّ الْمَاءَ الَّذِي فِي الْكُوزِ، وَلاَ مَاءَ فِيهِ، وَهَذَا فِي الْمُسْتَحِيل حَقِيقَةً. وَكَحَلِفِهِ لَيَصْعَدَنَّ إِلَى السَّمَاءِ، فَهُوَ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً.
وَهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ، وَالْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهَا، وَهَل يَكُونُ ذَلِكَ فِي يَمِينِ الْبِرِّ أَوِ الْحِنْثِ؟ وَهَل الْحُكْمُ يَسْتَوِي فِي ذَلِكَ إِنْ كَانَتِ الْيَمِينُ مُؤَقَّتَةً أَوْ مُطْلَقَةً؟ وَيُفَصِّل الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ فِي مَسَائِل الأَْيْمَانِ، وَمَسَائِل الطَّلاَقِ، وَمَسَائِل الْعِتْقِ.
الاِسْتِعْمَال الأُْصُولِيُّ:
4 - يَسْتَعْمِل الأُْصُولِيُّونَ لَفْظَ اسْتِحَالَةٍ بِمَعْنَى: عَدَمِ إِمْكَانِ الْوُقُوعِ، وَمِنْ ذَلِكَ حُكْمُ التَّكْلِيفِ بِالْمُسْتَحِيل لِذَاتِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الأُْصُولِيُّونَ فِي جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِالْمُمْتَنِعِ، وَقَسَّمُوهُ إِلَى: مُمْتَنِعٍ لِذَاتِهِ، وَمُمْتَنِعٍ لِغَيْرِهِ. فَالْمُمْتَنِعُ لِذَاتِهِ، كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ. اخْتَارَ جُمْهُورُ الأُْصُولِيِّينَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ التَّكْلِيفُ بِهِ.
وَالْمُسْتَحِيل لِغَيْرِهِ إِنْ كَانَتِ اسْتِحَالَتُهُ عَادَةً، كَالتَّكْلِيفِ بِحَمْل الْجَبَل، فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِهِ عَقْلاً، وَعَدَمِ وُقُوعِهِ شَرْعًا. وَإِنْ كَانَتِ اسْتِحَالَتُهُ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ إِرَادَةِ اللَّهِ بِهِ، كَإِيمَانِ أَبِي جَهْلٍ، فَالْكُل مُجْمِعٌ عَلَى جَوَازِهِ عَقْلاً، وَوُقُوعِهِ شَرْعًا (1) . وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.
__________
(1) المصباح المنير، مادة (حول) .
(2) نهاية المحتاج 1 / 230، والمغني 1 / 72، والدسوقي 1 / 52، وفتح القدير 1 / 139
(3) نهاية المحتاج 1 / 230، والمغني 1 / 72، والدسوقي 1 / 57، وفتح القدير 1 / 139
الموسوعة الفقهية الكويتية: 213/ 3