الرزاق
كلمة (الرزاق) في اللغة صيغة مبالغة من الرزق على وزن (فعّال)، تدل...
العربية
المؤلف | صالح بن عبد الله الهذلول |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | الصلاة |
فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أمّن الإمام فأمِّنوا؛ فإنه مَن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري.
الخطبة الأولى:
الحمد لله العزيز المنان، القوي العظيم الشأن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعلم ما يكون وما كان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث إلى الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: معاشر المسلمين، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أمّن الإمام فأمِّنوا؛ فإنه مَن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه" رواه البخاري.
واستدل العلماء بهذا النص الشريف على سنية الجهر بآمين، للإمام والمأمومين؛ لأن المأمومين إذا لم يسمعوا الإمام يجهر بآمين؛ كيف يتابعونه بالتأمين لتحصل لهم مغفرة الذنوب التي وعدوا بها من نبيهم المصطفى -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه". وهذا الحديث دليل على أن الإمام يجهر بها، وكذلك مَن وراءه من المصلين.
وجاء هذا المعنى مصرحاً به في حديث آخر، فقد روى وائل بن حجر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا قرأ: (ولا الضالين) قال: آمين، ورفع بها صوته.
وترجم الإمام البخاري في صحيحه: (بابُ جهر الإمام بآمين)، وكان الصحابة -رضي الله عنهم- يجهرون بها حتى يرتج بها المسجد.
وأجمع أهل العلم قاطبة على قول آمين؛ فأما جمهور العلماء فذهبوا إلى الجهر بها، وبه قال الشافعي والثوري والأوزاعي وابن المبارك وأحمد وإسحاق وأبو عبيدة وأبو ثور، وهو قول مالك أيضاً في رواية المدنيين. وذهب أصحاب أبي حنيفة إلى الإسرار بها، وقالوا: إنه أولى من الجهر؛ لأنه دعاء، وقد قال الله -تعالى-: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) [الأعراف:55]، ولكن؛ أجيب عليهم بأن إخفاء الدعاء إنما يكون أفضل حين احتمال دخول الرياء فيه، وأما ما يتعلق بصلاة الجماعة فورد النص بالجهر، ولا اجتهاد مع النص. ولأن شهود صلاة الجماعة إشهارُ شعارٍ ظاهرٍ، وإظهارُ حقٍ يندب العباد إلى إظهاره، كما نُدب الإمام إلى إشهار قراءة الفاتحة والجهر بها في الصلاة الجهرية، والفاتحةُ مشتملةٌ على الدعاء والتأمين في آخرها، فإذا كان الدعاء مما يسن الجهر فيه، فالتأمين على الدعاء تابعٌ له وجارٍ مجراه.
أيها المسلمون: آمين، معناها: اللهم استجب لنا، وهي من أفضل الأدعية كما مرَّ في الأحاديث السابقة، ولما صح عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أُعطيت آمين في الصلاة، وعند الدعاء، لم يُعطَ أحدٌ قبلي إلا أن يكون موسى، كان موسى يدعو وهارون يؤمّن، فاختموا الدعاء بآمين؛ فإن الله يستجيبه لكم".
ولما صح عنه أيضاً -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه ابن ماجة بإسناد صحيح وابن خزيمة في صحيحه وأحمد وصححه الألباني عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين"، قال أهل العلم: حسد اليهود للمسلمين على ذلك لما علموا من فضل السلام والتأمين وبركتهما، فاللائق بالمسلمين الإكثار من السلام والتأمين غيظاً لليهود. اهـ.
ولأن التأمين مجلبة لمحبة الله -تعالى-، كما صح عنه -صلى الله عليه وسلم- من حديث سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين؛ يحبكم الله".
اللهم أحبنا، واقذف في قلوبنا حبك...