البحث

عبارات مقترحة:

البصير

(البصير): اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على إثباتِ صفة...

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

الغني

كلمة (غَنِيّ) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من الفعل (غَنِيَ...

أهمية التحصن بالأذكار والأوراد الشرعية

العربية

المؤلف خالد بن عبدالله الشايع
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات - الحكمة وتعليل أفعال الله
عناصر الخطبة
  1. المرء في هذه الدنيا محاط بالأخطار من كل جانب .
  2. وجوب تحصن بالله تعالى من سائر الأخطار.
  3. أهمية الإكثار من ذكر الله تعالى .
  4. فوائد الأذكار الشرعية في التحصين من الشرور .
  5. أبرز التحصينات الشرعية من الشرور. .

اقتباس

المرء في هذه الدنيا محاط بالأخطار من كل جانب، وهو بطبعه ضعيفٌ، فتنهشه الأخطار من كل حدب وصوب، حتى يهلك بين أنيابها، ولولا لطف الله لهلك الجميع، ولكن المرء قوي بالله تعالى، وقد جعل الله له ما يحميه بل ويجعله أقوى من الشرور والأخطار.. إن طوارق الشر محدقة بالإنسان، وأن الجن والإنس يكيدون بالإنسان ويخططون للنيل منه، وأن الله قد جعل للمسلم ما يحميه منها.. وإن ذكر الله هو سلاحك الذي يحميك بإذن الله، خصوصًا أذكار الصباح والمساء فلا تغفل عنها، بل عليك أن تحفظها عن ظهر قلب، وأن تكررها..

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما بعد فيا أيها الناس: اتقوا الله ربكم الذي خلقكم، ويسَّر أسباب السعادة لكم، وجعل لكم معقبات يحفظونكم بأمره الله من كل مكروه ومصيبة، فإن المرء في هذه الدنيا محاط بالأخطار من كل جانب، وهو بطبعه ضعيفٌ، فتنهشه الأخطار من كل حدب وصوب، حتى يهلك بين أنيابها، ولولا لطف الله لهلك الجميع، ولكن المرء قوي بالله تعالى، وقد جعل الله له ما يحميه بل ويجعله أقوى من الشرور والأخطار .

عباد الله: كم أعداؤنا في هذه الدنيا؟ شياطين الجن والإنس والحيوانات والأمراض والحوادث والأعراض، وليس هذا بعجيب، بل هو من رحمة الله بالعبد ليكون دومًا بجوار ربه متعلقًا به متوكلاً عليه، يعلم أنه لا نجاة له ولا فلاح إلا بذلك، ولكن العجب من امرئ يعرف ضعفه وعجزه وكثرة أعدائه، ومع ذلك يمشي بلا تحصين لنفسه بشيء من التحصينات الشرعية، والله لا رادّ لقضائه، وهذه التحصينات هي من قضاء الله تعالى.

معاشر المسلمين: فضَّل الله -سبحانه وتعالى- الإنسان على سائر المخلوقات بنِعمة الكلام، وجعل اللِّسان الآلة في تحقيق ذلك، وهو نعمةٌ عظيمةٌ إذا استُخدم في الخير، وقول المعروف، والإصلاح بين النّاس، والذِّكر والتَّسبيح والتهليل والحمد لله تعالى؛ فيكون سببًا في بلوغ سعادةِ الدُّنيا، والمنازل العُلى في الجنّة، وذِكر الله، وترطيب اللِّسان بالأذكار التي وردت عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- من أعظم ما ينطق به اللِّسان من كلام.

أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي موسى قال صلّى الله عليه وسلم: "مثلُ الذي يَذكُر ربّه والذي لا يَذكُر ربّه مَثَلُ الحيِّ والميِّت".

وإن المداومة على ذِكر الله –تعالى- مُستحبَّةٌ في كلِّ الأوقات والأماكن، وعلى جميع الأحوال قِياماً، وقعوداً، وركوباً، ومن هذه الأذكار ما يلي: الأذكار بعد الصَّلاة المكتوبة، وأذكار النوم والاستيقاظ، وأذكار الرُّقية الشَّرعيّة من السِّحر والحسد والعين والمرض، وأذكار دخول الحمَّام والخروج منه، والوضوء، ودخول المنزل والخروج منه، وزيارة المريض، والرُّكوب، والطَّعام، وأذكار الصَّباح والمساء.

عباد الله: كلنا بحاجة للتحصين بالأوراد الشرعية؛ فالإنسان المريض والسليم لا بد لهم من تحصين أنفسهم في الصباح والمساء، ولا يهملون ذلك، وذلك أن شياطين الانس والجن عاثت في الأرض الفساد وشنُّوا حرباً ضروساً على بني آدم، فما بين مصاب بسحر - ومس - وعين - وأذى خارجي من قبل الجن - واعتداءات منامية وهموم دنيا – ووساوس وأوهام وحوادث، إلى غير ذلك.

ولذلك الله -سبحانه وتعالى- جعل لنا بحكمته تحاصين تحصننا من شياطين الجن والإنس، وكذلك فإن التحاصين تقي من هموم وأوجاع وأمراض وحوادث الدنيا.

أيها الناس: مع أهمية تحصين المرء لنفسه، فإن التحصين له فوائد أخر فمن ذلك:

أنها تقي الإنسان من شرور الجن والإنس؛ فالمرء في هذه الدار تتربص به شياطين الإنس والجن، ونجد كثيرًا من الناس قد اشتغل فكره بالخوف من العين والسحر والمرض، ومع ذلك تجده غافلاً عن الأذكار والتعاويذ.

ومن فوائدها أنها تقوي روح المريض، وبالتالي يقوى على المرض بأمر الله، فراحة المريض وطمأنينته من أهم أسباب الشفاء بإذن الله.

ومن فوائدها: أنها تقوّي مناعة الإنسان كما ذكر ذلك أهل العلم والمعرفة.

ومن فوائدها: أنها تُضعف العارض وتؤذيه، وقد تكون سبباً في الشفاء.

ومن فوائدها أنها تشرح قلب المريض وتزيل همومه.

ومن فوائدها أنها تحفظ الانسان بإذن الله من السحر والمس والعين.

ومن فوائدها أنها تمنع عنه حوادث وآفات الدنيا بكل أشكالها وأصنافها.

اللهم احفظنا من كل مكروه وذرياتنا يا كريم، أقول قولي هذا ....

الخطبة الثانية:

أما بعد فيا أيها الناس: كان سيد الخلق عليه الصلاة والسلام يحافظ على الأذكار في كل وقت، بل كان أحيانًا يأتيه جبريل -عليه السلام- بالذكر المحصن من الآفة التي تحدق به فيقوله ويبلغه للأمة لتعمل به.

أخرج الإمام أحمد في مسنده من طريق أبي التياح، قال: قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمي وكان كبيرًا: أدركتَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال نعم. قال: قلت: كيف صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة كادته الشياطين، فقال: إن الشياطين تحدرت تلك الليلة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الأودية والشعاب وفيهم شيطان بيده شعلة نار يريد أن يحرق بها وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهبط إليه جبريل عليه السلام فقال: يا محمد! قل: قال: ما أقول؟ قال: قل أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق وذرأ وبرأ، ومن شر ما ينزل من السماء، ومن شر ما يعرج فيها، ومن شر ما يلج في الأرض، ومن شر ما يخرج منها، ومن شر فتن الليل والنهار، ومن شر كل طارق إلا طارقًا يطرق بخير يا رحمن. قال فطفئت نارهم وهزمهم الله تبارك وتعالى‏.

فمن هذا الحديث يتبين أن طوارق الشر محدقة بالإنسان، وأن الجن والإنس يكيدون بالإنسان ويخططون للنيل منه، وأن الله قد جعل للمسلم ما يحميه منها .

عباد الله: إن ذكر الله هو سلاحك الذي يحميك بإذن الله، خصوصا أذكار الصباح والمساء فلا تغفل عنها، بل عليك أن تحفظها عن ظهر قلب، وأن تكررها قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، لتكون في حفظ الله .

ومن أهم تلك الأذكار: آية الكرسي، والمعوذات، وما صح من السنة مثل ما أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء".

فهذا من الأذكار العظيمة التي ينبغي أن يحافظ عليها المسلم كل صباح ومساء، ليكون بذلك محفوظًا -بإذن الله تعالى- من أن يصيبه فجأة بلاء أو ضر مصيبة، أو نحو ذلك.

 قال القرطبي -رحمه الله- عن هذا الحديث: "هذا خبر صحيح، وقول صادق علمناه دليلاً وتجربة، فإني منذ سمعته عملت به فلم يضرني شيء إلى أن تركته، فلدغتني عقرب بالمدينة ليلاً، فتفكرت فإذا أنا قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات".

وجاء في سنن الترمذي عن أبان بن عثمان -رحمه الله– وهو راوي الحديث عن عثمان - أنه قد أصابه طرف فالج- وهو شلل يصيب أحد شقي الجسم- فحدث بها الحديث، فجعل رجل منهم ينظر إليه فقال له أبان: "ما تنظر؟ أما إن الحديث كما حدثتك، ولكني لم أقله يومئذ ليمضي الله عليَّ قدَره.

عباد الله: إن ذكر الله بأيّ لفظ ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حصن للمرء، وقد أُلفت -ولله الحمد- كتيبات في جمع تلك الأذكار، فلتصحب تلك الكتيبات حتى تحفظها، تخيلوا عباد الله ذلك المحافظ على ذكر ربه في كل وقت، فإذا استيقظ من نومه ذكر الله، وإذا أراد دخول الخلاء ذكر الله، وإذا أراد دخول البيت ذكر الله، وإذا خرج ذكر الله، وإذا ركب دابته ذكر الله، وإذا أراد أن يأكل ذكر الله، وإذا فرغ من الأكل ذكر الله، بل حتى إذا أراد جماع أهله ذكر الله، فلا يعمل شيئًا إلا بذكر فهل يستطيع الشيطان أن يقترب من هذا؟ كلا والله فهو في حفظ الله وكنفه .

(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا) [الإسراء: 65]

وينبغي التنبه لأمر مهم، ألا وهو عند قراءة الأذكار يجب أن تكون حاضر القلب متدبرًا لما تقول، فهي أدعية قد تجاب وقد ترد.

كما ينبغي لنا تعليم أبنائنا تلك الأذكار ليحصنوا أنفسهم، وأن نشركهم في أذكارنا، وأن نعلمهم أهمية التحصن بالأذكار، كما ينبغي للمسلم أن لا يقع في الوسواس فالبعض من الناس مع هذه التعاويذ تجده في رعب وخوف من العين والسحر والجن والإنس، كما ينبغي لكل من رزقه الله نعمة أن يخفيها إذا لم يكن هناك داعٍ لإظهارها، فكل صاحب نعمة محسود، كما ينبغي أن لا نعلق كل بلاء يصيبنا بالعين والسحر والجن، بل نعتصم بالأذكار ونتوكل على الله، ونوقن أن ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.. كما قال سبحانه: (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[التوبة: 51].

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات...