البحث

عبارات مقترحة:

الحليم

كلمةُ (الحليم) في اللغة صفةٌ مشبَّهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل)؛...

الرفيق

كلمة (الرفيق) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) من الرفق، وهو...

الشهيد

كلمة (شهيد) في اللغة صفة على وزن فعيل، وهى بمعنى (فاعل) أي: شاهد،...

استغلال المواسم المباركة

العربية

المؤلف الشيخ د عبدالرحمن السديس
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. ظاهرة عدم التأثر بمواسم الطاعات .
  2. كيفية اغتنام مواسم الخيرات .
  3. حقيقة التوبة .
  4. المبادرة بالتوبة النصوح .
  5. محاسبة النفس على ما مضى وفات. .

اقتباس

لقد مرت وتمر بنا دائماً مواسم الخير، ومناسبات الجود والرحمة، فلا تحرك فينا ساكناً، ولا تلين قاسياً؛ نتيجة ضعف الإيمان، وقسوة القلوب، وغفلة الضمائر، وموت الأحاسيس، وسوء الفهم في التطبيق لهذه الشعائر العظيمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله! إن الصلوات الخمس، والزكاة المفروضة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من أعظم ما يصقل القلوب، ويجلوها مما ران عليها؛ من ظلمات الذنوب والمعاصي.. وإن السعيد كل السعادة، من وفق في هذه المواسم المباركة، للتوبة النصوح، المستوفية لشروطها، المتضمنة الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه مرة أخرى.

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي علَّم الإنسان ما لم يعلم، الملك العلي الأعلى، الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى، وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى، وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى، فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى.

أحمده تعالى وأشكره، وأستعينه وأستهديه وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً أرجو بها النجاة من أهوال يوم القيامة، يوم يبعثر ما في القبور، ويحصل ما في الصدور.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الهادي البشير، والسراج المنير، أرسله الله إلى الناس كافة؛ بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون، فبلَّغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وترك الناس على النهج القويم، والصراط المستقيم على أبيض محجة، وأنصع رسالة، وأقوم سبيل، فصلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه ودعا بدعوته إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله -تعالى- حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واحذروا كل ما يجلب سخط الله جلَّ جلاله؛ من الوقوع في معاصيه والتقصير في طاعته.

أمة الإسلام: لقد عشتم قبل أيام قليلة، مناسبة عظيمة في الإسلام، مع آثارها الإيجابية على الفرد، وعلى المجتمع، بل وعلى الأمة بأسرها، إذا أُدِّيت على الوجه الشرعي والسنن النبوي، ألا وهي مناسبة الحج إلى بيت الله الحرام، تلك المناسبة التي مرت بنا والتي يجود الله فيها على عباده، ويباهي بهم ملائكته، ويغفر زلاتهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، ويرفع درجاتهم، ويبيض صفحاتهم، ويعيدهم من ذنوبهم كيوم ولدتهم أمهاتهم.

لقد مرت هذه المناسبة على المسلمين، ولكن ويا للأسف! لم تؤثر في حياة كثيرين منهم، ولم يستفهموا منها معانيها السامية، ومنافعها العظيمة، وآثارها الإيجابية.

وليست هي المناسبة الوحيدة التي مرت، فقد مرت وتمر بنا دائماً مواسم الخير، ومناسبات الجود والرحمة، فلا تحرك فينا ساكناً، ولا تلين قاسياً؛ نتيجة ضعف الإيمان، وقسوة القلوب، وغفلة الضمائر، وموت الأحاسيس، وسوء الفهم في التطبيق لهذه الشعائر العظيمة، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

إن الصلوات الخمس، والزكاة المفروضة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام من أعظم ما يصقل القلوب، ويجلوها مما ران عليها؛ من ظلمات الذنوب والمعاصي، ولكن: ما لجرحٍ بميتٍ إيلامُ.

       

إخوة العقيدة: إن السعيد كل السعادة، من وفق في هذه المواسم المباركة، للتوبة النصوح، المستوفية لشروطها، المتضمنة الإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه مرة أخرى.

وإن الغانم كل الغنيمة من بدأ حياة جديدة، وفتح صفحة ناصعة بالأعمال الصالحة، بعد هذا الموسم العظيم، وعاهد ربه -عهداً أكيداً- أن يستمر على طاعته إلى الممات امتثالاً لقوله عز وجل: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر:99].

فإلى متى الغفلة يا عباد الله؟! وإلى متى الإعراض عن شريعة الله واتباع الأهواء والشهوات؟!

إلى متى هذا كله؟! أتسركم حالتكم هذه؟! أيرضيكم ما وصل إليه العالم الإسلامي اليوم؛ نتيجة الغفلة والبعد عن الله، والفرقة والاختلاف؟!

ألا يؤرقكم، ويقضّ مضاجعكم ما وصل إليه أعداؤكم من حال تحزن الصديق؟ وما يكيدونه لكم ولدينكم؟!

والسبب أنتم أيها المسلمون! السبب ما كسبت أيديكم، وما جنته أنفسكم؛ من تفريط في جنب الله، وعدم مبالاة بأوامره، ولا حول ولا قوة إلا بالله! (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى:30] (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [آل عمران:165].

يا إخوة الإسلام! اتقوا الله واستمروا على الأعمال الصالحة، وابدءوها حياة جديدة، وتوبوا إلى ربكم عز وجل توبة نصوحاً، فإنه يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) [التحريم:8]، فهذا هو موسم التوبة يا عباد الله.

أيها الإخوة في الله: إن التوبة إلى الله -عز وجل- واجبةٌ على الفور، لا يجوز تأخيرها، أو التثاقل عنها، أو التسويف فيها، فإن تأخير التوبة ذنبٌ يحتاج إلى توبة، وقد رتب الله على التوبة الصادقة الفلاح والسعادة: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور:31]، (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) [هود:3].

وإن التوبة لن تكون نصوحاً مقبولةً حتى تكون خالصةً لله -عز وجل-، بأن يكون الباعث لها حب الله وتعظيمه ورجاء ثوابه والخوف من عقابه، ولن تكون التوبة مقبولة حتى يقلع صاحبها عن المعصية، فليست التوبة أن يقول الإنسان بلسانه: أتوب إلى الله، وهو مصرٌّ على معصية الله: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) [آل عمران:135].

يا عباد الله! ليست التوبة أن يقول ذلك، وهو متهاون غير مبالٍ بما جرى منه، من معصية الله، وليست التوبة أن يقول ذلك وهو عازمٌ على أن يعود إلى معصية الله، ومخالفة أمره، فلن تكون التوبة مقبولة حتى تتم فيها هذه الشروط، فلا تُقبل توبة تارك الصلاة حتى يؤديها، ولا تقبل توبة فاعل الجرائم حتى يقلع عنها.

ولا بد أن تكون التوبة قبل غلق بابها، فإن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، فإذا بلغت الروح الحلقوم، يقول تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) [النساء:17-18].

واقتدوا بنبيكم صلوات الله وسلامه عليه، فقد كان دائم التوبة، أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة".

 وعن الأغر بن يسار المزني -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أيها الناس! توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة" (رواه مسلم).

فإذا كان هذا عمل رسولكم، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، فكيف بحالكم أنتم، وقد رانت عليكم الذنوب العظيمة، وطغت في مجتمعكم، وانتشرت في باديكم وحاضركم!

فما أحرانا -أيها المسلمون- أن نصدق التوبة مع ربنا، فكفانا بُعداً عن الله، وكفانا ما نحن فيه، وما أحرى الأمة الإسلامية اليوم أن تبدأ حياة جديدة، بعد هذا الموسم المبارك، في صدق التوبة مع الله -عز وجل-؛ ليعود لها مجدها وعزتها وحضارتها.

أيها المسلمون! بادروا بالتوبة قبل أن يفجأكم الموت، فيحول بينكم وبينها، وتموتون على معصية الله، ولا تغرنكم الأماني، ولا يغرنكم بالله الغرور، ولا يغركم بسط النعم عليكم، فالموت يأتي بغتة، وثقوا بأن التوبة النصوح تجب ما قبلها من الذنوب مهما عظمت: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ * أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) [الزمر:53-59].

اللهم وفِّقنا للتوبة النصوح، اللهم وفقنا للعمل الصالح الذي يرضيك عنا يا رب العالمين.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه، فهو خير الغافرين.

الخطبة الثانية:

       

الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه السادة الغرر.

أما بعد:

أيها المسلمون: اتقوا الله -عز وجل-، واشكروه على نعمه، وتوبوا إليه واستغفروه (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة:222].

عباد الله: اغتنموا فرصة الحياة القصيرة بالتزود لدار القرار، فها هي الأيام تمضي سريعاً، والأوقات محدودة، والأنفاس محدودة، وأنتم في هذه الأيام توشكون أن تودعوا عاماً من أعماركم، هو شاهدٌ لكم، أو شاهدٌ عليكم بما أودعتموه من أعمال، وتستقبلون عاماً جديداً، فالسعيد من تذكر ما أمامه، فاستعد له، والشقي من غفل عنه وأمن من مكر الله -عز وجل-.

ولا تغتروا بحلم الله –سبحانه-، واعمروا أوقاتكم بطاعة الله، واستغلوا فرصة حياتكم وشبابكم وصحتكم بالعمل الصالح.

أخرج البخاري -رحمه الله- في صحيحه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ"، يعني: أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين، ومن كان مقصراً في شكر ما أنعم الله به عليه، فهو مغبون.

وليتذكر شباب الإسلام أنهم يودعون الإجازة الصيفية، ويستقبلون عاماً دراسيّاً جديداً، فليحاسبوا أنفسهم ماذا قدموا في هذه الإجازة، هل حفظوا أوقاتهم؟ هل قدَّموا لأنفسهم ما يسرهم من صالح العمل؟ هل قدَّموا لأمتهم الخير الذي ترجوه منهم؟ أم أنهم قد طغوا، واشتغلوا بما لا يفيدهم، وبما يضرهم، وليبدءوا حياةً جديدةً ملؤها العلم النافع، والعمل الصالح؛ ليكونوا دعاة خير وصلاح لأمتهم التي هي بأمس الحاجة إليهم.

فاتقوا الله -عباد الله- وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتهيئوا للعرض الأكبر على الله (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ) [الحاقة:18]، واعلموا أنكم قادمون -بلا شك- على ما تعملون (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) [آل عمران:30]، (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) [الزلزلة:7-8]، (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) [الكهف:49]، (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ) [الأنبياء:47].

واعلموا أن الله أمركم بالصلاة والسلام على رسوله، فقال -تعالى- قولاً كريماً: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين يا رب العالمين! واجعل اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً، وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، اللهم وفق المسلمين لما تحب وترضى، اللهم منَّ عليهم بصلاح أحوالهم، وقادتهم وعلمائهم، وشبابهم ونسائهم يا رب العالمين! اللهم وفق إمامنا لما تحب وترضى، اللهم ارزقه الهدى والرشاد، ووفقه للبطانة الصالحة الناصحة التي تحضه على الخير وتعينه عليه يا رب العالمين.

ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.