البحث

عبارات مقترحة:

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

المقدم

كلمة (المقدِّم) في اللغة اسم فاعل من التقديم، وهو جعل الشيء...

التواب

التوبةُ هي الرجوع عن الذَّنب، و(التَّوَّاب) اسمٌ من أسماء الله...

فضل ليلة القدر

العربية

المؤلف د صالح بن مقبل العصيمي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الصيام
عناصر الخطبة
  1. فضل ليلة القدر .
  2. اجتهاد النبي الكريم فيها .
  3. عباداتٌ وأعمالٌ تُحيا بها .
  4. عدم الانشغال عن إحياء الليالي العشر كلها .

اقتباس

لقد عظم الله -جل وعلا- ليلة القدر تعظيما، وكرمها تكريما، وأخفاها علينا بجعلها في العشر الأواخر من رمضان لنزداد من العمل الصالح فيها. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجتهد فيها ما لا يجتهد في سائر الشهر، فكان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان قام ليله، وأيقظ أهله، وشد مئزره؛ إقداما على العبادة، واشتغالا بها.

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ألا أيها المؤمنون اتقوا ربكم، واعلموا أن الله مع المتقين، وأن من اتقى الله وقاه، ومن توكل عليه كفاه.

ثم اعلموا -رحمكم الله- أنكم صرتم في العشر الأواخر من رمضان التي هي أعظم شهر في المقام وأرفعه رتبة، فهي حقيقة بالتعظيم؛ لاشتمالها على ليلة القدر، التي قال -سبحانه وتعالى- فيها: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان:3-4]، وقال -تعالى-: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) [القدر:3].

لقد عظم الله -جل وعلا- ليلة القدر تعظيما، وكرمها تكريما، وأخفاها علينا بجعلها في العشر الأواخر من رمضان لنزداد من العمل الصالح فيها.

وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجتهد فيها ما لا يجتهد في سائر الشهر، فكان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان قام ليله، وأيقظ أهله، وشد مئزره؛ إقداما على العبادة، واشتغالا بها.

وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حظوظ العبادة فيها فقال -صلى الله عليه وسلم-: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".

فالعمل المأمور به في ليلة القدر الاجتهاد في قيام الليل بالصلاة فيه، وما انتظم في ذلك من الأعمال، كقراءة القرآن، والدعاء، فمن أصاب ليلة القدر وكان قيامه إيمانا واحتسابا، أي: تصديقا بها واحتسابا للأجر والثواب عليها عند الله، غفر له ما تقدم من ذنبه. فيا له من عمل عظيم وجزاء كريم تكون الحال فيه ثوابا كما أخبر الله -سبحانه وتعالى- أنه خير من ألف شهر! أي: أعظم من العمل والجزاء والثواب في أكثر من ثمانين سنة!.

فاجتهدوا -أيها المؤمنون- كما أمركم ربكم -سبحانه وتعالى-، واقتدوا بسنة نبيكم -صلى الله عليه وسلم- في الإقبال على الأعمال الصالحة في رمضان؛ فإن من يدرك رمضان اليوم لا يعلم أيدركه في سنة قادمة أم لا؟ فإذا آتاك الله سعة من وقتك وقوة في بدنك فأعمل نفسك جهدا في إصلاح حالك، بالاستكثار من العبادة؛ رجاء أن تصيب ليلة القدر فيغفر الله لك ما تقدم من ذنبك.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم فاستغفروه؛ إنه الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدا حمدا، والشكر له تواليا وتترا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له معبودا حقا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله عدلا وصدقا، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد: أيها المؤمنون، إن ليلة القدر ليلة واحدة من عشر ليال، وإن المرغب فيه شرعا هو الاجتهاد في العشر كلها، فمن الغبن أن يجتهد المرء في ليلة أو ليلتين ثم يترك الاجتهاد في بقية تلك الليالي؛ فإنه لما خفيت علينا ليلة القدر تعظيما لشأنها كان في ذلك تكثير في أجورنا، فإن من قام العشر يكون قد أصاب خيرا كثيرا.

ولا ينبغي أن يشغل العبد عن قيام العشر بما يلتمسه الناس من دعواهم أن الليلة الفلانية هي ليلة القدر ثم يتركون الاشتغال بالطاعة في بقية الليالي، فإن من قام العشر أعظم خزينته من الحسنات، وإن كانت ليلة القدر ليلة واحدة منها فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجتهد في العشر كلها، فلا ينبغي أن يحال بين العبد وبين هذا الخير العظيم بما يشيعه بعض الناس من أن الليلة الفلانية هي ليلة القدر أو غير ذلك.

وإن الشرع الحكيم لما وضع لليلة القدر علامات لم يكن المطلوب من وضعها هو طلب وجودها، وإنما التصديق بذلك، فلا يؤمر العبد بأن يبحث عن ليلة القدر بالتماس علاماتها أهي في هذه السنة تلك الليلة أم تلك الليلة! وإنما المقصود لمن وقع في قلبه شك أو أراد زيادة التصديق أن يعلم أن الشرع وضع لنا في ليلة القدر علامات تعرف بها.

فاشتغلوا -أيها المسلمون- بالعمل الصالح في العشر الأواخر من رمضان تكنزوا لأنفسكم خزائن الحسنات والخيرات، وتكونوا من المفلحين.

اللهم اجعلنا ممن يقوم ليلة القدر إيمانا واحتسابا، اللهم اجعلنا ممن يقوم ليلة القدر إيمانا واحتسابا، اللهم اجعلنا ممن يقوم ليلة القدر إيمانا واحتسابا.