البحث

عبارات مقترحة:

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

المبين

كلمة (المُبِين) في اللغة اسمُ فاعل من الفعل (أبان)، ومعناه:...

عليكم بسنتي

العربية

المؤلف ناصر القطامي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الحديث الشريف وعلومه - أهل السنة والجماعة
عناصر الخطبة
  1. موعظة نبوية لنجاة الأمة وكشف سبل الغمة .
  2. فضائل التمسك بالسنة النبوية .
  3. مكانة السنة وفضل اتباعها .
  4. التحذير من تبديل السنن والإعراض عنها. .

اقتباس

إنَّ اتباعَ سنةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتمسّك بمنهج السلف الصالح، عِلاجُ الأمراض، وزوالُ المكروهات، ونزُول البركات والخيرات، والتمسُّك بالسنة هو الاجتماع ونَبذ الخلافات، وتوادُّ القلوب، واتفاق النيات، والتمسُّك بالسنة هو النصرُ على أعداء الحقِّ، وعلى أهلِ الغيّ والشهوات. قال بعض أهل العلم: "ما مِن بلدٍ يعمَل أهلُه بالسنّة، وتظهر فيه أنوارها إلاَّ كان منصورًا ظاهرًا على عدوِّه، وما مِن بلدٍ تنطفئ فيه أنوارُ السنة إلاَّ غلَب عليه عدوُّه".

الخطبة الأولى:

مع نسمات الفجر الطاهرة، صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح، ثم أقبل بوجهه على أصحابه فوعظهم تلك الموعظة التي وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقالوا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا: "فقال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن أُمر عليكم عبد حبشي، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة".

نعم .. إنها الموعظة النبوية، والوصية المحمدية، لنجاة الأمة، وكشف سبل الغمة، بالتمسك بأنوار السنة، والاهتداء بسراج الملة.

قال ابن حبان -رحمه الله-: "إن في لزوم سنته -صلى الله عليه وسلم- تمام السلامة، وجماع الكرامة، لا تطفأ سُرُجها، ولا تدحض حججها، من لزمها عصم، ومن خالفها ندم؛ إذ هي الحصن الحصين، والركن الركين، الذي بان فضله، ومتن حبله، من تمسك به ساد، ومن رام خلافه باد، فالمتعلقون به أهل السعادة في الآجل، والمغبوطون بين الأنام في العاجل" (صحيح ابن حبان، الإحسان-1/86).

والمقصود من «السُّنة» كما قال ابن رجب: "هي الطريق المسلوك؛ فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه -صلى الله عليه وسلم- هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السُّنة الكاملة، ولهذا كان السلف قديمًا لا يُطلقون اسم السُّنة إلا على ما يشمل ذلك كلَّه".

أيها المسلمون: إن الحديث عن مكانة السنة وفضل اتباعها لا يوازيه حديث، وكيف لا؟! وقد قرن الله -عز وجل- سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- واتباعها بتشريعات الله -عز وجل- والتمسك بها، بل إن محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- من محبة الله تعالى، واتباع الرسول اتباع لله -عز وجل-، كما قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31].

إنَّ اتباعَ سنةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتمسّك بمنهج السلف الصالح، عِلاجُ الأمراض، وزوالُ المكروهات، ونزُول البركات والخيرات، والتمسُّك بالسنة هو الاجتماع ونَبذ الخلافات، وتوادُّ القلوب، واتفاق النيات، والتمسُّك بالسنة هو النصرُ على أعداء الحقِّ، وعلى أهلِ الغيّ والشهوات.

قال بعض أهل العلم: "ما مِن بلدٍ يعمَل أهلُه بالسنّة، وتظهر فيه أنوارها إلاَّ كان منصورًا ظاهرًا على عدوِّه، وما مِن بلدٍ تنطفئ فيه أنوارُ السنة إلاَّ غلَب عليه عدوُّه".

وفي حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله: "جُعِل رزقي تحتَ ظلِّ رمحي، وجُعلت الذِّلَّة والصّغار على من خالف أمري، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم".

أما عن فضل اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمن ذلك ما يلي:

1- أن طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- طاعةٌ لله تعالى: فقد أكد الله -عز وجل- في آيات كثيرة، أن طاعة النبي هي طاعة لله تعالى، فقال -عز وجل-: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه) [النساء:80].

وقال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [النساء: 13].

وأمثال ذلك في القرآن كثير، فقد قرن الله -تعالى- اسمه سبحانه بالرسول -صلى الله عليه وسلم- في عدة مواضع من القرآن الكريم، وقد جاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة توجب وتحث على اتباع السنة قال الله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21].

2- أن في اتباع السنة الفوز في الآخرة:

فقد بيَّن الله -سبحانه وتعالى- أن اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- سبب في دخول الجنة، كما قال سبحانه: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [النساء: 13]، بل إن اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ترفع صاحبها إلى أرفع الدرجات، كما قال تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69].

وقد ورد في سبب نزول هذه الآية: أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو محزون، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا فلان، مالي أراك محزونًا؟ قال: يا نبي الله، شيء فكرت فيه! فقال: ما هو؟ قال: نحن نغدو عليك ونروح، ننظر في وجهك ونجالسك، غدًا تُرفع مع النبيين فلا نصل إليك! فلم يردّ النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا. فأتاه جبريل عليه السلام بهذه الآية: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا). قال: فبعث إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فبشره.

3- أن في اتباع السنة فوزًا برحمة الله ورضوانه، قال تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النور: 52]، وقال سبحانه: (وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 71].

4- أن في اتباع السنة العصمة والنجاة: فقد جاءت النصوص من الكتاب والسنة لتبين أن التمسك بكتاب الله -تعالى- وبسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فيها النجاة والعصمة لصاحبها.

قال تعالى: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَب رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوَاْ إِنّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ) [الأنفال: 46]، ففي إتباع السنة والأخذ بها طاعة لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وذلك سبيل النجاة من الاختلاف المذموم.

- وعن عبد الله بن عمر قال -صلى الله عليه وسلم-: "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة إلا ملة واحدة" قالوا من هي يا رسول الله قال: "ما أنا عليه وأصحابي" (رواه الترمذي).

ففي هذا الحديث بيان أن في لزوم سنته -صلى الله عليه وسلم- السلامة من الفرقة المذمومة التي توعد أهلها بالنار.

- وكانت من آخر وصاياه -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع، كما روى عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس في حجة الوداع فقال: "يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه".

الخطبة الثانية:

يا عبد الله.. قف معي بخيالك، وطف معي بفكرك.. هل وددت أنك لقيت سيدك وحبيك -صلى الله عليه وسلم-؟ هل تمنيت رؤيته والسلام عليه وتقبيل يده وجبينه؟ هل بلغ بك الشوق أن بكيت لهفة لصحبته؟ وأن تفديه بنفسك ومالك وعيالك؟ إن كنت كذلك.. فقد اشتاق نبيك -صلى الله عليه وسلم- لك.. وسيلقاك على الحوض، وسيعرفك بعلامة على جسدك، ليست لأحد إلا لأهل السنة، المعظمين لأنوار الملة.

وإليك صحيح الخبر عن حبيبك المصطفى -صلى الله عليه وسلم- : فعن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : وددت أني قد رأيت إخواننا، فقالوا: يا رسول الله, ألسنا بإخوانك؟ قال بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض، فقالوا: يا رسول الله, كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "فإنهم يأتون يوم القيامة غرًّا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلم, ألا هلم, ألا هلم. فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا" (أخرجه مسلم).

إنهم قد بدلوا بعدك!! ما أعظم التهمة! وما أقبح العذر!

لقد تخلى هؤلاء عن سمو الشرف، وحلة الكرامة، وتاج الانتساب لأمة النبي الخاتم محمداً -صلى الله عليه وسلم-، فبدَّلوا سنته، وانحرفوا عن ملته، وخالفوا هديه! (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الأعراف: 175- 176].

فمن رام محبته، واشتاق لرؤيته، وتلهف في الجنة لصحبته فليلزم غرزه، باتباع سنته، واقتفاء أثره، (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31].الخطبة الأولى:

مع نسمات الفجر الطاهرة، صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح، ثم أقبل بوجهه على أصحابه فوعظهم تلك الموعظة التي وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقالوا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا: "فقال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن أُمر عليكم عبد حبشي، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة".

نعم .. إنها الموعظة النبوية، والوصية المحمدية، لنجاة الأمة، وكشف سبل الغمة، بالتمسك بأنوار السنة، والاهتداء بسراج الملة.

قال ابن حبان -رحمه الله-: "إن في لزوم سنته -صلى الله عليه وسلم- تمام السلامة، وجماع الكرامة، لا تطفأ سُرُجها، ولا تدحض حججها، من لزمها عصم، ومن خالفها ندم؛ إذ هي الحصن الحصين، والركن الركين، الذي بان فضله، ومتن حبله، من تمسك به ساد، ومن رام خلافه باد، فالمتعلقون به أهل السعادة في الآجل، والمغبوطون بين الأنام في العاجل" (صحيح ابن حبان، الإحسان-1/86).

والمقصود من «السُّنة» كما قال ابن رجب: "هي الطريق المسلوك؛ فيشمل ذلك التمسُّك بما كان عليه -صلى الله عليه وسلم- هو وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السُّنة الكاملة، ولهذا كان السلف قديمًا لا يُطلقون اسم السُّنة إلا على ما يشمل ذلك كلَّه".

أيها المسلمون: إن الحديث عن مكانة السنة وفضل اتباعها لا يوازيه حديث، وكيف لا؟! وقد قرن الله -عز وجل- سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- واتباعها بتشريعات الله -عز وجل- والتمسك بها، بل إن محبة النبي -صلى الله عليه وسلم- من محبة الله تعالى، واتباع الرسول اتباع لله -عز وجل-، كما قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31].

إنَّ اتباعَ سنةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتمسّك بمنهج السلف الصالح، عِلاجُ الأمراض، وزوالُ المكروهات، ونزُول البركات والخيرات، والتمسُّك بالسنة هو الاجتماع ونَبذ الخلافات، وتوادُّ القلوب، واتفاق النيات، والتمسُّك بالسنة هو النصرُ على أعداء الحقِّ، وعلى أهلِ الغيّ والشهوات.

قال بعض أهل العلم: "ما مِن بلدٍ يعمَل أهلُه بالسنّة، وتظهر فيه أنوارها إلاَّ كان منصورًا ظاهرًا على عدوِّه، وما مِن بلدٍ تنطفئ فيه أنوارُ السنة إلاَّ غلَب عليه عدوُّه".

وفي حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله: "جُعِل رزقي تحتَ ظلِّ رمحي، وجُعلت الذِّلَّة والصّغار على من خالف أمري، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم".

أما عن فضل اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمن ذلك ما يلي:

1- أن طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- طاعةٌ لله تعالى: فقد أكد الله -عز وجل- في آيات كثيرة، أن طاعة النبي هي طاعة لله تعالى، فقال -عز وجل-: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه) [النساء:80].

وقال تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [النساء: 13].

وأمثال ذلك في القرآن كثير، فقد قرن الله -تعالى- اسمه سبحانه بالرسول -صلى الله عليه وسلم- في عدة مواضع من القرآن الكريم، وقد جاءت النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة توجب وتحث على اتباع السنة قال الله: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب: 21].

2- أن في اتباع السنة الفوز في الآخرة:

فقد بيَّن الله -سبحانه وتعالى- أن اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- سبب في دخول الجنة، كما قال سبحانه: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [النساء: 13]، بل إن اتباع سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- ترفع صاحبها إلى أرفع الدرجات، كما قال تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69].

وقد ورد في سبب نزول هذه الآية: أن رجلاً من الأنصار جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو محزون، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: يا فلان، مالي أراك محزونًا؟ قال: يا نبي الله، شيء فكرت فيه! فقال: ما هو؟ قال: نحن نغدو عليك ونروح، ننظر في وجهك ونجالسك، غدًا تُرفع مع النبيين فلا نصل إليك! فلم يردّ النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئًا. فأتاه جبريل عليه السلام بهذه الآية: (وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا). قال: فبعث إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فبشره.

3- أن في اتباع السنة فوزًا برحمة الله ورضوانه، قال تعالى: (وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) [النور: 52]، وقال سبحانه: (وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 71].

4- أن في اتباع السنة العصمة والنجاة: فقد جاءت النصوص من الكتاب والسنة لتبين أن التمسك بكتاب الله -تعالى- وبسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- فيها النجاة والعصمة لصاحبها.

قال تعالى: (وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَب رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوَاْ إِنّ اللّهَ مَعَ الصّابِرِينَ) [الأنفال: 46]، ففي إتباع السنة والأخذ بها طاعة لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وذلك سبيل النجاة من الاختلاف المذموم.

- وعن عبد الله بن عمر قال -صلى الله عليه وسلم-: "ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، وإن بني إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا واحدة إلا ملة واحدة قالوا من هي يا رسول الله قال: ما أنا عليه وأصحابي" (رواه الترمذي).

ففي هذا الحديث بيان أن في لزوم سنته -صلى الله عليه وسلم- السلامة من الفرقة المذمومة التي توعد أهلها بالنار.

- وكانت من آخر وصاياه -صلى الله عليه وسلم- في خطبة الوداع، كما روى عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطب الناس في حجة الوداع فقال: "يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً كتاب الله وسنة نبيه".

الخطبة الثانية:

يا عبد الله.. قف معي بخيالك، وطف معي بفكرك.. هل وددت أنك لقيت سيدك وحبيك -صلى الله عليه وسلم-؟ هل تمنيت رؤيته والسلام عليه وتقبيل يده وجبينه؟ هل بلغ بك الشوق أن بكيت لهفة لصحبته؟ وأن تفديه بنفسك ومالك وعيالك؟ إن كنت كذلك.. فقد اشتاق نبيك -صلى الله عليه وسلم- لك.. وسيلقاك على الحوض، وسيعرفك بعلامة على جسدك، ليست لأحد إلا لأهل السنة، المعظمين لأنوار الملة.

وإليك صحيح الخبر عن حبيبك المصطفى -صلى الله عليه وسلم- : فعن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "وددت أني قد رأيت إخواننا" فقالوا: يا رسول الله, ألسنا بإخوانك؟ قال "بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فرطهم على الحوض" فقالوا: يا رسول الله, كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: "أرأيت لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "فإنهم يأتون يوم القيامة غرًّا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلم, ألا هلم, ألا هلم. فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا" (أخرجه مسلم).

إنهم قد بدلوا بعدك!! ما أعظم التهمة! وما أقبح العذر!

لقد تخلى هؤلاء عن سمو الشرف، وحلة الكرامة، وتاج الانتساب لأمة النبي الخاتم محمداً -صلى الله عليه وسلم-، فبدَّلوا سنته، وانحرفوا عن ملته، وخالفوا هديه! (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آَتَيْنَاهُ آَيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الأعراف: 175- 176].

فمن رام محبته، واشتاق لرؤيته، وتلهف في الجنة لصحبته فليلزم غرزه، باتباع سنته، واقتفاء أثره، (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31].