القابض
كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...
الحركة المعروفة المضادة للفتح .
هَشْمُ الشَّيْءِ وتَفْرِيقُهُ والفَصْلُ بين أَجْزائِه وجَعْلُهُ أَجْزاءً مُتَعَدِّدَةً غَيْرَ تامَّةٍ، يُقال: كَسَرَ الشَّيْءَ، يَكْسِرُهُ، كَسْراً، فانْكَسَرَ، وكَسَّرَهُ فَتَكَسَّرَ: إذا هَشَّمَهُ وفَرَّقَ بين أَجْزائِهِ، وكَسَرَ الطَّائِرُ جَناحَيْهِ كَسْراً: إذا ضَمَّهُما وهو يُرِيدُ الوُقُوعَ. والكَسْرُ مِن الحِسابِ جُزْءٌ غَيْرُ تامٍّ مِن أَجْزاءِ الواحِدِ كالنِّصْفِ، والخُمُسِ. ومِن معانِيه: النَّاحِيَةُ مِن كلِّ شَيْءٍ حتَّى يُقال لناحِيَتَي الصَّحراءِ: كِسْراها. والجَمعُ: أَكْسارٌ وكُسورٌ.
يَرِد مُصْطلَح (كَسْر) في الفقه في عِدَّة مواطِن، منها: كِتابُ الطَّهارَة، باب: المَسْح على الجَبِيْرَةِ، وفي كِتاب الزَّكاةِ، باب: زكاة النَّقديْن عند الكلامِ على زَكاةِ الذَّهَبِ المَكْسُورِ، وفي كتاب الدِّيّاتِ عند الكَلامِ على دِيَةِ كَسْرِ سِنِّ الآدَمِيِّ، وفي كتاب الضَّمان عند الكَلامِ على حُكْمِ كَسْرِ الأُمُورِ المُحَرَّمَةِ كَآلاتِ المَلاهِي والصُّلْبانِ وأَواني الخَمْرِ، ويُراد به: فَصْل الجِسْمِ الصُّلْبِ بِدَفْعِ دافِعٍ قَوِيٍّ مِن غَيْرِ نُفُوذِ جِسْمٍ فِيهِ. ويُطلَق في كِتابِ الفَرائِضِ إذا لم تَقْبَل سِهامُ بعضِ الوَرَثَةِ الحاصِلَةِ مِن أَصْلِ المَسْأَلَةِ المُسْتَحَقَّةِ القِسْمَةَ على مُسْتَحِقِّيها إلّا بِكَسْرٍ، ويُراد بِه: جُزْءٌ غَيْرُ تامٍّ مِن أَجْزاءِ الواحِدِ كالنِّصْفِ والخُمُسِ والتُّسُعِ والعُشْرِ، ويُقابِلُهُ: الصَّحِيح. ويُطلَق في عِلم أُصُولِ الفِقْه، باب: أَدِلَّة الأَحْكامِ عند الكَلامِ على قَوادِحِ القِياسِ، ويُراد بِه: أن يُبَيِّنَ المُعْتَرِضُ عَدَمَ تَأْثِيرِ أَحْدِ وَصْفَي العِلَّةِ، ونَقْض الوَصْفِ الآخَرِ، وقِيل: هو وُجُودُ معنى العِلَّةِ وانْعِدامُ الحُكْمِ. و]ثطلَق في عِلْمِ النَّحوِ، ويُراد بِه: حَرَكَةُ الإعرابِ التي تُقابِلُ النَّصْبَ والرَّفْعَ.
كسر
إزَالَةُ اتِّصَالِ عَظْمٍ لَمْ يُبَنْ.
* شرح حدود ابن عرفة : (ص 479)
* التعريفات للجرجاني : (ص 184)
* كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم : (2/1363)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (3/146)
* شرح الكوكب المنير : (4/293)
* إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : (2/933)
* المهذب في أصول الفقه المقارن : (5/2285)
* العين : (5/306)
* تهذيب اللغة : (10/31)
* مقاييس اللغة : (5/180)
* المحكم والمحيط الأعظم : (6/706)
* مختار الصحاح : (ص 269)
* لسان العرب : (5/139)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 381) -
التَّعْرِيفُ:
1 - مِنْ مَعَانِي الْكَسْرِ فِي اللُّغَةِ: قَوْلُهُمْ كَسَرَ الشَّيْءَ: إِذَا هَشَّمَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ أَجْزَائِهِ، وَالْكَسْرُ مِنَ الْحِسَابِ جُزْءٌ غَيْرُ تَامٍّ مِنْ أَجْزَاءِ الْوَاحِدِ كَالنِّصْفِ وَالْخُمُسِ (1) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، قَال الْجُرْجَانِيِّ: الْكَسْرُ فَصْل الْجِسْمِ الصُّلْبِ بِدَفْعِ دَافِعٍ قَوِيٍّ مِنْ غَيْرِ نُفُوذِ جِسْمٍ فِيهِ (2)
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الْقَطْعُ:
2 - الْقَطْعُ إِبَانَةُ بَعْضِ أَجْزَاءِ الْجِرْمِ مِنْ بَعْضٍ فَصْلاً (3) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ فَصْل الْجِسْمِ بِنُفُوذِ جِسْمٍ آخَرَ فِيهِ (4) . فَالْكَسْرُ أَعَمُّ وَالْقَطْعُ أَخَصُّ. ب - الْجُرْحُ:
3 - الْجُرْحُ مِنْ جَرَحَهُ جُرْحًا: أَثَّرَ فِيهِ بِالسِّلاَحِ (5) .
فَهُوَ أَخَصُّ مِنَ الْكَسْرِ.
ج - الشَّجَّةُ:
4 - الشَّجَّةُ: الْجُرْحُ فِي الْوَجْهِ، وَالرَّأْسِ خَاصَّةً (6) ، وَلاَ يَكُونُ فِي غَيْرِهِمَا مِنَ الْجِسْمِ.
فَهِيَ أَخَصُّ مِنَ الْكَسْرِ.
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْكَسْرِ:
حُكْمُ كَسْرِ الْعَظْمِ:
5 - كَسْرُ عَظْمِ مَحْقُونِ الدَّمِ بِالإِْسْلاَمِ أَوِ الذِّمَّةِ أَوِ الْعَهْدِ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا مَحْظُورٌ، كَحُرْمَةِ الاِعْتِدَاءِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ إِجْمَاعًا.
مَا يَجِبُ فِي كَسْرِ عَظْمِ الآْدَمِيِّ:
6 - ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى وُجُوبِ الْقَوَدِ فِي كَسْرِ السِّنِّ عَمْدًا، إِذَا تَحَقَّقَتْ فِيهِ شُرُوطُ الْقِصَاصِ، وَأُمِنَ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْقَدْرِ الْمَكْسُورِ، أَوِ انْقِلاَعِ السِّنِّ، أَوِ اسْوِدَادِ مَا بَقِيَ مِنْهُ، أَوِ احْمِرَارِهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَْنْفَ بِالأَْنْفِ وَالأُْذُنَ بِالأُْذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} (7) ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ مِنَ الزِّيَادَةِ فَلاَ قَوَدَ، وَيَجِبُ فِيهِ الأَْرْشُ؛ لأَِنَّ تَوَهُّمَ الزِّيَادَةِ يَمْنَعُ الْقِصَاصَ (ر: أَرْشٌ، ف 4 وَمَا بَعْدَهَا) .
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَاهَا مِنَ الْعِظَامِ: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ، إِلَى أَنَّهُ لاَ قَوَدَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ؛ لِعَدَمِ وُثُوقِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهَا (8) . (ر: قِصَاصٌ) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجْرِي فِيهَا الْقَوَدُ كَسَائِرِ جِرَاحَاتِ الْجِسْمِ، إِلاَّ مَا عَظُمَ خَطَرُهُ مِنْهَا، كَعَظْمِ الصَّدْرِ، وَالصُّلْبِ، وَعِظَامِ الْعُنُقِ وَالْفَخِذِ، أَمَّا مَا لاَ خَطَرَ فِي إِجْرَاءِ الْقِصَاصِ فِيهِ فَفِيهِ الْقَوَدُ، كَالزَّنْدَيْنِ، وَالذِّرَاعَيْنِ، وَالْعَضُدَيْنِ، وَالسَّاقَيْنِ، وَنَحْوِهَا (9) .
دِيَةُ كَسْرِ الْعَظْمِ:
7 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا، وَإِنَّمَا تَجِبُ فِيهِ الْحُكُومَةُ، وَهِيَ مَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ أَوِ الْمُحَكَّمُ بِشَرْطِهِ (10) . (ر: حُكُومَةُ عَدْلٍ ف 4) .
وَاسْتَثْنَوْا مِنْهَا السِّنَّ، فَفِيهِ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَهُوَ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ لِلنَّصِّ (ر: سِنٌّ. ف 10) .
وَاسْتَثْنَى الْحَنَابِلَةُ أَيْضًا: التَّرْقُوَتَيْنِ، وَالزَّنْدَيْنِ، وَالضِّلْعَ، فَفِيهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، قَالُوا: وَكَانَ مُقْتَضَى الدَّلِيل وُجُوبَ الْحُكُومَةِ فِي الْعِظَامِ كُلِّهَا، وَإِنَّمَا خَالَفْنَاهُ لآِثَارٍ وَرَدَتْ فِي هَذِهِ الأَْعْظُمِ، وَمَا عَدَاهَا يَبْقَى عَلَى مُقْتَضَى الدَّلِيل، فَيَجِبُ فِي الزَّنْدَيْنِ أَرْبَعَةُ أَبْعِرَةٍ، وَفِي كَسْرِ السَّاقِ بَعِيرَانِ، وَفِي السَّاقَيْنِ أَرْبَعَةٌ، وَفِي الْفَخِذِ بَعِيرَانِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ لَمْ يَجِبْ فِي كَسْرِ الْعَظْمِ قِصَاصٌ، وَبَرِئَ وَعَادَ الْعُضْوُ لِهَيْئِهِ فَلاَ شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ بَرِئَ وَفِيهِ اعْوِجَاجٌ فَفِيهِ الْحُكُومَةُ (11) (ر: دِيَاتٌ ف 63 - ف 68، حُكُومَةُ عَدْلٍ ف 4) .
كَسْرُ آلاَتِ اللَّهْوِ وَالصُّلْبَانِ وَظُرُوفِ الْخَمْرِ:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ فِي كَسْرِ آلاَتِ اللَّهْوِ، وَالصُّلْبَانِ، وَأَوْعِيَةِ الْخَمْرِ.
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ إِنْ كَسَرَ آلَةَ لَهْوٍ صَالِحَةً لِغَيْرِ اللَّهْوِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا صَالِحَةً لِغَيْرِ اللَّهْوِ؛ لأَِنَّهَا أَمْوَالٌ مُتَقَوَّمَةٌ صَالِحَةٌ لِلاِنْتِفَاعِ بِهَا لِغَيْرِ اللَّهْوِ، فَلَمْ يُنَافِ الضَّمَانَ. فَإِنْ لَمْ تَصْلُحْ لِغَيْرِ اللَّهْوِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا (12)
وَيُفْهَمُ مِنْ كَلاَمِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ آلاَتِ اللَّهْوِ تُضْمَنُ قِيمَتُهَا مَكْسُورَةً (13) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: الأَْصْنَامُ وَالصُّلْبَانُ وَآلاَتُ الْمَلاَهِي، وَالأَْوَانِي الْمُحَرَّمُ اتِّخَاذُهَا، غَيْرُ مَضْمُونَةٍ، فَلاَ يَجِبُ فِي إِبْطَالِهَا شَيْءٌ؛ لأَِنَّ مَنْفَعَتَهَا مُحَرَّمَةٌ، وَالْمُحَرَّمُ لاَ يُقَابَل بِشَيْءٍ مَعَ وُجُوبِ إِبْطَالِهَا عَلَى الْقَادِرِ عَلَيْهِ.
وَالأَْصَحُّ عِنْدَهُمْ أَنَّهَا لاَ تُكْسَرُ الْكَسْرَ الْفَاحِشَ؛ لإِِمْكَانِ إِزَالَةِ الْهَيْئَةِ الْمُحَرَّمَةِ مَعَ بَقَاءِ بَعْضِ الْمَالِيَّةِ، بَل تُفْصَل لِتَعُودَ كَمَا قَبْل التَّأْلِيفِ، لِزَوَال اسْمِهَا وَهَيْئَتِهَا الْمُحَرَّمَةِ بِذَلِكَ، فَلاَ تَكْفِي إِزَالَةُ الأَْوْتَارِ مَعَ بَقَاءِ الْجِلْدِ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّهَا مُجَاوِرَةٌ لَهَا مُنْفَصِلَةٌ.
وَالثَّانِي لاَ يَجِبُ تَفْصِيل الْجَمِيعِ، بَل بِقَدْرِ مَا يَصْلُحُ لِلاِسْتِعْمَال.
وَقَالُوا إِنْ عَجَزَ الْمُنْكِرُ عَنْ رِعَايَةِ هَذَا الْحَدِّ فِي الإِْنْكَارِ لِمَنْعِ صَاحِبِ الْمُنْكَرِ مَنْ يُرِيدُ إِبْطَالَهُ لِقُوَّتِهِ، أَبْطَلَهُ كَيْفَ تَيَسَّرَ وَلَوْ بِإِحْرَاقٍ تَعَيَّنَ طَرِيقًا، وَإِلاَّ فَبِكَسْرٍ، فَإِنْ أَحْرَقَهَا وَلَمْ يَتَعَيَّنْ غَرِمَ قِيمَتَهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ، لِتَمَوُّل رُضَاضِهَا وَاحْتِرَامِهِ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَشْرُوعَ مَعَ إِمْكَانِهِ، فَإِنَّهُ لاَ يَلْزَمُهُ سِوَى التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهَا مَكْسُورَةً بِالْحَدِّ الْمَشْرُوعِ وَقِيمَتِهَا مُنْتَهِيَةً إِلَى الْحَدِّ الَّذِي أَتَى بِهِ
وَمِثْل آلاَتِ اللَّهْوِ فِي الأَْحْكَامِ: أَوَانِي الْخَمْرِ، وَظُرُوفُهَا، إِنْ تَعَذَّرَ إِرَاقَةُ الْخَمْرِ لِضِيقِ رُءُوسِ الأَْوَانِي، وَخَشْيَةِ لُحُوقِ مَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ إِرَاقَتِهَا، فَيَكْسِرُ الظَّرْفَ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَكَذَا إِنْ كَانَتْ إِرَاقَتُهُ تَأْخُذُ مِنْ وَقْتِهِ زَمَنًا غَيْرَ تَافِهٍ،تَتَعَطَّل فِيهِ مَصَالِحُهُ إِذَا شُغِل بِكَسْرِهَا، هَذَا لِلآْحَادِ، أَمَّا الْوُلاَةُ، فَلَهُمْ كَسْرُ ظُرُوفِهَا مُطْلَقًا زَجْرًا وَتَأْدِيبًا (14) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ: لاَ يَجِبُ فِي كَسْرِهَا شَيْءٌ مُطْلَقًا، كَالْمَيْتَةِ، لِحَدِيثِ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ، وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ، وَالأَْصْنَامِ (15) ، وَوَرَدَ: أَمَرَنِي رَبِّي ﷿ بِمَحْقِ الْمَعَازِفِ وَالْمَزَامِيرِ (16) وَكَذَا آنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَلاَ يَضْمَنُ إِنْ كَسَرَهَا؛ لأَِنَّ اتِّخَاذَهَا مُحَرَّمٌ وَفِي ضَمَانِ أَوَانِي الْخَمْرِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ،
إِحْدَاهُمَا: يَضْمَنُهَا؛ لأَِنَّهُ مَالٌ يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ وَيَحِل بَيْعُهُ، فَيَضْمَنُهَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا خَمْرٌ؛ لأَِنَّ جَعْل الْخَمْرِ فِيهَا لاَ يَقْتَضِي سُقُوطَ ضَمَانِهَا، كَالْبَيْتِ الَّذِي جُعِل مَخْزَنًا لِلْخَمْرِ، وَالثَّانِي: لاَ يَضْمَنُ (17) ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ﵄ قَال: أَمَرَنِي رَسُول اللَّهِ ﷺ أَنْ آتِيَهُ بِمُدْيَةٍ - وَهِيَ الشَّفْرَةُ - فَأَتَيْتُهُ بِهَا فَأَرْسَل بِهَا فَأُرْهِقَتْ ثُمَّ أَعْطَانِيهَا، وَقَال: اغْدُ عَلَيَّ بِهَا فَفَعَلْتُ، فَخَرَجَ بِأَصْحَابِهِ إِلَى أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ، وَفِيهَا زُقَاقُ خَمْرٍ قَدْ جُلِبَتْ مِنَ الشَّامِ، فَأَخَذَ الْمُدْيَةَ مِنِّي، فَشَقَّ مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الزُّقَاقِ بِحَضْرَتِهِ وَأَعْطَانِيهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَنْ يَمْضُوا مَعِي وَأَنْ يُعَاوِنُونِي، وَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الأَْسْوَاقَ كُلَّهَا فَلاَ أَجِدُ فِيهَا زِقَّ خَمْرٍ إِلاَّ شَقَقْتُهُ فَفَعَلْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ فِي أَسْوَاقِهَا زِقًّا إِلاَّ شَقَقْتُهُ (18) .
الْكَسْرُ فِي سِهَامِ الْوَرَثَةِ مِنَ التَّرِكَةِ:
9 - إِذَا لَمْ تَقْبَل الْقِسْمَةَ سِهَامُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ أَصْل الْمَسْأَلَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا إِلاَّ بِكَسْرٍ، يُصَحَّحُ الْكَسْرُ بِجَعْل السِّهَامِ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ عَلَى الْوَرَثَةِ بِدُونِ كَسْرٍ، وَتَصْحِيحُ الْمَسْأَلَةِ: أَنْ يَضْرِبَ أَصْل الْمَسْأَلَةِ إِنْ عَالَتْ فِي أَقَل عَدَدٍ يُمْكِنُ مَعَهُ أَنْ يَأْخُذَ كُل وَارِثٍ بِقَدْرٍ مِنَ السِّهَامِ بِلاَ كَسْرٍ، وَحَاصِل الضَّرْبِ هُوَ أَصْل الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ التَّصْحِيحِ، وَيَتِمُّ ذَلِكَ وَفْقَ قَوَاعِدَ تُذْكَرُ فِي مُصْطَلَحِ (إِرْثٌ ف 72) .
__________
(1) المعجم الوسيط.
(2) التعريفات.
(3) لسان العرب.
(4) التعريفات.
(5) لسان العرب.
(6) لسان العرب.
(7) سورة المائدة 54.
(8) نهاية المحتاج 7 / 285، وحاشية القليوبي 4 / 411، وابن عابدين 5 / 354، والمغني 7 / 710 - 711.
(9) مواهب الجليل 6 / 248.
(10) المغني 8 / 54، ونهاية المحتاج 7 / 344، وروض الطالب 4 / 58، وابن عابدين 5 / 374.
(11) مواهب الجليل 6 / 248.
(12) حاشية ابن عابدين 5 / 134 - 135، بدائع الصنائع 7 / 167 - 168.
(13) حاشية الدسوقي 4 / 336.
(14) روض الطالب 2 / 344، ونهاية المحتاج 5 / 168 - 169.
(15) حديث: " إن الله ورسوله حرم. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 4 / 424) ط. السلفية ومسلم (3 / 1207) .
(16) حديث: " أمرني ربي ﷿ بمحق المعازف والمزامير " أخرجه أحمد (5 / 268) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (5 / 69) : فيه علي بن يزيد وهو ضعيف.
(17) المغني 5 / 301 - 302.
(18) حديث: عبد الله بن عمر: " أمرني رسول الله ﷺ أن آتيه بمدية. . " أخرجه أحمد (2 / 132 - 133) وقال الهيثمي في المجمع (5 / 54) : رواه أحمد بإسنادين، في أحدهما أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط، وفي الآخر أبو طعمة وقد وثقه حمد بن عبد الله ابن عمار الموصلي، وضعفه مكحول، وبقية رجاله ثقات.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 246/ 34
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".