الواسع
كلمة (الواسع) في اللغة اسم فاعل من الفعل (وَسِعَ يَسَع) والمصدر...
تمليك الغير منفعة شيء مؤقتاً بلا عوض . مثل إعارة المرء سيارته لقريب له ليركبها مؤقتاً دون عوض . ومن شواهده عن أمية بن صفوان بن أمية عَنْ أَبِيهِ : "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم اسْتَعَارَ مِنْهُ يَوْمَ حُنَيْنٍ أَدْرَاعًا، فَقَالَ : أَغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ؟ فَقَالَ : بَلْ عَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ ". أحمد :15302. وحسنه الأرنؤوط .
طلب تمليك منفعة شيء مؤقت بلا عوض.
التَّعْرِيفُ:
1 - الاِسْتِعَارَةُ هِيَ: طَلَبُ الإِْعَارَةِ، وَالإِْعَارَةُ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِلاَ عِوَضٍ (1)
(صِفَتُهَا) حُكْمُهَا التَّكْلِيفِيُّ:
2 - الأَْصْل أَنَّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ أُبِيحَ لَهُ طَلَبُهُ، وَمَنْ لاَ فَلاَ.
وَيَخْتَلِفُ حُكْمُهَا بِحَسَبِ الْحَالَةِ الَّتِي يَتِمُّ فِيهَا الطَّلَبُ.
فَقَدْ تَكُونُ الاِسْتِعَارَةُ وَاجِبَةً إِذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهَا إِحْيَاءُ نَفْسٍ، أَوْ حِفْظُ عِرْضٍ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الأُْمُورِ الضَّرُورِيَّةِ، لأَِنَّ سَدَّ الضَّرُورَاتِ وَاجِبٌ لاَ يَجُوزُ التَّسَاهُل فِيهِ، وَمَا لاَ يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلاَّ بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (2) .
وَقَدْ تَكُونُ مَنْدُوبَةً لِيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى الْخَيْرِ كَاسْتِعَارَةِ الْكُتُبِ النَّافِعَةِ.
وَتَكُونُ الاِسْتِعَارَةُ مَكْرُوهَةً، عِنْدَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنَّةٌ، وَلِحَاجَةٍ لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْهَا، وَقَدْ عَدَّ الْفُقَهَاءُ مِنْ ذَلِكَ اسْتِعَارَةُ الْفَرْعِ أَصْلَهُ لِخِدْمَتِهِ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ ذُل الْخِدْمَةِ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يُنَزَّهَ عَنْهَا الآْبَاءُ. (3)
وَقَدْ تَكُونُ الاِسْتِعَارَةُ مُحَرَّمَةً، كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ شَيْئًا لِيَتَعَاطَى بِهِ تَصَرُّفًا مُحَرَّمًا، كَاسْتِعَارَتِهِ سِلاَحًا لِيَقْتُل بِهِ بَرِيئًا، أَوْ آلَةَ لَهْوٍ لِيَجْمَعَ عَلَيْهَا الْفُسَّاقَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. (4)
آدَابُ الاِسْتِعَارَةِ:
3 - مِنْ آدَابِهَا:
أ - أَلاَّ يُذِل نَفْسَهُ، بَل إِنِ اسْتَعَارَ اسْتَعَارَ بِعِزٍّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الاِسْتِعَارَةِ وَالاِسْتِجْدَاءِ: أَنَّ الاِسْتِجْدَاءَ يَكُونُ مَعَ الذُّل، وَالاِسْتِعَارَةُ تَكُونُ مَعَ الْعِزِّ (5) ، وَلِذَلِكَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتْرُكَ الاِسْتِعَارَةَ مِمَّنْ يَمُنُّ عَلَيْهِ طَالَمَا لَهُ مَنْدُوحَةٌ عَنْ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.
ب - وَأَلاَّ يُلْحِفَ فِي طَلَبِ الإِْعَارَةِ، وَالإِْلْحَافُ هُوَ إِعَادَةُ السُّؤَال بَعْدَ الرَّدِّ، وَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ الْمُلْحِفِينَ بِالسُّؤَال بِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} (6) وَإِنَّمَا نَهَى عَنْهُ لأَِنَّ هَذَا الإِْلْحَافَ قَدْ يُخْرِجُ الْمُعِيرَ عَنْ طَوْرِهِ، فَيَقَعُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَحْظُورَاتِ، كَالْكَلاَمِ الْبَذِيءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهُوَ أَذًى يُنْزِلُهُ الْمُسْتَعِيرُ بِالْمُعِيرِ، (7) قَال ﵊: لاَ تُلْحِفُوا فِي الْمَسْأَلَةِ (8) .
وَلَكِنْ يَجُوزُ التَّكْرَارُ لِبَيَانِ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَى الاِسْتِعَارَةِ. (9)
ج - وَأَنْ يُقَدِّمَ الاِسْتِعَارَةَ مِنَ الرَّجُل الصَّالِحِ عَلَى الاِسْتِعَارَةِ مِنْ غَيْرِهِ، لِمَا يَتَحَرَّاهُ الصَّالِحُونَ مِنَ الْمَال الْحَلاَل، وَلِمَا يَحْمِلُونَهُ مِنْ نُفُوسٍ طَيِّبَةٍ تَجُودُ بِالْخَيْرِ. قَال النَّبِيُّ ﵊: إِنْ كُنْتَ سَائِلاً لاَ بُدَّ فَاسْأَل الصَّالِحِينَ. (10) د - وَأَلاَّ يَسْأَل بِوَجْهِ اللَّهِ، وَلاَ بِحَقِّ اللَّهِ، كَقَوْلِهِ: أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ، أَوْ بِحَقِّ اللَّهِ أَنْ تُعِيرَنِي كَذَا، لِمَا فِيهِ مِنِ اتِّخَاذِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى آلَةً. (1) قَال ﵊: لاَ يُسْأَل بِوَجْهِ اللَّهِ إِلاَّ الْجَنَّةُ (2) وَقَال: مَلْعُونٌ مَنْ سَأَل بِوَجْهِ اللَّهِ (3) .
وَلِلتَّفْصِيل يُرْجَعُ إِلَى (إِعَارَةٌ) .
__________
(1) الدر المختار مع رد المحتار 2 / 502 ط بولاق، وبلغة السالك على الشرح الصغير 2 / 205، ومغني المحتاج 3 / 263، وغاية المنتهى 2 / 227.
(2) المحلى 9 / 158 طبع المنيرية. والفتاوى البزازية 6 / 357 طبع بولاق الثانية بهامش الفتاوى الهندية، وانظر الحاجات الضرورية في تبيين الحقائق 1 / 306 طبع بولاق 1313، وحاشية ابن عابدين 2 / 69 طبع بولاق الأولى.
(3) حاشية الجمل على شرح المنهج 3 / 456 طبع دار إحياء التراث العربي.
(4) حاشية الجمل 3 / 455، ونهاية المحتاج 5 / 115 - 120، والمغني 2 / 692، ومنتهى الإرادات 2 / 211.
(5) شرح النووي لمسلم 7 / 127 طبع المطبعة المصرية.
(6) سورة البقرة 273.
(7) شرح النووي لمسلم 7 / 127، وعون المعبود 2 / 40، وتفسير القرطبي 3 / 346، وغاية المنتهى 1 / 316.
(8) أخرجه مسلم والنسائي من حديث معاوية (صحيح مسلم 2 / 718 ط عيسى الحلبي، وسنن النسائي 5 / 73 ط مصطفى الحلبي الطبعة الأولى 1383 هـ) .
(9) أحكام ابن العربي 1 / 240 طبع عيسى البابي الحلبي.
(10) حديث " إن كنت سائلا. . . " أخرجه أبو داود (عون المعبود 5 / 61 ط السلفية) والنسائي (سنن النسائي 5 / 95 ط المطبعة المصرية بالأزهر) من حديث مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي (عن الفراسي) . قال عبد الحق: وابن الفراسي لا يعلم أنه روى عنه إلا بكر بن سوادة (فيض القدير 3 / 35) ورمز الألباني لضعفه (ضعيف الجامع الصغير وزيادته 2 / 6 نشر المكتب الإسلامي) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 16/ 4
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".