البحث

عبارات مقترحة:

المصور

كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...

الآخر

(الآخِر) كلمة تدل على الترتيب، وهو اسمٌ من أسماء الله الحسنى،...

البر

البِرُّ في اللغة معناه الإحسان، و(البَرُّ) صفةٌ منه، وهو اسمٌ من...

المبشرات في السنة النبوية

العربية

المؤلف إبراهيم بن صالح العجلان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الحديث الشريف وعلومه - المنجيات
عناصر الخطبة
  1. فوائد سماع المبشرات .
  2. أعظم البشارات في آيات القرآن .
  3. من البشارات النبوية الرؤيا الصالحة .
  4. البشارة للصابرين على الأمراض والمصائب .
  5. البشارة للصابرين على الطاعة .
  6. أعظم المبشرات لأهل التوحيد والإيمان الصادق .
  7. البشارة للأمة بالتمكين. .

اقتباس

سَمَاعُ الْمُبَشِّرَاتِ يَشْحَذُ الْهِمَمَ نَحْوَ الِاجْتِهَادِ وَالْحِرْصِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ وَقَدْ بَشَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ" وَمَا زَادَهُ ذَلِكَ إِلَّا حِرْصًا عَلَى الْبَذْلِ وَالطَّاعَةِ.

الخطبة الأولى:

مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ..    

الْبِشَارَةُ وَالتَّبْشِيرُ كَلِمَةٌ أَخَّاذَةٌ تَطْرَبُ لَهَا الْأُذُنُ، وَتَهْفُو لَهَا الرُّوحُ، وَتُجَدِّدُ فِي النَّفْسِ هِمَّتَهَا وَنَشْوَتَهَا، فَالْجَمِيعُ يَسْعَدُ بِهَا وَيَمْرَحُ، وَالْأَكْثَرُ يُكَافِؤُ عَلَيْهَا وَيَفْرَحُ.

الْبِشَارَةُ رِسَالَةُ مَوَدَّةٍ تَرْسُمُ الْبَسْمَةَ، وَتَزْرَعُ الْأُلْفَةَ، وَتَنْفِضُ غُبَارَ التَّشَاؤُمِ، وَتُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا.

وَلِذَا جَاءَتِ الْمُبَشِّرَاتُ فِي النُّصُوصِ عَلَى صُوَرٍ عِدَّةٍ، فَبِالْبِشَارَةِ جَاءَتِ الرِّسَالَةُ، وَبِالْبِشَارَةِ نَطَقَتْ آيَاتُ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ، (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)، (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ).

فَمَا أَجْمَلَ الْحَدِيثَ حِينَمَا يُكْسَى بِالْبِشَارَاتِ! وَبِالْأَخَصِّ مَعَ قَتَامَةِ الْوَاقِعِ وَالْحَالِ. 

فَدَعُونَا نَتَحَدَّثُ عَنِ الْبِشَارَاتِ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى لِسَانِ مَنْ أَرْسَلَهُ رَبُّهُ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، فَكَانَتْ بَعْثَتُهُ رَحْمَةً وَهِدَايَةً وَإِصْلَاحًا، وَكَانَتْ دَعْوَتُهُ لِأَجْلِ إِحْيَاءِ التَّبْشِيرِ، وَالنَّهْيِ عَنِ التَّنْفِيرِ، يُرْسِلُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَأَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ إِلَى الْيَمَنِ فَيُوصِيهِمَا: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا". 

فَسَمَاعُ الْمُبَشِّرَاتِ يَشْحَذُ الْهِمَمَ نَحْوَ الِاجْتِهَادِ وَالْحِرْصِ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ؛ وَقَدْ بَشَّرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَقَالَ: "مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ" وَمَا زَادَهُ ذَلِكَ إِلَّا حِرْصًا عَلَى الْبَذْلِ وَالطَّاعَةِ.

وَفِي التَّبْشِيرِ دَعْمٌ مَعْنَوِيٌّ وَتَثْبِيتٌ يَحْتَاجُهُ كُلُّ أَحَدٍ، يَتَجَلَّى هَذَا فِي مَوْقِفِ خَدِيجَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- وَقَدْ رَأَتْ زَوْجَهَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ لَفَّهُ الْخَوْفُ وَالِاضْطِرَابُ: أَبْشِرْ، فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا.

إِنْ سَأَلْتُمْ عَنْ أَعْظَمِ الْبِشَارَاتِ، فَهِيَ آيَاتُ الْقُرْآنِ الَّتِي تَنَزَّلَتْ عَلَى قَلْبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالْقُرْآنُ هِدَايَةٌ لِلْعَالَمِينَ، وَبُشْرَى الْمُؤْمِنِينَ (إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا).

يَنْزِلُ أَمِينُ السَّمَاءِ عَلَى أَمِينِ الْأَرْضِ فَيُبَشِّرُهُ: "هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ، لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ، فَقَالَ: هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ، لَمْ يَنْزِل قَطُّ إِلَّا الْيَوْمَ، فَسَلَّمَ وَقَالَ: أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا، لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلَّا أُعْطِيتَهُ" (أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ). 

انْقَطَعَتِ النُّبُوَّةُ لَكِنَّ مُبَشِّرَاتِهَا لَمْ تَنْقَطِعْ، وَمِنَ الْبِشَارَاتِ النَّبَوِيَّةِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ". قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

وَمِنْ عَاجِلِ الْبَشَائِرِ فِي الدُّنْيَا أَنْ يُثْنِيَ النَّاسُ عَلَى الْعَبْدِ بِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ نَافِعَةٍ مُتَعَدِّيَةٍ، لَمْ يُرِدِ الْعَبْدُ مُرَاءاتَهَا وَلَا التَّسْمِيعَ بِهَا، وَلَكِنَّ اللهَ تَعَالَى عَلِمَ مَا فِي قَلْبِهِ فَكَافَأَهُ بِسَمَاعِهِ لِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَعَلَى أَعْمَالِهِ، يُسْأَلُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، قَالَ: "تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ".

وَمَنْ زَارَتْهُمْ أَسْقَامُهُمْ، وَحَانَتْهُمْ عِلَلُهُمْ، فَلَهُمْ بِشَارَاتٌ تُخَفِّفُ آلَامَهُمْ، وَتُعِينُهُمْ عَلَى صَبْرِهِمْ وَاحْتِسَابِهِمْ، زَارَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرِيضًا فَقَالَ لَهُ: "أَبْشِرْ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: هِيَ نَارِي" يَعْنِي: الْحُمَّى "أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ" (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ).

دَخَلَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى أُمِّ الْعَلَاءِ فِي مَرَضِهَا قَالَ لَهَا: "أَبْشِرِى يَا أُمَّ الْعَلاَءِ؛ فَإِنَّ مَرَضَ الْمُسْلِمِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ خَطَايَاهُ كَمَا تُذْهِبُ النَّارُ خَبَثَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ).

وَمَنِ ابْتُلِيَ بِمُصِيبَةٍ، مِنْ مَرَضٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ فَقْدِ مَالٍ أَوْ عُضْوٍ، فَقَابَلَ هَذَا الْمُصَابَ بِالِاحْتِسَابِ وَالتَّصَبُّرِ، وَعَدَمِ التَّسَخُّطِ وَالتَّضَجُّرِ فَلَهُ بُشْرَى مِنَ اللهِ سَارَّةٌ، تَقُولُ: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).

عِبَادَ اللهِ: الطَّاعَاتُ فِي أَوْقَاتِ الْمَشَقَّةِ بُرْهَانٌ عَلَى الْإِيمَانِ، وَمُؤَشِّرٌ عَلَى صِدْقِ التَّدَيُّنِ، وَلِذَا فَلِأَهْلِ هَذِهِ الْمَرَاتِبِ بِشَارَاتٌ كَرِيمَةٌ، مِنْ هَؤُلَاءِ: رُوَّادُ الْمَسَاجِدِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، فَفِي الْحَدِيثِ: "بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْأَلْبَانِيُّ).

قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْمَشْيَ إِلَى الصَّلَاةِ فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ مُوجِبَةٌ. يَعْنِي: تُوجِبُ لِصَاحِبِهَا الْجَنَّةَ.

وَمِنْ أَعْظَمِ الْبِشَارَاتِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَهْلُ التَّوْحِيدِ وَالْإيمَانِ الصَّادِقِ، رَوَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ  -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ حَقًّا مِنْ قَلْبِهِ فَيَمُوتُ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ" (صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ).

جَعَلَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ أَهْلِ الْبِشَارَاتِ الْمَوْعُودَةِ وَالْكَرَامَاتِ الْمَأْمُولَةِ.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ..

وَبَشَّرَنَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ لِهَذَا الدِّينِ، فَلَنْ يَقِفَ فِي وَجْهِ الْإِسْلَامِ حَضَارَةٌ شَرْقِيَّةٌ وَلَا غَرْبِيَّةٌ، فَهُوَ عَصِيٌّ عَنِ الْعَدَاءِ؛ إِنْ حُورِبَ اشْتَدَّ، وَإِنْ تُرِكَ امْتَدَّ، (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ).

يُبَشِّرُنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُ: "إِنَّ اللهَ زَوَى" يَعْنِي: جَمَعَ، "لِي الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ). 

وَيُبَشِّرُنَا أَيْضًا الْهَادِي الْبَشِيرُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَيَقُولُ: "بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ" (أَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ). 

نَعَمْ ... قَدْ يَقَعُ الضَّعْفُ وَيَحْصُلُ الْهَوَانُ بِسَبَبِ مَا كَسَبَتْ أَيْدِي الْعِبَادِ، وَبِسَبَبِ تَقْصِيرِهِمْ عَنْ أَخْذِ الْأَسْبَابِ، لَكِنَّهُ ضَعْفٌ يَحُولُ، وَهَوَانٌ يَزُولُ، وَلِذَا شَاءَتْ إِرَادَةُ اللهِ حِفَاظًا عَلَى دِينِهِ أَنْ يُقَيِّضَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِئَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا أَمْرِ دِينِهَا، وَإِذَا رَضِيَ النَّاسُ بِالْهَوَانِ أَلْبَسَهُمُ اللهُ الْهَوَانَ، ثُمَّ كَانَ النَّصْرُ وَالْعِزُّ فِي غَيْرِهِمْ (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ).

وَإِذَا تَجَذَّرَتْ شَجَرَةُ الْمُبَشِّرَاتِ فِي قِيعَانِ الْقُلُوبِ، امْتَلَأَ الْوِجْدَانُ بِنُورِ التَّفَاؤُلِ، لِيُحْرِقَ هَذَا النُّورُ كُلَّ ظَلَامٍ نَسَجَهُ الْيَأْسُ، وَصَاغَهُ التَّشَاؤُمُ.

التَّفَاؤُلُ الصَّادِقُ الصَّحِيحُ يَؤُزُّ الْعَبْدَ إِلَى الْعَمَلِ أَزًّا، وَلَيْسَ هُوَ مُجَرَّدَ خَلَجَاتٍ تُخْلِدُ إِلَى الْأَمَانِيِّ أَوِ الْمَنَامَاتِ.

فَكُنْ يَا أَخَا الْإِسْلَامِ مِنَ الْمُسْتَيْقِنِينَ الْمُسْتَبْشِرِينَ، وَحَدِّدْ مَوْقِعَكَ فِي قَافِلَةِ الْعَامِلِينَ، بِمَا حَبَاكَ اللهُ مِنْ عِلْمٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ قَلَمٍ، أَوْ جَاهٍ، أَوْ وَقْتٍ لِتُسَخِّرَ هَذِهِ الْهِبَةَ فِي إِصْلَاحِ مُجْتَمَعِكَ وَبِلَادِكَ، وَأُمَّتِكَ... 

اللَّهُمَّ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ أَصْلِحْنَا وَأَصْلِحْ بِنَا، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ، لَا ضَالِّينَ وَلَا مُضِلِّينَ..

صَلُّوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى خَيْرِ الْمُرْسَلِينَ وَحَبِيبِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.