الأعلى
كلمة (الأعلى) اسمُ تفضيل من العُلُوِّ، وهو الارتفاع، وهو اسمٌ من...
حَلْقُ الْعَانَةِ، وهي الشعر عند قُبُل الإنسان . وسُمِّيَ اسْتِحْدَادًا لِاسْتِعْمَالِ الْحَدِيدَةِ، وهِيَ : الْمُوسَى .
حَلْقُ الْعَانَةِ (الشعر عند قُبُل الإنسان). وسُمِّيَ اسْتِحْدَادًا لِاسْتِعْمَالِ الْحَدِيدَةِ، وهِيَ: الْمُوسَى.
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِسْتِحْدَادُ لُغَةً: مَأْخُوذٌ مِنَ الْحَدِيدَةِ، يُقَال: اسْتَحَدَّ إِذَا حَلَقَ عَانَتَهُ. اسْتُعْمِل عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ وَالتَّوْرِيَةِ (1) . وَالتَّعْرِيفُ الاِصْطِلاَحِيُّ لاَ يَفْتَرِقُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، حَيْثُ عَرَّفَهُ الْفُقَهَاءُ بِقَوْلِهِمْ: الاِسْتِحْدَادُ حَلْقُ الْعَانَةِ، وَسُمِّيَ اسْتِحْدَادًا، لاِسْتِعْمَال الْحَدِيدَةِ وَهِيَ: الْمُوسَى (2) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإِْحْدَادُ:
2 - الإِْحْدَادُ: مَصْدَرُ أَحَدَّ. وَإِحْدَادُ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا تَرْكُهَا لِلزِّينَةِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الاِسْتِحْدَادُ مُخَالِفًا لِلإِْحْدَادِ، وَلاَ يَشْتَرِكُ مَعَهُ فِي وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.
ب - التَّنَوُّرُ:
3 - التَّنَوُّرُ هُوَ: الطِّلاَءُ بِالنُّورَةِ. يُقَال: تَنَوَّرَ. تَطَلَّى بِالنُّورَةِ لِيُزِيل الشَّعْرَ. وَالنُّورَةُ مِنَ الْحَجَرِ الَّذِي يُحْرَقُ، وَيُسَوَّى مِنَ الْكِلْسِ، وَيُزَال بِهِ الشَّعْرُ (3) .
فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الاِسْتِحْدَادُ أَعَمَّ فِي الاِسْتِعْمَال مِنَ التَّنَوُّرِ، لأَِنَّهُ كَمَا يَكُونُ بِالْحَدِيدَةِ يَكُونُ بِغَيْرِهَا كَالنُّورَةِ وَغَيْرِهَا.
حُكْمُهُ التَّكْلِيفِيُّ:
4 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِحْدَادَ سُنَّةٌ لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ عَلَى السَّوَاءِ. وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ دُونَ غَيْرِهِمْ بِالْوُجُوبِ لِلْمَرْأَةِ إِذَا طَلَبَ مِنْهَا زَوْجُهَا ذَلِكَ (4) .
دَلِيل مَشْرُوعِيَّتِهِ:
5 - يُسْتَدَل عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الاِسْتِحْدَادِ بِالسُّنَّةِ؛ لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَال: الْفِطْرَةُ خَمْسٌ، أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: الْخِتَانُ، وَالاِسْتِحْدَادُ، وَنَتْفُ الإِْبِطِ، وَتَقْلِيمُ الأَْظَافِرِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ. (5) وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَالاِسْتِنْشَاقُ، وَقَصُّ الأَْظَافِرِ، وَغَسْل الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الإِْبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ - قَال زَكَرِيَّا - (الرَّاوِي) : وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ (6) .
مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الاِسْتِحْدَادُ:
6 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَتَحَقَّقُ بِهِ الاِسْتِحْدَادُ عَلَى أَقْوَالٍ.
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: السُّنَّةُ الْحَلْقُ لِلرَّجُل، وَالنَّتْفُ لِلْمَرْأَةِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: الْحَلْقُ لِلرَّجُل وَالْمَرْأَةِ، وَيُكْرَهُ النَّتْفُ لِلْمَرْأَةِ؛ لأَِنَّهُ يُعَدُّ مِنَ التَّنَمُّصِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَهَذَا رَأْيُ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ (7) .
وَقَال جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ: النَّتْفُ لِلْمَرْأَةِ الشَّابَّةِ، وَالْحَلْقُ لِلْعَجُوزِ. وَنُسِبَ هَذَا الرَّأْيُ إِلَى ابْنِ الْعَرَبِيِّ (8) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ بَأْسَ بِالإِْزَالَةِ بِأَيِّ شَيْءٍ، وَالْحَلْقُ أَفْضَل (9) .
وَقْتُ الاِسْتِحْدَادِ:
7 - يُكْرَهُ تَرْكُهُ بَعْدَ الأَْرْبَعِينَ، كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: وُقِّتَ لَنَا فِي قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأَْظَافِرِ وَنَتْفِ الإِْبِطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَلاَّ يُتْرَكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. (10)
وَالضَّابِطُ فِي ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الأَْحْوَال وَالأَْشْخَاصِ وَالأَْزْمَانِ وَالأَْمَاكِنِ، بِشَرْطِ أَلاَّ يَتَجَاوَزَ الأَْرْبَعِينَ يَوْمًا، وَهُوَ التَّوْقِيتُ الَّذِي جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ (11) .
الاِسْتِعَانَةُ بِالآْخَرِينَ فِي الاِسْتِحْدَادِ:
8 - الأَْصْل عِنْدَ الْفُقَهَاءِ جَمِيعًا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الإِْنْسَانِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَنْ يُظْهِرَ عَوْرَتَهُ لأَِجْنَبِيٍّ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ. وَيُرْجَعُ إِلَى تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (اسْتِتَار، وَعَوْرَة) . وَاعْتَبَرَ الْفُقَهَاءُ حَلْقَ الْعَانَةِ لِمَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْلِقَهَا بِالْحَدِيدَةِ أَوْ يُزِيلَهَا بِالنُّورَةِ ضَرُورَةً (12) .
آدَابُ الاِسْتِحْدَادِ:
9 - تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ عَلَى آدَابِ الاِسْتِحْدَادِ فِي ثَنَايَا الْكَلاَمِ عَلَى الاِسْتِحْدَادِ، وَخِصَال الْفِطْرَةِ، وَالْعَوْرَةِ. فَقَالُوا: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ فِي حَلْقِ الْعَانَةِ مِنْ تَحْتِ السُّرَّةِ، كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْلِقَ الْجَانِبَ الأَْيْمَنَ، ثُمَّ الأَْيْسَرَ، كَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَتِرَ، وَأَلاَّ يُلْقِيَ الشَّعْرَ فِي الْحَمَّامِ أَوِ الْمَاءِ، وَأَنْ يُوَارِيَ مَا يُزِيلُهُ مِنْ شَعْرٍ وَظُفُرٍ (13) . مُوَارَاةُ الشَّعْرِ الْمُزَال أَوْ إِتْلاَفُهُ:
10 - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِاسْتِحْبَابِ مُوَارَاةِ شَعْرِ الْعَانَةِ بِدَفْنِهِ؛ لِمَا رَوَى الْخَلاَّل بِإِسْنَادِهِ عَنْ مُمْل بِنْتِ مُشَرِّحٍ الأَْشْعَرِيَّةِ قَالَتْ: رَأَيْتُ أَبِي يُقَلِّمُ أَظَافِرَهُ، وَيَدْفِنُهَا وَيَقُول: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَفْعَل ذَلِكَ. وَسُئِل أَحْمَدُ، يَأْخُذُ الرَّجُل مِنْ شَعْرِهِ وَأَظَافِرِهِ أَيُلْقِيهِ أَمْ يَدْفِنُهُ؟ قَال: يَدْفِنُهُ، قِيل: بَلَغَكَ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ؟ قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَدْفِنُهُ.
وَرُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِدَفْنِ الشَّعْرِ وَالأَْظَافِرِ، قَال الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَقَدِ اسْتَحَبَّ أَصْحَابُنَا دَفْنَهَا؛ لِكَوْنِهَا أَجْزَاءً مِنَ الآْدَمِيِّ (1) ، وَنُقِل ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ.
__________
(1) لسان العرب مادة (حدد) 3 / 141 ط دار صادر.
(2) تحفة الأحوذي 8 / 33 ط السلفية بالمدينة.
(3) لسان العرب مادة (نور) 5 / 244 ط دار صادر، والصحاح مادة (نور) 2 / 839 ط دار الكتاب العربي.
(4) المجموع للنووي 1 / 289 ط المنيرية، وكفاية الطالب 2 / 354 ط مصطفى الحلبي.
(5) رواه البخاري والترمذي.
(6) أخرجه مسلم وأحمد والنسائي والترمذي وحسنه (صحيح مسلم 1 / 223 ط الحلبي، سنن النسائي 8 / 109 ط الحلبي) .
(7) كفاية الطالب 2 / 353، وفتح الباري 10 / 273 ط عبد الرحمن محمد.
(8) فتح الباري 10 / 273
(9) المغني 1 / 86 ط السعودية، وكشاف القناع 1 / 65
(10) فتح الباري 10 / 284، والترمذي (تحفة الأحوذي 8 / 38) ومسلم 1 / 222 - ط عيسى الحلبي.
(11) تحفة الأحوذي 8 / 39، وفتح الباري 10 / 284، وكشاف القناع 1 / 65 ط السنة المحمدية، والنووي 1 / 289، وابن عابدين 5 / 261، والهندية 5 / 357، والمغني 1 / 87، وكفاية الطالب 2 / 353
(12) البحر الرائق 8 / 219
(13) الفتاوى الهندية 5 / 358، والمغني 1 / 86، والمراجع السابقة
الموسوعة الفقهية الكويتية: 216/ 3
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".