الرفيق
كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...
العربية
المؤلف | صالح بن فوزان الفوزان |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التربية والسلوك |
وينبغي للمسلم أن يستيقظ مبكراً ويصلي من آخر الليل ما تيسر له ويختم صلاته بالوتر قبل طلوع الفجر، ثم يشتغل بالاستغفار في السحر، لأن الله سبحانه مدح المستغفرين بالأسحار. وإذا طلع الفجر وصلى راتبة الفجر ركعتين ثم صلى الفجر، واشتغل بعد صلاة الفجر بالذكر إلى أن تطلع الشمس ثم إذا ارتفعت قيد رمح صلى ركعتين، فمن داوم على هذه الحالة لم يزل لسانه رطباً من ذكر الله عز وجل. وكان من الذاكرين الله كثيراً الذين وعدهم الله بالمغفرة والأجر العظيم والفلاح في الدنيا والآخرة ..
الحمد لله رب العالمين، أمرنا بذكره ووعد الذاكرين الله كثيراً والذاكرات مغفرة وأجراً عظيماً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله كان يذكر الله على كل أحيانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى واعلموا أن الله أمركم أن تذكروه ذكراً كثيراً وتسبحوه بكرة وأصيلاً، لأن ذكر الله تطمئن به القلوب، قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
وأخبر أن الإكثار من ذكره سبب للفلاح، قال تعالى: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) كما أخبر أن الذي يلهيه ماله وولده عن ذكر الله يكون خاسراً في الدنيا والآخرة قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) فحكم عليهم بالخسران مع أنهم يظنون أنهم قد ربحوا الأموال والأولاد.
وذكر الله تعالى للعبد يجمع خيري الدنيا والآخرة ويعينه على مشاق الحياة وعلى تحصيل الطاعات، فقد أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فباب نتمسك به جامع، قال: "لا يزال لسانك ربطاً من ذكر الله" رواه الإمام أحمد، والإكثار من ذكر الله براءة من النفاق لأن الله وصف المنافقين بأنهم لا يذكرون الله إلا قليلاً. قال بعض السلف: علامة حب الله كثرة ذكره فإنك لن تحب شيئاً إلا أكثرت من ذكره، وقد ذكرت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه.
تعني في حالة قيامه ومشيه وقعوده واضطجاعه، وقد وصف الله المؤمنين بذلك فقال: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ).
وقد فرض الله على المسلمين أن يذكروه كل يوم وليلة خمس مرات بإقامة الصلوات الخمس في مواقيتها الموقتة وشرع لهم مع هذه الفرائض الخمس أن يذكروه ذكراً يكون لهم نافلة –أي زيادة على الفرض- وهو نوعان:
أحدهما: من جنس الصلاة حيث شرع لهم أن يصلوا مع الصلوات الخمس قبلها أو بعدها سنناً تكون زيادة على صلاة الفريضة، فإن كان في الفريضة نقص، جُبِرَ بهذه النوافل، وإلا كانت النوافل زيادة على الفرائض، ولما كان بَين صلاة العشاء وصلاة الفجر وبين صلاة الفجر وصلاة الظهر وقت طويل ليس فيه صلاة مفروضة؛ شرع بين العشاء وصلاة الضحى.
وشرع لهم سبحانه أن يذكروه باللسان بالتهليل والتكبير والتسبيح والتحميد في جميع الأوقات ويتأكد عقيب الصلوات المفروضات بالأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد السلام.
ويتأكد أيضاً ذكر الله باللسان بعد الصلاتين اللتين لا تطوع الشمس، وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس وهذان الوقتان هما أفضل أوقات النهار للذكر –وقد أمر الله بذكره فيهما في آيات كثيرة- قال تعالى: (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً). (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ). (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ). (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) (فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) .
ثم بعد هذين الوقتين يذكر الله في سائر ساعات الليل والنهار بالذكر المطلق ويدخل فيه الصلوات النوافل وتلاوة القرآن وتعلمه وتعليمه وتعليم العلم النافع، ويدخل فيه التسبيح والتكبير والتهليل، وإذا أراد أن ينام فإنه يستحب له أن ينام على طهارة ويأتي بما قدر عليه من الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند النوم ثم ينام على ذلك.
وإذا استيقظ وتقلب في فراشه ذكر الله كلما تقلب. ففي صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو قال: ثم دعا؛ استجيب له، فإن عزم فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته" ثم إذا استيقظ من نومه وانتهى منه فإنه يبدأ عمله وتحركه للقيام بذكر الله عز وجل فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا استيقظ من منامه يقول: "الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور".
وينبغي للمسلم أن يستيقظ مبكراً ويصلي من آخر الليل ما تيسر له ويختم صلاته بالوتر قبل طلوع الفجر، ثم يشتغل بالاستغفار في السحر، لأن الله سبحانه مدح المستغفرين بالأسحار. وإذا طلع الفجر وصلى راتبة الفجر ركعتين ثم صلى الفجر، واشتغل بعد صلاة الفجر بالذكر إلى أن تطلع الشمس ثم إذا ارتفعت قيد رمح صلى ركعتين، فمن داوم على هذه الحالة لم يزل لسانه رطباً من ذكر الله عز وجل. وكان من الذاكرين الله كثيراً الذين وعدهم الله بالمغفرة والأجر العظيم والفلاح في الدنيا والآخرة.
عباد الله: إن الإكثار من ذكر الله يوجب خشية القلوب قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) وقال تعالى: (وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) وفي الحديث أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجلاً ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، وذكر الله عز وجل يورث الطمأنينة في القلب قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) وذكر الله عز وجل يقوي المجاهدين عند اللقاء ويورث النصر على الأعداء قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
ذكر الله تعالى يطرد الشيطان عن الإنسان قال تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)، وعن ابن عباس في تفسير قوله تعالى: (الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) قال: الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس.
فاتقوا الله عباد الله ولازموا ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح تسعدوا به في الدنيا والآخرة (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ).
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم...