الْمُعَارَضَةُ بِعَكْسِ الدَّلِيلِ عَلَى الْمُسْتَدِل

الْمُعَارَضَةُ بِعَكْسِ الدَّلِيلِ عَلَى الْمُسْتَدِل


أصول الفقه
أحد أنواع المعارضة في الفرع عند الحنفية، لكنها معارضة فاسدة عندهم . والعكس هو تَعْلِيقُ نَقِيضِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ بِنَقِيضِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَرَدُّهُ إلَى أَصْلٍ آخَرَ . وَذَلِكَ مِثْلُ قَوْلِنَا : ما يُلْتَزَمُ بِالنَّذْرِ يُلْتَزَمُ بِالشُّرُوعِ كَالْحَجِّ، وَعَكْسُهُ الْوُضُوءُ يَعْنِي أَنَّ مَا لَا يُلْتَزَمُ بِالنَّذْرِ لَا يُلْتَزَمُ بِالشُّرُوعِ كَالْوُضُوءِ، فَعَكَسْت الْحُكْمَ بِقَلْبِ الْوَصْفِ الَّذِي جَعَلْته عِلَّةً . والمعارضة بعكس الدليل : أن يجعل دليل المستدل شاهداً على نقيض ما أثبته به . وسماه بعضهم قلب التسوية . ولم يجعله من المعارضة . ومثال المعارضة بعكس الدليل : أن الْكَافِر إذَا اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ عِنْدَ الحنفية، وَلَكِنَّهُ يُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ بِالْإِعْتَاقِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ . وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ، فَعَلَّلَ الحنفية بِأَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ مَالٌ يَمْلِكُ الْكَافِرُ بَيْعَهُ باتفاق، فَيَمْلِكُ شِرَاءَهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُسْلِمِ، فَعَارَضه الشافعية بِأَنَّ الْكَافِرَ لَمَّا مَلَكَ شراءه -كما تقولون - وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَ ابْتِدَاؤُهُ أَيْ ابْتِدَاءُ الْمِلْكِ، وبقاؤه، واستقراره، كالمسلم . والحنفية لا يقولون ببقائه، بل يجبرونه على البيع، أو العتق . فَفِي هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ إثْبَاتُ مَا لَمْ يَنْفِهِ الْمُسْتَدِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ، وَالْقَرَارِ، وَإِنَّمَا أَثْبَتَ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، فَلَا تَكُونُ مُتَّصِلَةً بِمَوْضِعِ النِّزَاعِ، فَتَكُونُ باطلة . وصححها بعضهم وسماها قلب التسوية
انظر : كشف الأسرار للبخاري، 4/61، تيسير التحرير لأمير بادشاه، 4/164، التقرير والتحبير لابن امير الحاج، 3/279-280