الكريم
كلمة (الكريم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل)، وتعني: كثير...
هو الحجر الذي قام عليه إبراهيم عليه السلام حين رفع بناء البيت . وقيل هو الموضع الذي قام عليه حين أذن في الناس . وكان موضعه الذي يصلي إليه اليوم . ومن شواهده قَوْل الله تَعَالَى : ﭐﱥﲱ ﲲ ﲳ ﲴ ﲵﱤ البقرة :١٢٥ .
الحجر الذي قام عليه إبراهيم عليه السلام حين رفع بناء البيت. وقيل هو الموضع الذي قام عليه حين أذن في الناس. وكان موضعه الذي يصلي إليه اليوم.
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمَقَامُ بِفَتْحِ الْمِيمِ: اسْمُ مَكَانٍ، مِنْ قَامَ يَقُومُ قَوْمًا وَقِيَامًا. أَيِ انْتَصَبَ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ وَالْمُفَسِّرُونَ فِي مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، فَقَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ الْحَجَرُ الَّذِي تَعْرِفُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ الَّذِي يُصَلُّونَ عِنْدَهُ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ. وَقَال غَيْرُهُمْ: إِنَّهُ الْحَجَرُ الَّذِي ارْتَفَعَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ ضَعُفَ عَنْ رَفْعِ الْحِجَارَةِ الَّتِي كَانَ إِسْمَاعِيل يُنَاوِلُهَا إِيَّاهُ فِي بِنَاءِ الْبَيْتِ وَغَرِقَتْ قَدَمَاهُ فِيهِ.
وَقَال السُّدِّيُّ: الْمَقَامُ: الْحَجَرُ الَّذِي وَضَعَتْهُ زَوْجَةُ إِسْمَاعِيل تَحْتَ قَدَمِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ غَسَلَتْ رَأْسَهُ، وَبِهِ قَال الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ.
وَقَال الْقُرْطُبِيُّ: وَالصَّحِيحُ فِي تَعْيِينِ الْمَقَامِ الْقَوْل الأَْوَّل (1) .
الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ
2 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا فَرَغَ الطَّائِفُ مِنَ الطَّوَافِ يَأْتِي مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلاَةِ فِي الْمَقَامِ بِسَبَبِ الْمُزَاحَمَةِ يُصَلِّي حَيْثُ لاَ يَعْسُرُ عَلَيْهِ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ جَازَ.
وَهَاتَانِ الرَّكْعَتَانِ وَاجِبَتَانِ عِنْدَنَا، يَقْرَأُ فِي الأُْولَى: {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَةِ: {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، وَلاَ تَجْزِيهِ الْمَكْتُوبَةُ عَنْ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَ صَلاَتِهِ خَلْفَ الْمَقَامِ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالآْخِرَةِ، وَيُصَلِّي رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ فِي وَقْتٍ يُبَاحُ لَهُ أَدَاءُ التَّطَوُّعِ فِيهِ (2) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَاجِبَتَانِ، سَوَاءٌ كَانَ الطَّوَافُ وَاجِبًا أَوْ نَفْلاً، وَقِيل: إِنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ، وَسُنَّتَانِ فِي الطَّوَافِ غَيْرِ الْوَاجِبِ.
وَيُنْدَبُ إِيقَاعُهُمَا بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ أَيْ خَلْفَهُ لاَ دَاخِلَهُ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ الأَْمَاكِنِ فِي الْمَسْجِدِ، إِلاَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ خَلْفَ الْمَقَامِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ ﷺ.
وَإِنْ تَرَكَ حَاجٌّ أَوْ مُعْتَمِرٌ الرَّكْعَتَيْنِ أَعَادَ الطَّوَافَ، ثُمَّ أَتَى بِهِمَا عَقِبَ الطَّوَافِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ: يَرْكَعُهُمَا وَلاَ يُعِيدُ الطَّوَافَ وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَعَادَ كَانَ أَحَبَّ. فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ بِالْبُعْدِ عَنْ مَكَّةَ رَكَعَهُمَا وَأَهْدَى، وَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ أَتَى بِهِمَا عَلَى كُل حَالٍ، لأَِنَّهُمْ لاَ يَتَعَلَّقَانِ بِوَقْتِ مَخْصُوصٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ لِنَقْصِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالرَّكْعَتَيْنِ الْوَاجِبَتَيْنِ (3) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: وَيُسَنُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ (بَعْدَ الطَّوَافِ) وَتُجْزِئُ عَنْهُمَا الْفَرِيضَةُ وَالرَّاتِبَةُ كَمَا فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَفِعْلُهُمَا خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَفْضَل، لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلاَّهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ (4) ، وَقَال: خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ (5) ، ثُمَّ فِي الْحِجْرِ، ثُمَّ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ فِي الْحَرَمِ حَيْثُ شَاءَ مِنَ الأَْمْكِنَةِ، مَتَى شَاءَ مِنَ الأَْزْمِنَةِ، وَلاَ يَفُوتَانِ إِلاَّ بِمَوْتِهِ.
وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الأُْولَى مِنْهُمَا سُورَةَ {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَفِي الثَّانِيَةِ سُورَةَ " الإِْخْلاَصِ " لِفِعْلِهِ ﷺ (6) ، وَلِمَا فِي قِرَاءَتِهِمَا مِنَ الإِْخْلاَصِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هَاهُنَا، لأَِنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يَعْبُدُونَ الأَْصْنَامَ فِيهِ.
وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا لَيْلاً قِيَاسًا عَلَى الْكُسُوفِ وَغَيْرِهِ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ شِعَارِ النُّسُكِ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ وَاجِبَتَانِ لأَِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلاَّهُمَا، وَقَال:
خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ وَعَلَى الْقَوْل بِوُجُوبِهِمَا يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهِمَا، إِذْ لَيْسَا بِشَرْطٍ وَلاَ رُكْنٍ لِلطَّوَافِ (7) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُصَلِّي الطَّائِفُ بَعْدَ تَمَامِ الطَّوَافِ رَكْعَتَيْنِ، وَالأَْفْضَل كَوْنُهُمَا خَلْفَ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، لِقَوْل جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ ﷺ: حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ، فَرَمَل ثَلاَثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَرَأَ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} (8) فَجَعَل الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ.} (9)
وَقَالُوا: حَيْثُ رَكَعَهُمَا مِنَ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ، لِعُمُومِ حَدِيثِ: جُعِلَتْ لَنَا الأَْرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا (10) ، وَصَلاَّهُمَا عُمَرُ ﵁ بِذِي طُوًى.
وَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ لِتَرْكِ صَلاَتِهِمَا خَلْفَ الْمَقَامِ.
وَهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يَقْرَأُ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ {قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} لِحَدِيثِ جَابِرٍ ﵁ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ: (قُل يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَقُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) . (11)
وَلاَ بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَهُمَا إِلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ، وَيَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ الطَّائِفُونَ مِنَ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلاَّهُمَا وَالطُّوَّافُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ سُتْرَةٌ (12) ، وَيَكْفِي عَنْهُمَا مَكْتُوبَةٌ وَسُنَّةٌ رَاتِبَةٌ.
وَلِلطَّائِفِ جَمْعُ أَسَابِيعَ مِنَ الطَّوَافِ، فَإِذَا أَفْرَغَ مِنْهَا رَكَعَ لِكُل أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ، وَالأَْوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ لِكُل أُسْبُوعٍ عَقِبَهُ.
وَلاَ يُشْرَعُ تَقْبِيل الْمَقَامِ وَلاَ مَسْحُهُ لِعَدَمِ وُرُودِهِ (13) .
__________
(1) المصباح المنير.
(2) الفتاوى الهندية 1 / 266، والاختيار 1 / 148، والدر المختار ورد المحتار 2 / 169 - 170.
(3) المنتقى للباجي 2 / 288، والدسوقي 2 / 41، 42، والشرح الصغير 2 / 43.
(4) حديث: أن النبي ﷺ صلى ركعتي الطواف خلف المقام. أخرجه مسلم (2 / 887) من حديث جابر بن عبد الله.
(5) حديث: " خذوا عني مناسككم ". أخرجه مسلم (2 / 943) والبيهقي (5 / 125) من حديث جابر بن عبد الله، واللفظ للبيهقي.
(6) حديث ذكر قراءة النبي ﷺ في ركعتي الطواف. أخرجه مسلم (2 / 888) من حديث جابر بن عبد الله.
(7) مغني المحتاج 1 / 479 - 490.
(8) سورة البقرة / 125.
(9) حديث: " استلام النبي ﷺ الركن. . . ". أخرجه مسلم (2 / 887) .
(10) حديث: " جعلت لنا الأرض كلها مسجدًا. . . ". أخرجه مسلم (1 / 371) من حديث حذيفة - ﵁ -.
(11) حديث: " أنه قرأ في الركعتين قل يا أيها الكافرون. . . ". أخرجه مسلم (2 / 888) من حديث جابر بن عبد الله.
(12) حديث: " أن النبي ﷺ صلى ركعتي الطواف. . ". أخرجه أبو داود (2 / 518) من حديث كثير بن المطلب ابن أبي وداعة، وفي إسناده جهالة.
(13) كشاف القناع 2 / 484.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 340/ 38
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".