الباطن
هو اسمٌ من أسماء الله الحسنى، يدل على صفة (الباطنيَّةِ)؛ أي إنه...
العربية
المؤلف | خالد القرعاوي |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | التاريخ وتقويم البلدان |
بِكُلِّ أَلَمٍ وأَسًى, وَخَوْفٍ وقَلَقٍ, تَابَعْنَا أَحْدَاثَ صَوَارِيخَ، وَطَائِراتٍ مُسَيَّرَةٍ سَقَطَتْ على بِلادِ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ! عَلى مَعَامِلِ وَمْصَفَاةِ الْبِتْرُولِ فِي بَقِيقَ وَمَوقِع النَّفْطِ بِخُرَيصٍ؛ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ بِاقْتِصَادِ الْمَمْلَكَةِ، وَمُحَاوَلَةِ زَعْزَعَةِ أَمْنِهَا !
الْحَمْدُ للهِ أَعَزَّ مَنْ أَطَاعَهُ وَاتَّقَاهُ، وَأَذَلَّ مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وَعَصَاهُ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، ولا رَبَّ لنا سِواهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ومُصطَفَاهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ ومَنْ اهتدَى بِهُدَاهُ .
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ وَأَطِيعُوهُ، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِقُلُوبِكُمْ وأعمَالِكُم وَاذكُرُوهُ، فَمَن اتَّقى رَبَّهُ جَعَلَ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، ومِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخرَجًا، وَكَتَبَ لَهُ النَّصرَ والتَّأييدَ, والعِزَّة والتَّمكِينَ. قَالَ اللهُ سُبحَانَهُ:(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ).
مَعَاشِرَ المُسلِمِينَ: بِكُلِّ أَلَمٍ وأَسًى, وَخَوْفٍ وقَلَقٍ, تَابَعْنَا أَحْدَاثَ صَوَارِيخَ، وَطَائِراتٍ مُسَيَّرَةٍ سَقَطَتْ على بِلادِ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَينِ! عَلى مَعَامِلِ وَمْصَفَاةِ الْبِتْرُولِ فِي بَقِيقَ وَمَوقِع النَّفْطِ بِخُرَيصٍ؛ بِقَصْدِ الْإِضْرَارِ بِاقْتِصَادِ الْمَمْلَكَةِ، وَمُحَاوَلَةِ زَعْزَعَةِ أَمْنِهَا !
انْطَلَقَ الاعْتِدَاءُ مِنْ فِئَةٍ بَاغِيَةٍ طَاغِيَةٍ, مُجْرِمَةٍ مُعْتَدِيَةٍ آثِمَةٍ, إنَّهُمُ الرَّافِضَةُ الحاقِدُونَ, وَبِدَعْمٍ صَفَوِيٍّ إيرانِيٍّ سَافِرٍ, وَمَكْرٍ كُبَّارٍ مْنْ دُوَلٍ مُتَغَطْرِسَةٍ مُتَلَوِّنَةٍ !
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ: لَقَدْ أَثْبَتَ التَّارِيخُ الصَّفَوِيُّ الإيرانِيُّ أَنَّهم دائِمَاً يُقَاتِلُونَ بِغَيْرِهِمْ، فَلَقَدِ زَرَعوا فِي الْيَمَنِ ذِرَاعًا لَهُمْ مِنَ الحَوثِيِّنَ, وَرَبَّوْا في العِرَاقِ قَادَةً عَلَى أَعْيُنِهِمْ, وَأَغْدَقُوا عَلَيْهِمُ الْأَمْوَالَ وَالسِّلَاحَ, لِيُطَوِّقُوا أَهْلَ السُّنَّةِ وَيَخْنِقُوهُمْ من كُلِّ جانِبٍ! وكُلُّكُم يَعلَمُ أنَّ إيرَانَ تَسْعَى لِزَعْزَعَةِ أَمْنِ واستِقْرَارِ بِلادِنَا، وَلَكِنَّ اللهَ خَيَّبَ آمَالَهُم وأَذَلَّهُم وَأَرْدَاهُمْ.
عِبَادَ اللَّهِ، الْفَسَادُ والْإِفْسَادُ فِي الْأَرْضِ صِفَةُ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، وَلَا يُفْسِدُ في الْأَرْضِ إِلَّا مَنِ امْتَلَأَ قَلْبُهُ غِلًّا وحِقْدًا وَحَسَدًا بِمَا حَبَا اللَّهُ بِلَادَنَا مِن الخَيْرَاتِ والنِّعَمِ التي لا تُحْصى. وَصَدَقَ اللهُ: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ). فَكُلُّ صَاحِبِ نِعْمَةِ مَحْسُوْدٌ. فَإنَّهُ حِينَ تَمْتَدُّ يَدُ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ لِتَفْجِيرِ مَوَاقِعِ النَّفْطِ، فَإِنَّ الْفاعِلَ لَيْسَ عَدُوًّا لِلْمَمْلَكَةِ فَحَسْبُ، بَلْ هُوَ عَدُوٌّ لِلْعَالَمِ بِأَسْرِهِ. فَإنَّهُ لَا غِنَى لِلْعَالَمِ عَنَّا وعَنْ نِفْطِنَا طَرْفَةَ عَينٍ.
أيُّهَا المُسْلِمُونَ: مُحَاوَلاتُ الرَّافِضَةِ الْغَاشِمَةِ وَجَرَائِمُهُمْ النَّكْرَاءَ ليْسَتْ جَدِيْدَةً عَلينا، بَلْ سَبَقَهَا الْعَدِيْد مِنْ الْمُحَاوَلَاتِ بِالْقَدِيمِ والْحَدِيْث، وَكُلُّها بِحَمْدِ اللهِ تَعَالى وَلُطْفِهِ تَنْتَهِيْ بِالْفَشَلِ والخُسْرَانِ, وَصَدَقَ اللهُ القَائِلُ: (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا). فَهِيَ مُحَاوَلَاتٌ يَهْدُفُ أَصْحَابُهَا إِلَى زَعْزَعَةِ أَمْنِ بِلَادِنَا، وَتَفْرِيقِ صَفِّنَا، وَتَشْتِيتِ جَمْعِنَا، وَلكِنَّهُا بِحَمْدِ اللهِ تِزِيدُنَا ثَبَاتَاً على دِينِنَا, وَرُجُوعَاً إليهِ, وَتَمَسُّكَاً بِشَرْعِ رَبِّنَا, وَتَلَاحُمًا وَتَمَاسُكًا لِبِلادِنَا, وَحِرْصَاً عَليهِ, وَخَوفَاً من الأَيْدِ الآثِمَةِ للوُصُولِ إليهِ. كَمَا أنَّهَا تَزِيدُنَا حُبَّاً وَنُصْحَاً والتِفَافَاً حَولَ عُلَمَائِنَا وَوُلاتِنَا, وَقَولاً لأَعْدَاءِ الدِّينِ والبِلادِ اخْسَؤوا أَعْدَاءَ اللهِ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكُمْ.
عِبَادَ الله، إِنَّ هَدَفَ إِيْرَانَ وَأَذْنَابِهَا مِنَ الْحُوثِييِّنَ لَيْسَ ضَرْبَ الْنَّفْطِ فَحَسْبُ، وَإِضْعَافَنَا بِزَعْمِهِم، بَلْ أَهَمُّهَا الْقَضَاءُ علَى أَهْلِ الْسُنَّةِ وَالجَمَاعَةِ فِيْ الْعَالَمِ بأَسْرِه، وَإِقَامَةُ دَوْلَةٍ صَفَوِيَّةٍ فَارِسِيَّةٍ، وَلَكِن بإِذْنِ اللهِ تَعَالى وَقُوَّتِهِ, وَعِنَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ لنْ يَتِمَّ لَهُمْ هَذَا، فَهَذِه بِلاَدٌ مُبَارَكَةٌ بِمُقَدَّسَاتِهَا, وَبِرَفْعِهَا رَايَةَ الدِّينِ والعَقِيدَةِ, وَبِأنْواعِ الخَيرِ وَمَجَالاتِ البِرِّ فِيهَا, وَهِيَ بِلاَدٌ مُتَمَاسِكَةٌ وَللهِ الْحَمْدُ حُكَاماً وَمحْكُوْمِيْن: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ). (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
نَحنُ يا مُسْلِمَونَ: مُؤمِنُونَ بِقَولِ وَوَعْدِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ : (وَاللهِ لَيُتِمَّنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ). صَحيحٌ على شَرْطِ الشَّيخَينِ. نَسْأَلُ اللهَ العَظِّيْم أَنْ يُرِيَنَا فِيْ الرَّفِضَةِ وَإيرَانَ وَأنْصَارِهِمْ وَأعْوانِهِمْ عَجَائِبَ قُدرَتِهِ، وَأنْ يَشْفِيَ صُدُورَنَا بِعِزِّ الإسْلامِ والمُسْلِمينَ, وَذُلِّ الرَّافِضَةِ والخَائِنِينَ, وحَمَى اللهُ بِلادَنَا مِنْ كُلِّ شَر، وَحَفظَهَا مِنْ كُلِّ مَكْرُوْه.
أقول قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم وللْمُسلِمينَ, مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ وتَقصِيرٍ، فاستغفِرُوه، إنَّهُ هو الغَفُورُ الرَّحيمُ.
الخطبة الثانية :
الحَمدُ للهِ قَاهِرِ المُتجبِّرينَ، ومُوهِنِ كَيدِ الكَائِدِينَ، أَشهدُ ألَّا إله إلاَّ اللهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إلهُ الأَولِينَ والآخِرِينَ، وأَشهدُ أنَّ نَبِيَّنا مُحمَّدًا عبدُ اللهِ ورَسُولُه إِمَامُ المُرسَلينَ، عليه وعلى آلِهِ وأَصحَابِهِ أفضَلُ الصَّلاةِ وأتَمُّ التَّسلِيمِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ يا مُؤمِنُون.
إخوانِي: جَاءَتْ عَاصِفَةُ الحَزمِ مُؤمِنَةً مُجَاهِدَةً. نَعَم. هِيَ عَاصِفَةٌ مُؤلِمَةٌ، وَلَكن مَا أَحلى الأَلمَ إذا تَوَلَّدَ مَعَهُ العِزَّةُ والكَرَامَةُ.
ولَنا يا مُؤمنونَ مَع سُقُوطِ عَدَدٍ مِن الصَّوَارِيخِ على مُحَافَظَةِ بَقِيقَ وَمَوقِع النَّفْطِ بِخُرَيصٍ؛ عِدَّةُ وَقَفَاتٍ وَتَذْكِيرَاتٍ:
فَمِنْهَا: أَنْ نَتَيَّقَنَ أَنَّ النَّصْرَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَحْدَهُ, لَا بِقُوَّتِنَا وَلَا بِعَدَدِنَا أَوْ عُدَّتِنَا,(وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
وَمِنْهَا: أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ هَذَا جِهَادٌ شَرْعِيٌّ مَحْبُوبٌ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، فَليَبشِرْ جُنودُنَا بِقَولِ اللهِ تَعَالَى:(وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا).وقد سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ, أَيُّ العَمَلِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ:(إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ) قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: “الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” رَوَاهُ البُخَارِيُّ.
كَما يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَكُونَ يَقِظِينَ وَحَذِرِينَ مِنْ المُندَسِّينَ والمُتَآمِرِينَ وَالمُتَلَوِّنِينَ.
على المُسلِمينَ عامَّةً أنْ يَبْتَهِلُوا إلى اللهِ بِطَلبِ النَّصرِ والتَمكِينِ كَمَا كَانَ ذلِكَ هَديُ نَبِيِّنا في كُلِّ غَزَواتِهِ, فَقَدْ كَانَ رِدَاؤُهُ يَسْقُطُ مِنْ شِدَّةِ رَفْعِ يَدَيهِ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَرْحَمُهُ وَيَقُولُ: “بَعْضَ مُنَاشَدَتِكَ رَبَّكَ, فَوَاللَّهِ لَيُنْجِزَنَّ لَكَ الَّذِي وَعَدَكَ”.
فَيَا مُؤمِنُونَ: عَلِّقُوا قُلُوبَكُمْ بِاللهِ وَحْدَهُ، وَتُوبُوا إِلَيْهِ مِنْ جَميعِ ذُنُوبِكِمْ، فَمَا نَزَلَ بَلَاءٌ إِلَّا بِذَنْبٍ، وَلَا رُفِعَ إِلَّا بِتَوْبَةٍ (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).وَلا تَغتَرُّوا بِكَثرَةِ عَدَدٍ وَلا قُوَّةِ عُدَّةٍ، فَإِنَّهُ لا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، فَقَد نَصَرَ المُؤمِنِينَ في بَدرٍ وَهُم قِلَّةٌ لَمَّا استَغَاثُوا بِرَبِّهم وَتَعَلَّقَت قُلُوبُهم بِهِ سُبحانَهُ، وَكَادَ جَمْعُ المُسلِمِينَ يُهَزَمُ في حُنَينٍ لَمَّا أُعجِبُوا بِكَثرَتِهِم وعُدَّتِهم! فَاللهَ اللهَ بِالتَّوَكُّلِ عَلَى اللهِ وَحْدَهُ، وَلْنَكُنْ مُتَفَائِلِينَ بِنَصرِ جُنُودِنَا المُجاهِدِينَ، فَمَا مِنْ نَصْرٍ إلَّا مِنْ عِنْدِ اللهِ تَعالى. وانْطَلِقُوا من قَولِ اللهِ تَعالى:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ). وقَولِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: “وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المُسلمُ أَخُو المُسْلِمِ، لا يَظلِمُهُ، ولا يَخذُلُهُ، ولا يُسلِمُه” أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
عِبَادَ اللهِ: لَقَدْ أوضَحَ اللهُ لَنا سَبِيلَ النَّصْرِ فَقَالَ سُبحَانَهُ:(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ*الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) .قَالَ الشَّيخُ السَّعْدِيُّ ما مفادُهُ: فَأبْشِرُوا، يَا مَعْشَرَ المُسلِمِينَ، فَإنَّكُم وإنْ ضَعُفَ عَدَدُكُمْ وَعُدَدِكُمْ، وَقَوِيَ عَدُوُّكُمْ فَإنَّ رُكْنَكُمُ القَوِيُّ العَزِيزُ، فَاعْمَلُوا بِالأَسْبَابِ المَأْمُورِ بِهَا، ثُمَّ اطْلُبُوا مِنْهُ نَصْرَكُمْ، وَقُومُوا بِحَقِّ الإيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، تَعْبُدُونَ اللهَ لا تُشْرِكُونَ بِه شَيْئًا. فَمَنْ مَلَّكَهُمُ اللهُ الأرْضَ وَجَعَلَهُم مُتَسَلِّطِينَ عَلَيهَا، مِن غَيرِ مُنُازِعٍ يُنَازِعُهُم، (أَقَامُوا الصَّلاةَ) فِي أَوْقَاتِهَا، وَحُدُودِهَا، وَأَرْكَانِهَا، وَشُرُوطِها، فِي الجُمُعَةِ وَالجَمَاعَاتِ. (وَآتُوا الزَّكَاةَ) التي عَلَيهِمْ خُصُوصَاً، وَعَلَى رَعِيَّتِهِم عُمُومَا،﴿وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ﴾مِن حُقُوقِ اللهِ، وَحُقُوقِ الآدَمِيِّينَ،﴿وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ﴾ كُلُّ مُنْكَرٍ شَرْعَاً وَعَقْلاً!﴿وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ﴾وَقَدْ أَخْبَرَ أنَّ العَاقِبَةَ لِلتَّقْوَى، فَمَنْ سَلَّطَهُ اللهُ عَلى العِبَادِ مِن المُلُوكِ، وَقَامَ بِأَمْرِ اللهِ، كَانَت لَهُ العَاقِبَةُ الحَمِيدَةُ، وَالحَالَةُ الرَّشِيدَةُ، وَمَنْ تَسَلَّطَ عَلَيهِم بِالجَبَرُوتِ, وَأَقَامَ فِيهِم هَوَى نَفْسِهِ, فَإِنَّهُ وَإنْ حَصَلَ لَهُ مُلْكٌ مُؤَقَّتٌ، فَوِلايَتُهُ مَشْئُومَةٌ، وَعَاقِبَتُهُ مَذْمُومَةٌ. انتهى كلامُهُ رَحِمَهُ اللهُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لا تَسْمَعُوا لِشَائِعَاتِ الأَعْدَاءِ فِي الدَّاخِلَ أَوِ الْخَارِجِ, وَالمَقامُ مَقَامُ جِدٍّ وقِتَالٍ فَلا مَجالِ لِلسُّخِرِيَةِ بالآخَرينَ، فالحَرْبُ حَربٌ ولا مَجالَ للاستِهانَةِ بِأَيِّ عَدُوٍّ كَانَ! ولا لِلسُّخْرِيَةِ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الصَّوَارِيخِ! (فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ). وَلنَكُن صَفًّا وَاحِدًا، نَلتَفُّ مَعَ عُلَمَائِنَا وَوُلاتِنَا, كَمَا قَالَ سُبحَانَهُ: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).
عبادَ اللهِ: إنَّ علينا جَميعًا التوبةُ إلى اللهِ، والتَّمَسُّكُ بِدينِهِ الحَنيفِ، فلا عِصْمَةَ مِنْ فِتْنَةٍ، ولا خُرُوجَ مِن أَزْمَةٍ إلاَّ بِالتَّوبَةِ إلى اللهِ القَائِل: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ). وَمَا وَقَعَتِ الفِتَنُ، ولا المَصَائِبُ، إلاَّ بِسَبَبِ ذُنُوبِ العبادِ! (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). فَلا لِلرَّقْصِ والمُجُونِ والطَّرَبِ, لا لِلحَفَلاتِ الغِنَائِيَّةِ والَّلهْوِ والسَّرَفِ, لا لِلعَبَثِ والفِسْقِ والتَّرَفِ.
فَكُلُّ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مُعَافَاةٌ إِلَّا مَنْ جَاهَرَ اللهَ بِالمَعَاصِي!ِ فاللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجِرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ، اهْزِمْ الحَوثِيِّينَ وَالرَّافِضَةَ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِم، اللَّهُمَّ ثَبِّتْ جُنُودَنَا وَأَيَّدْهُمْ بِتَأْيِيدِكَ وَأَنْزِلِ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ، اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيِهُمْ وَارْبِطْ عَلَى قُلُوبِهِمْ، اللَّهُمَّ كُنْ مَعَهُمْ وَلا تَكُنْ عَلَيْهِمْ، اللَّهُمَّ احفَظْ بِلادَنَا والمُسلِمينَ مِن كُلِّ سُوءٍ وَمَكرُوهٍ, اللَّهُمَّ أعِزَّ الإسلامَ والمُسلِمينَ، اللَّهُمَّ اكتُب النَّصرَ والتَّمكِينَ لِلمُسلمينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ.
اللَّهُمَّ وفِّق وليَّ أَمرِنَا لِما تُحبُّ وترضى. اللَّهُمَّ احفَظْ بِلادَنَا وَبِلادَ المُسلمينَ مِن الشُّرورِ والأَخطَارِ، اللَّهُمَّ احفَظْ علينا أَمنَنا واستِقرارَنا واجعَلنا شاكِرين لنِعَمِك، مُثْنِينَ بها عليك قابِليها.
عباد الله: اذكروا الله ذِكرًا كثيرًا، وسبِّحوه بُكرةً وأصيلاً، (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) .