الفتاح
كلمة (الفتّاح) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من الفعل...
العربية
المؤلف | عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | أركان الإيمان |
وبالإيمانِ -عباد الله- تُنال سعادة الدنيا والآخرة، بالإيمان تُنال الطمأنينة والراحة وقرار القلب وطمأنينته وسكون النفس وسعادة الإنسان، وينال بذلك لذة الدنيا والآخرة: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه -ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
أيها المؤمنون عباد الله: اتقوا الله تعالى؛ فإن من اتقى الله وقاه وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه، ثم اعلموا -رحمكم الله- أن نعم الله -جل وعلا- كثيرة لا تحصى، عديدة لا تُستقصى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) [إبراهيم: 34]، وإن أجلَّ نعم الله -جل وعلا- وأفضل مننه وأكرم عطاياه نعمة الإيمان؛ فهي النعمة العظمى، والمنة الكبيرة من الله -تبارك وتعالى- على من يشاء من عباده؛ قال الله -جل وعلا-: (وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمْ الرَّاشِدُونَ * فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الحجرات: 7 - 8].
وبالإيمانِ -عباد الله- تُنال سعادة الدنيا والآخرة، بالإيمان تُنال الطمأنينة والراحة وقرار القلب وطمأنينته وسكون النفس وسعادة الإنسان، وينال بذلك لذة الدنيا والآخرة: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].
بالإيمان -عباد الله- تُنالُ الجنة، وما فيها مِنَ النِّعم العظيمة، والعطايا الجسيمة، والآلاء الكثيرة، وبالإيمان -عباد الله- تحصل النجاة من النار وما فيها من العذاب الشديد والنكال الأليم، وبالإيمان -عباد الله- ينال المؤمنون رؤية وجه الرب الكريم سبحانه وتعالى، وهذه أجلّ نعمة ينالها أهل الإيمان: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [القيامة: 22 - 23]؛ يقول -صلى الله عليه وسلم- مخاطبًا أهل الإيمان: "إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر؛ لا تضامُّون في رؤيته".
ونِعَم الإيمان وفوائده وآثاره على أهله لا تعد ولا تحصى؛ بل إن كل نعمة وكل خير يُنال في الدنيا والآخرة فهو ثمرة من ثمرات الإيمان ونتيجةٌ من نتائجه، وكلُّ شر وبلاء يُصرَفُ عن الناس في الدنيا والآخرة فهو نتيجة من نتائج الإيمان وثمرة من ثمراته؛ فعلى المؤمن -عباد الله- الذي منَّ الله عليه بالإيمان، وهداه لهذا الدين؛ أن يكون أشدّ ما يكون استمساكًا به، ومحافظة عليه، ورعاية له، وسؤالاً للرب الكريم -جل وعلا- أن يثبته عليه إلى الممات: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ) [إبراهيم: 27].
عباد الله: ثم إنّ هذا الإيمانَ -الذي هو أجلُّ العطايا وأعظمها- قد جاء بيانه في كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فمن أراد تعلم الإيمان فليقبل على كتاب الله العزيز، وعلى أحاديث الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وما في الكتاب والسنة، وعلى ضوء ما جاء فيهما يتعلم الإيمان، وقد قال الله -جل وعلا- لرسوله الكريم -عليه الصلاة والسلام-: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى: 52]، بالكتاب والسنة وعلى ضوئهما يتعلم المؤمن الإيمان، فما أشد حاجتنا -عباد الله- إلى دراسة الإيمان وتلقي أموره وشؤونه على ضوء ما جاء في أحاديث الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- وعلى ضوء ما جاء في كلام الله -تبارك وتعالى-.
وأقف بكم -أيها الإخوةُ- وقفةً مهمة ينبغي أن نتنبّه لها مع بعض الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- المبينة للإيمان والشارحةِ له؛ فمن أحاديث الإيمان -عباد الله- ما جاء في الصحيحين عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في قصة مجيء جبريل -عليه السلام- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي الحديث: أن جبريل قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: أخبرني عن الإيمان، قال: "أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وأن تؤمن بالقدر: خيره وشره". فدل هذا الحديث العظيم على أن للإيمان أصولاً عظيمة، وأسسًا متينة، وهي أصول ستة: إيمان بالله تبارك وتعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر: خيره وشره. وبيان هذه الأصول يجدها المؤمن مبسوطةً في كتب الاعتقاد.
ومن أحاديث الإيمان -عباد الله- حديث وفد عبد قيس -وهو في الصحيحين- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن وفدًا من بني عبد قيس أتوا النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالوا: يا رسول الله: إن بيننا وبينك هذا الحيُّ من كفار مضر، وإنا لا نستطيع أن نأتيك إلا في الشهر الحرام، فمرنا بقول فصل نخبر به من وراءنا وندخل به الجنة، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "آمركم بالإيمان بالله"، ثم قال لهم: "أتدرون ما الإيمان بالله؟!"، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الإيمان بالله: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله -وعقد واحدًا من أصابعه- وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تعطوا من المغنم الخمس".
وفي هذا الحديث فسّر النبي -صلى الله عليه وسلم- الإيمان بالأعمال الظاهرة، أما في حديث جبريل فقد فسر الإيمان بالاعتقادات الباطنة، وفي حديث وفد عبد قيس فسَّر الإيمان بالأعمال الظاهرة، فدلّ مجموع الحديثين على أن الإيمان ينتظم ما يكون في القلوب من إيمان واعتقاد صحيح، وينتظم أعمال الجوارح من الأعمال الزاكية والطاعات المقربة إلى الله، ويأتي على رأسها وفي مقدمتها الشهادتان، وإقامُ الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام؛ فالصلاة -عباد الله- إيمان، والصيام إيمان، وإيتاء الزكاة إيمان، والحج إيمان، بل إن هذه الأمور من مباني الإسلام الخمسة، كما في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام".
ومن الإيمان الواجب -عباد الله- محبة الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وتقديم محبته على النفس والنفيس، وعلى الوالد والولد، وعلى الناس أجمعين؛ كما في الصحيحين من حديث أنس -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين". وفي صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله: والله لأنت أحب إليّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه". فقال عمر -رضي الله عنه-: والله لأنت الآن أحب إليّ حتى من نفسي، فقال: "الآن يا عمر".
وليست محبةُ النبي -صلى الله عليه- وسلم كلمةً يدعيها المرءُ بلسانه، بل إنها طاعةٌ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما أمر، وتصديق له فيما أخبر، وانتهاء عما نهى عنه وزجر، كما بين الربُّ الكريم في قوله تبارك وتعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31].
ومن الإيمان الواجب -عباد الله- أن تحب لأخيك المؤمن ما تحب لنفسك من الخير، فالغِل والحسد والضغينة؛ كل ذلك من نقص الإيمان، بل الواجب أن تَعْمُر قلبَك محبةُ للخير لإخوانك المؤمنين؛ يقول -صلى الله عليه وسلم- كما في الصحيحين وغيرهما عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه". وقد جاء في رواية زيادة: "من الخير".
ومن الإيمان -عباد الله- حفظُ الأمانة، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا إيمان لمن لا أمانة له"، والأمانة -عباد الله- تَشْمل حفظ الدين بطاعة رب العالمين، وامتثال أوامره -تبارك وتعالى- والبعد عن نواهيه، وتشمل الأمانة -عباد الله- حفظ الحقوق، وأداء الودائع، والبعد عن الخيانة، وترك الغِش... وغير ذلك من أنواع المعاملات الفاسدة.
ومن الإيمان -عبادَ الله- تركُ المحرمات، والبعد عن الفواحش والمنكرات؛ ولهذا قال -صلى الله عليه وسلام-: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبةً يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن". فدل هذا الحديث على أن الوقوع في هذه المعاصي واقتراف هذه الكبائر نقص في كمال الإيمان الواجب؛ فترك الزنا وترك شرب الخمر وترك الانتهاب وترك السرقة؛ كل ذلك من الإيمان الذي أوجبه الله -تبارك وتعالى- على عباده؛ فمن اقترف من ذلك شيئًا فقد نقص من إيمانه الواجب بحسب ما اقترف من هذه الذنوب، وبحسب ما وقع فيه من هذه المعاصي.
ومن الإيمان بالله -عباد الله- التوبة إلى الله، والإنابة إلى الله، والرجوع إلى الله، بل إن هذا أمر يحبه الله -جل وعلا- من عباده، وقد فتح لهم باب التوبة والإنابة، وهو القائل -جل وعلا-: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].
والواجبُ علينا -عباد الله- أن نحافظ على هذا الإيمان أشدَّ ما تكون الحنافظة، وأن نرعاه أشد ما تكون الرعاية؛ فهو الزينة الحقيقية، والجمال الحقيقي، وقد كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اللهم زَيِّـنَّا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين".
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه يغفر لكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله تعالى.. ثم إن من الأحاديث العظيمة المبينة للإيمان حديث شعب الإيمان، وهو حديث عظيم الشأن، جليلُ القدر، ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الإيمان بضع وسبعون شعبة؛ أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من شعب الإيمان". وقد دلّ هذا الحديث العظيم -عباد الله- على أن الإيمان منه ما يكون في القلب، ومنه ما يكون في اللسان، ومنه ما يكون في الجوارح، وأعلى الإيمان قول: لا إله إلا الله، قولها بالقلب اعتقادًا، وباللسان نطقًا وتلفظًا، مع العلم بمعناها، وفهم دلالتها، وتحقيق مقصودها وغايتها، فهذا أرفع الإيمان شأنًا، وأعلاه مقامًا.
ومن الإيمان إماطة الأذى عن الطريق، وهو عمل حبيب إلى الله -جل وعلا- يُثيب فاعله أعظم الثواب، ولاسيما إذا قام في قلب فاعله محبةُ الخير لإخوانه المؤمنين؛ ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَرَّ رجل بغصن شجرة ذي شوك، فقال: والله لا أدع هذا في طريق المسلمين فيؤذيهم، فأماطه عن الطريق، فشكر الله عمله، فأدخله الجنة".
ومن الإيمان ما يكون في القلب، ومن أعظم ذلك الحياء، والحياء شعبة من شعب الإيمان، وأعظم الحياء شأنًا الحياء من رب العالمين، وخالق الخلق أجمعين، الذي يراك حين تقوم، الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، الحياء من الله -جل وعلا- بحفظ الرأس وما وعى، وبحفظ البطن وما حوى، وبذكر الموت والبِلى، حياء يجعلك تحافظ على طاعة الله، وتبتعد عما نهاك الله -تبارك وتعالى- عنه.
ومن الحياء -عباد الله- أن تستحي من عباد الله -تبارك وتعالى-، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت". فإذا وُجد الحياء وُجد الخير، وإذا نُزِع الحياء نُزع الخير، عياذًا بالله من ذلك.
فتأملوا -عباد الله- أحاديث الإيمان الثابتة عن الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- واجتهدوا في فهمها وتطبيقها والعمل بها، وإني لأسأل الله جل وعلا -بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يحقق لي ولكم الإيمان، وأن يزيننا وإياكم بزينة الإيمان، وأن يجعلنا جميعًا من عباده المتقين، وأن يصلح لنا جميعًا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأن يصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، وأن يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، والموت راحة لنا من كل شر، وأسأله -جل وعلا- أن يحيينا وإياكم على الإسلام، وأن يتوفانا على الإيمان، وأسأله -جل وعلا- أن يثبتنا وإياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، ونسأله -جل وعلا- أن يثبتنا على الإيمان..
اللهم لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، وبك خاصمنا، نعوذ بعزتك -لا إله إلا أنت- أن تضلنا؛ فأنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون، وصلوا -رعاكم الله- على إمام الخلق والداعي إلى الإيمان محمد بن عبد الله كما أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى عليّ واحدة صلى الله عليه بها عشرًا".. اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد"، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان ذي النورين، وأبي السبطين عليّ، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفِّق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه، وأعنه على البر والتقوى، وسدده في أقواله وأعماله يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ووفق جميع ولاة أمر المسلمين للعمل بكتابك، واتباع سنة نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-.
اللهم آتِ نفوسنا تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم اغفر لنا ذنبنا كله: دقه وجله، أوله وآخره، سره وعلنه، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، وللمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر ذنوب المذنبين من المسلمين، وتب على التائبين، واكتب الصحة والعافية والسلامة لعموم المسلمين، اللهم فرِّج همَّ المهمومين من المسلمين، ونفِّس كربَ المكروبين، واقض الدَّين عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين، اللهم أصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، واهدنا سبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقواتنا وأموالنا وأزواجنا وذرياتنا، واجعلنا مباركين أينما كنا..
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، عباد الله: اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.