الرقيب
كلمة (الرقيب) في اللغة صفة مشبهة على وزن (فعيل) بمعنى (فاعل) أي:...
العربية
المؤلف | عبد العزيز بن داود الفايز |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - الحياة الآخرة |
في هذه الدنيا يملك العبد ما شاء أو ما قدر الله -جل وعلا-، ما شاء له من الدنيا، يسكن القصر، وينال الأموال الكثيرة، ولكن ربما يبني قصره لا يسكنه، فكم من شخص شيد قصره وعندما انتهى البنيان فجاءه الأجل، فأصبح تحت الثرى، وورث الأبناء ما ترك؟ أما الجنة إذا دخلها المؤمن له فيها ما يشاء...
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على طريقته ونهجه، وعنا معهم بمنك وعفوك وكرمك.
أما بعد:
معاشر المسلمين: أعد الله -جل وعلا- لعباده المؤمنين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فيها ما تشتهيه النفس، وتلذ العين، وأنتم فيها خالدون.
فالخلود والنعيم -يا عباد الله- عندما يدخل المؤمن الجنة -نسأل الله الكريم من فضله-.
في هذه الدنيا يملك العبد ما شاء أو ما قدر الله -جل وعلا- ما شاء له من الدنيا يسكن القصر، وينال الأموال الكثيرة، ولكن ربما يبني قصره لا يسكنه، فكم من شخص شيد قصره وعندما انتهى البنيان فجاءه الأجل فأصبح تحت الثرى، وورث الأبناء ما ترك؟
أما الجنة -فيا عباد الله- إذا دخلها المؤمن له فيها ما يشاء ينعم، قيل للإمام أحمد: "متى الراحة؟" متى يشعر المؤمن بالراحة؟ وإن شعر بالسكينة والطمأنينة في هذه الدنيا لكن الراحة التامة لا تحصل إلا بدخول الجنة، قال رحمه الله: "عندما يضع المؤمن قدمه بالجنة".
وقد جعل الله أسبابا لدخول الجنة؛ أذكر منها: تقوى الله -جل وعلا-، قال: (أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ) [يونس: 62 - 63]، وقال: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر: 54 - 55]، وقال: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الزمر: 73 - 75].
ومن أسباب دخول الجنة -يا عباد الله-: الاستقامة على طاعة الله، قال الله -جل وعلا-: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) [فصلت: 30 - 31].
ومن أسباب دخول الجنة -يا عباد الله-: طاعة الله ورسوله، قال الله -جل وعلا-: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا) [النساء: 69].
ومن أسباب دخول الجنة -يا عباد الله-: خشية الله ومراقبته سبحانه، قال الله -جل وعلا-: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) [الرحمن: 46]، وقال: (يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) [الملك: 12] الذين يراقبون الله في السر والعلن الذين يراقبون الله في الخلوات، ولذلك ورد في الحديث من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه...، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفقه يمينه".
ومن أسباب دخول الجنة -يا عباد الله-: كفالة الأيتام، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وأشار بالسبابة والوسطى.
ومن أسباب دخول الجنة -يا عباد الله-: بناء المساجد، قال رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري من حديث عثمان -رضي الله عنه-: "من بنى لله مسجدا يبتغي بذلك وجه الله بنى له مثله في الجنة"، ويحسن ذلك -يا عباد الله- الدلالة على المساجد، والسعي في بنائها، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الدال على الخير كفاعله".
ومن أسباب دخول الجنة -يا عباد الله-: طلب العلم الشرعي، فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة".
ومن أسباب دخول الجنة -يا عباد الله-: المحافظة على السنن الراتبة، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى في اليوم والليلة اثنتا عشر ركعة بنى الله له بيتا في الجنة".
ومن أسباب دخول الجنة: الذهاب إلى المساجد والمحافظة على الصلاة، قال رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى البردين دخل الجنة"، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح البخاري ومسلم: "ومن غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له نزلا كلما غدا أو راح".
ومن أسباب دخول الجنة -يا عباد الله-: المحافظة على أذكار الصلاة، ومنها: قراءة آية الكرسي، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا أن يموت".
اللهم اكتبنا من أهل الجنة برحمتك وجودك وفضلك يا أرحم الراحمين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول هذا القول، وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم وسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدا يليق بجلال الله وعظمته، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
أما بعد:
واعلموا أن من أسباب دخول الجنة: إفشاء السلام، وإطعام الطعام، وصلاة الليل، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام؛ تدخلوا الجنة بسلام"، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".
اللهم يا حي يا قيوم يا من أمرتنا بالدعاء ووعدتنا بالإجابة، نسألك يا الله ونحن في بيت من بيوتك نسألك ونحن في ساعة إجابة، نسألك يا الله برحمتك التي وسعت كل شيء: أن تنزل علينا رحمة تدخلنا بها أعلى الجنان مع سيد الأنام، اللهم اجعلنا من أهل الجنة، اللهم أدخلنا الجنة بلا حساب، اللهم هون علينا الحساب، اللهم اجعلنا ممن يبشر بروح وريحان، ورب راض غير غضبان.
اللهم اجعلنا ممن يقال لهم عند الموت: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي) [الفجر: 27 - 30].
اللهم اجعلنا من السعداء في الدارين، اللهم إنا نسألك الجنة ونعيمها، اللهم إنا نسألك مرافقة رسولك في الجنة، اللهم تجاوز عن أخطائنا وسيئاتنا، اللهم أحسن لنا الختام.
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك حسن عبادتك يا رب العالمين.
اللهم استعملنا فيما يرضيك، اللهم جنبنا مساخطك ومناهيك، اللهم اعصمنا من فتن الشهوات والشبهات، وأخرجنا من هذه الدنيا سالمين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم صل وسلم وبارك وأنعم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.