البارئ
(البارئ): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (البَرْءِ)، وهو...
العربية
المؤلف | عبد المحسن بن عبد الرحمن القاضي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة |
ما أكثر الذكور حين تعدّهم! لكن الرجال فيهم قليل! فالرجولة ليست لمن طَرَّ شاربه، ونَبتت لحيته، وليست بالتقدم بالعمر؛ إذن، فما أكثرهم! إن الرجولة تُكتسبُ حتى في الصغر؛ لأنها قولٌ، وعملٌ، وتفكيرٌ، وخلقٌ متكامل.
الخطبة الأولى:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله.
لما تمنى عمر -رضي الله عنه- قال: "أتمنى رِجَالاً مِثلَ أبي عبيدةَ بنِ الجراحِ، ومُعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة؛ فأَستعينُ بِهم على إِعلاءِ كَلمَةِ اللهِ"، رحمَ الله عمر المُلْهَم! لقد كان خَبيراً بما تقومُ به الحضارات والرِسَالاتُ، وتحيا بِهِ الأُمَمُ الهامدة قبلَ المعادن والثروات، فقد عرف أنها تَحتاجُ قَبلَ ذَلكَ لرجالٍ حقيقيين يرعونها، وعزائمَ قويةٍ تنفّذها، وأن وجودَهُم عزيزٌ في دنيا الناس، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيها راحلة" رواه البخاري.
الرجلُ الكفء الصالح عِمادُ الرِسالاتِ، وروحُ النهضة، ومِحورُ الإصلاح. مهما ملكت من سلاحٍ وثروةٍ وعشيرةٍ وتعليمٍ وإعلامٍ، كُلّه لن يقوم إلا بِرجالٍ أَكفاء قائمين عليها، وقلوب قويّة تنهض بها، ونزاهةٍ وإخلاصٍ تبدأ منها.
الرجال ليسوا عدداً وإنما قلوبٌ وهمم، فرجلٌ ذو همة يُحيي أُمة،
يُعَدُّ بألفٍ من رجالِ زمانهِ | ولكنَّه في الألمعيِّةِ واحدُ! |
طلب خالد بن الوليد من أبي بَكرٍ مَدداً، فأرسل إليه رجلاً واحداً هو القعقاعُ بن عمرو التميمي! وقال: "لا يُهزمُ جيشٌ فيهِ مِثله"، وقال: "لصوتُ القَعقَاعِ في الجيشِ خيرٌ من ألفِ مُقاتل!". وعمرو بن العاص طلب من الخليفة مَدداً لفتحِ مِصرَ فكتبَ له: "أَمددتُكَ بأَربَعَةِ رِجَالٍ، رَجلٌ مِنهم مقامَ الألف: الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعُبادة بن الصامت، ومَسلَمةُ بن مخلد"، رضي الله عنهم أجمعين.
ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- دعا ربه بأن يُعزَّ الإسلام بأحد رجلين: "اللهُمَ أعِزَ الإسلامَ بَأحبِ هذينِ الرجُلينِ إليك: بعمرو بن هشام، أو بعمرَ بن الخطاب"أخرجه الترمذي، ولما أسلم عمر استعزّ الإسلام.
أيها الأحبة: ما أكثر الذكور حين تعدّهم! لكن الرجال فيهم قليل! فالرجولة ليست لمن طَرَّ شاربه، ونَبتت لحيته، وليست بالتقدم بالعمر؛ إذن، فما أكثرهم! إن الرجولة تُكتسبُ حتى في الصغر؛ لأنها قولٌ، وعملٌ، وتفكيرٌ، وخلقٌ متكامل.
مرَّ عمر على صبيانٍ يلعبونَ فهرولوا، وبقي عبد الله بن الزبير، فسألهُ عُمر: "لِمَ لَمْ تهرب؟" فقال: "يا أَميرَ المؤمنينَ، لم أقترف ذنباً فأخافك، ولم تَكن الطريقُ ضَيقةً فأوسعها لك"، ودَخلَ غُلامٌ صغير على هشام بن عبد الملك ليتحدث عن قومه، فقال له: "ليتقدّم من هو أكبر منك"، فقال: "يا أميرَ المؤمنينَ، لو كان التَقدُّم بالسِنِ لكانَ في الأُمةِ من هو أولى منك بالخلافة".
فالرجولة ليست بسطةَ الجسم، وطولَ القامة، وقوةَ البنية، وأجسامَ البغالِ وأحلامَ العصافير، قال -صلى الله عليه وسلم-: "يأتي الرجلُ العظيم السَمينُ يوم القيامةِ فلا يزنُ عندَ اللهِ جناحَ بعوضة"، ثم قال: "اقرؤوا: فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ وَزْناً"متفق عليه.
عبدُ الله بن مسعود -رضي الله عنه- نحيل الجسم، انكشفت ساقاه يوماً وهما دقيقتان هزيلتان، فضحك بعض الصحابة منها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "أتضحكون من دقة ساقيه؟ والذي نفسي بيده! لهما أثقل في الميزان من جبل أحد".
إن مشكلتنَا اليوم تقييمُ الرجولةِ بالمادةِ والمظهرِ والحجم! الرجولةُ -إخوتي- ليست مالاً ولا عضلاتٍ، بل هي قوةٌ نفسيّةٌ تحملُ صاحبَها على معالي الأمور، وتبعدهُ عن سَفَاسِفها، يكون كبيراً في صِغرهِ، غنيَّاً في فقره، قويَّاً في ضعفه، يُعطيَ قبلَ أن يأخذ، ويؤدِّي واجبه قبل أن يَطلبَ حقه، يعرفُ حقَّ ربِّه ودينه وبيته وأُمته، يعرف كيف يُسامح ويُناقش، وكيف يختلفُ أو يُصادم، الرجولةُ -بإيجازٍ- هي قوةُ خُلُقٍ، وخُلُقُ قوةٍ، مع عقلٍ ودينٍ يضبطها.
أيُّها الشباب: الرجولةُ مطلبٌ لأصحابِ الهمم الجادة، ليسموا بصفاتها، وإذا فُقدت منهم صاروا أشباه رجال وغثاء.
الرجولة تُرسَّخ بِعقيدةٍ قوية، وتُهذَّب بِتَربيةٍ صَحيحة، وتُنمَّى بقدوةٍ حَسنة؛ لكنَّ ميزانَها عند الناس اختلَّ اليوم لتكونَ بكثرةِ المالِ، وجمالِ المظهرِ، أما في الإسلام فميزانُها بالعمل والخُلق. مَرَّ غنيٌّ ذو أُبَّهةٍ على الصحابة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ما تقولونَ في هذا؟"، قالوا: حَريٌّ إن خطبَ أن يُنكح، وإن شَفعَ أن يُشفَّع، وإن قالَ أن يُسمع. قال: ثم مرَّ فقيرٌ فقالَ: "ما تقولونَ في هذا؟"، قالوا: حريٌّ إن خطب أن لا يُنكح، وإن شَفِعَ ألا يُشفَّع، وإن قالَ أن لاَّ يُسمع. فقال -صلى الله عليه وسلم-: "والله! إن هذا –أي: الفقير- خيرٌ مِن ملءِ الأرضِ مِثلَ ذاك" أخرجه البخاري.
أيها الأحبة: كم تُؤلمنا كلمةُ من درسَ تعاليمَ الإسلامِ الشَامِلة ثم رأى ضعفَ أهله فقالَ في إعجابٍ مرير: "يا له من دين لو كان له رجال!". إنه دينُ مليار ونصف من البشر، ينتسبونَ إليهِ، ويُحسَبونَ عليه، ولكنَهُم كغثاء السيل، لا يقيمون مشروعاً ولا دولةً ولا نظاماً، ولا يحمونَ ضعيفاً، وليس لهم كلمةُ رِجالٍ موحدةٌ بينهم، أَهمّتهُم أَنفُسُهُم، وحَكمَتْهُم شَهواتُهم، وسيَّرتُهم مصالحُهُم؛ فلا وثقوا بأَنفُسِهم، ولا اعتمدوا على ربِهم، يَجمَعُهُم الطَمعُ، ويُفرقُهم الخوف والفزع، إلا من رحم الله! حتى الخطط حينما توضع لأوطانهم فلا رجالَ لتنفيذها وحمايتها من الفشل والفساد!.
قد تجد رجلاً واحداً بمفرده حباهُ اللهُ خَصَائِصَ إيمانيّة ومواقفَ رجُولِّية يعملُها بِمفردهِ، في القرآن الكريمِ أمام فرعون: (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَـانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُمْ بِلْبَيّنَـاتِ مِن رَّبّكُمْ) [غافر:28].
والخوف من الله بالمحافظة على الصلاة والعبادات مقياسُ رجولة: (رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَـارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَوةِ وَإِيتَاء الزَّكَـوةِ يَخَـافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَلأَبْصَـارُ) [النور:37]. و(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَـاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً) [الأحزاب:23].
ورجلٌ واحد يجدِّدُ لهذه الأمة دينها بإحياء عقيدتها، وحماية دينها، ونصر ضعيفها؛ فأبو بكر -رضي الله عنه- حمى الإسلام من المرتدين، وعمر بن عبد العزيز أعاد أمجاد الخلافة وعدْلها، وابنُ حنبل وقف ضد مُحرِّفي العقيدة، وصلاحُ الدين حرَّر فلسطين، وابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن باديس -وغيرهم كثير- نهضوا بالعلم الصحيح وحررّوه، وفي زمننا ابن سعدي بفهمه الرائع، وعلمه الواثق، جدّدَ وسطَ نجد، ومحمد الغزالي في مصر قاوم الملحدين، وابن باز رفع راية أهل السنة بخلقه وتعامله، وعبد الرحمن السميط قدّم عملاً خيرياً جباراً أسلم به الملايين، وغيرهم رجالٌ لا نعرفهم الله يعرفهم ويقدِّرُ أثرهم.
كل منهم رجلٌ واحد! نعم، رجل واحد، لكنهم دين وخلق، وقيم وفكر صحيح، وممارسة جادة، أثمرت الكثير؛ وهذا ما نحتاجه اليوم.
الرُجُولةُ -أيها الشاب- ليست أن تكونَ إِمّعةً تقلّد الناس بلا هدف، وإذا ولغ أصحابُك في مُستنقَعَاتِ السوءِ وتصرفات الفوضى قلّدتهم لتكون رَجُلاً كما يزعمون! الرجولةُ ليست شهوةً قريبةً، ولذةً محرمةً في ليلةٍ عابثةٍ بلا رقيبٍ ولا حسيبٍ، الرجولةُ ليست عبثَ السيارات، والجرأة على المخالفات، وغير ذلك من سوء تصرفات؛ فأين هؤلاء من وصف رجلٍ قلبُه مُعلَّقٌ بالمساجد؟ ورجل دعته امرأةٌ ذات منصبٍ وجمال فقال: إني أخاف الله؟ ورجل تصدق بصدقة فأخفاها؟ ورجلين تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه؟ هؤلاء يدنيهم الرحمن، ويُظِلُهُم يومَ لا ظِلَّ إلا ظِله.
الرجولة في العفو للإصلاح وليست في الانتقام، في الصدق والوفاء وليست في الغش والخداع، الرجولةُ في الهواية النافعة، والعمل الجاد، وليست في ضياع الوقت والبطالة.
قلمُ الأديب المحافظ تامُّ الرجولة، بشعْرٍ يدعو للأخلاق، ويسمو بالمعاني، وليس بألفاظٍ خانعةٍ، وترانيم ساقطة، ورواياتٍ فاضحةٍ، الرجولةُ ليست بتمييع الرجال واسترجال النساء، أو التقليد والتبعية، وإلغاء القيم والهوِّية، وانحراف الفِطر السوية، والمجاهرة بالمنكر بلا روية.
أين الرجولة فيمن يتمايل في حركاته ويطيل شعره ويضع القلادة على رقبته ويتميع في مشيته تشبهاً بالنساء؟ بالحديث: "لَعَنَ اللهُ المُتَشَبهِينَ مِنَ الرّجالِ بالنّسَاءِ، وَالمُتشبِهاتِ مِن النّسَاءِ بالرّجَالْ"، وقال: "أخرجوهم من بيوتكم" رواه البخاري.
وإذا ضَمُرَت خصائصُ الرجولة حلَّ بالمجتمع العطب، وبالبيت الضياع، وبالأمة الضعف والهوان؛ تضيع القوامة، وتضعف الغيرة، فتتسع رقعة الفساد الخلقي. (لرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) [النساء:34]، إنها قوامة للرجل عادلة تكَفلُ للمرأةِ حقَّها وعيشَها بكرامة، قوامةٌ قرَّرها الله أحكم الحاكمين، ومن الجهل الدعوة لإلغائها! إنها أيضاً ليست قوامةَ ظلم وقسوة وحيف وتسلّط وعضل للمرأة وحرمان.
ليس قدحاً في الرجولة أن يعينَ الرجل أهله ويخدم بيته، فعائشة -رضي الله عنها- تقول: "كان -صلى الله عليه وسلم- في مهنة أهله، ويخصف نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب شاته"؛ ولا يقدح في الرجولة ملاطفة أهله وملاعبتهم، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- نبي الأمة سابق عائشة ومازحها، مقياس الرجولة -إذن- ليس عضلات أو فحولة، بل هو دينٌ وخلقٌ وفهمٌ وبطولة، فـ "ليس الشديد بالصُّرَعَة، وإنما الشديدُ الذي يملكُ نفسَه عند الغضب".
وأزمتنا اليوم -إخوتي- أزمة رجولةٍ حقيقيةٍ، رجال بأجسامٍ كبارٍ، ومظاهرَ وفعالٍ، لكنها عقولٌ صغار، فالتقنية ووسائل التواصل أظهرت -مع الأسف- انحطاطاً واختلافاً وإشاعةً واتهاماً، وبينت العوار، أبرزت للناس تافهين، وضعف دور المصلحين والمثقفين الجادين، الهممُ تقودها المادة والشهوة، والتعليم للتفاهات، والإعلام للفساد وسيء الأخلاق، وانحطاط في العالم أدى لتأثر المسلمين بهم، شئنا أم أبينا، اندثرت الأخلاق والشيم مع عالم المادة، وصرت بحاجة لُتذكِّر الرجال بسمات الرجولة، ومطالبتهم أن يكونوا رجالا لا صغاراً، بل ذكوراً لا إناثاً، بأشكالهم ولباسهم ومظاهرهم وأخلاقهم!.
وهنا يرد سؤال مهم: كيف ننمي عوامل الرجولة ونربيها في مجتمعاتنا ولدى أولادنا؟ فأول أسباب الرجولة بيدكم -أيها الآباء والأمهات- بالدعاء بصلاح أولادكم، ثم بإعطائهم القدوة الحسنة في الدين والقيم، فمشكلتنا ضعف القدوات اليوم وغيابها، فالولد سرُّ أبيه، ابن فيه الرجولة منذ الصغر، خذه للمجامع العامة وأجلسه مع الكبار فيزيد فهمهَ ويكبر عقله، ويحاكي الكبار.
ومما ينمي الرجولة تحديثهم عن تاريخ البطولات والقدوات في التاريخ القريب والبعيد؛ لتعظم الشجاعة في نفوسهم، وهي من أهم صفات الرجولة، علّمه الأدب مع الكبار، والسلام عليهم، واحترام ذي الشيبة، ولا تُنمي فيه احتقار الغير والتنابز بالألقاب والعصبية.
ومما ينمي الرجولة إعطاء الصغير قيمته في المجلس وعدم إهانته، لما أُتِيَ النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم- بِقَدَحٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارهِ، فَقَالَ: "يَا غُلامُ، أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ؟"، قَال: "مَا كُنْتُ لأوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ"، فلم يرفض وأعطاه. رواه البخاري.
علموهم الرياضات الرجولية؛ كالرماية والسباحة وركوب الخيل، ولا تسرفوا عليهم في ألعاب الكترونية لا تبني رجولة ولا حركة، وإنما أجهزة تضعفُ البصر وتُقلد الغير بجعلهم متسمرين أمامها بلا حركة، انتبهوا للباس أولادكم وحركاتهم، واحذروا تقليدهم لما ينافي الرجولة والأخلاق والتميّع في الحركة واللباس مما اشتُهر اليوم.
تجنب احتقار أفكاره، وشجّعه على المشاركة بإعطائه قدره، وأشعره بأهميته، واختر له أفضلَ الأسماء، خذ برأيه وأعطه الجوَّ المناسبَ لعمره، وولّه مسؤولياتٍ تناسبُ سنّه وقدراته، كالنفقة والأعمال البسيطة، وعلمه كتمان السر. يقول أنس -رضي الله عنه-: "بَعَثَنِي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إِلَى حَاجَةٍ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّي، فَلَمَّا جِئْتُ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّه لِحَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا حَاجَتُهُ؟ قُلْتُ، إِنَّهَا سِرٌّ. قَالَتْ: لا تُحَدِّثَنَّ بِسِرِّ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَحَدًا" رواه مسلم.
علمه الجرأة في موضعها، وأبعده عن مآسي الترف والدلال والكسل والبطالة والنعومة الزائدة، جنبه مشاهد اللهو الباطل فهي تنفي الرجولة، واقترب -أيها الأب- من ولدك واعرف همومه وشجونه، وارزقه محاسن الأخلاق.
اللهم اهد شبابنا، وارزقهم محاسن الأخلاق وجنبهم سيئها، واجعلهم هداةً مهتدين، صالحين مصلحين، غير ضالين ولا مضلين، ولا خزايا أو نادمين.
أقول ما تسمعون...