الحافظ
الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحافظ) اسمٌ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي ﷺ: «أَيُّمَا رَجُلٍ أَعْتَقَ امْرَأً مسلمًا، استَنْقَذَ الله بكلِّ عُضْوٍ منه عُضْوا منه مِن النار».
[صحيح.] - [متفق عليه.]
في هذا الحديث يخبر أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ بيّن فضل عتق الرقاب وتخليصها من الرق، وأن هذا من أجَلِّ الطاعات وأعظم القربات, ومن أسباب العتق من النار, إذا أعتق هذا الرقيق لله -تعالى-, فكان جزاؤه أن يعتقه الله من النار, لأن المجازاة تكون من جنس الأعمال, فجوزي المعتق للعبد بالعتق من النار, وهذا -والله أعلم- لكون الرقيق في حكم المعدوم إذ لا تصرف له في نفسه, وإنما يُتصرف فيه كما يُتصرف في الدابة, فكان عتقه كإخراجه من العدم إلى الوجود, لما في عتقه من تخليصه من ضرر الرق, وملك نفسه منافعه وتكميل أحكامه وتمكنه من التصرف في نفسه وشؤون حياته على حسب إرادته واختياره في حدود الشرع.
أيُّما | كلمة "أيما" مركبة من "أي" الشرطية "وما" الزائدة للتأكيد. |
أعتق | العتق: هو تحرير الرقبة، وتخليصها من الرق، وتثبيتُ الحرية لها. |
امرأً | المرء: هو الرجل، فإنْ لم تأت بالألف والَّلام، قلت: امرُؤٌ، بكسر همزة الوصل، جمعه: رجال من غير لفظه، والأنثى: امرأة جمعها: نساء من غير لفظها. |
استنقذ | وقى وأنقذ وخلص. |
عُضْوٍ | هو جزءٌ من مجموع الجسد؛ كاليد والرِّجل والأذن، وجمعه أعضاء. |
عُضْوا منه مِن النار | أي: أنقذ الله مكان كل عضو من أعضاء المعتَق عضوًا من أعضاء المعتِق, ونجّاه من جهنم يوم القيامة. |
رمضانُ شهرُ الانتصاراتِ الإسلاميةِ العظيمةِ، والفتوحاتِ الخالدةِ في قديمِ التاريخِ وحديثِهِ.
ومنْ أعظمِ تلكَ الفتوحاتِ: فتحُ مكةَ، وكان في العشرينَ من شهرِ رمضانَ في العامِ الثامنِ منَ الهجرةِ المُشَرّفةِ.
فِي هذهِ الغزوةِ دخلَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلمَ مكةَ في جيشٍ قِوامُه عشرةُ آلافِ مقاتلٍ، على إثْرِ نقضِ قريشٍ للعهدِ الذي أُبرمَ بينها وبينَهُ في صُلحِ الحُدَيْبِيَةِ، وبعدَ دخولِهِ مكةَ أخذَ صلىَ اللهُ عليهِ وسلمَ يطوفُ بالكعبةِ المُشرفةِ، ويَطعنُ الأصنامَ التي كانتْ حولَها بقَوسٍ في يدِهِ، وهوَ يُرددُ: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» (81)الإسراء، وأمرَ بتلكَ الأصنامِ فكُسِرَتْ، ولما رأى الرسولُ صناديدَ قريشٍ وقدْ طأطأوا رؤوسَهمْ ذُلاً وانكساراً سألهُم " ما تظنونَ أني فاعلٌ بكُم؟" قالوا: "خيراً، أخٌ كريمٌ وابنُ أخٍ كريمٍ"، فأعلنَ جوهرَ الرسالةِ المحمديةِ، رسالةِ الرأفةِ والرحمةِ، والعفوِ عندَ المَقدُرَةِ، بقولِه:" اليومَ أقولُ لكمْ ما قالَ أخِي يوسفُ من قبلُ: "لا تثريبَ عليكمْ اليومَ يغفرُ اللهُ لكمْ، وهو أرحمُ الراحمينْ، اذهبوا فأنتمُ الطُلَقَاءُ".