البحث

عبارات مقترحة:

الرب

كلمة (الرب) في اللغة تعود إلى معنى التربية وهي الإنشاء...

الحكم

كلمة (الحَكَم) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فَعَل) كـ (بَطَل) وهي من...

القوي

كلمة (قوي) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) من القرب، وهو خلاف...

إفساد اليهود ومصيرهم المحتوم

العربية

المؤلف جابر السيد الحناوي
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات التربية والسلوك - الأديان والفرق
عناصر الخطبة
  1. إفساد اليهود عبر التاريخ .
  2. إفسادهم في الوقت الحاضر .
  3. السبيل إلى التحرير ومصير اليهود المحتوم .

اقتباس

الجهاد، ذلك المفهوم الغائب عن حياة المسلمين في هذه الأيام. اثاقلوا إلى الأرض، آثروا الحياة الدنيا على الموت في سبيل الله؛ فحاق بهم ما نرى -والعياذ بالله- من الذل والهزيمة والانكسار، وعلى يد من؟؟ على يد خنازير الأرض الذين توعدهم الله بالانتقام منهم على إفسادهم في الأرض، ولكن على أيدي عباد له -عز وجل- أولي بأس شديد

 

 

 

يقول الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَفْعُولاً * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً * عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً)

يخبر تعالى أنه قضى إلى بني إسرائيل وأخبرهم في الكتاب الذي أنزله عليهم، أنهم سيفسدون في الأرض مرتين، ويَعْلوُنَ علوا كبيرا، أي يتجبرون ويطغون ويفجرون على الناس، فإذا جاء وعد أولى الإفسادتين، بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد، أي سلطنا عليكم جنداً من خلقنا أولي قوة وعدة وعدد وسلطنة، فجاسوا خلال الديار، أي تملكوا بلادكم، وسلكوا خلال بيوتكم، أي بينها ووسطها، وانصرفوا ذاهبين وجائين لا يخافون أحداً، وكان وعداً مفعولاً.

وقد اختلف المفسرون من السلف والخلف في هؤلاء المسلطين عليهم من هم؟ فعن ابن عباس وقتادة: "أنه جالوت الجزري وجنودُه، سُلط عليهم أولاً، ثم أُديلوا عليه بعد ذلك، وقتل داود جالوت"؛ ولهذا قال: (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) [الإسراء:6] الآية.

وعن سعيد بن جبير: "أنه ملك الموصل سنحاريب وجنوده"، وعنه -أيضاً- وعن غيره أنه: "بختنصر ملك بابل"، وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية لم أر ذكرها؛ لأن منها ما هو موضوع من وضع بعض زنادقتهم، ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحاً، ونحن في غنية عنها ولله الحمد، ففيما قص الله علينا في كتابه غنية عما سواه من بقية الكتب قبله، فلم يحوجنا الله ولا رسوله إليهم.

وقد أخبر الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا، سلط الله عليهم عدوهم، فاستباح بيضتهم، وسلك خلال بيوتهم، وأذلهم وقهرهم، جزاء وفاقا، وما ربك بظلام للعبيد؛ فإنهم كانوا قد تمردوا، وقتلوا خلقا من الأنبياء والعلماء، ثم قال تعالى: (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا)  [الإسراء: 7] -أي فعليها-، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت:46]


وقوله تعالى: (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) [الاسراء: 7] أي إذا أفسدتم الثانية، وجاء أعداؤكم (لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ) أي يهينوكم ويقهروكم، (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) أي بيت المقدس، (كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ)، أي في المرة التي جاسوا فيها خلال الديار، (وَلِيُتَبِّرُوا) أي يدمروا ويخربوا (مَا عَلَوْا) أي ما ظهروا عليه (تَتْبِيراً) ثم (عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) أي فيصرفهم عنكم  (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا) أي متى عدتم إلى إلافساد عدنا، إلى الإدالة عليكم في الدنيا، مع ما ندخره لكم في الآخرة من العذاب والنكال؛ ولهذا قال: (وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيراً) أي مستقراً، ومحصراً، وسجناً لا محيد لهم عنه، وقال قتادة: "قد عاد بنو إسرائيل، فسلط الله عليهم هذا الحي: محمداً صلى الله عليه وسلم وأصحابَه، يأخذون منهم الجزية عن يد وهم صاغرون".

وقد ذكر الشيخ الشنقيطى -رحمه الله- في تفسيره أضواء البيان عند قوله تعالى: (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا) [الإسراء:8] قال: "لما بين -جل وعلا- أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما: بعث عليهم عباداً له أولي بأس شديد، فاحتلوا بلادهم وعذبوهم، وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة: بعث عليهم قوماً ليسوءوا وجوههم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيرا".

وبين -أيضاً-: "أنهم إن عادوا للإفساد المرة الثالثة؛ فإنه -جل وعلا- يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم، وذلك في قوله تعالى: (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا) ولم يبين هنا: هل عادوا للإفساد المرة الثالثة أو لا"؟

ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وكتم صفاته ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة.

فعاد الله -جل وعلا- للانتقام منهم تصديقاً لقوله تعالى: (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا) فسلط عليهم نبيه -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، فجرى على بني قريظة، والنضير، وبني قينقاع وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء، وضرب الجزية على من بقي منهم، وضرب الذلة والمسكنة.

ثم أجلاهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كما جاء في كتب السيرة، المهم أن في الآيات بشارة إلى كل عبد مسلم، بشارة إلى كل ذي لب، حتى لا يفتن بما يفعل اليهود في هذه الأيام، فإن الله قد توعدهم بالذلة والمسكنة كلما أفسدوا في الأرض، كما يقال في المثل: "ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع"، فنسأل الله -سبحانه وتعالى- أن نكون ممن يكون تكسير جناح الطائر الصهيوني على أيديهم.

وإذا تصفحنا صفحات التاريخ؛ نجد أن اليهود ما برحوا يفسدون في الأرض، ويكيدون لهذا الدين منذ الأيام الأولى لبزوغ فجر الإسلام، وقد سجل القرآن الكريم بعضاً من مظاهر إفسادهم أيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن ذلك: قوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ)، [البقرة 89] أي أنهم أنكروا صفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الموجودة عندهم في التوراة.

وقوله تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [البقرة:100] وقوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً) [النساء:51]

وقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْر)ِ [الحشر:2]
وأيضاً قوله تعالى: (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَأُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً) [الأحزاب 26: 27]

إلى غير ذلك من الآيات البينات التي تدل على الإنتفام الإلهي بعد الإفساد الحادث منهم، ذلك الإفساد الذى كان سبباً في تسليط الرسول -صلى الله عليه وسلم عليهم-، فأجلى بني قينقاع وبني النضير، وقتل مقاتلة بني قريظة، وسبي نساءهم، وفتح خيبر، وضرب عليهم الجزية.

ونظراً لأهمية خيبر في التاريخ الإسلامى، فهيا بنا نلقي عليها نظرة سريعة: تقع خيبر شمال المدينة المنورة على بعد ثمانية مراحل -أي حوالي 83 كم- كانت مقاطعة يهودية، خصبة التربة، كثيرة النخل والزرع، وكانت أموال خيبر تمول المحاولات اليهودية لإجهاض هذا الدين في مهده، ولعبت دوراً خطيراً في الصراع اليهودي الإسلامي؛ فقد كانت ملجأً آمناً ليهود بني النضير وبني قينقاع بعد أن أجلاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لنقضهم عهدهم معه، كما كانت خيبر غرفة عمليات تجميع قيادات الكفر إبان غزوة الأحزاب.. لكل هذه الأسباب صدرت أوامر القيادة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام بضرب هذا التجمع المتآمر على الإسلام والمسلمين، بعد رحيل الأحزاب، حتى لا يستمر خطره على الكيان المسلم، فسار إليهم في المحرم من السنة السابعة من الهجرة، تحقيقاً لقوله -سبحانه وتعالى-: (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تأخذونها) -أي من الفتوحات الإِسلامية التي وصلت الأندلس غربا (فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ) أي غنيمة خيبر.

ولما أراد الرسول -صلى الله عليه وسلم- الخروج؛ أعلن ألا يخرج معه إلا راغب في الجهاد، فلم يخرج معه إلا أصحاب الشجرة، وهم ألف وأربعمائة، في أرجح الأقوال.

الجهاد، ذلك المفهوم الغائب عن حياة المسلمين في هذه الأيام. اثاقلوا إلى الأرض، آثروا الحياة الدنيا على الموت في سبيل الله؛ فحاق بهم ما نرى -والعياذ بالله- من الذل والهزيمة والانكسار، وعلى يد من؟؟ على يد خنازير الأرض الذين توعدهم الله بالانتقام منهم على إفسادهم في الأرض، ولكن على أيدي عباد له -عز وجل- أولي بأس شديد.

 

 

الخطبة الثانية:

 
لا يختلف اثنان في أن اليهود الصهاينة قد أفسدوا في زماننا هذا أيما إفساد، فلا يكاد يمر يوم، بل لا تنقضي ساعة واحدة، إلا ولهم فيها بصمات إفساد، فدورهم البارز في إسقاط الخلافة الإسلامية العثمانية عن طريق جمعية الاتحاد والترقي، ذلك الدور الذي لا يخفى إلا على البلهاء والمغرضين، حتى أوصلوا تركيا إلى ما هي عليه الآن من العلمانية والبعد عن الإسلام، حتى إنه يقال إن الجيش التركي، الحاكم الحقيقي لتركيا، يسيطر عليه جنرالات يهود في أسماء إسلامية، تأسياً بزعيمهم اليهودي أتاتورك.

كما أن لهم دوراً بارزاً في نشر الأفكار الهدامة، والنظريات المنحرفة في العصر الحديث، كنظرية دارون وماركس.

وهم أيضاً وراء الماسونية العالمية، ونوادي الروتاري واللايونز وغيرها من النوادي المشبوهة، التي تهدم القيم الإنسانية باسم الخدمات الاجتماعية.

وهم الذين يصدرون الفساد إلى العالم أجمع عن طريق امتلاكهم لمدينة هوليوود، والسيطرة على وسائل الإعلام الفاجر في العالم.

وإذ تتبعنا كل رذيلة في العالم، فسنجد بصمات أصابعهم الخفية مفضوحة لأصحاب العقول غير المنحازة.

أما في المنطقة العربية فإن إفساداتهم قد فاقت كل خيال، ابتداء من احتلالهم لفلسطين السليبة، وتدنيسهم للحرم القدسي الشريف، واستمرار القتل والتشريد والتجويع للفلسطينيين تحت سمع وبصر العالم، وتأييد الإنجليز والأمريكان الذين نتخذهم أولياء وأصدقاء.

أما قاصمة الظهر وكاسرة العظم، والتي نرجو أن تكون كذلك، فهي الهجوم الأخير على أسطول المساعدات إلى غزة، إن إسرائيل وجهت رسالة جديدة إلى العالم بقتل ناشطي السلام الدوليين، رسالة تؤكد الصلف الصهيوني، وأنه لا يهم ما ستدفع به إسرائيل من مبررات، فهي كعادتها منذ 62 عاماً باستخدام الكلمات للتعتيم على أفعالها، ولكن بمقتل هؤلاء النشطاء يتضح أن كل من يغض البصر عن جرائم إسرائيل فهو يقوم بذلك متعمدا.

إن العالم كله في حالة غضب شديد، ولكن الزعماء هم الذين يلتزمون الصمت، إنهم قادة جبناء أجبن من أن يساعدوا على إنقاذ الأرواح.

هل بعد حرب غزة وحرب لبنان، وحتى الهجوم الأخير على أسطول المساعدات إلى غزة من الممكن أن يقبل العالم مزيداً من الصلف الإسرائيلي؟

يكفي أن ترى البيان الصادر عن البيت الأبيض لتعرف الإجابة، فإدارة أوباما قالت: "أنها ستعمل على فهم ملابسات المأساة التي وقعت"، عشرة جثث جديدة أضيفت إلى حصيلة القتلى في الشرق الأوسط، ولم تصدر كلمة إدانة واحدة بحق إسرائيل.

تلك كلها إفسادات يهودية، في شتى الميادين، على المستوى العالمي والمحلي، جعلت قصار النظر ومن لا فهم له بحقيقة الدين الإسلامي، يفتنون بهم وبأتباعهم، ويخطبون ودهم ويخافونهم.

فما هو السبيل؟ وأين موعود الله؟ وأين الأمل في (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا)، لقد وعد الله هذه الأمة بالتمكين والاستخلاف في الأرض، ووعده حق لا يتخلف أبداً (ومن أصدق من الله قيلا) ؟؟ فأين السبيل وأين التمكين؟؟

إن العيب فينا نحن، فنساؤنا تلبس الآن نفس الأزياء، وأفلامنا كأفلامهم، وشبابنا ورجالنا يلبسون نفس ملابسهم، ويحلقون رءوسهم ولحاهم على نفس طريقتهم، ونقيم الموالد ونرعاها كموالدهم، ولعلي لا أكون متجاوزاً إذا قلت أننا قد فقناهم في مقارفة الرذيلة، فكيف يأتي التمكين والاستخلاف؟!

لقد بين لنا -عز وجل- في شريعته الغراء شروط هذا التمكين، فقال وقوله الحق: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ) [النور:55]

فعلينا إذن لكي يتحقق لنا موعود الله، أن نحقق في أنفسنا شروط هذا الموعود، (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً) [التوبة:46]علينا أن نؤسلم حياتنا كلها، وأن نسير على هدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في كل صغيرة وكبيرة، فهو الهادي إلى الرشاد بإذن الله (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) [الأحزاب:21]

فنجعله قدوتنا وأسوتنا، كما فعل عمر بن الخطاب الذي أجلى اليهود عن جزيرة العرب، وكما فعل صلاح الدين الأيوبي الذي وحد المسلمين، ودعا إلى التوبة العامة، وأبطل الضرائب وأغلق الحانات، فكان النصر للمسلمين والعزة والتمكين.

وعلى المستوى الفردي فيجب على كل منا أن يعد نفسه للجهاد في سبيل الله، يجب أن نغير من أسلوب حياتنا، يجب أن نتعلم فقه الجهاد، كما نتعلم فقه الطهارة والصلاة وغيرها من العبادات، لأن الجهاد في سبيل الله هو أسمى عبادة في هذا الدين، اسـتمعوا إلى قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلَامُ وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ".

لا تقل لي من ستجاهد؟ ولا كيف سنجاهد؟ ولا من سيسمح لنا بالجهاد؟؟ حدث نفسك فقط بالجهاد، حدث نفسك بالغزو في سبيل الله، حدث نفسك بأن تنال الشهادة في سبيل أن تكون كلمة الله هي العليا.

أحلم بأن تختم حياتك بالشهادة في سبيل الله، كما تحلم بأن تكون لك شقة وسيارة وزوجة جميلة، احلم ولا تخف، فلن يعاقبك أحد على الحلم، ولن تخسر شيئاً بالحلم، فقط حدث نفسك صادقاً بالغزو في سبيل الله؛ اطلب الشهادة بصدق، فمن طلبها صادقاً أتاه الله إياها ولو على فراشه، واحذر أن تغفل عن هذا الحلم فإن: "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ".

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.