البحث

عبارات مقترحة:

المحسن

كلمة (المحسن) في اللغة اسم فاعل من الإحسان، وهو إما بمعنى إحسان...

السبوح

كلمة (سُبُّوح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فُعُّول) من التسبيح،...

الخالق

كلمة (خالق) في اللغة هي اسمُ فاعلٍ من (الخَلْقِ)، وهو يَرجِع إلى...

نظرات في التوبة

العربية

المؤلف صالح بن مقبل العصيمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. التوبة وظيفة العمر .
  2. فضائل التوبة ومحاسنها .
  3. شروط التوبة وواجباتها .
  4. كيفية رد الحقوق المادية والمعنوية إلى أصحابها .
  5. حكم تجزيء التوبة وتكرارها. .

اقتباس

التَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، وَيَنْبَغِي -كَمَا قَالَ الإِمَامُ ابنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ-: أَنْ تَكُونَ وَظِيفَةَ الْعُمْرِ؛ أَعَانَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ عَلَيْهَا، وَعَلَى اِلْتِزَامِ شُرُوطِهَا! وَإِنَّهَا لَيَسِيرَةٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهَا اللهُ لَهُ. وَالتَّوْبَةٌ شُعُورٌ بِالنَّدَمِ عَلَى مَا مَضَى، وَتَوَجُّهٌ إِلَى اللهِ فِيمَا بَقَى؛ فَهِيَ – وَرَبِّي- طَهَارَةٌ وَزَكَاةٌ وَصَلَاحٌ، وَهِىَ مِنْ أَجَلِّ الْغَايَاتِ وَأَعْلَى النِّهَايَاتِ، حَيْثُ اِمْتَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بِهَا لُطْفًا مِنْهُ وَرَحْمَةً، وَقَدْ حَثَّ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى التَّوْبَةِ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ...

الخطبةُ الأُولى:

إنَّ الْحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتِغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا، وسيئاتِ أعمالِنَا، مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهِ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ وَخَلِيلُهُ، وَصَفْوَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ صَلَّى اللهُ عليه، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.

أمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى. وَاعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعِةِ؛ فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ.

عِبَادَ اللهِ، التَّوْبَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ، وَيَنْبَغِي -كَمَا قَالَ الإِمَامُ ابنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ-: أَنْ تَكُونَ وَظِيفَةَ الْعُمْرِ؛ أَعَانَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ عَلَيْهَا، وَعَلَى اِلْتِزَامِ شُرُوطِهَا! وَإِنَّهَا لَيَسِيرَةٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهَا اللهُ لَهُ.

وَالتَّوْبَةٌ شُعُورٌ بِالنَّدَمِ عَلَى مَا مَضَى، وَتَوَجُّهٌ إِلَى اللهِ فِيمَا بَقَى؛ فَهِيَ – وَرَبِّي- طَهَارَةٌ وَزَكَاةٌ وَصَلَاحٌ، وَهِىَ مِنْ أَجَلِّ الْغَايَاتِ وَأَعْلَى النِّهَايَاتِ، حَيْثُ اِمْتَنَّ اللهُ  عَلَيْهِمْ بِهَا لُطْفًا مِنْهُ وَرَحْمَةً، وَقَدْ حَثَّ اللهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى التَّوْبَةِ فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ؛ قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [التحريم: 8].

وقال تعالى: (إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَبَيَّنُواْ فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 160]، وَقَالَ تَعَالَى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى: 25] .   

وَمِنْ أَسْمَائِهِ -عَزَّ وَجَلَّ- التَّوَّابُ؛ لأَنَّهُ الْعَائِدُ عَلَى عِبَادِهِ بِفَضْلِهِ، وَرَحْمَتِهِ، كُلَّمَا رَجَعَ لِطَاعَتِهِ وَنَدِمَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ؛ فَاللهُ هُوَ التَّوَّابُ الَّذِي يَعُودُ إِلَى الْقُبُولِ، إِذَا عَادَ إِلَى الذَّنْبِ ثُمَّ تَابَ، بَلْ وَمِنْ فَضْلِ التَّوْبَةِ أَنَّ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- يُحِبُّ أَصْحَابَهَا، قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة: 222].

فَالْمُذْنِبُ إِذَا أَذْنَبَ ثُمَّ عَادَ خَوْفًا مِنَ اللهِ وَحَيَاءً مِنْهُ، لَا خَوْفًا عَلَى مَنْصِبٍ أَو مَصْلَحَةٍ وَإِنَّمَا خَالِصَةً لِوَجْهِهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مُقْلِعًا عَنِ الذَّنْبِ فِي الْحَاضِرِ، نَادِمًا عَلَى مَا سَلَفَ مِنْهُ فِي الْمَاضِي، عَازِمًا عَلَى أَلَّا يَعُودُ إِلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَهَذَا هُوَ التَّائِبُ الَّذِي يُحِبُّهُ اللهُ، وَهُوَ الْمُفْلِحُ الَّذِي أَثْنَى اللهُ عَلَيْهِ، وَيَفْرَحُ بِتَوبَتِهِ؛ حَيْثَ قَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ أَحَدِكُمْ كَانَ عَلَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فَلَاةٍ؛ فَانْفَلَتَتْ مِنْهُ وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَأَيِسَ مِنْهَا، فَأَتَى شَجَرَةً فَاضْطَجَعَ فِي ظِلِّهَا قَدْ أَيِسَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذَا هُوَ بِهَا قَائِمَةً عِنْدَهُ فَأَخَذَ بِخِطَامِهَا"، ثُمَّ قَالَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الْفَرَحِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: «اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ، سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلاَةٍ» (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

فَانظُرْ - يَا رَعَاكَ اللهُ –إِلَى الْفَضْلِ الْعَظِيمِ، مِنَ الرَّبِّ الْكَرِيمِ، الَّذِي نَالَهُ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ الذَّلِيلُ، الَّذِي أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ وَاتَّبَعَ هَوَاهَا، ثُمَّ تَرَكَ مَا ارتَكَبَ مِنْ ذُنُوبٍ وَمَعَاصٍ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ، فَإِنَّ اللهَ يَقْبَلُهَا مِنْهُ، بَلْ وَيُبَدِّلُ السَّيِّئَاتِ حَسَنَاتٍ، وَلَا يَقْتَصِرُ الأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ - مَعَ عَظَمَتِهِ- بَلْ وَيَفْرَحُ بِهَذِهِ التَّوْبَةِ الَّتِي حَصَلَتْ مِنَ الْعَبْدِ، بَلْ وَيَزِيدُ رَبُّنَا مِنْ فَضْلِهِ، وَإِكْرَامِهِ، وَيُحِبُّ هَذَا التَّائِبَ..

فَهَلْ رَأَيْتُمْ فَضْلًا َأَفْضَلَ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ، وَتَرْغِيبًا فِي التَّوْبَةِ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا التَّرْغِيبِ؟ وَسَيْدُ التَّائِبِينَ هُوَ الْمَعْصُومُ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-، حَيْثُ قَالَ: "وَاللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: "إِنْ كُنَّا لَنَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ : رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ)، قَالَ ابنُ تَيمِيَةَ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَلابُدَّ لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْ تَوْبَةٍ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ".

 وَقَالَ الإِمَامُ الْقُرْطِبِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَاتَّفَقَتِ الأُمَّةُ عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْمُؤمِنِينَ فِي كُلِّ الأَحْوَالِ، وَكُلِّ الأَزْمَانِ، وَمِصْدَاقُ ذَلِكَ قَوْلُهُ -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-:" كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ).

وَقَدْ حَثَّ الأَنْبِيَاءُ أَتْبَاعَهُمْ عَلَى التَّوْبَةِ حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: (ويَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) [هود: 52]. وَقَالَ تَعَالَى: (وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) [هود: 90]. وَقَالَ تَعَالَى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ  وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) [هود: 3].

وَللتَّوْبَةِ شُرُوطٌ، وَهَاكَ شُرُوطُهَا بِالجُمْلَةِ  :

1- الاِعْتِرَافُ بِالذَّنْبِ؛ لِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم- : "فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبٍ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). فَهُنَاكَ مَنَ لَا يَعْتَرِفُونُ بِذُنُوبِهِمْ، فَهُمْ يَرْتَكِبُونَ الْمَعَاصِي والآثَامَ،  وَلَا يَرَوْنَهَا مُنْكَرَاتٍ، بَلْ يَحْسَبُونَ وَهُمْ يَقْتَرِفُونَهَا  أَنَّهُمْ يَحْسِنُونُ صَنْعًا، وَهَؤُلُاءِ - فِي الْغَالِبِ- لَا يُوَفَّقُونَ للتَّوْبَةِ، كَمَنْ يَسْتَمِعُ إِلَى الْمَعَازِفِ وَلَا يَرَى أَنَّهَا مَعْصِيَةٌ؛ فَهُوَ لَمْ يَعْتَرِفْ أَنَّهُ مُذْنِبٌ مَعَ أَنَّهُ أَتَى كَبِيرَةً مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، فَكَيْفَ يَتُوبُ مِنْ هَذَا الذَّنْبِ وَهُوَ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ؟!

2- النَّدَمُ عَلَى مَا فَاتَ مِنْ اِرْتِكَابِهِ لِلْمَعْصِيَةِ، قَالَ النَّبِيُّ: -صلى الله عليه وسلم-: "النَّدَمْ تَوْبَةٌ" (أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ)، فَلَابُدَّ للتَّائِبِ أَنْ يَشْعُرَ بِحَسْرَةٍ عَلَى مَا فَعَلَهُ، وَعَلَى مَا فَرَّطَ فِيهِ بِجَنْبِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- .

3- الإِقْلَاُع عَنِ الذَّنْبِ فَوْرًا، وَعَدَمُ التَّسْوِيفِ، وَهَذَا هُوَ الشَّرْطُ الأَسَاسِيُّ للتَّوْبَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]، فَفِي هَذِهِ الآيَةِ، إِشَارَةٌ إِلَى مَعْنَى الإِقْلَاعِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ، أَيْ: الْكَفُّ عَنْهَا، كَمَنْ يُشَاهِدُ فِيلْمًا مَاجِنًا، وَفِي أَثْنَاءِ مُشَاهَدَةِ الْفِيلمِ نَدِمَ وَخَافَ اللهَ، وَقَرَّرَ أَنْ يَتُوبَ مِنْ مُشَاهَدَةِ الأَفْلَامِ الْمُحَرَّمَةِ، فَهُنَا عَلَيْهِ أَنْ يُقْلِعَ عَنْ هَذَا الذَّنْبِ فَوْرًا، وَلَا يَنْتَظِرُ حَتَّى نِهَايَةِ الْفِيلمِ، فَلَوْ قَالَ: أَنْتَظِرُ حَتَّى نِهَايَتِهِ؛ فَتَوْبَتُهُ  كَاذِبَةٌ غَيْرُ صَادِقَةٍ،  لِذَا فَلَابُدَّ مِنَ الإِقْلَاعِ عَلَى الْفَوْرِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي يُرِيدُ الْعَبْدُ أَنْ يَتُوبَ مِنْهَا، حَتَّى تَصِحَّ تَوْبَتُهُ.

4-العزمُ عَلَى عدمِ العودةَ للذنبَ الذِي تَابَ مِنْهُ مَرةً أُخرَى؛ قَالَ تَعَالَى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ) [آل عمران: 159]، فلابُدَّ مَعَ الاعترافِ والندمِ والإقلاعِ عنِ الذنبِ، أنْ يُقَرِّرَ مِنْ أَعماقِهِ وبنيةٍ صادقةٍ  أَلَّا يعوَدَ لهذِهِ المعْصِيةِ مَرَّةً أُخرَى، ولو تَرَكَ الذنبَ الذِي تَابَ مِنْهُ، بنيةٍ صادقةٍ، ولكنْ ضعُفَتْ نَفْسُهُ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنَ الزمَنِ،  وَرَجَعَ لنفسِ الذنبِ مرةً أُخرَى؛ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ مَا مَضَى، بِسَبَبِ صدقِ توبتِهِ، وَعَلَيهِ أَنْ يَسأَلَ اللهَ العونَ عَلَى التَّوبَةِ مرةً أُخرَى مِنْ هَذَا الذنبِ وَغَيرِهِ مِنَ الذُّنُوبِ.

5- العملُ الصالحُ بعدَ التوبةِ؛ لقولِهِ تَعَالَى: (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان: 70]، فلا بُدَّ أنْ يَعْقُبَ التوبةَ الخالصةَ الصادقةَ عملٌ صالحٌ يَدُلُّ عَلَيهَا.

6- الإِسْرَاعُ بردِّ الحقُوقِ لأَصحابِهَا لِقَولِهِ تَعَالَى: (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة: 39]، فالتوبةُ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِتَرْكِ مَا لَا يَنْبَغِي وَبِفِعْلِ مَا يَنْبَغِي؛ لِقَولِهِ، -صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ؛ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ؛ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِه،ِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ" (رَوَاهُ البُخَارِيُّ).

وهذِهِ الحقوقُ إِمَّا مَادِّيَّةٌ، وَإِمَّا مَعْنَوِيَّةٌ، يَنْبَغِي أَنْ تُرَدَّ لأَصحَابِهَا، حَتَّى تَكُونَ التوبةُ صادقةً وحقيقيةً، فالمادِيَّةُ تُعَادُ سَوَاءَ كَانَتْ نَقْدًا،أَو عَقَارًا، أَوْ وَثَائِقَ، أَوْ كُتُبًا، أَوْ غَيرَ ذَلِكَ، وَتُعَادُ بَطَرِيقَةٍ مُبَاشِرَةٍ، أَوْ غَيرِ مُبَاشِرَةٍ، فَتُرَاعَى الْمَصْلَحَةُ عِنْدَ إِعَادَتِهَا.

فَإِذَا كَانَتْ إعادتُهَا مُبَاشَرَةً لنْ تَتَرَتَّبْ عَلَيهَا مَفسدَةٌ كَقَطِيعَةِ رَحِمٍ، أَو صَدَاقَةٍ، أَو عِلَاقَةٍ، أو عزلٍ مِنْ عملٍ، وفقدانِ ثِقَةٍ؛ فَيُعِيدُهَا مُبَاشَرَةً، وإذَا كانتْ الإعادةُ المباشرةُ سَتَتَرَتَّبُ عَلَيهَا مَفَاسِدٌ؛ فَيعيدُهَا بطريقةٍ أُخْرَى؛ فَلْيُرْسِلْهَا بِالبريدِ دُونَمَا ذِكْرِ اِسْمِ المُرْسِلِ، أَوْ يَضَعْهَا عِنْدَ مَنْزِلِهِ دُونَمَا مَعْرِفَةِ مَنْ أَحْضَرَهَا، الْمُهِمُّ يجتهدُ فِي الأَمْرِ، وَيَخْتَارُ الطريقةَ المُناسِبَةَ لإِعَادَتِهَا، حَتَّى  وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ  صَاحِبُ الحقَّ مَنْ أَعَادَهَا؛ لأَنَّ الْمَقْصَدَ الشَّرْعِيَّ عَوْدَةُ الْحَقِّ لأَصْحَابِهِ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَمَّنْ أَعَادَهُ.

- وَأَمَّا الحُقُوقُ المَعْنَوِيَّةُ؛ كَتَشوِيهِ السُّمْعَةِ، وَالغِيبَةِ، والظُّلْمِ، وإلإِهَانَةِ، والسُّخْرِيَةِ، وَغَيرِ ذَلِكَ، فَتَكُونُ التَّوْبَةُ مِنْهَا بِمَا يَلِي:

بِطَلَبِ الاستِحْلَالِ مِنْهُمْ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةِ طَرَفٍ آخَرَ، إِذَا تَعَذَّرَتِ الْمُبَاشَرَةُ بِسَبَبِ اِنْقِطَاعِ الْعِلَاقَةِ نَتِيجَةً لِهَذِهِ الإِسَاءَةِ، وَالنُّفُوسُ مَشْحُونَةٌ.

- فَإِذَا تَعَذَّرَ هَذَا الاستِحْلَالُ لِخَوْفِ رِدَّةِ فِعْلِهِمُ الرَّافِضَةِ لِلْعَفْوِ عَنْهُ،خَاصَّةً إِذَا كَانُوا يَجْهَلُونَ مَا فَعَلَهُ نَحْوَهُمْ، أَوْ خَشِيَ غَضَبَهُمْ عَلَيْهِ إِذَا عَلِمُوا بِمَا قَالَهُ عَنْهُمْ، وَسَوْفَ يَتَرَتَّبُ عَلَى هذَا قَطْعُ  أَوَاصِرِ الأُخُوَّةِ، وَالْقَرَابَةِ، والصَّدَاقَةِ مَعَهُمْ؛ فَتَكُونُ التَّوْبَةُ  بِأَمْرَيْنِ:

أ- الثَّنَاءُ عَلَيهِمْ خَاصَّةً فِي المَجَالِسِ التِي تَمَّ القَدْحُ فِيهِمْ بِهَا؛ فَهُنَاكَ مَثَلاً مَنْ يُنْتَهَكُ عِرْضُهُ، أَوْ يُوصَفُ بِالبُخْلِ والشُّحِّ، أَوْ ضَعْفِ الْعِبَادَةِ، أَوْ غَيرِ ذَلِكَ؛ فَعَلَى مَنِ اِغْتَابَهُ أَنْ يَذْكُرُهُ بِالخَيْرِ فِي الْمَجَالِسِ، خَاصَّةً التِي قَدَحَ فِيهِ بِهَا، حَتَّى لَوْ وُصِفَ بالتَّنَاقُضِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لِلْحُضُورِ أَنَّهُ كَانَ مُخْطِئًا بِحَقِّ الْمُغْتَابِ.

فَلَوْ قَالَ  مَثَلًا فِي مَجْلِسٍ: إِنَّ فُلَانًا  مِنَ النَّاسِ بَخِيلٌ، أَوْ ظَالِمٌ، أَوْ كَذَّابٌ، أَوْ قَاطِعُ رَحِمٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ لِهَذَا الْمَجْلِسِ -إِذَا أَمْكَنَهُ ذِلِكَ- وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ أَمَامَ مَنِ اِغْتَابَهُ أَمَامَهُمْ، وَيُبِيِّنُ أَنَّهُ كَانَ مُخْطِئًا عِنْدَمَا وَصَفَهُ بِالْبُخْلِ، وَيَذْكُرَ أَفْعَالَهُ الطَّيِّبَةَ.

ب- عَلَيْهِ الدُّعَاءُ بِظَهْرِ الْغَيْبِ لِمَنِ اِغْتَابَهُمْ.

7- أَنْ تَقَعَ التَّوْبَةُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ) [الأنعام: 158]، وَلِقَوْلِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

8- أَنْ تَكُونَ التَّوْبَةُ قَبْلَ الْغَرْغَرَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) [النساء: 18].

وَلِقَوْلِهِ  -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَغْفِرُ لِعَبْدِهِ أَوْ يَقْبَلُ تَوْبَةَ عَبْدِهِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» (أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ). 

جَعَلَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنَ المقبولِينَ، ونَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِالقرآنِ العظيمِ. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبً فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخطبةُ الثَّانِيَة:

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى عِظَمِ نِعَمِهِ وَاِمْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشَهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَخَلِيلَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.

أمَّا بَعْدُ.. فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَاِسْتَمْسِكُوا مِنَ الْإِسْلَامِ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى، وَاِعْلَمُوا أَنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى.

عباد الله:  وَلَوْ اِفْتَرَضْنَا عَودَةَ الْعَبْدِ للذَّنْبِ بَعْدَ اِلْتِزَامِهِ التَّوْبَةَ وِفْقَ الشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ؛ فَنَرْجُو أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُ مَا مَضَى؛ فَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ،  طَالَمَا أَنَّ تَوْبَتَهُ كَانَتْ صَادِقَةً، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ فِيمَا يَرْوِيهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ رَبِّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، أَنَّهُ قَالَ:"أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ» (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 فَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، فَقَطْ اُصْدُقْ فِي التَّوْبَةِ مِنْ قَلْبِكَ، وَثِقْ بِعَفْوِ رَبِّكَ، وَجَاهِدْ نَفْسَكَ لِئَلَّا تَعُودَ للذَّنْبِ مَرَّةً أُخْرَى.

-كَمَا لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ أَنْ يَتُوبَ مِنْ جَمِيعِ الذُّنُوبِ؛ حَتَّى تُقْبَلَ مِنْهُ تَوْبَتُهُ، إِلَّا إِذَا كَانَتِ الذُّنُوبُ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَمِثَالُ ذَلِكَ: مَنْ تَابَ مِنَ الْخَمْرِ، وَلَكِنَّهُ يَتَعَاطَى الْمُخَدِّرَ، فَهَذَا لَا يُعَدُّ تَائِبًا مِنَ الْمُسْكِرَاتِ؛ لأَنَّ هَذِهِ الذُّنُوبَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ.

لَكِنْ لَوْ تَابَ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ، أَوْ مِنْ سَمَاعِ الْمَعَازِفِ، وَهُوَ مُسْبِلٌ، فَنَرْجُو أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُ ذَنْبَهُ مِنْ سَمَاعِ الْمَعَازِفِ، وَشُرْبِ الْمُسْكِرَاتِ، مَعَ بَقَاءِ ذَنْبِ الإِسْبَالِ عَلَيْهِ، فَلَابُدَّ  لَهُ مِنَ التَّوْبَةِ مِنْهُ، فَإِنَّ تَوْبَةَ اللهِ عَلَى عَبْدِهِ بِحَسَبِ أَسَفِهِ الشَّدِيدِ وَنَدَمِهِ، وَمَنْ لَا يُبَالِي بِالذَّنْبِ وَلَا يَتَحَرَّجُ إِذَا فَعَلَهُ؛ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ مَدْخُولَةٌ وَإِنْ زَعَمْ أَنَّهَا مَقْبُولَة.

وَفَّقَنَا اللهُ جَمِيعًا للتَّوْبَةِ! وَتَقَبَّلَهَا مِنَّا! وَهَدَانَا إِلَى مَا يُرْضِيهِ عَنَّا!  وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا0

اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُ إِلَى وَجْهِكَ.

الَّلهُمَّ رُدَّنَا إِلَيْكَ رَدًّا جَمِيلًا، وَلَا تَجْعَلْ فِينَا وَلَا بَيْنَنَا شَقِيًّا وَلَا مَحْرُومًا، الَّلهُمَّ اِجْعَلْنَا هُدَاةً مَهْدِيينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ، اللَّهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ مِنَ الفِتَنِ وَالمِحَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَن.

اللَّهُمَّ اِحْفَظْ لِبِلَادِنَا أَمْنَهَا وَإِيمَانَهَا وَاِسْتِقْرَارَهَا، الَّلهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاِجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، وَأَصْلِحْ بِهِ الْبِلَادَ وَالْعِبَادَ، الَّلهُم ارْفَعْ رَايَةَ السُّنَّةِ، وَاِقْمَعْ رَايَةَ البِدْعَةِ، الَّلهُمَّ احْقِنْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاِكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهِمْ.

اللهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

اللهُمَّ أَكْثِرْ أَمْوَالَ مَنْ حَضَرُوا مَعَنَا، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَطِلْ عَلَى الْخَيْرِ أَعْمَارَهُمْ، وَأَدْخِلْهُمُ الْجَنَّةَ.

 رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ، وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ، وَآلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.