التواب
التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «كُتب على ابن آدم نَصِيبُه من الزِنا مُدْرِكُ ذلك لا مَحَالة: العينان زِناهما النَظر، والأُذنان زِناهما الاستماع، واللسان زِناه الكلام، واليَدُ زِناها البَطْش، والرِّجل زِناها الخُطَا، والقلب يَهْوَى ويتمنى، ويُصَدِّق ذلك الفَرْج أو يُكذِّبُه».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
معنى الحديث أن الإنسان مُدرك للزنا لا محالة إلا من عصمه الله، ثم ذكر النبي ﷺ أمثلة لذلك: "فالعين زناها النظر" يعني: أن الرَّجُل إذا نظر إلى امرأة ولو لغير شهوة وهي ليست من محارمه فهذا نوع من الزنا وهو زنا العين. "والأُذنان زِناهما الاستماع" أي يستمع الإنسان إلى كلام المرأة ويتلذذ بصوتها، هذا زنا الأذن. "واليد زناها البَطْش" يعني العمل باليد من اللمس وما أشبه ذلك. "والرِجل زناها الخُطا" يعني أن الإنسان يمشي إلى محل الفواحش مثلا أو يسمع إلى صوت امرأة فيمشي إليها أو يرى امرأة، فيتبعها هذا نوع من الزنا. "والقلب يَهْوَى ويتمنى" أي يميل إلى هذا الأمر وهو التعلق بالنساء هذا زنا القلب. "والفرج يصدِّق ذلك أو يُكذِّبه" يعني أنه إذا زنى بالفرج والعياذ بالله، فقد صدق زنا هذه الأعضاء وإن لم يزن بفرجه، بل سَلِم وحفظ نفسه فإن هذا يكون تكذيبا لزنا هذه الأعضاء. فدل ذلك على الحذر من التعلق بالنساء لا بأصواتهن ولا بالرؤية إليهن ولا بمسهن ولا بالسعي إليهن ولا بغواية القلب لهن، كل ذلك من أنواع الزنا -والعياذ بالله-، فليحذر الإنسان العاقل العفيف من أن يكون في هذه الأعضاء شيء يتعلق بالنساء.
كُتِبَ | قُدِّرَ. |
مُدْرِكُ | محصِّل. |
البَطْش | الأخذ القوي الشَّديد. |
الخُطا | المشي والمراد المشي إلى فعل الحرام. |
القلب يَهوى | أي يريد وقوع ما تحبه النفس من الشهوة. |
يُصَدِّق | يحقق. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".