اللطيف
كلمة (اللطيف) في اللغة صفة مشبهة مشتقة من اللُّطف، وهو الرفق،...
العربية
المؤلف | محمد بن مبارك الشرافي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | صلاة العيدين - الصيام |
أَبْشُرُوا؛ فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ باللهِ رَبَّاً وَبِالْإِسْلَامِ دِينَاً وَبِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبِيَّاً كَانَ حَقَّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ, أَبْشُرُوا فِإِنَّ مَنْ سَجَدَ للهِ سَجْدَةً رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً, أَبْشِرُوا فَإِنَّ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً غَفَرَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ, أَبْشِرُوا فَإِنَّ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً غَفَرَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ, أَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ تُعَامِلُونَ رَبَّاً كَرِيمَاً غَنِيَّاً رَحِيمَاً رَؤُوفَاً.
الخطبة الأولى:
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمِّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِين. اللهُ أْكَبْرُ (تسع مرات)
أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَاشْكُرُوهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْكُمْ مِنْ إِتْمَامِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ، احْمَدُوا رَبَّكُمْ حَيْثُ جَعَلَ لَكُمْ عِيدَاً عَظِيمَاً، وَمَوْسِمَاً جَلِيلاً كَرِيمَاً، يَتَمَيَّزُ عَنْ أَعْيَادِ الْكُفَّارِ، يَخْتَصُّ بِخَيْرِهِ وَمَصَالِحِهِ وَبَرَكَاتِهِ, عِيدٌ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ، قَائِمٌ بِالْإِخْلاصِ لِلرَّحْمَنِ.
إِنَّهُ عِيدُ الْإِفْطَارِ، عِيدُ الْفَرَحِ وَالاسْتِبْشَارِ، عِيدٌ يَمْلأُ الْقُلُوبَ فَرَحَاً وَسُرُوراً، وَيَتَلَأْلَأُ بهَاءً وَضِيَاءً وَنُورَاً, فَافْرَحُوا -أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ- بِعِيدِكُمْ, وَأَدْخِلُوا السُّرُورَ عَلَى أَهَالِيكُمْ وَأَقَارِبِكُمْ وَكُلِّ مَنِ اسْتَطَعْتُمْ, فـَ"إِنَّ لِكُلِّ أَمَّةٍ عِيدَاً وَهَذَا عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلامِ".
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْفَرَحَ الشَّرْعِيَّ هُوَ الذِي لا يَدْعُو إِلَى أَشَرٍ أَوْ بَطَرٍ، وَلا يَجُرُّ إِلَى خُيَلَاءَ أَوْ كِبْرٍ، فَرَحٌ لا إِسْرَافَ فِيهِ وَلا تَبْذِيرَ قَاَل اللهُ –تَعَالَى-: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) [الإسراء: 29- 27].
إِنَّهُ فرحٌ لا اخْتِلَاطَ فِيهِ، وَلَا غِنَاءَ, وَلا آلةُ زَمْرٍ أَوْ لَهْوٍ أَوْ طَرَبٍ أَوْ خَنَاء, إِنَّهُ فَرَحٌ لا غَفْلَةَ فِيهِ عَنِ الطَّاعَاتِ وَلا إِضَاعَةَ لِلصَّلَوَاتِ، وَلا نَظَرَ فِيهِ إِلَى الْمُحَرَّمَاتِ قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ (قُلْ لّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) [النور: 31].
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: أَبْشُرُوا؛ فَإِنَّ مَنْ رَضِيَ باللهِ رَبَّاً وَبِالْإِسْلَامِ دِينَاً وَبِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَبِيَّاً كَانَ حَقَّاً عَلَى اللهِ أَنْ يُرْضِيَهُ, أَبْشُرُوا فِإِنَّ مَنْ سَجَدَ للهِ سَجْدَةً رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً, أَبْشِرُوا فَإِنَّ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً غَفَرَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ, أَبْشِرُوا فَإِنَّ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانَاً وَاحْتِسَابَاً غَفَرَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ, أَبْشِرُوا فَإِنَّكُمْ تُعَامِلُونَ رَبَّاً كَرِيمَاً غَنِيَّاً رَحِيمَاً رَؤُوفَاً.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ دِينَنَا أَسَاسُهُ التَّوْحِيدُ وَقَاعِدَتُهُ الْعَقِيدَةُ, وَالتَّوْحِيدُ هُوَ إِفْرَادُ اللهِ بِالْعِبَادَةِ, إِنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ أَنْ نَعْتَقِدَ أَنَّ رَبَّنَا -عَزَّ وَجَلَّ- هُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ الْعَظِيمُ الْجَبَّارُ.
إِنَّ التَّوْحِيدَ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ كُلَّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَبِيدٌ للهِ خَلَقَهُمْ مِنَ الْعَدَمِ وَرَبَّاهُمْ بِالنِّعَمِ وَهُمْ تَحْتَ قَهْرِهِ وَسَيْطَرَتِهِ, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (إِنْ كُلِّ مَنْ فَي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنَ عَبْدًا)[مريم: 93].
إِنَّ التَّوْحِيدَ أَنْ تَكُونَ عِبَادَاتُنَا كُلُّهَا للهِ لا نُرِيدُ مِنْ أَحَدٍ جَزَاءً وَلا شُكُورَاً, قَالَ اللهُ تَعَالَى (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالِمِينَ), إِنَّ التَوْحِيدَ أَنْ لا نَرْجُوَ نَفْعَ أَحَدٍ إِلَّا الله وَلا نَخَافَ ضُرَّ أَحَدٍ إِلَّا الله, قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُير) [الأنعام: 17].
إَنَّ التَّوْحِيدَ هُوَ أَسَاسُ دَعْوَةِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ, وَهُوَ مُحَطُّ اهْتِمَامِ الدُّعَاةِ وَالْمُصْلِحِينَ, قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[النحل: 36].
إِنَّ التَّهَاوَنَ فِي أَمْرِ التَّوْحِيدِ خَطِيرٌ جِدَّاً، أَوْقَعَ النَّاسَ فِي الشِّرْكِ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهمْ يَعْبُدُونَ اللهَ، إِنَّهُ يُوجَدُ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ الْيَوْمَ مَنْ يَعْبُدُ الْأَوْلِيَاءَ وَيَسْتَغِيثُ بِهِمْ وَيَنْذُرُ لَهُمْ وَيَسْأَلُهُمُ الْحَاجَاتِ وَيَدْعُوهُمْ لِرَفْعِ الْكُرُبَاتِ مِنْ دُونِ اللهِ، ثُمَّ هُمْ يَقُولُونَ إِنَّنَا بِهَذَا نُرْضِي اللهَ لِأَنَّ هَؤُلاءِ أَوْلِيَاؤُهُ, وَمَا سَبَبُ ذَلِكَ الانْحِرَافِ فِي العَقِيدَةِ إِلَّا سُكُوتُنَا عَنْ تَوْضِيحِ التَّوْحِيدِ وَضَعْفُنَا عَنِ التَّحْذِيرِ مِنَ الشِّرْكِ. فَأَيْنَ الدُّعَاةُ مِنْ قَوْلِ اللهِ -تَعَالَى-: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُون)[الأنبياء: 25]؟!.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجّلَّ- يَقُولُ: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) فِي هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ تَأْدِيبٌ مِنَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لَلْأُمَّةِ أَنَّهُ إِذَا حَدَثَ أَمْرٌ عَامٌ يَتَضَمَّنُ خَوفاً أَوْ أَمْناً فِإِنَّهُ يُرَدُّ إَلَى أَهْلِهِ مِنَ العُلَمَاءِ وَوُلَاةِ الأَمْر, وَأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يُدْلِي بِدَلْوِهِ فِيه, بَلْ يُتْرَكُ الأَمْرُ لِأَهْلِ الاخْتِصَاصِ وَيَشْتَغِلُ المرْءُ بِمَا يُصْلِحُ دِيَنَهُ وَدُنْيَاه.
وَنَحْنُ بِحَمْدِ اللهِ نَعِيشُ فِي ظِلِّ دَوْلَةِ حَكِيمَةٍ كَانَ لَهَا وَلِلهِ الحَمْدُ مَوَاقِفُ قَويَّةٌ فِي خِدْمَةِ الإِسْلَامِ وَقَضَايَا الْمُسْلِمِينَ, وَكَانَ لِلْمَلِكِ سَلْمَانَ حَفِظَهُ اللهُ قَرَارَاتٌ صَائِبَةٌ مُسَدَّدَةٌ وَللهِ الحَمْدُ وَالْمِنَّةُ, كَعَاصِفَةِ الحَزْمِ التِي حَفِظَ اللهُ بِهَا البِلَادُ مِنَ عُدْوَانِ الحُوثِيْيِنَ الحَاقِدِينَ , وَكَذَلِكَ مَا حَصَلَ مِنَ التَّحَاُلفِ الإِسْلَامِي الكَبِيرِ, فَالنَّصِيحَةُ أَنَّ الْمَرْءَ يَشْتَغِلُ بِمَا يَعْنِيه وَيَتْرُكُ مَا لَا يَعْنِيهِ , مِنَ كَلَامٍ قَدْ يَنْدَمْ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدُ, أَوْ يَجْرَحُ إِخْوَانَهُ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا لَا ذَنْبَ وَلَا يَدَ لَهُمْ فِيمَا يَدُورُ حَوْلَه.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الشَّبَابُ: أَنْتُمْ عِمَادُ الْأُمَّةِ وَمُسْتَقَبَلُهَا الزَّاهِرُ وَأَنْتُمْ أَمَلُها بِإِذْنِ اللهِ، فَإِنْ صَلَحتُمْ صَلَحَتْ، وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى؛ فَالْهَلَاكُ وَالشَّرُّ يَنْتَظِرُهَا. إِنَّ الشَّابَّ الْمُسْلِمَ هُوَ الطَّائِعُ لِرَبِّهِ تَعَالَى، الْمُتَشَرِّفُ بِاتِّبَاعِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مُحَافِظٌ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا حَيْثُ يُنَادَى بِهَا، حَرِيصٌ عَلَى الْقُرْآنِ تِلَاوَةً وَحِفْظَاً وَفَهْمَاً.
إِنَّ الشَّابَّ النَّاجِح: هُوَ ذَاكَ الْبَارُّ بِوَالِدَيْهِ الْوَاصِلُ لِأَرْحَامِهِ، الْحَرِيصُ عَلَى إِيصَالِ الْخَيْرِ لِلنَّاسِ بِكُلِّ مَا اسْتَطَاعَ. إِنَّهُ يَغَضُّ بَصَرَهُ عَنِ الْحَرَامِ، وَيَحْفَظُ سَمْعَهُ عَنِ الْحَرَامِ، إِنَّهُ يُرَاقِبُ اللهَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ سَوَاءً أَمَامَ النَّاسِ أَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ، وَلِسَانُ حَالِهِ وَمَقَالِهِ يَقُولُ: (إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)[الأنغام: 15].
إِنَّ الشَّابَّ الْمُسْلِمَ بَعِيدٌ عَنِ الْمَعَاصِي بِأَنْوَاعِهَا مُتَنَزِّهٌ عَنِ الْفَوَاحِشِ بِأَشْكَالِهَا مِنَ الزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَوْ غَيْرِهَا، إِنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ إِيذَاءِ النَّاسِ بِنَفْسِهِ أَوْ سَيَّارَتِهِ أَوْ قَلَمِهِ أَوْ لِسَانِهِ، إِنَّهُ يَحْتَرِمُ أَمْوَالَ النَّاسِ فَلا يَنْتَهكُهَا بِغَصْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ، لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الأحزاب: 58]، وقال الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لعن الله السارق"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
إِنَّ الشَّابَّ الْعَاقِلَ، يُدْرِكُ خَطَرَ الْمُخَدِّرَاتِ مِنَ الْمُنَبِّهَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ، إِنَّهُ يَعْلَمُ ضَرَرَهَا عَلَى دِينِهِ، وَيْعِرُفُ دَمَارَهَا لِدُنْيَاهُ، إِنَّهُ يَرَى وَيَسْمَعُ مَاَذا حَلَّ بِمَنْ سَقَطَ فِيهَا فَضَاعَ حَاضِرُه وَمُسْتَقْبَلُهُ، إِنَّهُ يَعْلَمُ وَيَسْمَعُ كَمْ فِي السُّجُونِ مِنَ ضَحَايَا الْمُخَدِّرَاتِ وَكَمْ فِي الْمُسْتَشْفَيَاتِ مِنْ مَرْضَى الْمُنَبِّهَاتِ وَالْمُسْكِرَاتِ، وَكَمْ تَهَدَّمَتْ بُيُوتٌ وَضَاعَ بِسَبَبِهَا البَنُونَ وَالْبَنَات، إِنَّهُ يَسْمَعُ وَيَعْلَمُ بُكَاءَ الآبَاءِ وَأنَّاتِ الْأُمَّهَاتِ.
إِنَّ الشَّابَّ النَّاجِحَ هُوَ ذَاكَ الْحَرِيصُ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ، الْحَرِيصُ عَلَى الدَّعْوَةِ إِلَى اللهِ وَإِرْشَادِ النَّاسِ إِلَى كُلِّ خَيْرٍ، الْمُتَعَاوِنُ مَعَ إِخْوَانِهِ عَلَى الْخَيْرَاتِ، الْبَعِيدُ عَنِ الشَّرِّ وَالْمُتَنَزِّهِ عَنِ الشُّبَهَاتِ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ حَمْدَاً كَثِيرَاً طَيِّبَاً مُبَارَكَاً فِيهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. اللهُ أَكْبَرُ (سبع مرات).
أَيَّتُهَا الْمُسْلِمَاتُ: إِنَّ عَلَيْكُنَّ أَنْ تَتَّقِيْنَ اللهَ فِي أَنفُسِكُنَّ، وَأَنْ تَحْفَظْنَ حُدُودَهُ، وَتَرْعَيْنَ حُقُوقَ الْأَزْوَاجِ وَالْأَوْلَادِ، (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)[النساء: 34].
أَيَّتُهَا الْمُؤْمِنَةُ: لا يَغُرنَّكِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النِّسَاءِ مِنَ الْخُرُوجِ إِلَى الْأَسْوَاقِ بِالتَّبَرُّجِ وَالطِّيبِ وَكَشْفِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ أَوْ وَضْعِ غِطَاءٍ رَقِيقٍ لا يَسْتُر فَلَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا"، وَذَكَرَ: "وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا".
ولا تُلْبِسْنَ بناتِكُنَّ أَلْبِسَةً مُخَالِفَةً لِلشَّرِيعَةِ إِمَّا قَصِيرَةً أَوْ شَفَّافَةً أَوْ مُشَابِهَةً لِأَلْبِسَةِ الْكَافِرَاتِ، فَأَنْتِ مَسْؤُولَةٌ عَنْ بَنَاتِكِ وَأَبْنَائِكِ، فَأَحْسِنِي تَرْبِيتَهُمْ عَلَى طَاعَةِ اللهِ, وَاحْذَرِي مِنْ تَضْيِيْعِ الأَمَانَةِ.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اعْلَمُوا أَنَّ الْعِيدَ فُرْصَةٌ طَيِّبَةٌ لِصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَنَشْرِ الْمَحَبَّةِ وَالْوِئَامِ، وَالتَخَلُّقِ بِأَخْلَاقِ الْإِسْلَامِ مِنَ الْعَفْوِ وَالْإِكْرَامِ وَإِصْلَاحِ ذَاتَ الْبَيْنِ, وَلا سِيَّمَا بَيْنَ الْجِيرَانِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)[الرعد: 21]، وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"(مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
وَاحْذَرُوا مِنَ الْقَطِيعَةِ وَالهِجْرَانِ فَإِنَّهُمَا إِثْمٌ وَبَلَاءٌ وَشَرٌّ وَوَبَاءٌ, وَظُلْمَةٌ ظَلْمَاء، فَالْقَاطِعُ مُعَرِّضٌ نَفْسَهُ لِلَعْنَةِ اللهِ وَغَضَبِهِ وَسَخَطِهِ، يَقُولُ تَعَالَى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)[محمد: 22- 23].
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنْ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ فَيُقَالُ أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطلِحَا أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا"(رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
فَاعْلَمْ أَنَّكَ لَا يُغْفَرُ لَكَ مَا دُمْتَ مُقَاطِعاً لِأَخِيكَ, فَبَادِرْ بِمُصَالَحَتِهِ, وَكُنْ خَيْرَ الرَّجُلَينِ فَابْدَأْهُ بِالسَّلَامِ وَالزِّيَارَةِ فِي هَذَا العِيدِ, ثُمَّ تَذَكَّرْ قَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يَحِلَّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ, فَمَنْ هَجَرَ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ"(رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ).
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: اعْلَمُوا أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ), وَذَلِكَ أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ يُقَابِلُ عَشْرَةَ أشَهْرٍ، وَصِيَامَ سِتٍّ مِنْ شَوَّالَ يُقَابِلُ شَهْرَيْنِ فَذَاكَ تَمَامُ السَّنَةِ وَقَدِ اعْتَقَدَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ مَنْ صَامَ السِّتَ فِي سَنَةٍ لَزِمَهُ أَنْ يَصُومَهَا كلَّ سَنَةٍ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ، فِصَيَامُ السِّتِّ سُنَّةٌ، فَلا بَأْسَ أَنْ يَصُومَهَا الْإِنْسَانُ سَنَةً وَيَتْرُكَهَا أُخْرَى، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَصُومَهَا كُلَّ سَنَةٍ وَلا يَحْرِمَ نَفْسَهُ مِنْ ثَوَابِهَا.
اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ وَوَحِّدْ صُفُوفَهُمْ، وَاهْدِهِمْ سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَخْرِجْهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ. اللَّهُمَّ أَصْلِحْ أَحْوَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَوَلِّ عَلَيْهِمْ خِيَارَهُمْ وَاكْفِهِمْ شَرَّ شِرَارِهُمْ.
اللَّهُمَّ أَذِلَّ الشَّرْكَ وَالْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُنَافِقِينَ، إِنَّكَ أَنْتَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ نَصْرَ الْإِسْلَامِ وَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ احْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنَا مُطْمَئِنَّاً وَسَائِرَ بِلادِ الْمُسْلِمِينَ.
اللَّهُمَّ وَفِّقْ وُلاةَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمْ بِرِضَاكَ، وَارْزُقُهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ وَابْعِدْ عَنْهُمْ بِطَانَةَ السُّوءِ يَا رَبَّ الْعَالِمِينَ.
اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ اللَّهُمْ أَشْغِلْهُ بِنَفْسِهِ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ تَدْمِيرَاً لَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.
عِبَادَ اللهِ: قُومُوا إِلَى بَعْضِكُمْ وَتَصَافَحُوا وَتَزَاوَرُوا وَاشْكُرُوا اللهَ الذِي وَفَّقَكُمْ لِإِتْمَامِ صِيَامِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ وَاسْأَلُوهُ الْقَبُولَ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.