العفو
كلمة (عفو) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعول) وتعني الاتصاف بصفة...
بيع مال ربوي بربوي آخر من جنسه، مع ربوي من غير جنسه . ومن شواهده قولهم : " قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ الدِّينَارَ مُفْرَدًا، لَمْ يَأْخُذْهُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ؛ يَعْنِي أَنَّ ذَلِكَ الدِّينَارَ الرَّدِيءَ الَّذِي مَعَ السِّلْعَةِ، لَوْ بَاعَهُ مُفْرَدًا لَمْ يُعْطِهِ بِهِ الدِّينَارَ الْجَيِّدَ مِنْ الدِّينَارَيْنِ، وَإِنَّمَا أَضَافَ إلَيْهِ السِّلْعَةَ، لِيَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى أَخْذِ بَعْضِ دِينَارٍ جَيِّدٍ بِدِينَارٍ رَدِيءٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ مُدَّيْ عَجْوَةٍ؛ لِأَنَّهَا تُفْرَضُ فِيمَنْ بَاعَ مُدَّ عَجْوَةٍ، وَدِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، وَجَوَّزَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ ."
عنوان مسألة تتمثل في بيع مال ربوي بربوي آخر من جنسه، مع ربوي من غير جنسه.
التَّعْرِيفُ:
ا - الْمُدُّ فِي اللُّغَةِ: كَيْلٌ مِقْدَارُهُ رَطْلٌ وَثُلُثٌ عِنْدَ أَهْل الْحِجَازِ وَهُوَ رُبُعُ صَاعٍ، لأَِنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ.
أَمَّا الْعَجْوَةُ فَهِيَ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْرِ، قَال الْجَوْهَرِيُّ: الْعَجْوَةُ: ضَرْبٌ مِنْ أَجْوَدِ التَّمْرِ بِالْمَدِينَةِ هِيَ الصَّيْحَانِيَّةُ، وَبِهَا ضُرُوبٌ مِنَ الْعَجْوَةِ لَيْسَ لَهَا عُذُوبَةُ الصَّيْحَانِيَّةِ، وَلاَ رِيِّهَا وَلاَ امْتِلاَؤُهَا، وَحَكَى ابْنُ سَيِّدَةَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: الْعَجْوَةُ بِالْحِجَازِ أُمُّ التَّمْرِ الَّذِي إِلَيْهِ الْمَرْجِعُ كَالشَّهْرَيْنِ بِالْبَصْرَةِ، وَالنَّبْتِيِّ بِالْبَحْرَيْنِ، وَالْجُذَامِيِّ بِالْيَمَامَةِ (1) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ:
2 - مُدُّ عَجْوَةٍ اسْمُ مَسْأَلَةٍ اشْتُهِرَتْ بِهَذَا الاِسْمِ.
وَصُورَتُهَا: أَنْ تَجْمَعَ صَفْقَةً رِبَوِيًّا مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ فِي الْجَانِبَيْنِ: كَمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ بِمُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ، أَوْ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمَيْنِ بِمُدَّيْنِ، أَوْ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ، أَوِ اشْتَمَلاَ عَلَى جِنْسٍ رِبَوِيٍّ وَانْضَمَّ إِلَيْهِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ فِيهِمَا: كَدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا كَدِرْهَمٍ وَثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ، أَوِ اخْتَلَفَ النَّوْعُ مِنَ الْجَانِبَيْنِ: بِأَنِ اشْتَمَل أَحَدُهُمَا مِنْ جَنْسٍ رِبَوِيٍّ عَلَى نَوْعَيْنِ اشْتَمَل الآْخَرُ عَلَيْهِمَا، كَمُدِّ تَمْرٍ صَيْحَانِيٍّ وَمُدٍّ بَرْنِيٍّ بِمُدِّ تَمْرٍ صَيْحَانِيٍّ وَمُدٍّ بَرْنِيٍّ، أَوْ عَلَى أَحَدِهِمَا: كَمُدِّ صَيْحَانِيٍّ وَمُدِّ بَرْنِيٍّ بِمُدَّيْنِ صَيْحَانِيٍّ أَوْ بَرْنِيٍّ، أَوِ اخْتَلَفَ الْوَصْفُ فِي الْجَانِبَيْنِ بِأَنِ اشْتَمَل أَحَدُهُمَا فِي جِنْسٍ رِبَوِيٍّ عَلَى وَصْفَيْنِ اشْتَمَل الآْخَرُ عَلَيْهِمَا، كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ يَنْقُصُ قِيمَتُهَا عَنْ قِيمَةِ الصِّحَاحِ بِصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ، أَوْ جَيِّدَةٍ وَرَدِيئَةٍ بِجَيِّدَةٍ وَرَدِيئَةٍ، أَوْ بِأَحَدِهِمَا، فَكُل هَذِهِ الصُّوَرِ بَاطِلَةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ (2) ، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عَبِيدٍ ﵁ قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِقِلاَدَةٍ فِيهَا ذَهَبٌ وَخَرَزٌ، فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ ﷺ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلاَدَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَال لَهُمْ رَسُول اللَّهِ ﷺ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ - وَفِي رِوَايَةٍ: - ابْتَاعَهَا رَجُلٌ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ سَبْعَةِ دَنَانِيرَ فَقَال النَّبِيُّ ﷺ : لاَ حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا (1) وَلأَِنَّ قَضِيَّةَ اشْتِمَال أَحَدِ طَرَفَيِ الْعَقْدِ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ يَقْتَضِي أَنْ يُوَزَّعَ مَا فِي الطَّرَفِ الآْخَرِ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَالتَّوْزِيعُ هُنَا نَشَأَ عَنِ التَّقْوِيمِ الَّذِي هُوَ تَخْمِينٌ، وَالتَّخْمِينُ قَدْ يُخْطِئُ خَطَأً يُؤَدِّي لِلْمُفَاضَلَةِ أَوْ عَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ، وَإِنِ اتَّحَدَتْ شَجَرَةُ الْمَدِينِ وَضَرْبُ الدِّرْهَمَيْنِ، فَفِي بَيْعِ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِمُدَّيْنِ إِنْ زَادَتْ قِيمَةُ الْمُدِّ عَلَى الدِّرْهَمِ الَّذِي مَعَهُ أَوْ نَقَصَتْ يَلْزَمُ الْمُفَاضَلَةُ، وَإِنْ سَاوَتْهُ لَزِمَ الْجَهْل (2) .
وَالتَّفْصِيل فِي مُصْطَلِحِ (رِبَا ف 38) .
__________
(1) لسان العرب، والمصباح المنير.
(2) مغني المحتاج 2 / 28، وتحفة المحتاج 4 / 287، والمغني 4 / 40.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 284/ 36