الإله
(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...
جمع ملك، من الألوكة التي تعني الرسالة، وهم عالم غيبي، خلق خلقهم الله من نور، وجعل لهم أجنحة، ومنحهم الطاعة التامة لأمره والقوة على تنفيذه، ولا يحصي عددهم إلا الله، ولهم أجسام، وأيدي، وقلوب، ويستحون، ولا يأكلون، ولا يشربون، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ورد ذكرهم في قوله تعالى : ﱫﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹﱪ الشورى :5، وقوله تعالى : ﱫﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽﱪ الأعراف :206، وقال تعالى في سورة فاطر، والتي تسمى بسورة الملائكة :ﱫﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱﱪ فاطر :1، وعن عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قالت : قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ : "خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ". مسلم :2996. ومن أصناف الملائكة : حملة العرش، ذكرهم الله تعالى في قوله : ﱫﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞﱪ غافر : 7، وقوله : ﱫﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏﱪالحاقة :17. والحفظة الموكلون بحفظ بني آدم، ذكرهم الله في قوله تعالى : ﱫﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪﱪالرعد :11. والكتبة الموكلون بكتابة أفعال بني آدم، قال تعالى فيهم : ﱫﭿ ﴾ ﴿ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﱪالانفطار :12، وقال تعالى : ﱫﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱﱪق :17. والملائكة الموكلون بقبض الأرواح عند الموت، وهم ملك الموت وأعوانه، قال عَزَّ وَجَلَّ فيهم : ﱫﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆﱪالسجدة :11، وقال تعالى : ﱫﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺﱪالأنعام :61.
جمع ملك بفتحتين، وهو واحد الملائكة، قيل: مخفف من مالك، وأصله مألك بتقديم الهمزة من الألوكة، وهي الرسالة، ثم قلبت وقدمت اللام، وقيل: أصله: الملك بفتح ثم سكون، وهو الأخذ بقوة، وأصل وزنه "مفعل"، فتركت الهمزة لكثرة الاستعمال وظهرت في الجمع، وزيدت الهاء إما للمبالغة، وإما لتأنيث الجمع.
ملك - ألك
مخلوقات خلقها الله تعالى من نور، وجعل لهم قدرة على التشكل والتنقل، وسخرهم لعبادته، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
الملائكة: عالم غيبي، وخلق من مخلوقات الله تعالى، قادرة على التشكل والتمثل والتصور بالصور الكريمة، ولهم قوى عظيمة، وقدرة كبيرة على التنقل، وهم مخلوقات نورانية، لا يعلم عددهم إلا الله، قد اختارهم الله واصطفاهم لعبادته، وجعلهم سفراءه ورسله إلى خلقه، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، كما أنهم مبرؤون من الميول النفسية، ومطهرون من الشهوات الحيوانية، ومنزهون عن الخطايا والآثام، ولا يتصفون بذكورة ولا أنوثة. والأعمال التي وكلهم الله تعالى القيام بها على نوعين: الأولى: أعمال عامة يشتركون فيها جميعا، وتتمثل في عبادة الله سبحانه، وتسبيحه ليلا ونهارا، بلا ملل ولا تعب. الثانية: أعمال خاصة لبعض الملائكة، أمرهم الله بالقيام بها، فمنهم الموكلون بتبليغ الوحي والشرائع إلى الأنبياء والرسل، ومنهم حملة العرش، ومنهم الموكلون بالجنان وإعداد الكرامة لأهلها، ومنهم الموكلون بالنار وتعذيب أهلها، وهم الزبانية، ومقدموهم تسعة عشر، وخازنها مالك، وهو مقدم الخزنة، ومنهم الموكلون بحفظ بني آدم في الدنيا، ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد وكتابتها، ومنهم الموكل بالرحم وشأن النطفة، وغير ذلك من الأعمال التي كلفهم الله تعالى بها.
الملائكة: جمع الملك بفتحتين، وهو واحد الملائكة، مشتقة من الألوكة وهي الرسالة.
جمع ملَك، وهم خلق خلقهم الله من نور، وجعل لهم أجنحة، ومنحهم الطاعة التامة لأمره، والقوة على تنفيذه، ولا يحصي عددهم إلا الله. ولهم أجسام، وأيد، وقلوب، ولا يأكلون، ولا يشربون، ولا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، يسبحون الليل، والنهار لا يفترون.
* العين : (5/380)
* معجم مقاييس اللغة : (1/132)
* المحكم والمحيط الأعظم : (7/88)
* المفردات في غريب القرآن : (ص21)
* تاج العروس : (27/50)، و(27/354)
* مختار الصحاح : (ص642)
* فتح الباري شرح صحيح البخاري : (6/306)
* التوقيف على مهمات التعاريف : (ص675)
* الحبائك في أخبار الملائك : (ص9)
* عالم الملائكة الأبرار : (ص10)
* الحق المبين في معرفة الملائكة المقربين : (ص8)
* معجم ألفاظ العقيدة الإسلامية : (ص491)
* منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية : (2/533)
* إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان : (2/125)
* شرح العقيدة الطحاوية : (2/405)
* لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية : (1/447)
* معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول : (1/63)
* أصول الإيمان : (ص99) -
التَّعْرِيفُ:
1 - الْمَلاَئِكَةُ جَمْعُ الْمَلَكِ بِفَتْحَتَيْنِ، وَهُوَ وَاحِدُ الْمَلاَئِكَةِ، قِيل: مُخَفَّفٌ مِنْ مَالَكٍ، قَال الْكِسَائِيُّ: أَصْلُهُ مَأْلَكٌ بِتَقْدِيمِ الْهَمْزَةِ مِنَ الأُْلُوكِ وَهِيَ الرِّسَالَةُ، ثُمَّ قُلِبَتْ وَقُدِّمَتِ اللاَّمُ وَقِيل: أَصْلُهُ الْمَلْكُ بِفَتْحِ ثُمَّ سُكُونٍ: وَهُوَ الأَْخْذُ بِقُوَّةٍ، وَأَصْل وَزْنِهِ مَفْعَلٌ فَتُرِكَتِ الْهَمْزَةُ لِكَثْرَةِ الاِسْتِعْمَال وَظَهَرَتْ فِي الْجَمْعِ، وَزِيدَتِ الْهَاءُ إِمَّا لِلْمُبَالَغَةِ وَإِمَّا لِتَأْنِيثِ الْجَمْعِ (1) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ: الْمَلَكُ جِسْمٌ لَطِيفٌ نُورَانِيٌّ يَتَشَكَّل بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَمَسْكَنُهَا السَّمَاوَاتُ (2) . الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ - الإِْنْسُ:
2 - الإِْنْسُ فِي اللُّغَةِ: جَمَاعَةُ النَّاسِ، وَالْوَاحِدُ إِنْسِيٌّ وَأَنَسِيٌّ بِالتَّحْرِيكِ، وَهُمْ بَنُو آدَمَ، وَالإِْنْسِيُّ يَقْتَضِي مُخَالَفَةَ الْوَحْشِيِّ، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: إِنْسِيٌّ وَوَحْشِيٌّ (3) .
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَلاَئِكَةِ وَالإِْنْسِ: أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ خُلِقُوا مِنْ نُورٍ، وَلاَ يَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْرَبُونَ، وَيَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُطِيعُونَهُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {بَل عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} (4) ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الإِْنْسُ.
ب - الْجِنُّ:
3 - الْجِنُّ فِي اللُّغَةِ: خِلاَفُ الإِْنْسِ، وَالْجَانُّ: الْوَاحِدَةُ مِنَ الْجِنِّ، وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّةِ يُسَمُّونَ الْمَلاَئِكَةَ جِنًّا لاِسْتِتَارِهِمْ عَنِ الْعُيُونِ، يُقَال: جَنَّ اللَّيْل: إِذَا سَتَرَ.
وَلاَ يَخْرُجُ الْمَعْنَى الاِصْطِلاَحِيُّ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْمَلاَئِكَةِ وَالْجِنِّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَهُ قُوَّةُ التَّشَكُّل بِأَشْكَالٍ مُخْتَلِفَةٍ (5) .
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ لِلْمَلاَئِكَةِ:
وَرَدَتْ فِي الْمَلاَئِكَةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:
أَوَّلاً - الإِْيمَانُ بِالْمَلاَئِكَةِ
4 - مِنْ أَرْكَانِ الْعَقِيدَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ الإِْيمَانُ بِالْمَلاَئِكَةِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {آمَنَ الرَّسُول بِمَا أُنْزِل إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} ( x662 ;) ، وَقَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَقَدْ ضَل ضَلاَلاً بَعِيدًا} (6) .
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ عِنْدَمَا سَأَل جِبْرِيلٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الإِْيمَانِ، قَال ﷺ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ (7) . فَوُجُودُ الْمَلاَئِكَةِ ثَابِتٌ بِالدَّلِيل الْقَطْعِيِّ الَّذِي لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَهُ شَكٌّ، وَمِنْ هُنَا كَانَ إِنْكَارُ وُجُودِهِمْ كُفْرًا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، بَل يَنُصُّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآْيَةُ السَّابِقَةُ (8) .
ثَانِيًا - صِفَاتُهُمُ الْخِلْقِيَّةُ
5 - أَخْبَرَنَا رَبُّنَا سُبْحَانَهُ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ خُلِقُوا قَبْل آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَال رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَْرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَل فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَال إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (9) .
كَمَا أَخْبَرَنَا النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْمَلاَئِكَةَ مِنْ نُورٍ، فَقَدْ وَرَدَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّ رَسُول اللَّهِ ﷺ قَال: خُلِقَتِ الْمَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ، وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ (10) .
فَتَدُل النُّصُوصُ فِي مَجْمُوعِهَا عَلَى أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ مَخْلُوقَاتٌ نُورَانِيَّةٌ لَيْسَ لَهَا جِسْمٌ مَادِّيٌّ يُدْرَكُ بِالْحَوَّاسِ الإِْنْسَانِيَّةِ، وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا كَالْبَشَرِ فَلاَ يَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْرَبُونَ وَلاَ يَنَامُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ، مُطَهَّرُونَ مِنَ الشَّهَوَاتِ الْحَيَوَانِيَّةِ، وَمُنَزَّهُونَ عَنِ الآْثَامِ وَالْخَطَايَا، وَلاَ يَتَّصِفُونَ بِشَيْءٍ مِنَ الصِّفَاتِ الْمَادِّيَّةِ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا ابْنُ آدَمَ (11) غَيْرَ أَنَّ لَهُمُ الْقُدْرَةَ عَلَى أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِصُوَرِ الْبَشَرِ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى (12) .
ثَالِثًا - عِبَادَةُ الْمَلاَئِكَةِ لِلَّهِ وَمَا وُكِّل إِلَيْهِمْ مِنْ أَعْمَالٍ
6 - عَلاَقَةُ الْمَلاَئِكَةِ بِاللَّهِ هِيَ عَلاَقَةُ الْعُبُودِيَّةِ الْخَالِصَةِ وَالطَّاعَةِ وَالاِمْتِثَال وَالْخُضُوعِ الْمُطْلَقِ لأَِوَامِرِهِ ﷿، قَال تَعَالَى: {لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (13) ، وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْل وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ} (14) .
وَهُمْ مُنْقَطِعُونَ دَائِمًا لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ أَمْرِهِ (15) ، كَمَا وَرَدَ فِي الآْيَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ.
وَعَنْ جَابِرٍ ﵁ قَال: قَال رَسُول اللَّهِ ﷺ: مَا فِي السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ مَوْضِعُ قَدَمٍ وَلاَ شِبْرٍ وَلاَ كَفٍّ إِلاَّ وَفِيهِ مَلَكٌ قَائِمٌ أَوْ مَلَكٌ رَاكِعٌ أَوْ مَلَكٌ سَاجِدٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قَالُوا جَمِيعًا: سُبْحَانَكَ مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ إِلاَّ أَنَّا لَمْ نُشْرِكْ بِكَ شَيْئًا (16) .
7 - قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: دَل الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ عَلَى أَصْنَافِ الْمَلاَئِكَةِ، وَأَنَّهَا مُوَكَّلَةٌ بِأَصْنَافِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَكَّل بِالْجِبَال مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالسَّحَابِ مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالرَّحِمِ مَلاَئِكَةً تُدَبِّرُ أَمْرَ النُّطْفَةِ حَتَّى يَتِمَّ خَلْقُهَا، ثُمَّ وَكَّل بِالْعَبْدِ مَلاَئِكَةً لِحِفْظِهِ، وَمَلاَئِكَةً لِحِفْظِ مَا يَعْمَلُهُ وَإِحْصَائِهِ وَكِتَابَتِهِ، وَوَكَّل بِالْمَوْتِ مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالسُّؤَال فِي الْقَبْرِ مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالأَْفْلاَكِ مَلاَئِكَةً يُحَرِّكُونَهَا، وَوَكَّل بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالنَّارِ وَإِيقَادِهَا وَتَعْذِيبِ أَهْلِهَا وَعِمَارَتِهَا مَلاَئِكَةً، وَوَكَّل بِالْجَنَّةِ. وَعِمَارَتِهَا وَغِرَاسِهَا وَعَمَل الأَْنْهَارِ فِيهَا مَلاَئِكَةً، فَالْمَلاَئِكَةُ أَعْظَمُ جُنُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهُمْ: {وَالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفًا وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} (17) وَمِنْهُمْ: {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا} (18) ، وَمِنْهُمْ: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} (19) .
وَمِنْهُمْ: مَلاَئِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلاَئِكَةُ الْعَذَابِ، وَمَلاَئِكَةٌ قَدْ وُكِّلُوا بِحَمْل الْعَرْشِ، وَمَلاَئِكَةٌ قَدْ وُكِّلُوا بِعِمَارَةِ السَّمَاوَاتِ بِالصَّلاَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَلاَئِكَةِ الَّتِي لاَ يُحْصِيهَا إِلاَّ اللَّهُ تَعَالَى.
وَلَفْظُ الْمَلَكِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ رَسُولٌ مُنَفِّذٌ لأَِمْرِ غَيْرِهِ، فَلَيْسَ لَهُمْ مِنَ الأَْمْرِ شَيْءٌ، بَل الأَْمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ، وَهُمْ يُنَفِّذُونَ أَمْرَهُ {لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْل وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} (20) ، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (21) ، {لاَ يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (22) .
وَلاَ تَتَنَزَّل الْمَلاَئِكَةُ إِلاَّ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلاَ تَفْعَل شَيْئًا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ.
وَرُؤَسَاؤُهُمُ الأَْمْلاَكُ الثَّلاَثُ: جِبْرِيل، وَمِيكَائِيل، وَإِسْرَافِيل، وَكَانَ النَّبِيُّ يَقُول: اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيل وَمِيكَائِيل وَإِسْرَافِيل، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَْرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (23) .
فَتَوَسَّل إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِرُبُوبِيَّتِهِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ لِهَؤُلاَءِ الأَْمْلاَكِ الثَّلاَثَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِالْحَيَاةِ.
فَجِبْرِيل مُوَكَّلٌ بِالْوَحْيِ الَّذِي بِهِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ وَالأَْرْوَاحِ، وَمِيكَائِيل وُكِّل بِالْقَطْرِ الَّذِي بَهْ حَيَاةُ الأَْرْضِ وَالنَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ، وَإِسْرَافِيل مُوَكَّلٌ بِالنَّفْخِ فِي الصُّورِ الَّذِي بِهِ حَيَاةُ الْخَلْقِ بَعْدَ مَمَاتِهِمْ (24) . رَابِعًا - تَفْضِيل الْمَلاَئِكَةِ 8 - قَال ابْنُ عَابِدِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ نَقْلاً عَنِ الزَّنْدُوسَتِيِّ: أَجْمَعَتِ الأُْمَّةُ عَلَى أَنَّ الأَْنْبِيَاءَ أَفْضَل الْخَلِيقَةِ، وَأَنَّ نَبِيَّنَا ﷺ أَفْضَلُهُمْ، وَأَنَّ أَفْضَل الْخَلاَئِقِ بَعْدَ الأَْنْبِيَاءِ الْمَلاَئِكَةُ الأَْرْبَعَةُ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ وَالرُّوحَانِيُّونَ وَرِضْوَانُ وَمَالِكٌ، وَأَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَالشُّهَدَاءَ وَالصَّالِحِينَ أَفْضَل مِنْ سَائِرِ الْمَلاَئِكَةِ.
وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَال الإِْمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: سَائِرُ النَّاسِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَل مِنْ سَائِرِ الْمَلاَئِكَةِ، وَقَال مُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ: سَائِرُ الْمَلاَئِكَةِ أَفْضَل (25) .
خَامِسًا - سَبُّ الْمَلاَئِكَةِ
9 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مَلاَئِكَتَهُ - الْوَارِدَ ذِكْرُهُمْ فِي الْكِتَابِ الْكَرِيمِ وَالسُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ - أَوِ اسْتَخَفَّ بِهِمْ أَوْ كَذَّبَهُمْ فِيمَا أَتَوْا بِهِ أَوْ أَنْكَرَ وُجُودَهُمْ وَجَحَدَ نُزُولَهُمْ قُتِل كُفْرًا.
وَاخْتَلَفُوا هَل يُسْتَتَابُ أَمْ لاَ؟
فَقَال الْجُمْهُورُ: يُسْتَتَابُ وُجُوبًا أَوِ اسْتِحْبَابًا عَلَى خِلاَفٍ بَيْنَهُمْ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: لاَ يُسْتَتَابُ عَلَى الْمَشْهُورِ (26) . قَال الدُّسُوقِيُّ: قُتِل وَلَمْ يُسْتَتَبْ - أَيْ بِلاَ طَلَبٍ أَوْ بِلاَ قَبُول تَوْبَةٍ مِنْهُ - حَدًّا إِنْ تَابَ وَإِلاَّ قُتِل كُفْرًا، إِلاَّ أَنْ يُسْلِمَ الْكَافِرُ فَلاَ يُقْتَل لأَِنَّ الإِْسْلاَمَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ (27) .
قَال الْمَوَّاقُ: وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ تَحَقَّقَ كَوْنُهُ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ كَجِبْرِيل وَمَلَكِ الْمَوْتِ وَالزَّبَانِيَةِ وَرِضْوَانٍ وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ تَثْبُتِ الأَْخْبَارُ بِتَعْيِينِهِ وَلاَ وَقَعَ الإِْجْمَاعُ عَلَى كَوْنِهِ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أَوِ الأَْنْبِيَاءِ، كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَلُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ وَمَرْيَمَ وَأَمْثَالِهِمْ فَلَيْسَ الْحُكْمُ فِيهِمْ مَا ذَكَرْنَا إِذْ لَمْ تَثْبُتْ لَهُمْ تِلْكَ الْحُرْمَةُ، لَكِنْ يُؤَدَّبُ مَنْ تَنَقَّصَهُمْ.
وَأَمَّا إِنْكَارُ كَوْنِهِمْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أَوِ النَّبِيِّينَ فَإِنْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ فَلاَ حَرَجَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ عَوَامِّ النَّاسِ زُجِرَ عَنِ الْخَوْضِ فِي مِثْل هَذَا، وَقَدْ كَرِهَ السَّلَفُ الْكَلاَمَ فِي مِثْل هَذَا مِمَّا لَيْسَ تَحْتَهُ عَمَلٌ (28) .
(ر: رِدَّةٌ ف 16 - 17، 35) .
__________
(1) لسان العرب، وتاج العروس، والقاموس المحيط، وفتح الباري 6 / 306 وما بعدها.
(2) التعريفات للجرجاني، وفتح الباري 6 / 306 ط دار المعرفة - بيروت، وفيض الباري 4 / 6 ط دار المعرفة - بيروت، وشرح الفقه الأكبر ص 20 ط دار الكتب العربية - بيروت.
(3) لسان العرب، والكليات 1 / 316، والمصباح المنير، والفروق في اللغة ص 227.
(4) سورة الأنبياء / 26.
(5) لسان العرب، ومختار الصحاح، والكليات 2 / 166، وتفسير البيضاوي 4 / 225 ط المكتبة التجارية الكبرى.
(6) سورة النساء / 136.
(7) حديث عمر ﵁: " أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ. . . ". أخرجه مسلم (1 / 37 ط الحلبي) ضمن حديث طويل.
(8) شرح العقيدة الطحاوية 2 / 401 ط مؤسسة الرسالة، وفتح الباري 6 / 306 ط دار المعرفة - بيروت، وإغاثة اللهفان 2 / 120 وما بعدها ط مصطفى الحلبي.
(9) سورة البقرة / 30.
(10) حديث عائشة ﵂: " خُلقت الملائكة. . . ". أخرجه مسلم (4 / 2294) ط الحلبي.
(11) شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري ص 20 ط دار الكتب العلمية، وفتح الباري 6 / 353.
(12) فتح الباري 6 / 348 - 351 ط دار الريان للتراث - القاهرة.
(13) سورة التحريم / 6.
(14) سورة الأنبياء / 19، 20.
(15) إغاثة اللهفان 2 / 122.
(16) حديث: " ما في السماوات السبع. . . ". أخرجه الطبراني في الكبير (2 / 184) ، وفي الأوسط (4 / 345) من حديث جابر، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10 / 358) : رجاله رجال الثقات، وفيه عروة بن مروان قال فيه الدارقطني: ليس بقوي الحديث. وله شاهد من حديث عائشة: " ما في السماء موضع. . . ". أخرجه الدولابي بسنده (2 / 122) ط دار الكتب العلمية، وذكره السيوطي في الدر المنثور 2 / 292 ط المكتبة الإسلامية.
(17) سورة المرسلات / 1 - 5.
(18) سورة النازعات / 1 - 5.
(19) سورة الصافات / 1 - 3.
(20) سورة الأنبياء / 27، 28.
(21) سورة النحل / 50.
(22) سورة التحريم / 6.
(23) حديث: " اللهم رب جبريل. . . ". أخرجه مسلم (1 / 534 ط الحلبي) من حديث عائشة ﵂.
(24) إغاثه اللهفان 2 / 121 - 122.
(25) حاشية ابن عابدين 1 / 354 ط بولاق.
(26) حاشية ابن عابدين 4 / 235 ط مصطفى الحلبي، والشفاء 2 / 473، ونسيم الرياض شرح الشفاء 4 / 547، والمغني مع الشرح 9 / 21، وقليوبي وعميرة 4 / 175، وشرح منتهى الإرادات 3 / 386، والقوانين الفقهية ص 357 الناشر الكتاب العربي.
(27) حاشية الدسوقي 4 / 309.
(28) التاج والإكليل بهامش مواهب الجليل 6 / 285، وحاشية الدسوقي 4 / 309، والقوانين الفقهية ص 357، والشرح الصغير على أقرب المسالك 4 / 435، والخرشي 8 / 747، ومنح الجليل 4 / 476، وشرح منتهى الإرادات 3 / 386، وكشاف القناع 6 / 168، وغاية المنتهى 3 / 359، والشفا 2 / 473.
الموسوعة الفقهية الكويتية: 5/ 39