البحث

عبارات مقترحة:

العليم

كلمة (عليم) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (عَلِمَ يَعلَمُ) والعلم...

المنان

المنّان في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) من المَنّ وهو على...

الوهاب

كلمة (الوهاب) في اللغة صيغة مبالغة على وزن (فعّال) مشتق من الفعل...

ثمرات العبادات في الإسلام

العربية

المؤلف صالح بن عبد العزيز آل الشيخ
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. ثمرات العبادات ومكاسبها في شريعة الإسلام .
  2. وجوب الأمر بالمعروف وفضله. .

اقتباس

إن مِن ثَمَرَات عبادات الإسلام الكثيرة؛ أنها تُثْمِر في القلب ذِكْرَ الله-جل وعلا-؛ فلا يَغِيبَنَّ عن المؤمن ذكر الله في أي حال وفي أي وقت؛ فينبغي على المؤمن أن يذكر الله-جل وعلا- في نفسه دائمًا، سواءٌ أكان في البيت أم في المسجد أو في الطريق؛ فالله-جل وعلا- ينبغي أن يكون في...

الخطبة الأولى:

الحمد لله الذي مَنَّ على عباده بالقرآن، ومَنَّ عليهم بالتوحيد، وأَسْبَغَ على عباده نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنةً، نُثْنِي على الله-جل وعلا- الخيرَ كلَّه؛ فما بنا من نِعْمةٍ إلا مِنَ الله، وما دُفِعَ عنا من نِقْمَة إلا من الله، فهو النافع، وهو دافع النِّقَم، وهو مُفِيض الخيرات، (مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[فاطر: 2].

أُثْنِي على الله-جل وعلا- بما له من الأسماء الحسنى والصفات العُلا، وأفعال الحكمة والعدل والفضل والإحسان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله، بلَّغَ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونَصَحَ الأُمَّة، وجاهَدَ في الله حَقَّ جِهَادِهِ، أما بعد:

أيها المؤمنون: إنَّ اللهَ-جل وعلا- جَعَلَ العبادات المتنوعة في الإسلام مَشْرُوعةً في الدِّين، وجَعَلَها تُثْمِرُ ثَمَرَاتٍ عظيمةً في قلوب أهل الإيمان، وقلوبِ الذين أقاموا تلك العباداتِ على الوَجْهِ الذي يُحِبُّه الله-جل وعلا- ويرضى؛ فلا شك أن سائر العبادات التي منها: الصلاة والزكاة والصيام، تثمر في قلوب المؤمنين ثَمَرَاتٍ عظيمةً؛ فهي تُثْمِر:

الإيمانَ بالله-جل وعلا- حق الإيمان.

وتثمر تذَكُّر حق الله-جل وعلا-.

وتثمر إتيان كل معروف يُحِبُّه الله-جل وعلا-.

وتثمر البُعد عن كل مُنْكَر يَبْغَضُه الله-جل وعلا- ورسولُه؛ فالصلاة تَنْهَى عن الفحشاء والمنكر وذِكْرُ اللهِ أكبرُ: قال الله-جل وعلا- في شأن الصلاة: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[ العنكبوت: 45 ]؛ فبَيَّنَ-جل وعلا- أن الصلاة تَنْهَى عن الفحشاء والمنكر إذا أقامها العبدُ بأركانها وواجِباتِها وشروطِها، وأتى ما استطاع من سُنَنِها؛ فإن صلاتَه في هذه الحالِ سَتَنْهَاهُ عن الفحشاءِ والمنكر، ثم قال-جل وعلا-: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ)؛ قال العلماء: "إن ما في الصلاة من ذِكْر الله، وخشية الله، وعَمْر القلبِ وإعمار الفؤاد، لَهُوَ أكبر مما تُحْدِثُه الصلاةُ مِن النَّهْيِ عن الفحشاء والمنكر؛ فإذا كانت الصلاةُ تَنْهَى عن الفحشاء والمنكر إذا أقيمت إذا أُقِيمَتْ على النحو المطلوب، فإن ما فيها من ذِكْرِ الله -جل وعلا- أَكْبَرُ وأَعْظمُ؛ لأن تَذَكُّرَ الله-جل وعلا- وعدم نسيانه يُفِيضُ في القلب أنوارًا مِن الإيمانِ، ويُفِيض في القلب أنوارًا من الطاعات؛ فيجعل العبد دائمًا مع ربه-سبحانه-.

الصلاة مُحْدِثةٌ لِتَقْوَى الله؛ فقد قال المولى-سبحانه وتعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي)[ طه: 20 ]؛ فقال أهل العلم في أحد وَجْهَيِ التفسير: أي أقم الصلاة لِتكونَ عاقبةَ ذلك أنْ تذكُرَ الله-جل وعلا-، فالصلاةُ مُحْدِثةٌ للتقوى، أي: تقوى الله-جل وعلا-؛ فقد فَسَّرَ العلماء التقوى بأنْ يَذْكُرَ المُسلِمُ رَبَّه فلا يَنْسَاه.

فذِكْرُ الله-جل وعلا- لا شك أنه مطلوب، بل هو المطْلَبُ الأعظم من أنواع العبادات؛ لأن العبدَ إذا تذَكَّرَ رَبَّه لَمْ يَغِبْ عن باله لحظةً، ولم يَغِبْ عن بالِهِ في أي عملٍ يَعْمَلُه، وظَهَرَ عليه أَثَرُ خَشْية الله-جل وعلا-؛ فيقترب بعمله هذا من الجنة، ويتباعد عن النار؛ فالصلاة هي ذكر الله، بل هي مُحْدِثةٌ لِذِكْرِ الله-جل وعلا-، شَرِيطَةَ أن يُقِيمَها العبدُ بِخُشُوعِها، وأركانها، وواجباتها مُتَبَتِّلاً إلى ربه، مُنقَطِعًا عن الدنيا، مُقْبِلاً على الله.

الزكاةُ تُوجِبُ شُكْرَ اللهِ على نِعْمَة المال، كما أن الزكاة -أيها المؤمنون- إذا أَدَّاها العبد لمُسْتَحِقِّيها؛ فإنه يكون بذلك متذَكِّرًا لفضل الله عليه، متذَكِّرًا لأسماء الله-جل وعلا- وصفاته، التي من آثارها أنْ أَنْعَمَ الله عليه بهذا المال، وحَرَمَه آخرين من الناس؛ فيَجِد نَفْسَه وهو يَتَصَدَّق ويُزَكِّي بمالِهِ أنَّ الله قد اختَصَّه بهذا الفضل على غيره من الناس؛ فيتذكر الله-جل وعلا- وما له في هذا المال وما عليه من أنواع الحقوق، كما يتذكر ما يجب عليه من شُكْرِ نعمة المال؛ فإن المال نِعْمَةٌ قَلِيلٌ مَنْ شَكَرَهَا.

الصيامُ لِرِضَى اللهِ عن العبد هو ذِكْرٌ لله: يتذكر العبدُ رَبَّه في صيامه؛ سواءٌ أكان الصيامُ صِيَامَ فَرِيضةٍ أو صِيَامَ نَفْلٍ، وليس من شك أن العبد ما صام إلا لله؛ طَلَبًا لرضاه؛ فتنكسر نَفْسُه من أجل ذلك؛ لأنه يعلم أنه إنما تَقَرَّبَ إلى ربه-جل وعلا- وحده لا إلى أَحَدٍ سِوَاهُ، فلا أحد يَشْعُرُ بِصَوْمِه، ولا أحد يشعر بمُرَاقبتِهِ رَبَّه، إنما أَمْرُه كله مع ربه، فيصير بذلك مُتَذَكِّرًا لله، مُقِيمًا لِذِكْرِ الله-جل وعلا- في أحواله كلها.

مَنَاسِكُ الحجِّ إنما هي لِذِكْر الله: كذلكم الحج: حج بيت الله الحرام، سواءٌ في ذلك مَنْ قَصَدَ حَجَّ البيتِ أو مَنْ قصد الاعتِمارَ؛ فإن المَرْءَ يَطُوف بالبيت ويَرْمِي الجَمَرَات، ويُقِيم مَشَاعِر الله في الحج لإقامة ذِكْرِ الله؛ فقد قالت عائشة -رضي الله عنها- وعن أبيها: "إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، وَرَمْيُ الْجَمَرَاتِ، وَالْمَبِيتُ بِمِنًى لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ"، وقال الله -جل جلاله- للحجيج: (فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا)[ البقرة: 200 ].

أرأيتم الرجل هل يَنْسَى أباه ؟ أرأيتم الذين يفتخرون بآبائهم وبصنائع آبائهم، هل يَنْسَوْنَ آباءَهم ذِكْرًا بالقلب، أو ذِكْرًا باللسان ؟ كذلك يَجِب على الذين أَدَّوْا مَنَاسِكَهم أن يذكروا الله ذِكرًا بالقلب، وذِكْرًا باللسان كذكرهم آباءَهم أو أشَدّ ذِكْرًا؛ فإن من مقاصد الحج أن يذكر المرءُ رَبَّه -جل وعلا-، حتى إذا تأمَّلَ العبدُ حَجَّه، وتَأَمَّل طَوَافَه وسَعْيَه، ورَمْيَه للجَمَرَات، ووُقُوفَه بعَرَفَةَ، ثم مَبِيته بمُزْدَلِفَةَ، ثم مَبِيته بِمِنى، ليالي مِنى، وتأَمَّلَ نَحْرَه الهَدْي، وغير ذلك من أنواع المناسك التي تَسْكُب في القلب قَطَرَات الإيمان، قادَه ذلك التأمُّلُ -لا شك- إلى أن يذكُرَ اللهَ؛ فإنه ما حَدَا به إلى السفر وإلى تكَبُّدِ مَصَاعب السفر إلا طَلَبًا لِمَا عند الله-جل وعلا-؛ فلماذا إذًا لا يَتَذَكَّرُ رَبَّه في كل حال وفي كل وقت وحين ؟

إن مِن ثَمَرَات عبادات الإسلام الكثيرة؛ أنها تُثْمِر في القلب ذِكْرَ الله-جل وعلا-؛ فلا يَغِيبَنَّ عن المؤمن ذكر الله في أي حال وفي أي وقت؛ فينبغي على المؤمن أن يذكر الله-جل وعلا- في نفسه دائمًا، سواءٌ أكان في البيت أم في المسجد أو في الطريق؛ فالله-جل وعلا- ينبغي أن يكون في القلوب دائمًا وأبدًا لمن كان مؤمنًا حق الإيمان، أما من كان ناقِصَ الإيمان؛ فإن تلك العبادات تَزِيده إيمانًا وصِلَةً بِرَبِّه، وتَزِيده تذكُّرًا لحق ربه عليه، سواءٌ في أعمال البَدَنِ أم في أعمال المال، وفي جميع ما يقوم به من أنواع الأعمال؛ سَوَاءٌ أكانت في الحضر أم في السفر، تلك الأعمال التي تستغرق حياتنا كلها.

إن فضل الله-جل وعلا- أعظم من فضل الآباء، وأعظمُ من فضل أي أحد في هذه الدنيا التي نحيا فيها، فهَلاَّ ذَكَرْنَا الله-جل وعلا- ووَفَّيْنَاه حَقَّه، وعَمَرْنا قلوبَنا بِذِكْره وبمحبته قولاً وعملاً واعتقادًا. إن الله-جل وعلا- يُحِبّ الشاكرين، ويحب الذاكرين، إنه-جل وعلا- قد نَهَى وحَذَّرَ من الغَفْلة بأنواعها؛ فالغَفْلَةُ داءٌ عُضَال يُخَيِّم على القلوب؛ فيجعلها لا تُبْصِر الأنوار ولا تُبْصِر الإيمان.

أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعلنا من المُرَاقِبِين لله حقًّا؛ إنه ولي ذلك، والقادر عليه.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب؛ فاستغفروه، وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله الذي شرح القلوب للإيمان، ونَوَّرَ القلوب بِطَاعتِهِ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، دَعَا وبَشَّرَ وأَنْذَرَ فجَزَاه الله عن هذه الأمة خَيْرَ ما جَزَى به نبيًّا عن أمته، وصلِّ اللهُ وسَلِّمْ وبَارِكْ على نبينا محمدٍ وعلى الآلِ والصَّحْب، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعَنَّا معهم بِعَفْوِكَ ورحمتك، يا أرْحَمَ الراحِمِينَ، أما بعد:

عباد الله: اعلموا، رَحِمَنِي الله وإياكم، أن فرائض الله-جل وعلا- وحقوقه على عباده كثيرة، علينا أن نأتي منها ما استطعنا؛ فما أمر الله-جل وعلا- به وَجَبَ علينا أن نَمْتَثِلَهُ، وما لم نستطع؛ فإن الله-جل وعلا- وَسَّعَ علينا، قال -عليه الصلاة والسلام-: "إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَائْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَمَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ"؛ فالمُحَرَّمات مُحَرَّمَاتٌ لا يَحِلُّ لأَحَدٍ أن يَغْشَاهَا، ولا أن يَقْتَرِبَ منها؛ إنها مُحَرَّمَاتٌ لا يُبَاحُ لأَحَدٍ أنْ يَأْتِيَها، أمَّا الواجباتُ والفرائِضُ؛ فهي بِحَسْبِ الاستطاعة؛ فاتَّقُوا اللهَ ما استطعتم، فهذه الصلاةُ قد أَمَرَ اللهُ-جل وعلا- أن تُؤَدَّى مع الجماعة حيث يُؤَدُّونَها.

وكذلك أَمَرَ رُسُولُه -عليه الصلاة والسلام- أن تُؤدَّى في المساجد جَمَاعَةً؛ فمَنْ لم يستطع لِمَرَضٍ أو لعائِقٍ يَحُولُ بينه وبين أن يأتي إلى المسجد؛ فإنَّ الله-جل جلاله-قد رَخَّصَ في ذلك، وبَيَّنَ رسولُه-صلى الله عليه وسلم- ذلك في قول الله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا)[ التغابن: 16 ]؛ فإن الله يُحِبّ مِنَ العباد أن يَمْتَثِلُوا أَمْرَه، وأن يَتَقَرَّبُوا إليه بإتيانِ الفرائض؛ فجِنْسُ إتيانِ الفرائضِ مُعَظَّمٌ عند الله-جل وعلا-؛ لأنه يدل على أن العبدَ إنما هو عَبْدٌ لِلَّهِ، عَبْدٌ بالاختيار لله، لا يُؤْثِرُ هَوَى نَفْسِهِ على مُرَادِ رَبِّهِ جل جلاله.

هذا واعْلَمُوا-أيضًا-أنه لا عُذْرَ لأَحَدٍ من الناس أن يُسَوِّغَ لِنَفْسِهِ أن يَغْشَى مُحَرَّمًا مِنَ المُحَرَّمات كائنًا ما كان ذلك المُحَرَّم، فالناسُ تَوَسَّعُوا-والعياذ بالله-في أنواع المُحَرَّمات حتى صار عندهم ذلك سَجِيَّةً، لا تَرَى ولا تَسْمَعُ منهم مُنْكِرًا للمُنْكَرَاتِ والمُحَرَّمَات.

والواجِبُ علينا أن نُنْكِرَ المُنْكَرَ حَيْثُما وَجَدْنَاهُ على المَرَاتِبِ التي أَمَرَ الله-جل وعلا- بها على لِسان رسوله-صلى الله عليه وسلم-باليد لِمَنْ كان مِنْ أَهْلِ اليَدِ، ثم باللسان للمؤمنين عامَّةً، ثم بالقلب لمَنْ كان إيمانُهُ ضَعِيفًا يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ.

أيها المؤمنون: مُرُوا بالمعروف فيما بينكم: في بيوتكم، وفي طُرُقَاتِكم، فإن الشَّرَّ إذا كَثُرَ ولم يَنْهَ عنه أَحَدٌ، فإن مُصِيبَتَه تُصِيب الجميعَ، ولا تَخُصّ فاعِلَه، أمَّا إذا نُهِيَ عن المُنْكَر فإن مصيبةَ المنكَر وفِعْلَ المُنكَر إنما تَقَعُ على عاتِقِ مَنْ فَعَلَه، فهذا كتاب الله بَيْنَ أَظْهُرِكُم قد عاب على اليهود أنهم، (كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ)[المائدة: 79 ]؛ فقد كانوا يَرَوْنَ المعروفَ ولا يُقْبِلُونَ عليه، ويَرَوْنَ المُنْكَرَ ولا يَنْهَوْنَ عنه فيما بينهم.

واعلموا أن الله-جل جلاله-أَمَرَكم بأَمْرٍ بدأ فيه بنفسه وثَنَّى بملائكته، فقال قولاً كريمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[ الأحزاب: 56 ].

اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأَذِلَّ الشِّرْكَ والمشركين، وأَذِلَّ المُبْتَدِعَةَ والبِدْعَة والمُبْتَدِعِينَ. اللهم احْمِ حَوْزَةَ الدِّينِ، وانْصُرْ عِبادَكَ المُوَحِّدِينَ، يا أكْرَمَ الأكْرَمِينَ.

اللهم آمِنَّا في دُورِنَا، وأصْلِحْ أئِمَّتَنا ووُلاَةَ أُمُورِنَا، ودُلَّهُمْ على الرَّشَادِ، وبَاعِدْ بينهم وبين سُبُلِ أهْلِ البَغْيِ والفَسَادِ. اللهم مُنَّ عليهم بالمستشارين الصالحين المؤتَمَنِينَ الذين يُذَكِّرُونهم إذا نَسَوْا، ويأمُرُونَهم بالمعروف، ويَنْهَوْنَهم عن المُنْكَر يا أكرم الأكرمين. اللهم إنَّا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلاَ أن تَرْفَعَ عن هذه الدِّيارِ الرِّبا والزِّنا وأسبابَه وسائِرَ المُحَرَّمات، عن بلادِنا هذه بِخاصَّةٍ، وعن سائِرِ بلاد المؤمنين بِعامَّةٍ، يا أرحم الراحمين.