البحث

عبارات مقترحة:

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

الباسط

كلمة (الباسط) في اللغة اسم فاعل من البسط، وهو النشر والمدّ، وهو...

هبات الله كثيرة.. فابشروا واستكثروا

العربية

المؤلف حسين بن حمزة حسين
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك
عناصر الخطبة
  1. الإقبال على العمل الصالح دون احتقار يسيره .
  2. أعمال يسيرة تترتب عليها أجور كبيرة .
  3. حسن معاملة العباد أعظم أبواب الخير .
  4. اجتناب الكبائر والمهلكات وسوء التعامل مع الناس .

اقتباس

المتتبع لهبات الله وعظيم عطاياه لعباده المؤمنين يتيقن شدة اليقين أن الله يريد له الجنة، فاقْبَلوا وأقْبِلوا على الله، وتخيروا من طاعاته ما يرفع درجاتكم، وتنالوا به رضا مولاكم، فقد خصَّ الله -جل جلاله- أعمالاً يسيرةً بثوابٍ جزيلٍ؛ فضلا منه ومنّة، فمن تتبعها وأكثر منها فقد نال خيرا وفيرا، وفاز فوزا عظيما، سأذكر بعضها كمثال يُحتذى، راجيا من الله تلمس فضلها، ونيل ثوابها، وضمان أجرها، والفوز بأوفر النصيب منها، وهي كثير، وعند الله أكثر، فهل تقبَل -يا عبد الله- وتمتثل وتطيع، وتزداد وتستكثر؟! فالمحروم من حرمه الله، نسأل الله السلامة!.

الخطبة الأولى:

عباد الله: التزود بالطاعات، والاستكثار من الـصـــالحــات، غاية ومطلب لكل مؤمن، فلقد علق الله دخول الجنة على العمل الصالح في آيات كثيرة، قال -تعالى-: (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الزخرف:72].

إلا أن العمل الصالح -مهما عظم وكثر- فلن يبلغ بصاحبه درجة استحقاق الجنة، ما لم يتفضّل الله -تعالى- على العبد برحمته وإحسانه وجوده وكرمه، فيضاعف الحسنات ويغفر السيئات.

فبادروا -عباد الله- بالأعمال الصالحة، فإنها رأس المال، وثمرة الأعمال الدائمة الباقية التي تلقون بها الله -جل جلاله-، فالمُسلمُ لا يحتقِرُ أيَّ عملٍ صالحٍ، فلا يدري أي عمل يُدخِلُه الجنةَ ويزحزحه عن النار، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا تحقِرنَّ من المعروف شيئًا" رواه مسلم، قال ابن حجر -رحمه الله-: "ينبغي للمرءِ ألا يزهَدَ في قليلٍ من الخيرِ أن يأتيَه، ولا في قليلٍ من الشرِّ أن يجتنِبَه؛ فإنه لا يعلَم الحسنةَ التي يرحمه الله بها، ولا السيئةَ التي سخَطُه عليه بها".

إخوة الإيمان: المتتبع لهبات الله وعظيم عطاياه لعباده المؤمنين يتيقن شدة اليقين أن الله يريد له الجنة، فاقْبَلوا وأقْبِلوا على الله، وتخيروا من طاعاته ما يرفع درجاتكم، وتنالوا به رضا مولاكم، فقد خصَّ الله -جل جلاله- أعمالاً يسيرةً بثوابٍ جزيلٍ؛ فضلا منه ومنّة، فمن تتبعها وأكثر منها فقد نال خيرا وفيرا، وفاز فوزا عظيما، سأذكر بعضها كمثال يُحتذى، راجيا من الله تلمس فضلها، ونيل ثوابها، وضمان أجرها، والفوز بأوفر النصيب منها، وهي كثير، وعند الله أكثر، فهل تقبَل -يا عبد الله- وتمتثل وتطيع، وتزداد وتستكثر؟! فالمحروم من حرمه الله، نسأل الله السلامة!.

وأعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى مولاه إفراده -تعالى- بالتوحيد، والبراءة من الشرك، قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "يَقُولُ اللهُ -تَبَارَكَ وَتعالى- لِأَهْوَنِ أَهْلِ النَّارِ عَذَاباً: لَوْ كَانَتْ لَكَ الدنْيَا وَمَا فِيهَا، أَكُنْتَ مُفْتَدِياً بِهَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَدْ أَرَدْتُ مِنْكَ أَهْوَنَ مِنْ هَذَا وَأَنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أَنْ لا تُشْرِكَ وَلا أُدْخِلَكَ النَارَ، فَأَبَيْتَ إلا الشِّرْكَ" رواه مسلم.

عباد الله: أكثروا من ذكر الله، فهو من أحب الأعمال إلى الله، ومن أيسرها، وأثقلها في الميزان، قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) [الأحزاب:41-43].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟"، قالوا: بلى! قال: "ذكر الله -تعالى-".

ومما ورد من ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم" متفق عليه.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من سبقكم، ولم يدرككم أحد بعدكم، وكنتم خيرَ مَنْ أنتم بين ظهرانيه، إلا من عمل مثله؟ تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين" رواه البخاري، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من سبح دبر كل صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين، وحمد ثلاثاً وثلاثين، وكبَّر ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة تسعون، ثم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، غُفِرت له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" رواه مسلم.

قال -صلى الله عليه وسلم-: "لا حول ولا قوة إلا بالله كنـز من كنوز الجنة" متفق عليه، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَلَّى عليَّ صلاةً صلّى اللهُ عليهِ بِهَا عَشْراً" رواه مسلم، اللهم صل وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا.

إخوة الإيمان: هدية وعطية من الرحمن -جل جلاله- للمذنبين التائبين فيتوب عليهم ويغفر لهم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما من عبد يذنب ذنباً فيحسن الطهور، ثم يقوم فيصلي ركعتين، ثم يستغفر الله، إلا غفر له" رواه أبو داود.

ووالله! لو أخذ المذنبون بهذا الحديث، وكلنا مذنب، وسجدت الجباه لله -جل جلاله- واستحضرت عظمة الله بعد عصيانها، واستحضرت الجرم والذنب الذي اقترفته بين يدي الجليل، لذلت قلوبهم للحليم الستّير، ولذرفت أعينهم من خشية الله حياء من الله، فنالت فضل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عينان لا تمسهما النار أبداً: عين باتت تكلأ في سبيل الله، وعين بكت خشية من الله".

فإذا أخطأت -أخي في الله- وأذنبت فتوضأ وأحسن الوضوء، وعد إلى الله، وقف بين يدي الكريم، واسجد للجليل؛ فلعل سجدة ترفع الدرجات، وتمحو السيئات، وتجلب رضا الرحمن -جل جلاله- فلا يسخط عليك أبدا.

يا عبد الله: أتريد أن تفوز برضا الله -جل جلاله-؟ فاحرص على العمل بهذا الحديث، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا" رواه مسلم، قال النووي -رحمه الله-: الأَكلة، بفتح الهمزة، هِيَ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْأَكْلِ، كَالْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ صِفَة التَّحْمِيدِ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُودَّعٍ وَلَامُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا"، وَجَاءَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْحَمْدِ لِلَّهِ حَصَّلَ أَصْل السُّنَّةِ.

إخوة الإيمان: أتريد عهدا من الله -تعالى- بأن تحجب عن النار وتحشر يوم الفزع الأكبر مع المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وأن تكون من أهل الجنة البتة، بل ورفيق المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فيها؟ فاسعد بهذه العطايا والهبات، وانتظر الأجر والثواب، فمن حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها وأرضاها- المتفق عليه، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كُنّ له ستراً من النار"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وكساهن من جدته كن له حجاباً من النار"، عن أنس -رضي الله عنه- قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين" وضم أصابعه. رواه مسلم، وعن جابر -رضي الله عنه-، قال -صلى الله عليه وسلم-: "من كان له ثلاث بنات يُؤويهن، ويكفيهن، ويرحمهن، فقد وجبت له الجنة البتة" رواه أحمد.

إخوة الإيمان: ومن الأعمال اليسيرة عظيمة الأجر العمل بهذا الحديث: عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ -أَوْ فَيُسْبِغُ- الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ". وفي رواية لمسلم: "مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". قال الشيخ عبد الله السعد: كلا الروايتين ثابتة، فإن اقتصر على أحداهما فله ذلك، وإن أتى بهذه مرة، وبهذه أخرى، فهو حسن.

عن عُبَادَة بْن الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيّ أبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ" متفق عليه.

كثير من الناس يربط معنى العبادة على حقوق الله فحسب، ويغفل عن باب عظيم، وهو حسن المعاملة مع العباد والإحسان إليهم، وهو من أعظم أبواب الخير وأحبها إلى الله، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رجلا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أي الناس أحب إلى الله؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحب الناس إلى الله -عز وجل- أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً(في مسجد المدينة)، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غضبه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له ثبّت الله قدمه يوم تزول الأقدام" السلسلة الصحيحة.

قال -صلى الله عليه وسلم-: "لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي الناس" رواه مسلم.

قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" رواه أحمد وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، والحديث صححه الألباني في الجامع الصغير.

الخطبة الثانية:

عباد الله: إن الحسنات تعظم، والأجور تتضاعف، على قدر إخلاص القلوب ومتابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالعمل، فتلمسوا الأعمال ذات الأجور الكثيرة، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى.

وحِّدوا الله -جل جلاله-، وأخلصوا العبادة لله، وتجنبوا الشرك، فإن الله يغفر جميع الذنوب إلا الشرك فإنه -تعالى- لا يغفره إلا أن يتوب صاحبه منه: (إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) [المائدة:72].

تجنبوا الكبائر والمهلكات: قتل النفس بغير حق، السحر، الربا، الزنا، شرب الخمر، الرشوة، الكذب. أدوا حقوق الله -جل جلاله- الواجبات: الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحوها.

أدوا للناس حقوقهم، لا تظلموهم، فإن الله حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرما، فللوالدين والأهل حقوق، وللأرحام حقوق، وللأصحاب حقوق، وللناس حقوق.

تجنبوا الإضرار بالناس وتلمسوا عطايا الله فإنها كثيرة لا تعد ولا تحصى، فما من عمل يُتقرب به إلى الله إلا ورتب الله عليه الفضل الكثير والأجر الوفير، وانتظروا لقاء الله، وأحسنوا الرجاء بالله، وأحسنوا بالعمل.

اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أعمارنا أواخرها، وخير أيامنا يوم نلقاك. اللهم اغفر لنا ما مضى، وأصلح لنا ما بقي يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم وفقنا لما تحب وترضى من الأقوال والأعمال والاعتقاد، وجنبنا ما تكرهه ويغضبك منا يا رحمن يا رحيم، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.