الله
أسماء الله الحسنى وصفاته أصل الإيمان، وهي نوع من أنواع التوحيد...
مسألة في الميراث . وهي : زوج، وأم، وأخت لأبوين، أو لأب . ومن شواهده قولهم : "عول ثمانية : زوج، وأخت، وأم، للزوج النصف، وللأخت النصف، وللأم الثلث سهمان، تعول إلى ثمانية، وهي مسألة المباهَلة ."
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُبَاهَلَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنْ بَاهَلَهُ مُبَاهَلَةً لَعَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآْخَرَ وَابْتَهَل إِلَى اللَّهِ: ضَرَعَ إِلَيْهِ، وَبَهَلَهُ بَهْلاً: لَعَنَهُ وَمِنْهُ قَوْل أَبِي بَكْرٍ: مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَلَمْ يُعْطِهِمْ كِتَابَ اللَّهِ فَعَلَيْهِ بَهْلَةُ اللَّهِ (1) أَيْ لَعْنَتُهُ، وَبَاهَل بَعْضُهُمْ بَعْضًا: اجْتَمَعُوا فَتَدَاعَوْا فَاسْتَنْزَلُوا لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِ مِنْهُمْ وَفِي أَثَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلأَْمَةِ ظِهَارٌ (2) .
وَلاَ يَخْرُجُ مَعْنَاهُ الاِصْطِلاَحِيُّ عَنْ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ (3) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
أ - الْمُبَاهَلَةُ فِي الْفَرَائِضِ
2 - ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ فِي بَابِ الْفَرَائِضِ مَسْأَلَةً سُمِّيَتْ بِالْمُبَاهَلَةِ وَهِيَ: زَوْجٌ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ لأَِبَوَيْنِ أَوْ لأَِبٍ حَكَمَ فِيهَا سَيِّدُنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ فِي زَمَنِ خِلاَفَتِهِ بِالْعَوْل بَل قِيل: إِنَّهَا أَوَّل فَرِيضَةٍ أُعِيلَتْ فِي زَمَنِ عُمَرَ ﵁ فَخَالَفَهُ فِيهَا ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄ صَغِيرًا فَلَمَّا كَبُرَ أَظْهَرَ الْخِلاَفَ بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ ﵁ وَجَعَل لِلزَّوْجِ النِّصْفَ وَلِلأُْمِّ الثُّلُثَ وَلِلأُْخْتِ مَا بَقِيَ وَلاَ عَوْل حِينَئِذٍ فَقِيل لَهُ: لِمَ لَمْ تَقُل هَذَا لِعُمَرِ؟ فَقَال: كَانَ رَجُلاً مُهَابًا فَهِبْتُهُ ثُمَّ قَال: إِنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْل عَالِجٍ عَدَدًا لَمْ يَجْعَل فِي الْمَال نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا، ذَهَبَ النِّصْفَانِ بِالْمَال فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ؟ ثُمَّ قَال لَهُ عَلِيٌّ ﵁: هَذَا لاَ يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا لَوْ مِتَّ أَوْ مِتُّ لَقُسِّمَ مِيرَاثُنَا عَلَى مَا عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ خِلاَفِ رَأْيِكَ. قَال: فَإِنْ شَاءُوا فَلْنَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَهُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَهُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَهُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (4) فَسُمِّيَتِ الْمُبَاهَلَةُ لِذَلِكَ (5) .
وَلِلتَّفْصِيل (ر: إِرْثٌ ف 56) . ب - مَشْرُوعِيَّةُ الْمُبَاهَلَةِ
3 - قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الْمُبَاهَلَةُ بِمَعْنَى الْمُلاَعَنَةِ مَشْرُوعَةٌ فِي زَمَانِنَا (6) وَقَدْ وَرَدَتِ الْمُبَاهَلَةُ فِي الأَْصْل فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَل عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَل آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَال لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُل تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِل فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} حَيْثُ نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَاتُ بِسَبَبِ وَفْدِ نَجْرَانَ حِينَ لَقَوْا نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلُوهُ عَنْ عِيسَى فَقَالُوا: كُل آدَمِيٍّ لَهُ أَبٌ فَمَا شَأْنُ عِيسَى لاَ أَبَ لَهُ (7) وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لَمَّا دَعَا أُسْقُفَّ نَجْرَانَ وَالْعَاقِبَ إِلَى الإِْسْلاَمِ قَالُوا: قَدْ كُنَّا مُسْلِمِينَ قَبْلَكَ فَقَال: كَذَبْتُمَا مَنَعَ الإِْسْلاَمَ مِنْكُمَا ثَلاَثٌ: قَوْلُكُمَا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَسُجُودُكُمَا لِلصَّلِيبِ، وَأَكْلُكُمَا الْخِنْزِيرَ، قَالاَ: مَنْ أَبُو عِيسَى؟ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُول فَأَنْزَل اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَل عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَل آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} إِلَى قَوْلِهِ {فَنَجْعَل لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} فَدَعَاهُمُ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ فَقَال بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنْ فَعَلْتُمُ اضْطَرَمَ الْوَادِي عَلَيْكُمْ نَارًا. . فَإِنَّ مُحَمَّدًا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَلَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ جَاءَكُمْ بِالْفَصْل فِي أَمْرِ عِيسَى فَقَالُوا أَمَا تَعْرِضُ عَلَيْنَا سِوَى هَذَا؟ فَقَال ﷺ: الإِْسْلاَمُ أَوِ الْجِزْيَةُ أَوِ الْحَرْبُ فَأَقَرُّوا بِالْجِزْيَةِ وَانْصَرَفُوا إِلَى بِلاَدِهِمْ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوا فِي كُل عَامٍ أَلْفَ حُلَّةٍ فِي صَفَرٍ وَأَلْفَ حُلَّةٍ فِي رَجَبٍ فَصَالَحَهُمْ رَسُول اللَّهِ ﷺ عَلَى ذَلِكَ بَدَلاً مِنَ الإِْسْلاَمِ (8) .
قَال الْعُلَمَاءُ: وَفِي هَذِهِ الآْيَاتِ دَحْضٌ لِشُبَهِ النَّصَارَى فِي أَنَّ عِيسَى إِلَهٌ أَوِ ابْنُ الإِْلَهِ كَمَا أَنَّهَا مِنْ أَعْلاَمِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ ﷺ لأَِنَّهُ لَمَّا دَعَاهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ أَبَوْا وَرَضُوا بِالْجِزْيَةِ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمْ كَبِيرُهُمُ الْعَاقِبُ: أَنَّهُمْ إِنْ بَاهَلُوهُ اضْطَرَمَ عَلَيْهِمُ الْوَادِي نَارًا وَلَمْ يَبْقَ نَصْرَانِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيَّةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَوْلاَ أَنَّهُمْ عَرَفُوا يَقِينًا أَنَّهُ نَبِيٌّ مَا الَّذِي كَانَ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْمُبَاهَلَةِ؟ فَلَمَّا أَحْجَمُوا وَامْتَنَعُوا عَنْهَا دَل عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا عَرَفُوا صِحَّةَ نُبُوَّتِهِ ﷺ بِالدَّلاَئِل الْمُعْجِزَاتِ وَبِمَا وَجَدُوا مِنْ نَعْتِهِ فِي كُتُبِ الأَْنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ (9) .
__________
(1) قول أبي بكر الصديق: " من ولي من أمر الناس شيئًا. . . ". أخرجه ابن قتيبة في غريب الحديث (1 / 570) .
(2) أثر ابن عباس: " من شاء باهلته. . . ". أخرجه البيهقي في السنن (7 / 383) .
(3) المصباح المنير، والمفردات في غريب القرآن، والمعجم الوسيط، وتفسير القرطبي 4 / 104.
(4) أثر ابن عباس المذكور ملفق من عدة روايات، في مصنف عبد الرزاق (10 / 254 - 258) ، وسنن البيهقي (6 / 253) .
(5) مغني المحتاج 3 / 33، والقليوبي 3 / 152، والمغني لابن قدامة 6 / 191، وانظر حاشية ابن عابدين 5 / 501.
(6) ابن عابدين 2 / 541، 589.
(7) حديث: " وفد نجران حين لقوا نبي الله ﷺ. . . ". أخرجه ابن جرير في تفسيره (6 / 469 - ط. دار المعارف) من حديث قتادة مرسلاً.
(8) تفسير القرطبي 4 / 102، 104، وأحكام القرآن للجصاص 2 / 14، وأحكام القرآن لابن العربي 1 / 360. والحديث أورده السيوطي في الدر المنثور (2 / 229) بلفظ مقارب وعزاه إلى ابن سعد وعبد بن حميد من حديث الأزرق بن قيس مرسلاً.
(9) المصادر السابقة.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 57/ 36