البحث

عبارات مقترحة:

القهار

كلمة (القهّار) في اللغة صيغة مبالغة من القهر، ومعناه الإجبار،...

القابض

كلمة (القابض) في اللغة اسم فاعل من القَبْض، وهو أخذ الشيء، وهو ضد...

الإله

(الإله) اسمٌ من أسماء الله تعالى؛ يعني استحقاقَه جل وعلا...

إنما المؤمنون إخوة

العربية

المؤلف عبد العزيز بن داود الفايز
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - فقه النوازل
عناصر الخطبة
  1. أهمية أُخوة الدين والعقيدة .
  2. مأساة الشعب السوري .
  3. وسائل نصرة المسلمين للشعب السوري .

اقتباس

تعلمون جميعا ما حل بإخواننا في بلاد الشام، وما تشاهدونه في المخيمات، هجم عليهم البرد والفقر والجوع، وعندهم من المعاناة ما الله به عليم من التشريد والظلم، وإن المواساة بين المؤمنين تتطلب منا أمور، منها: أولا: أن يرحم المسلم إخوانه المسلمين، أن يشفق عليهم أن...

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبً) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70].

أما بعد:

فيا عباد الله: إن أُخوة الدين والعقيدة هي أقوى الروابط التي تربط بين الناس، قال الله -جل وعلا-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [الحجرات: 10]، وقال سبحانه: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح: 29]، وقال سبحانه: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة: 71].

وقال حبيبنا -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره".

أيها المؤمنون: تعلمون جميعا ما حل بإخواننا في بلاد الشام، وما تشاهدونه في المخيمات، هجم عليهم البرد والفقر والجوع، وعندهم من المعاناة ما الله به عليم من التشريد والظلم، وإن المواساة بين المؤمنين تتطلب منا أمور، منها:

أولا: أن يرحم المسلم إخوانه المسلمين، أن يشفق عليهم أن تتحرك عاطفته نحو إخوانه المسلمين، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- قال كما جاء في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في الصحيحين أيضا من حديث أبي موسى الأشعري: "المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيان يشد بعضه بعضا".

فالمؤمن يرحم إخوانه المؤمنين، بل ويشفق على جميع البشر.

نعم -يا عباد الله- يتمنى الخير لجميع الناس يتمنى الخير حتى لأعداء الإسلام بأن يهديهم الله للإسلام أن يردهم للإسلام، أن يردهم للصواب أن يخلصهم الله -جل وعلا- من النار إلى الجنة.

نعم، يتعامل مع الجميع بمنظور الشرع بالكتاب والسنة، ويتعامل مع الجميع بما قاله الله وقاله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-.

أيها المؤمنون: إن الواجب على كل واحد منا على حسب قدرته وعلى حسب استطاعته: أن يقدم ما يستطيع، وربنا -جل وعلا- يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ) [المنافقون: 9 - 10].

والمؤمن -يا عباد الله- في ظل صدقته يوم القيامة.

والصدقة -يا عباد الله- تدفع ميتة السوء.

نعم -يا عباد الله- وما يقدمه الإنسان يقدمه لنفسه: (وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ) [البقرة: 110]، وربنا -جل وعلا- يقول: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [البقرة: 254].

فالمال الذي تنفقه -يا عبد الله- مخلوف عليك في الدنيا والآخرة، يقول الله -جل وعلا- في الحديث القدسي: "يا ابن آدم أَنفق أُنفق عليك فهذا المال مخلوف عليك": (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ: 39].

وستسأل -يا عبد الله- عن أولئك المشردين الذين هجم عليهم البرد، وتوفي منهم كما تسمعون وتشاهدون.

نعم، كلٌ يستطيع أن يشارك مع إخوانه على حسب قدرته، والمؤمن يشفق على إخوانه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".

وفي الحديث الآخر يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من لا يرحم لا يُرحم".

هؤلاء اجتمعت عليهم أمور كثيرة ظلم وجور وتشريد وفقر ومرض وحرمان.

فإلى القلوب الرحيمة هؤلاء منهم الأرامل، أرملة فقدت زوجها تعاني من الفقر والجوع، وتشاهد أيتامها بين ناظريها يتقلبون من الجوع ومن الخوف، ويعانون من التشريد ومن الظلم، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الساعي على الأرملة كالمجاهد في سبيل الله، وكالصائم لا يفطر، وكالقائم لا يفتر".

وفيهم الأيتام، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- وهو سيد الأيتام يقول: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين".

وفيهم المرضى، ورسولنا -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في الترمذي: "من زار مريضا بالصباح صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، ومن زاره في المساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح".

هذا في زيارة المريض، فكيف -أيها الفضلاء- بمن عالج المريض؟ كيف بمن دفع من ماله وساعد المريض؟ ارحموا إخوانكم، وأشفقوا على أنفسكم، واتقوا النار؛ كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم- في الصحيحين: "اتقوا النار ولو بشق تمرة".

والصدقة -يا عباد الله- تدفع البلاء، وقد وجه ولي الأمر -وفقه الله- بالحملة الوطنية ولا عذر لأحد أن يشارك بما يستطيع.

أيها التجار: شاركوا بأموالكم، وشاركوا بالمواد الغذائية، شاركوا بالألبسة، شاركوا بما تستطيعون، وقدموا لأنفسكم، واعلموا أن هذا لأنفسكم.

والإنسان الذي يبخل، يبخل على نفسه، واعلموا -يا رعاكم الله- أن الإنسان يدرك خيرات كثيرة، بالصدقات منها: أن الله -سبحانه وتعالى- يفرج كربته، وأن الله -جل وعلا- يشفيه  ويشفي مريضه، قال رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: "داووا مرضاكم بالصدقة" وقد صحح هذا الحديث الألباني.

نعم، داو نفسك، داو أمراض القلب وأمراض البدن.

واعلم -يا عبد الله- أن هذا المال هو مال الله وهو امتحان واختبار، والشيطان يعدكم الفقر، ويجوز للإنسان أن يدفع زكاة ماله، بل ويجوز للإنسان أن يقدم زكاة ماله للمصلحة، يدفع زكاة ماله، ويساهم من أمواله ويعلم علم يقين أنه يدخر لنفسه.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم وسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، واستغفره أنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

اللهم لك الحمد، لك الحمد كله يا رب ولك الشكر كله يا رب، لك الحمد حتى ترضى، لك الحمد يا ربي إذا رضيت، لك الحمد يا ربي بعد الرضا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

أما بعد:

فيا عباد الله: اعلموا أن المواساة لعباد الله من المواساة للمنكوبين في كل مكان: الدعاء.

بعض الناس يجيد الإسقاطات، لماذا لم يفعل فلان؟ أو لماذا لم يفعلوا العلماء؟ أو الولاة؟ وقد قصر وبخل على نفسه مع إخوانه بالدعاء، من المواساة لهم الدعاء، كل منا يسأل نفسه كم مرة دعوت لإخوانك المسلمين؟ ورسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- يقول: "دعوة المسلم لأخيه المسلم مستجابة، وعلى رأسه ملك موكل يقول: اللهم آمين، ولك بمثل".

فأنت تدعو لنفسك مع دعائك لإخوانك، يقول أحد السلف: "إذا أردت أن أدعو لنفسي، دعوت لإخواني؛ لأن دعائي لنفسي ليس عليه ملك يقول: آمين، أما دعائي لإخواني، فعليه ملك يقول: اللهم آمين، ولك بمثل" والملائكة مستجابي الدعوات.

والله -جل وعلا- يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) [البقرة: 186]، ويقول سبحانه: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ) [النمل: 62].

ورسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء"، ويقول: "إن الله حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردهما صفرا خائبتين".

يا من وعدتنا بالإجابة وأمرتنا بالدعاء نسألك في هذه الساعة نسألك ونحن في بيتك ونقول يا كريم يا رحيم يا سميع يا بصير يا لطيف يا أرحم الراحمين ارحم إخواننا المستضعفين في بلد الشام وفي كل مكان.

اللهم ارحم ضعفهم، اللهم اجبر كسرهم، اللهم ارحم نسائهم، اللهم ارحم أطفالهم، اللهم ارحم شيوخهم.

يا حي يا قيوم تسلط عليهم العدو، ونزل بهم البرد، وعندهم من المعاناة ما تعلمه يا حي يا قيوم، اللهم عجل بفرجهم، اللهم أعدهم إلى بلادهم آمنين سالمين، اللهم سخر لهم عبادك، اللهم سخر لهم عبادك، اللهم سخر لهم عبادك، اللهم ارحم أطفالهم ونسائهم وكبارهم وصغارهم يا حي يا قيوم.

اللهم يا حي يا قيوم عجل بفرجهم، اللهم ألطف بهم يا لطيف، يا عزيز يا قوي يا جبار يا قهار يا قاسم الجبابرة، اللهم انتقم لهم ممن ظلمهم، اللهم انتقم لهم ممن ظلمهم، اللهم انتقم لهم ممن ظلمهم، اللهم يا حي يا قيوم شتت أمره، اللهم شتت أمره ومن عاونه يا قوي اجعله عبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين.

اللهم أنزل عليه بأسك، اللهم أنزل عليه عقوبتك، اللهم مزقهم يا حي يا قيوم كل ممزق.

اللهم انتصر للمظلومين، اللهم انتصر للمظلومين يا حي يا قيوم.

نسألك يا حي يا قيوم أن ترنا فيهم عجائب قدرتك يا حي يا قيوم، اللهم احفظ علينا عقيدتنا وأمننا واستقرارنا  يا رب العالمين

اللهم من أراد بلادنا أو سائر بلاد المسلمين بسوء اللهم فأشغله بنفسه، اللهم فأشغله بنفسه، اللهم فأشغله بنفسه، اللهم اجعل كيده في نحره اللهم اجعل تدبيره في تدميره.

اللهم افضحه على رؤوس الأشهاد، اللهم احفظ مكة والمدينة وسائر بلادنا وبلاد المسلمين  يا رب العالمين.

اللهم اجمع قلوبنا ووحد صفوفنا، واكفنا شر الفرقة والخصام يا رب العالمين، اللهم اجمع قلوب المسلمين على الكتاب والسنة يا رب العالمين، اللهم اجمع قلوب المسلمين على الكتاب والسنة يا رب العالمين، اللهم اجمع قلوب المسلمين على الكتاب والسنة يا رب العالمين.

اللهم اللهم وفق ولاة أمرنا لكل خير، وارزقهم الجلساء الصالحين، اللهم اجعل عملهم في رضاك يا حي يا قيوم.

اللهم يا حي يا قيوم نسألك كما جمعتنا في بيت من بيوتك أن تمن علينا بالاجتماع في جنات النعيم مع سيد الأولين والآخرين.

يا حي يا قيوم فرج هم المهمومين، اللهم اشف كل مريض من المسلمين.

اللهم أبطل سحر كل مسحور، اللهم اشف كل معيون، اللهم اقض دين كل مديون، اللهم فرج هم كل مهموم من المسلمين.

اللهم صل وسلم وأنعم، وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.