البحث

عبارات مقترحة:

السميع

كلمة السميع في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...

الملك

كلمة (المَلِك) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فَعِل) وهي مشتقة من...

المتعالي

كلمة المتعالي في اللغة اسم فاعل من الفعل (تعالى)، واسم الله...

أم الخبائث

العربية

المؤلف راشد البداح
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات الدعوة والاحتساب - نوازل الأحوال الشخصية وقضايا المرأة
عناصر الخطبة
  1. خطر أم الخبائث .
  2. انتشار أم الخبائث والمسكرات في المجتمع .
  3. خمس رسائل لقمع دابر شر المسكرات والخمور .

اقتباس

الحديث عن الأم يطيب؛ لطيب قلبها، لكن سيكون الحديث عن أم ليست بطيبة؛ بل إنها خبيثة، بل هي للخبائث أم، ولتعرفوا من هي فاستمعوا لهذه القصة البليغة: عَنْ عُثْمَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: "إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلاَ قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ، فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ...

الخطبة الأولى:

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

الحديث عن الأم يطيب؛ لطيب قلبها، لكن سيكون الحديث عن أم ليست بطيبة؛ بل إنها خبيثة، بل هي للخبائث أم، ولتعرفوا من هي فاستمعوا لهذه القصة البليغة: عَنْ عُثْمَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: "إِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ خَلاَ قَبْلَكُمْ تَعَبَّدَ، فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ غَوِيَّةٌ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ جَارِيَتَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: إِنَّا نَدْعُوكَ لِلشَّهَادَةِ. فَانْطَلَقَ مَعَ جَارِيَتِهَا، فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ، حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ، عِنْدَهَا غُلاَمٌ وَخَمْر، فَقَالَتْ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ، وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ، أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا، أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلاَمَ. فَإِنْ أَبَيْتَ صِحْتُ بِكَ وَفَضَحْتُكَ، فَلَمَّا رَأَى أنه لابد مِنْ ذَلِكَ قَالَ: فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا. فَسَقَتْهُ كَأْسًا، قَالَ: زِيدُونِي! فَلَمْ يَرِمْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا، وَقَتَلَ النَّفْسَ؛ فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ؛ فَإِنَّهَا أُمُّ الْخَبَائِثِ، وإِنَّهَا -وَاللَّهِ- لاَ يَجْتَمِعُ الإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلاَّ لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ" (رواه النسائي وابن حبان واللفظ له).

أعرفتم من الأم التي هي أم الخبائث؟ إنها خمر الدنيا التي من آفاتها أنها: تغتال العقلَ، ويَكثر اللغو على شربها، بل لا يطيب لشُرَّابها ذلك إلا باللغو، وتنزف في نفسها، وتنزف المال.. ومدمنها كعابد وثن، وتسهل قتل النفس، وتهتك الأستار، وتظهر الأسرار.. وتخرج من القلب تعظيم المحارم، وهي سلابة النعم، وجلابة النقم. ولو لم يكن من رذائلها إلَّا أنها لا تجتمع هي وخمر الجنة في جوف عبد لكفى؛ كما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ"(رواه البخاري ومسلم).

ولقائل أن يستغرب قائلاً: ولماذا الحديث عن الخمر؟!! فيقال: الخبر عند رجال الشرطة والهيئة والمكافحة وأمن الطرق -أعانهم الله-؛ فالحالات التي يقبضون عليها كثيرة كثرة ليست معهودة، وهذا يتطلب تكاتف الجهود للأخذ على أيدي السعاة والجناة؛ بالنصيحة والتخويف والإبلاغ؛ لينالوا العقوبة الشرعية الرادعة، وهي الجلد ثمانين جلدة.

وأما المخدرات فقد أفتت هيئة كبار العلماء بأن: المهرَّب للمخدرات عقوبته القتل، ويلحق به الذي يستوردها. أما مروجها تصنيعاً أو استيراداً ففي المرة الأولى يعزَّر تعزيراً بليغاً حسبما يقتضيه النظر القضائي، وإن تكرر منه فيعزر بما يقطع شره ولو بالقتل؛ لأنه بفعله هذا يعتبر من المفسدين في الأرض.

ولأجل المساهمة في قمع دابر شر المسكرات بأنواعها فإليكم خمس رسائل لمن يعنيهم الأمر. وأول هذه الرسائل: إلى المرابطين المخلصين والمبلغين لمحاربة هذه السموم، والذين يتلقون العناء والعنت؛ فإنهم يستحقون منا دعاءً وثناءً، وليُبشروا بهذه البشارة من سماحة الشيخ ابن باز -رحمه الله-، حيث يقول: "مكافحة المسكرات والمخدرات من أعظم الجهاد في سبيل الله، ومن أعان على فضح هذه الأوكار، وبيانها للمسؤولين فهو مأجور، ويعتبر مجاهداً في سبيل الحق".

الرسالة الثانية إلى الآباء والأولياء الذين استرعاهم الله شباباً تتخطفهم فتن وشهوات: ألا فليعلموا أن العوامل المؤدية إلى تعاطي الشباب للخمور أو المخدرات كثيرة:

أولا: الظن بأنها تنسي متعاطيها الهموم والمشكلات، وهذا أول الأوهام الكاذبة.

ثانيا: نقص التربية الشرعية من قبل الوالدين؛ بالقسوة أو التدليل الزائد، وانشغال الوالدين وغيابهما عن معرفة أحوال أبنائهما، وقلة الجلوس إليهم وتلمّس معاناتهم؛ فيبقون نهباً للفراغ القاتل، إلى الرفقة الفاسقة، إلى الحبوب المنبهة، إلى عالمٍ اسمه الإدمان.

وسبب ثالث هو: السفر إلى الخارج؛ فكم جرّأ وسهّل، حيث لا رقيب ولا حسيب.

وسبب رابع خفي وخطير، ألا وهو: استخدام بعض الأدوية، أو العطور، أو علب تعبئة الولاعات، وخاصة صغارَ السن الذين لا يملكون المال، ولا يعرفون عواقب الأمور، فبدؤوا في تلك الجريمة، عن طريق ما يسمى بالتشفيط أو الشمّ.

الرسالة الثالثة إلى الشباب عموماً: فاعلموا أن بعض هؤلاء الخبثاء من شياطين الإنس يتفننون في أن يجعلوا من يمتنع من التعاطي يشربها أو يأكلها؛ وذلك بأن يضعوها له في العصير أو الشاي مثلاً؛ حتى يدمن رغماً عن أنفه.

الخطبة الثانية:

الرسالة الرابعة إلى الدعاة والمصلحين والمربين، فيقال لهم: لئن كان المفسدون من عُباد الشهوات قد يفلحون في جر الشباب والفتيات فإن أهل الحق أولى وأحرى بالعمل لنشر الفضيلة، وحرب الرذيلة؛ من خلال احتواءِ ومناصحة المدمنين والمروجين والمهربين، وإظهار الشفقة عليهم (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه:44]؛ فهذا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما بلغه أَنَّ رَجُلًا من المقرَّبين إليه، أغواه الشيطان فشرب خمراً. فَدَعَا كَاتِبَهُ فَقَالَ: "اكْتُبْ: مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى فُلَانٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ (غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) [غافر:3]".

ثُمَّ دَعَا وَأَمَّنَ مَنْ عِنْدَهُ، وَدَعَوْا لَهُ أَنْ يُقْبِلَ اللهُ بِقَلْبِهِ، وَأَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَتَتِ الصَّحِيفَةُ الرَّجُلَ جَعَلَ يَقْرَأُهَا وَيَقُولُ: (غَافِرِ الذَّنْبِ)، قَدْ وَعَدَنِي اللهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي، وَ (قَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ) قَدْ حَذَّرَنِي اللهُ عِقَابَهُ.. فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ تاب فأحسن التوبة، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ أَمْرُهُ قَالَ: "هَكَذَا فَاصْنَعُوا، إِذَا رَأَيْتُمْ أَخًا لَكُمْ زَلَّ زَلَّةً فَسَدَّدُوهُ، وَوَفِّقُوهُ، وَادْعُوا اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ، وَلَا تَكُونُوا عَوْنًا لِلشَيْطَانِ عَلَيْهِ".

وأما خامس الرسائل: فهي لمن وقع في شراك المسكرات؛ تعاطيا أو بيعًا، فإليكموها دامعة دامية كتبها مدمن تاب أسأل الله أن يثبته، وهي رسالة أليمة يقدمها لأمه وهو يذوق الحسرات بعد وفاتها، وهي حقيقية لا خيالية: أمي الغالية: أسفي لك وأنت تحت الثرى، بأن لا تسمعي كلماتي، ولقد حرمني الإدمان منك لمدة عشرين سنة؛ فماذا عساي أن أقول لك؟! وأنا الذي أرغمتك على الخروج من المنزل في ليلة شديدة البرد إلى الشارع، بعد أن قمت بركلك، وأنا تحت تأثير المخدر. فسامحيني يا أمي. ولكن لتعلمي بأن حياتي قد تغيرت.. ودخولي المسجد هو الخطوة الأولى للعودة. رحمك الله يا أمي، وأسكنك فسيح جناته ا.هـ.

اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَرَى مَكَاننا، وَتَسْمَعُ كَلَامنا، وَتَعْلَمُ سِرّنا وَعَلَانِيَتنا، لَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِنا، نحن البؤساء الفقراء، الْمُسْتَغِيثُون الْمُسْتَجِيرُون، الْوَجِلُون الْمُشْفِقُون، الْمُقِرُّون الْمُعْتَرِفُون بِذَنَبِهِ، نسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ، وَنبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهَالَ الْمُذْنِبِ الذَّلِيلِ، وَندْعُوكَ دُعَاءَ الْخَائِفِ الضَّرِيرِ، مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ، وَذَلَّ جَسَدُهُ، وَرَغِمَ أَنْفُهُ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنا بِدُعَائِكَ أشَقِياء، وَكُنْ بِنا رَءُوفًا رَحِيمًا، يَا خَيْرَ الْمَسْئُولِينَ، وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ.

ربنا ببابك أنَخْنا، ولمعروفك تعرضنا، وبكرمك تعلقنا، وبتقصيرنا اعترفنا، وأنت أكرم مسؤول، وأعظم مأمول.

اللهم تَتَابَع بِرُّك، واتصَل خيرك، وتَناهَى إحسانك؛ فاختم ذلك بالرضا والمغفرة؛ إنك أهل التقوى والمغفرة.

اللهم ارحم عباداً غرهم طول إمهالك، وأطمعهم دوام إفضالك، ومدوا أيديهم لكريم نوالك، ولا غنى لهم عن سؤالك.