القيوم
كلمةُ (القَيُّوم) في اللغة صيغةُ مبالغة من القِيام، على وزنِ...
طول مجالسة الراوي لشيخه، وتفرغه للأخذ عنه . وشاهده قول الخطيب البغدادي : "من أول ما ينبغي أن يستعمله الطالب شدة الحرص على السماع، والمسارعة إليه، والملازمة للشيوخ "
على وزن "مُفاعَلَةٍ" مَأْخُوذَةٌ مِن الفِعْل لازَمَ، وهي: عَدَمُ انْفِكاكِ الشَّيءِ عن الشَّيء، يُقال: لازَمْتُ الغَرِيمَ مُلازَمَةً، أي: تَعَلَّقْتُ بِهِ، ولَزِمَ فُلانٌ فُلاَناً أي: كان مَعَهُ فَلَمْ يُفارِقْهُ، ولازَمَه، مُلازَمَة: داوَمَ عليه. واللُّزومُ للشَّيءِ: عَدَمُ المُفارَقَةِ عنه.
يَرِد مُصطَلح (مُلازَمَة) في الفقه في كِتابِ البُيوعِ، باب: الكَفالَة، وفي باب: الحَوالَة. ويُطلَق أيضاً ويُراد به: كَونُ الحُكمِ مُقتَضِياً للآخَرِ؛ بحيث لو رُفِعَ الحُكْمُ لَرُفِعَ الأَثَرُ، كطُلوعِ الشَّمسِ لِلنَّهارِ، والنَّهار لِطلوعِ الشَّمْسِ، وكالدُّخانِ لِلنّارِ في النَّهارِ، والنّار لِلدُّخانِ في اللَّيلِ.
لزم
تمكين الغريم من متابعة المدين المماطل، حتى يفي بالدين.
* مقاييس اللغة : (2/245)
* تهذيب اللغة : (13/151)
* المحكم والمحيط الأعظم : (9/58)
* القاموس المحيط : (ص 1158)
* لسان العرب : (12/541)
* المصباح المنير في غريب الشرح الكبير : (2/552)
* حاشية ابن عابدين : (8/475)
* معجم الـمصطلحات الـمالية والاقتصادية في لغة الفقهاء : (ص 323)
* معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية : (3/347)
* معجم لغة الفقهاء : (ص 457)
* معجم مقاليد العلوم في التعريفات والرسوم : (ص 78)
* التعريفات للجرجاني : (ص 229)
* دستور العلماء : (3/228) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمُلاَزَمَةُ فِي اللُّغَةِ: مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْفِعْل: لاَزَمَ، يُقَال: لاَزَمْتُ الْغَرِيمَ مُلاَزَمَةً: تَعَلَّقْتُ بِهِ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ (1) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
الْحَبْسُ:
2 - الْحَبْسُ فِي اللُّغَةِ: الْمَنْعُ وَالإِْمْسَاكُ (2) .
وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: تَعْوِيقُ الشَّخْصِ وَمَنْعُهُ مِنَ التَّصَرُّفِ بِنَفْسِهِ وَالْخُرُوجُ إِلَى أَشْغَالِهِ وَمُهِمَّاتِهِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ (3) .
وَالْعِلاَقَةُ بَيْنَ الْمُلاَزَمَةِ وَالْحَبْسِ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إِجْرَاءٌ يُتَّخَذُ لِلتَّوَصُّل إِلَى أَدَاءِ الْحُقُوقِ. الأَْحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمُلاَزَمَةِ:
أ - حُكْمُ مُلاَزَمَةِ الْمَدِينِ 3 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ أَصْل مُلاَزَمَةِ الْمَدِينِ، وَاخْتَلَفُوا فِي شُرُوطِ جَوَازِهَا.
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةُ وَصَاحِبَاهُ: إِلَى أَنَّ لِلدَّائِنِ مُلاَزَمَةَ الْمَدِينِ، وَإِنْ ثَبَتَ إِعْسَارُهُ عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَيْسَ لِلْقَاضِي مَنْعُ الدَّائِنِ عَنْ مُلاَزَمَةِ مَدِينِهِ، وَقَالُوا: لأَِنَّهُ يَتَمَكَّنُ بِالْمُلاَزَمَةِ مِنْ حَمْل الْمَدِينِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ (4) ، وَلِقَوْلِهِ ﷺ: لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْيَدُ وَاللِّسَانُ (5) .
وَقَالُوا: أَرَادَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ بِالْيَدِ: الْمُلاَزَمَةَ، وَبِاللِّسَانِ: التَّقَاضِي.
وَقَالُوا وَإِذَا كَانَ الْمَدِينُ امْرَأَةً لاَ يُلاَزِمُهَا مَنْعًا مِنَ الْخَلْوَةِ بِالأَْجْنَبِيَّةِ، وَيَسْتَأْجِرُ امْرَأَةً تُلاَزِمُهَا (6) .
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا ثَبَتَ إِعْسَارُ الْمَدِينِ عِنْدَ الْقَاضِي فَلَيْسَ لأَِحَدٍ مُطَالَبَتُهُ وَلاَ مُلاَزَمَتُهُ، بَل يُمْهَل حَتَّى يُوسِرَ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (7) .
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَال لِغُرَمَاءِ الَّذِي أُصِيبَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَتْ دُيُونُهُ: خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ، وَلَيْسَ لَكُمْ إِلاَّ ذَلِكَ (8) .
وَلأَِنَّ مَنْ لَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَتُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُلاَزَمَتُهُ، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ، وَمَنْ وَجَبَ إِنْظَارُهُ بِالنَّصِّ حَرُمَتْ مُلاَزَمَتُهُ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَثْبُتْ إِعْسَارُهُ عِنْدَ الْقَاضِي فَيَجُوزُ مُلاَزَمَتُهُ (9) .
هَذَا وَلَمْ نَقِفْ فِيمَا تَيَسَّرَ لَنَا اطِّلاَعُهُ مِنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ ذِكْرًا لِلْمُلاَزَمَةِ.
ب - طَرِيقَةُ الْمُلاَزَمَةِ
4 - طَرِيقَةُ الْمُلاَزَمَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ هِيَ: أَنْ يَتَتَبَّعَ الدَّائِنُ أَوْ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ الْمَدِينَ، فَيَذْهَبُ حَيْثُمَا ذَهَبَ، وَإِنْ رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُول دَخَل مَعَهُ، وَإِلاَّ انْتَظَرَهُ عَلَى الْبَابِ لِيُلاَزِمَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْجِزَهُ فِي مَكَانٍ خَاصٍّ، لأَِنَّ ذَلِكَ حَبْسٌ وَهُوَ أَمْرٌ لاَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَاضِي، بَل يَدُورُ مَعَهُ حَيْثُمَا يَشَاءُ هُوَ، لأَِنَّهُ بِذَلِكَ يَتَمَكَّنُ مِنْ حَمْل الْمَدِينِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ، وَلِلْحَدِيثِ السَّابِقِ: لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْيَدُ وَاللِّسَانُ (10) .
وَتَكُونُ الْمُلاَزَمَةُ فِي النَّهَارِ لاَ لَيْلاً، لأَِنَّهُ لَيْسَ بِوَقْتِ الْكَسْبِ فَلاَ يُتَوَهَّمُ وُقُوعُ مَالٍ فِي يَدِهِ، فَالْمُلاَزَمَةُ لاَ تُفِيدُ (11) .
وَكَذَا كُل وَقْتٍ لاَ يُتَوَهَّمُ وُقُوعُ مَالٍ فِي يَدِهِ فِيهِ كَوَقْتِ مَرَضِهِ.
ج - حَقُّ مُلاَزَمَةِ الْمَكْفُول لَهُ الْكَفِيل
5 - قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِذَا غَابَ الْمَكْفُول عَنْهُ وَعَجَزَ الْكَفِيل عَنْ إِحْضَارِهِ وَقْتَ الْحَاجَةِ، فَلِلْمَكْفُول لَهُ مُلاَزَمَةُ الْكَفِيل، كَالدَّائِنِ مَعَ الْمَدِينِ الْمُفْلِسِ تَمَامًا (12) .
د - حَقُّ الْمُحَال فِي مُلاَزَمَةِ الْمُحَال عَلَيْهِ
6 - يَجُوزُ لِلْمُحَال مُلاَزَمَةُ الْمُحَال عَلَيْهِ، وَإِذَا ثَبَتَ لَهُ هَذَا الْحَقُّ عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ، فَلِلْمُحَال عَلَيْهِ أَنْ يُلاَزِمَ الْمُحِيل، لِيَتَخَلَّصَ مِنْ مُلاَزَمَةِ الْمُحَال. وَالتَّفْصِيل فِي (حَوَالَةٌ ف وَمَا بَعْدَهَا) .
__________
(1) المصباح المنير والمعجم الوسيط.
(2) المصباح المنير.
(3) بدائع الصنائع 7 / 174.
(4) تبيين الحقائق 5 / 200، وابن عابدين 4 / 315 - 320.
(5) حديث: " لصاحب الحق اليد واللسان ". أخرجه ابن عدي في الكامل (6 / 2281) من حديث أبي عيينة الخولاني، وضعف ابن عدي أحد رواته. وعند البخاري (فتح الباري 5 / 56 ط السلفية) ومسلم (3 / 1225) " إن لصاحب الحق مقالاً ".
(6) تبيين الحقائق 5 / 200، وابن عابدين 4 / 315 - 321.
(7) سورة البقرة / 270.
(8) حديث: " أن النبي ﷺ قال لغرماء الذي أصيب. . . ". أخرجه مسلم (3 / 1191) من حديث أبي سعيد الخدري.
(9) مغني المحتاج 2 / 156، والمغني 4 / 598.
(10) حديث: " لصاحب الحق. . . " سبق تخريجه ف (3) .
(11) تبيين الحقائق 5 / 200، وحاشية ابن عابدين 4 / 315 - 320 - 321.
(12) .
الموسوعة الفقهية الكويتية: 23/ 39