البحث

عبارات مقترحة:

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

المقيت

كلمة (المُقيت) في اللغة اسم فاعل من الفعل (أقاتَ) ومضارعه...


حِمْصُ

بالكسر ثم السكون، والصاد مهملة: بلد مشهور قديم كبير مسوّر، وفي طرفه القبلي قلعة حصينة على تلّ عال كبيرة، وهي بين دمشق وحلب في نصف الطريق، يذكر ويؤنث، بناه رجل يقال له حمص بن المهر بن جان بن مكنف، وقيل: حمص بن مكنف العمليقي، وقال أهل الاشتقاق: حمص الجرح يحمص حموصا وانحمص ينحمص انحماصا إذا ذهب ورمه، وقال أبو عون في زيجه: طول حمص إحدى وستون درجة، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة وثلثان، وهي في الإقليم الرابع، وفي كتاب الملحمة: مدينة حمص طولها تسع وستون درجة، وعرضها أربع وثلاثون درجة وخمس وأربعون دقيقة، من الإقليم الرابع، ارتفاعها ثمان وسبعون درجة، تحت ثماني درج من السرطان، يقابلها مثلها من الجدي، بيت ملكها مثلها من الحمل، بيت عاقبتها مثلها من الميزان، قال أهل السير: حمص بناها اليونانيون وزيتون فلسطين من غرسهم. وأما فتحها فذكر أبو المنذر عن أبي مخنف أن أبا عبيدة ابن الجرّاح لما فرغ من دمشق قدم أمامه خالد بن الوليد وملحان بن زيّار الطائي ثم اتبعهما فلما توافوا بحمص قاتلهم أهلها ثم لجؤوا إلى المدينة وطلبوا الأمان والصلح، فصالحوه على مائة ألف وسبعين ألف دينار، وقال الواقدي وغيره: بينما المسلمون على أبواب دمشق إذ أقبلت خيل للعدوّ كثيفة فخرج إليهم جماعة من المسلمين فلقوهم بين بيت لهيا والثنيّة فولّوا منهزميننحو حمص على طريق قارا حتى وافوا حمص وكانوا متخوفين لهرب هرقل عنهم فأعطوا ما بأيديهم وطلبوا الأمان، فأمنهم المسلمون فأخرجوا لهم النّزل فأقاموا على الأرنط، وهو النهر المسمى بالعاصي، وكان على المسلمين السّمط بن الأسود الكندي، فلما فرغ أبو عبيدة من أمر دمشق استخلف عليها يزيد بن أبي سفيان ثم قدم حمص على طريق بعلبكّ فنزل بباب الرّستن فصالحه أهل حمص على أن أمنهم على أنفسهم وأموالهم وسور مدينتهم وكنائسهم وأرحائهم واستثنى عليهم ربع كنيسة يوحنا للمسجد واشترط الخراج على من أقام منهم، وقيل: بل السمط صالحهم فلما قدم أبو عبيدة أمضى الصلح، وإن السمط قسم حمص خططا بين المسلمين وسكنوها في كل موضع جلا أهله أو ساحة متروكة، وقال أبو مخنف: أول راية وافت للعرب حمص ونزلت حول مدينتها راية ميسرة بن مسرور العبسي، وأول مولود ولد في الإسلام بحمص أدهم بن محرز، وكان أدهم يقول: إن أمّه شهدت صفين وقاتلت مع معاوية وطلبت دم عثمان، رضي الله عنه، وما أحبّ أن لي بذلك حمر النّعم، قالوا: ومن عجائب حمص صورة على باب مسجدها إلى جانب البيعة على حجر أبيض أعلاه صورة إنسان وأسفله صورة العقرب، إذ أخذ من طين أرضها وختم على تلك الصورة نفع من لدغ العقرب منفعة بينة، وهو أن يشرب الملسوع منه بماء فيبرأ لوقته، وقال عبد الرحمن: خليليّ، إن حانت بحمص منيّتي، فلا تدفناني وارفعاني إلى نجد ومرّا على أهل الجناب بأعظمي، وإن لم يكن أهل الجناب على القصد وإن أنتما لم ترفعاني، فسلّما على صارة فالقور فالأبلق الفرد لكيما أرى البرق الذي أومضت له ذرى المزن، علويّا، وماذا لنا يبدي وبحمص من المزارات والمشاهد مشهد علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فيه عمود فيه موضع إصبعه، رآه بعضهم في المنام، وبها دار خالد بن الوليد، رضي الله عنه، وقبره فيما يقال، وبعضهم يقول إنه مات بالمدينة ودفن بها وهو الأصحّ، وعند قبر خالد قبر عياض بن غنم القرشي، رضي الله عنه، الذي فتح بلاد الجزيرة، وفيه قبر زوجة خالد بن الوليد وقبر ابنه عبد الرحمن، وقيل: بها قبر عبيد الله بن عمر بن الخطاب، والصحيح أن عبيد الله قتل بصفين، فإن كان نقلت جثته إلى حمص فالله أعلم، ويقال: إن خالد بن الوليد مات بقرية على نحو ميل من حمص، وإن هذا الذي يزار بحمص إنما هو قبر خالد بن يزيد ابن معاوية، وهو الذي بنى القصر بحمص، وآثار هذا القصر في غربي الطريق باقية، وبحمص قبر سفينة مولى رسول الله، واسم سفينة مهران، وبها قبر قنبر مولى عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، ويقال: إن قنبر قتله الحجاج وقتل ابنه وقتل ميثما التّمّار بالكوفة، وبها قبور لأولاد جعفر بن أبي طالب، وهو جعفر الطّيّار، وبها مقام كعب الأحبار ومشهد لأبي الدّرداء وأبي ذرّ، وبها قبر يونان والحارث بن عطيف الكندي وخالد الأزرق الغاضري والحجاج بن عامر وكعب وغيرهم، وينسب إليها جماعة من العلماء، ومن أعيانهم: محمد بن عوف ابن سفيان أبو جعفر الطائي الحمصي الحافظ، قال الإمام أبو القاسم الدمشقي: قدم دمشق فى سنة 217 وروىعن أبيه وعن محمد بن يوسف القبرياني وأحمد بن يونس وآدم بن أبي إياس وأبي المغيرة الحمصي وعبد السلام ابن عبد الحميد السّكوني وعليّ بن قادم وخلق كثير من هذه الطبقة، وروى عنه أبو زرعة وأبو حاتم الرزاياني وأبو داود السجستاني وابنه أبو بكر وعبد الرحمن بن أبي حاتم ويحيى بن محمد بن صاعد وأبو زرعة الدمشقي وخلق كثير من هذه الطبقة، قال عبد الصمد بن سعيد القاضي: سمعت محمد بن عوف بن سفيان يقول: كنت ألعب في الكنيسة بالكرة وأنا حدث فدخلت الكرة المسجد حتى وقعت بالقرب من المعافى بن عمران فدخلت لآخذها فقال لي: يا فتى ابن من أنت؟ قلت: أنا ابن عوف، قال: ابن سفيان؟ قلت: نعم، فقال: أما إنّ أباك كان من إخواننا وكان ممن يكتب معنا الحديث والعلم والذي يشبهك أن تتبع ما كان عليه والدك، فصرت إلى أمي فأخبرتها فقالت: صدق يا بنيّ هو صديق لأبيك، فألبستني ثوبا من ثيابه وإزارا من أزره ثم جئت إلى المعافى ابن عمران ومعي محبرة وورق فقال لي: اكتب حدثنا إسماعيل بن عبد ربه بن سليمان، قال: كتبت إليّ أم الدرداء في لوحي فيما تعلمني اطلبوا العلم صغارا تعلموه كبارا، قال: فإن لكل حاصد ما زرع خيرا كان أو شرّا، فكان أول حديث سمعته، وذكر عند يحيى بن معين حديث من حديث الشام فردّه وقال: ليس هو كذا، قال: فقال له رجل في الحلقة: يا أبا زكرياء إن ابن عوف يذكره كما ذكرناه، قال: فإن كان ابن عوف ذكره فإن ابن عوف أعرف بحديث بلده، وذكر ابن عوف عند عبد الله بن أحمد بن حنبل في سنة 273 فقال: ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثل محمد بن عوف، ذكر ابن قانع أنه توفي سنة 269، وقال ابن المنادي: مات في وسط سنة 272، ومحمد بن عبيد الله بن الفضل يعرف بابن أبي الفضل أبو الحسن الكلاعي الحمصي، حدث عن مصيفي وجماعة كثيرة من طبقته، وروى عنه القاضي أبو بكر الميانجي وأبو حاتم محمد ابن حبّان البستي وجماعة كثيرة من طبقتهما، وكان من الزّهاد، ومات في أول يوم رمضان سنة 309، ومات ابنه أبو علي الحسن لعشر خلون من شهر ربيع الأول سنة 351. ومن عجيب ما تأمّلته من أمر حمص فساد هوائها وتربتها اللذين يفسدان العقل حتى يضرب بحماقتهم المثل، إنّ أشدّ الناس على علي، رضي الله عنه، بصفين مع معاوية كان أهل حمص وأكثرهم تحريضا عليه وجدّا في حربه، فلما انقضت تلك الحروب ومضى ذلك الزمان صاروا من غلاة الشيعة حتى إن في أهلها كثيرا ممن رأى مذهب النّصيرية وأصلهم الإمامية الذين يسبون السلف، فقد التزموا الضلال أولا وأخيرا فليس لهم زمان كانوا فيه على الصواب.

[معجم البلدان]

حَمِصُ

بالفتح ثم الكسر والتخفيف، والصاد مهملة: قرية قرب خلخال من أعمال الشار في طرف أذربيجان من جهة قزوين.

[معجم البلدان]

حمص

مدينة بأرض الشام حصينة، أصح بلاد الشام هواء وتربة. وهي كثيرة المياه والأشجار ولا يكاد يلدغ بها عقرب أو تنهش حية. ولو غسل ثوب بماء حمص لا يقرب عقرب لابسه إلى أن يغسل بماء آخر. ومن عجائبها الصورة التي على باب المسجد الذي إلى جانب البيعة، وهيصورة إنسان نصفها العلى، ونصفها الأسفل صورة عقرب. يؤخذ الطين الحر ويطبع به على تلك الصورة وتلقى في الماء حتى يشرب الملدوغ فيبرأ في الحال. وأهلها موصوفون بالجمال المفرط والبلاهة؛ قال الجاحظ: مرت بمص عنز تبعها جمل، فقال رجل لآخر: هذا الجمل من هذا العنز! فقال الآخر: كلا إنه يتيم في حجره. ومن العجب أنهم كانوا أشد الناس على علي، رضي الله عنه، فلما انقضت تلك الأيام صاروا من غلاة الشيعة، حتى ان في أهلها كثيراً ممن يرى مذهب النصيرية وأصلحهم الامامية السبابة. وأما حكومة قاضي حمص فمشهورة: ذكر أنه تحاكم إليه رجل وامرأة، فقالت المرأة: هذا رجل أجنبي مني وقد قبلني، فقال القاضي: قومي إليه وقبليه كما قبلك! فقالت: عفوت عنه! فقال لها: مري راشدةً. وبها قبر خالد بن الوليد، رضي الله عنه، مات بها وهو يقول في مرض موته: تباً للجبناء! ما على بدني قدر شبر إلا وعليه طعنة أو ضربة، وها أنا أموت على الفراش موت العير!

[آثار البلاد وأخبار العباد]

حمص

المدينة المشهورة في وسط الإقليم السوري، وبها قبر خالد بن الوليد رضي الله عنه.

[المعالم الأثيرة في السنة والسيرة]

حمص

مدينة قديمة مشهورة بين دمشق وحلب. كانت من أجناد الشام الخمسة أيام الفتح الإسلامي يمر من جانبها نهر العاصي. ينسب إليها كثير من العلماء والشعراء منهم الشاعر عبد السلام بن رغبان الملقب بديك الجن وفيها قبر بطل الإسلام خالد بن الوليد وقبر ابنه عبد الرحمن وهما من المشاهد التي تزار.

[تعريف بالأماكن الواردة في البداية والنهاية لابن كثير]

باب حمص وحمص وحمض

أما اْلأَوَّلُ: - بِكَسْرِ الحاء وسكون الميم: - البلدة المشهورة بالشام، نزل بها جَمَاعَة من الصحابة، ويُنْسَبُ إليها خلق كثير من التابعين فمن بعدهم، ولهم تأريخ، وهي في قديم الزمان كانت أذكر من دمشق. وأما الثَّاني: - بِكَسْرِ الميم وتَشْدِيْدِها -: دار الحمص سوق بمصر عند المُربعة يُنْسَبُ إليها عبد الله بن منير الحمصي المصري، ذكره أَبُو سعيد بن يونس في تأريخ مصر، و [قال] : كان يسكن دار الحمص التي في المربعة، فنسب إليها، وهو مولى بعض آل غشيم، مولى مسلمة بن مخلد الأنصاري، كان موثقاً عند القضاة. وأما الثَّالِثُ: - بِفَتْحِ الْخَاءِ وسكون الميم وآخره ضادٌ معجمة -: وادي حمض قريب من اليمامة، وله ذكر في أشعارهم. 289 -

[الأماكن، ما اتفق لفظه وافترق مسماه للحازمي]

حمص:

مدينة بالشام من أوسع مدنها، ولا يجوز فيها الصرف كما يجوز في هند (1) لأنه اسم أعجمي، سميت برجل من العمالق يسمى حمص، ويقال رجل من عاملة، هو أول من نزلها، ولها نهر عظيم يشرب منه أهلها. وهي (2) مدينة حسنة في مستو من الأرض وهي عامرة بالناس، والمسافرون يقصدونها بالأمتعة والبضائع من كل فن، وأسواقها قائمة وخصبهم تام ومعايشهم رقيقة (3)، وفي نسائهم جمال وحسن بشرة، وشرب أهلها من ماء يأتيهم في قناة على مرحلة منها مما يلي دمشق، والنهر المسمى بالمقلوب (4) يجري على بابها بمقدار رمية سهم، ولهم عليه قرى متصلة وبساتين وأشجار وأنهار كبيرة، ومنها تجلب الفواكه إلى المدينة، وكانت من أكثر البلاد كروماً فتلف أكثرها، وثراها طيب للزراعات وهواؤها أعدل هواء يكون بمدن الشام، وهي مطلسمة لا تدخلها حية ولا عقرب ومتى أدخلت على باب المدينة هلكت على الحال. وبها على القبة العالية الكبيرة التي في وسطها صنم نحاس على صورة الإنسان الراكب يدور مع الريح كيف ما دارت، وفي حائط القبة حجر عليه صورة عقرب فإذا جاز إنسان ملدوغ أو ملسوع طبع ذلك الحجر الطين الذي يكون معه ثم يضع الطين على اللسعة فيبرأ للحين. وجميع أزقتها وطرقها مفروشة بالحجر الصلد، وزراعاتها مباركة كثيرة، وهي تكتفي باليسير من المطر أو السقي، وبها مسجد جامع كبير من أكبر جوامع الشام، ومنها إلى حلب خمس مراحل. وافتتحها أبو عبيدة بن الجراح (5) صلحاً سنة أربع عشرة في خلافة عمر رضي الله عنه، وذلك أنه لما تم الصلح بينه وبين أهل بعلبك وكتب لهم كتاباً، خرج نحو حمص فجمع له أهلها جمعاً عظيماً ثم استقبلوه بجومية فرماهم بخالد بن الوليد رضي الله عنه، فلما نظر إليهم خالد قال: يا أهل الإسلام الشدة الشدة، ثم حمل عليهم خالد وحمل المسلمون معه فولوا منهزمين حتى دخلوا مدينتهم، وبعث خالد ميسرة بن مسروق فاستقبل خيلاً لهم عظيمة عند نهير قريب من حمص فطاردهم قليلاً ثم حمل عليهم فهزمهم، وأقبل رجل من المسلمين من حمير يقال له شرحبيل فعرض له منهم فوارس فحمل عليهم وحده فقتل منهم سبعة، ثم جاء إلى نهر دون حمص مما يلي دير مسحل فنزل عن فرسه فسقاه، وجاءه نحو من ثلاثين فارساً من أهل حمص فنظروا إلى رجل واحد وأقبلوا نحوه، فلما رأى ذلك أقحم فرسه وعبر الماء إليهم، ثم ضرب فرسه فحمل عليهم فقتل أول فارس ثم الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس ثم انهزموا وتبعهم وحده، فلم يزل يقتل واحداً واحداً حتى انتهوا إلى دير مسحل وقد صرع منهم أحد عشر رجلاً فاقتحموا جوف الدير واقتحم معهم فرماه أهل الدير بالحجارة حتى قتلوه رحمه الله، وجاء ملحان بن زياد وعبد الله بن قرط وصفوان بن المعطل إلى المدينة فأخذوا يطيفون بها يريدون أن يخرج إليهم أهلها فلم يخرجوا، وجاء المسلمون حتى نزلوا على باب الرستن فزعم النضر بن شفي أن رجلاً من آل ذي الكلاع كان أول من دخل مدينة حمص، وذلك أنه حمل من جهة باب الرستن فلم يرد وجهه شيء فإذا هو في جوف المدينة، فلما رأى ذلك ضرب فرسه فخرج كما هو على وجهه، ولا يرى إلا أنه قد هلك حتى خرج من باب الرستن فإذا هو في عسكر المسلمين. وحاصر المسلمون أهل حمص حصاراً شديداً فأخذوا يقولون للمسلمين: اذهبوا نحو الملك فإن ظفرتم به فنحن كلنا لكم عبيد، فأقام أبو عبيدة رضي الله عنه على باب الرستن بالناس وبث الخيل في نواحي أرضهم فأصابوا مغانم كثيرة وقطعوا عنهم المادة والميرة، واشتد عليهم الحصار وخشوا السبي فأرسلوا إلى المسلمين يطلبون الصلح، فصالحهم المسلمون وكتبوا لهم كتاباً بأمان على أنفسهم وأموالهم وكنائسهم وعلى أن يضيفوا المسلمين يوماً وليلة وعلى أن على أرض حمص مائة ألف دينار وسبعين ألف دينار، وفرغوا من الصلح وفتحوا باب المدينة للمسلمين فدخلوها وأمن (6) بعضهم بعضاً. وقال أدهم بن محرز بن أسد الباهلي: أول راية دخلت أرض حمص ودارت حول مدينتها راية ميسرة بن مسروق، ولقد كانت لأبي أمامة راية ولأبي راية، وإن أول رجل من المسلمين قتل رجلاً من المشركين لأبي وإني أول مولود بحمص وأول مولود فرض له بها وأول من رمى فيها بيده، كنت أختلف إلى الكتاب، ولقد شهدت صفين وقاتلت. وقال عبد الله بن قرط: عسكر أبو عبيدة ونحن معه حول حمص نحواً من ثمان عشرة ليلة وبث عماله في نواحي أرضها واطمأن في عسكره. وبحمص مات خالد بن الوليد رضي الله عنه سنة إحدى وعشرين، وقيل بل مات في المدينة وصلى عليه عمر رضي الله عنه. وبين حمص وسلمية ستة فراسخ، ويقال إن أهل حمص أول من ابتدع الحساب في سالف الزمن، لأنهم كانوا تجاراً يحتاجون إلى الحساب في أرباحهم ورؤوس أموالهم ونفقاتهم، ويقال إنه لا يدخل حمص حية ولا عقرب، وليس لها سور، وفي وسطها حصن مستدير، وأكثر مدينة حمص اليوم خراب، وشرقي مدينتها البرية، ويقال: إن أبقراط الفاضل كان مسكنه مدينة حمص. وقال قتادة: أخبرت أنه نزل حمص خمسمائة من أصحاب النبي ، وقيل نزلها من بني سليم ممن صحب النبي أربعمائة. وأهل هذه (7) البلدة موصوفون بالنجدة والتمرس بالعدو لمجاورتهم له، وبعدهم في ذلك أهل حلب. وقبليها قلعة حصينة منيعة، وشرقيها جبانة فيها قبر خالد بن الوليد سيف الله المسلول ومعه قبر ابنه عبد الرحمن وقبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهم. وأسوار هذه المدينة غاية في العتاقة والوثاقة مبنية بالحجارة السود وأبوابها حديد سامية الأشراف هائلة المنظر تكتنفها الأبراج الحصينة، وفي داخلها ما شئت من بادية شعثاء، وما ظنك ببلد حصن الأكراد منه على أميال يسيرة وهو معقل العدو، وبها مدرسة واحدة. واشبيلية بالأندلس تسمى حمص أيضاً، ولبعض المتأخرين ينسب عثمان بن عتيق إلى انتحال أشعار الناس: يا أهل ترشيش ألا حاكم. .. يحكم في السارق بالنص قد جاءكم من جمة شاعر. .. وشعره يأتيه من حمص يعني اشبيلية. (1) يجيز النحويون الصرف في الاسم المؤنث الثلاثي الساكن الوسط؛ وانظر صبح الأعشى 4: 112. (2) نزهة المشتاق: 117. (3) نزهة المشتاق: رخيصة. (4) يريد نهر ((العاصي)) أو ((الأرنط)). (5) فتوح الأزدي: 126. (6) ص: في؛ ع: وأبى. (7) من هنا منابع لابن جبير: 258.

[الروض المعطار في خبر الأقطار]

جند حمص

ثم منها إلى مدينة حماة وهي مدينة قديمة على نهر يقال له الأرنط، وأهل هذه المدينة قوم من يمن والأغلب عليهم بهراء وتنوخ ثم من مدينة حماة إلى مدينة الرستن ثم إلى مدينة حمص. ومدينة حمص من أوسع مدن الشام ولها نهر عظيم منه شرب أهلها، وأهل حمص جميعا يمن من طيّىء وكندة وحمير وكلب وهمدان وغيرهم من بطون اليمن. افتتحها أبو عبيدة الجراح سنة عشرة صلحا وانتقضت بعد الفتح فصالح أهلها ثانية. وبحمص أقاليم منها: النمة وأهلها كلب، والرستن وحماة وهي مدينة على نهر عظيم وأهلها بهراء وتنوخ وصوران وبه قوم من أياد، وسلمية وهي مدينة في البرية كان عبد الله بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابتناها وأجرى إليها نهرا واستنبط أرضها حتى زرع فيها الزعفران وأهلها من ولد عبد الله بن صالح الهاشمي ومواليهم وأخلاط من الناس تجار وزراعين. وتدمر وهي مدينة قديمة عجيبة البناء يقال لكثرة ما فيها من عجائب الآثار إن سليمان بن داود النبي عليه السّلام بناها وأهلها كب وتلمنس وهي مساكن أياد وكان ابن أبي دؤاد بناها منزلا، ومعرة النعمان مدينة قديمة خراب وأهلها تنوخ، والبارة وأهلها بهراء، ومدينة فامية وهي مدينة رومية قديمة خراب على بحيرة عظيمة وأهلها عذرة وبهراء، ومدينة شيزر وأهلها قوم من كندة، ومدينة كفر طاب، والإطميم وهي مدينة قديمة وأهلها قوم من يمن وسائر البطون وأكثرهم كندة. وعلى ساحل البحر من جند حمص أربع مدن: مدينة اللاذقية وأهلها قوم من يمن من سليح وزبيد وهمدان ويحصب وغيرهم، ومدينة جبلة وأهلها همدان وبها قوم من قيس ومن أياد، ومدينة بلنياس وأهلها أخلاط، ومدينة أنظرظوس وأهلها قوم من كندة. وخراج حمص القانون القائم يبلغ سوى الضياع مائتي ألف وعشرين ألف دينار.

[البلدان لليعقوبي]