الرفيق
كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...
المباسطة إلى الغير على وجه التلطُّف، والاستعطاف دون أذيَّة . فيخرج الاستهزاء، والسُّخرية . ومن شواهده حديثه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء، وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب، وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ." أبو داود :4800. ومن أمثلته قول ابن نجيم
المُزاحُ: الدُّعابَةُ والمُباسَطَةُ، وضِدُّهُ: الجِدُّ، يُقال: مَزَحَ الرَّجُلُ، يَمْزَحُ، مَزْحاً ومُزاحاً ومُزاحَةً، أيْ: داعَبَ غَيْرَهُ مُباسِطًا لَهُ، والمَزْحَةُ: المَرَّةُ مِن المُزاحِ. وأَصْلُها: مُضاحَكَةُ الغَيْرِ ومُلاعَبَتُهِ بِلُطْفٍ، يُقال: مازَحَ الأَبُ ابْنَهُ، أيْ: ضاحَكَهُ ولاعَبَهُ بِلُطْفٍ. وقِيل: أَصْلُه مِن الإِزاحَةِ، وهي: التَّنْحِيَةُ؛ لأنَّ المُزاحَ تَنْحِيَةٌ عن الجِدِّ. ومِن مَعانِيه أيضاً: الفُكاهَةُ، والهَزْلُ، والمَرَحُ.
يَرِد مُصْطلَح (مُزاح) في الفقه في مَواطِنَ، منها: كتاب النِّكاحِ، باب: الطَّلاق، وكتاب البُيوعِ، باب: شُروط البَيْعِ، وكتاب الهِبَةِ، باب: أَحْكام الهِبَةِ، وكتاب القَضاءِ، باب: آداب القاضِي، وباب: الإِقْرار في الدَّعاوَى، وغير ذلك.
مزح
المباسطة إلى الغير على وجه التلطُّف، والاستعطاف دون أذيَّة.
* جمهرة اللغة : (1/529)
* تهذيب اللغة : (4/219)
* الفروق اللغوية : (ص 26)
* مقاييس اللغة : (5/319)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/570)
* دستور العلماء : (1/64)
* المنثور في القواعد : (2/380)
* الـمغني لابن قدامة : (8/279)
* التيسير بشرح الجامع الصغير : (1/367)
* لسان العرب : (2/593)
* تاج العروس : (7/117)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 423)
* الموسوعة الفقهية الكويتية : (37/43) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُزَاحُ بِالضَّمِّ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ مِنْ مَزَحَ يَمْزَحُ، وَالْمَزْحُ: الدُّعَابَةُ، وَالْمِزَاحُ - بِالْكَسْرِ - مَصْدَرُ مَازَحَهُ، وَهُمَا مُتَمَازِحَانِ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْمُزَاحُ بِالضَّمِّ الْمُبَاسَطَةُ إِلَى الْغَيْرِ عَلَى وَجْهِ التَّلَطُّفِ وَالاِسْتِعْطَافِ دُونَ أَذِيَّةٍ (2) .
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - لاَ بَأْسَ بِالْمُزَاحِ إِذَا رَاعَى الْمَازِحُ فِيهِ الْحَقَّ وَتَحَرَّى الصِّدْقَ فِيمَا يَقُولُهُ فِي مُزَاحِهِ، وَتَحَاشَى عَنْ فُحْشِ الْقَوْل، وَقَدْ رَوَى ابْنُ عُمَرَ ﵄: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال: إِنِّي لأََمْزَحُ وَلاَ أَقُول إِلاَّ حَقًّا (3) .
قَال الْبَرَكَوِيُّ وَالْخَادِمِيُّ: شَرْطُ جِوَازِ الْمُزَاحِ قَوْلاً أَوْ فِعْلاً أَنْ لاَ يَكُونَ فِيهِ كَذِبٌ وَلاَ رَوْعُ مُسْلِمٍ وَإِلاَّ فَيَحْرُمُ (4) . وَرَوَى الْخَلاَّل عَنْ أَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ الْمُمَازَحَةَ فِي بَعْضِ الأَْوْقَاتِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّهُ قَال: الْمُزَاحُ بِمَا يَحْسُنُ مُبَاحٌ وَقَدْ مَزَحَ النَّبِيُّ ﷺ فَلَمْ يَقُل إِلاَّ حَقًّا.
وَالآْثَارُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْمُزَاحِ كَثِيرَةٌ.
وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْخَوْضَ فِي الْمُزَاحِ لِمَا فِيهِ مِنْ ذَمِيمِ الْعَاقِبَةِ، وَمِنَ التَّوَصُّل إِلَى أَعْرَاضِ النَّاسِ وَاسْتِجْلاَبِ الضَّغَائِنِ وَإِفْسَادِ الإِْخَاءِ، وَقَالُوا: لِكُل شَيْءٍ بَدْءٌ، وَبَدْءُ الْعَدَاوَةِ الْمُزَاحُ، وَكَانَ يُقَال: لَوْ كَانَ الْمُزَاحُ فَحْلاً مَا لَقَّحَ إِلاَّ الشَّرَّ، وَقَال سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ: لاَ تُمَازِحِ الشَّرِيفَ فَيَحْقِدَ، وَلاَ الدَّنِيءَ فَيَجْتَرِئَ عَلَيْكَ (5) .
وَقَال الْغَزَالِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ الإِْفْرَاطُ فِي الْمُزَاحِ أَوِ الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهِ، أَمَّا الْمُدَاوَمَةُ فَلأَِنَّهُ اشْتِغَالٌ بِاللَّعِبِ وَالْهَزْل فِيهِ، وَاللَّعِبُ مُبَاحٌ وَلَكِنَّ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ مَذْمُومَةٌ، وَأَمَّا الإِْفْرَاطُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُورِثُ كَثْرَةَ الضَّحِكِ، وَكَثْرَةُ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ، وَتُورِثُ الضَّغِينَةَ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال، وَتُسْقِطُ الْمَهَابَةَ وَالْوَقَارَ، فَمَا يَخْلُو عَنْ هَذِهِ الأُْمُورِ فَلاَ يُذَمُّ (6) .
مُزَاحُ الْقَاضِي
3 - قَال الْحَنَفِيَّةُ كَمَا جَاءَ فِي رَوْضَةِ الْقُضَاةِ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي إِذَا أَرَادَ الْجُلُوسَ لِلْقَضَاءِ أَنْ يَخْرُجَ وَهُوَ عَلَى أَعْدَل الأَْحْوَال: لاَ جَائِعٌ وَلاَ عَطْشَانُ وَلاَ كَضِيضٌ مِنَ الطَّعَامِ وَلاَ كَسْلاَنُ وَلاَ يَقْضِي وَهُوَ غَضْبَانُ وَلاَ يَمْزَحُ مَعَ خَصْمٍ، وَلاَ يُسَارُّهُ وَلاَ يَضْحَكُ فِي وَجْهِهِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ وَلاَ يُؤْثِرَ أَحَدَهُمَا بِشَيْءٍ مِنَ الإِْكْرَامِ وَلاَ يُمَازِحَهُ.
وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْقَاضِي أَنْ لاَ يَهْزِل وَلاَ يَمْجُنَ أَيْ يَمْزَحَ لأَِنَّ ذَلِكَ يُخِل بِهَيْبَتِهِ (7) .
تَصَرُّفَاتُ الْمَازِحِ
4 - تَنْفُذُ تَصَرُّفَاتُ الْمَازِحِ (الْهَازِل) الْقَوْلِيَّةُ فَيَقَعُ طَلاَقُهُ وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (8) ، لِحَدِيثِ: ثَلاَثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ الطَّلاَقُ وَالنِّكَاحُ وَالرَّجْعَةُ، وَفِي رِوَايَةٍ: الْعِتْقُ (9) .
وَخُصَّ الثَّلاَثَةُ بِالذِّكْرِ فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ، لِتَأَكُّدِ أَمْرِ الأَْبْضَاعِ وَلِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ بِالْعِتْقِ. وَإِلاَّ فَكُل التَّصَرُّفَاتِ كَذَلِكَ.
قَال الشَّافِعِيَّةُ: كُل التَّصَرُّفَاتِ تَنْعَقِدُ بِالْهَزْل فِي الأَْصَحِّ (10) .
ادِّعَاءُ الْمُزَاحِ بَعْدَ الإِْقْرَارِ
5 - نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ لِرَجُلٍ بِحَقٍّ، ثُمَّ قَال مَزَحْتُ فَإِنْ صَدَّقَهُ بِأَنَّهُ مُزَاحٌ لَمْ يَحِل لَهُ أَخْذُهُ، وَإِنْ كَذَّبَهُ وَكَانَ صَادِقًا بِالإِْقْرَارِ الأَْوَّل عِنْدَهُ وَسِعَهُ أَخْذُ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَإِنْ شَكَّ أَحْبَبْتُ لَهُ الْوُقُوفَ فِيهِ (11) .
ادِّعَاءُ الْمُزَاحِ بِالْبَيْعِ
6 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ قَال الْبَائِعُ أَبَيْعُكَ سِلْعَتِي بِكَذَا أَوْ أُعْطِيكَهَا بِكَذَا، فَأَجَابَهُ الْمُشْتَرِي بِمَا يَدُل عَلَى الرِّضَا، فَقَال الْبَائِعُ لَمْ أُرِدِ الْبَيْعَ إِنَّمَا أَرَدْتُ اخْتِبَارَ ثَمَنِهَا، أَوْ قَال كُنْتُ مَازِحًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَبِيعُكَهَا إِيجَابَ الْبَيْعِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ مَا ذَكَرَهُ مِنِ اخْتِبَارِ الثَّمَنِ وَالْمَزْحِ، فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْبَيْعُ، وَإِنْ نَكَل عَنِ الْيَمِينِ يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ، أَمَا إِذَا أَتَى بِصِيغَةِ الْمَاضِي بِأَنْ قَال بِعْتُكَهَا بِكَذَا، أَوْ قَدْ أَعْطَيْتُكَهَا بِكَذَا، أَوْ قَال قَدْ أَخَذْتُهَا بِكَذَا - كُل ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي - فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ أَبَى الْبَائِعُ وَقَال مَا أَرَدْتُ الْبَيْعَ بَل كَانَ مَزْحًا لَمْ يَنْفَعْهُ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ (12)
__________
(1) لسان العرب.
(2) قواعد الفقه للبركتي - مادة: مزح.
(3) حديث: " إني لأمزح ولا أقول. . . ". أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " (12 / 391) ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8 / 89) : " إسناده حسن ".
(4) بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية 4 / 17.
(5) الآداب الشرعية 2 / 135.
(6) إحياء علوم الدين للغزالي 3 / 124.
(7) روضة القضاة للسمناني 1 / 96، 97، ونهاية المحتاج 8 / 248، وكشاف القناع 6 / 310.
(8) تحفة المحتاج 8 / 29، وروض الطالب 3 / 281، ومغني المحتاج 3 / 288، ومواهب الجليل 4 / 44، وحاشية ابن عابدين 4 / 207، 2 / 423.
(9) حديث: " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد. . . ". أخرج الرواية الأولى أبو داود (2 / 644) ، والترمذي (3 / 490) وقال الترمذي: " حديث صحيح ". وأخرج الرواية الثانية ابن عدي في " الكامل " (6 / 2033) وضعفه، قال ابن حجر في التلخيص الحبير (3 / 209) : " ويروى بدل " العتاق " " الرجعة " قال: " هذا هو المشهور فيه ".
(10) تحفة المحتاج 8 / 29، وروض الطالب 3 / 281، ومغني المحتاج 3 / 288، ومواهب الجليل 4 / 44.
(11) الأم للشافعي 7 / 41.
(12) الحطاب 4 / 231 - 236.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 43/ 37