المصور
كلمة (المصور) في اللغة اسم فاعل من الفعل صوَّر ومضارعه يُصَوِّر،...
العربية
المؤلف | عبدالله عوض الأسمري |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - التوحيد |
إن من أسماء الله -عز وجل-: الشافي. وشفاء الله -عز وجل- يشمل: شفاء الأبدان وشفاء القلوب. ومن آثار الإيمان باسم الله: الشافي؛ أن الله -تعالى- هو الشافي ولا شافي إلا هو، ولا شفاء إلا شفاءه، ولا يرفع المرض إلا هو، سواء...
الخطبة الأولى:
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
وبعد: أوصيكم بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
إن من أسماء الله -عز وجل-: اسم الشافي، قال تعالى عن دعاء إبراهيم -عليه السلام-: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)[الشعراء: 80].
وشفاء الله -عز وجل- يشمل شفاء الأبدان وشفاء القلوب من أمراض الشبهات في الدين كالشك، أي أمر من الدين أو البدع، فالله -عز وجل- هو الشافي لكل هذه الأمراض، روى البخاري ومسلم من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم كان إذا دعاء مريضاً يقول: "اللهم رب الناس، أذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً"، وفي هذا الحديث طلب الشفاء من جميع الأمراض وليس من ذلك المرض الذي أصيب به المريض.
ومن آثار الإيمان باسم الله الشافي؛ ما يلي: أن الله -تعالى- هو الشافي ولا شافي إلا هو، ولا شفاء إلا شفاءه، ولا يرفع المرض إلا هو، سواء كان مرضاً بدنياً أو نفسياً، قال تعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ)[الأنعام: 17].
إن الله -تعالى- الشافي لم ينزل داء إلا وأنزل معه دواء، وله أسباب، فقد روى البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال: "ما أنزل الله داءً إلا وأنزل معه شفاء".
ومن الأسباب التي جعلها الله -عز وجل- شفاء؛ ما يلي: الدعاء، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)[البقرة: 186].
ومن الأدعية للمريض: ما روي من حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال: "من عاد مريضاً لم يحضر أجله، فقال عنده سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك؛ إلا عافاه الله من ذلك المرض".
ومن أسباب الشفاء: القرآن العظيم، قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا)[الإسراء: 82].
وكذلك: تناول العسل، قال الله -تعالى-: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[النحل: 68-69].
وكذلك: الحبة السوداء، فقد روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال: "الحبة السوداء شفاء من كل دار إلا السام".
وأيضاً: الحجامة، فقد روى البخاري من حديث بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال: "الشفاء في ثلاثة: شرطة حجم، أو شربة عسل، أو كية من نار، وأنا أنهى أمتي من الكي".
ومنها: شرب ماء زمزم، حيث روي ان النبي -صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ماء زمزم لما شرب له" أي على ما ينوي شارب زمزم من شفاء من مرض، أو تعلم علم، أو أي شيء؛ فإن الله يعطيه ذلك.
يجب عمل الأسباب في طلب الدواء من تناول زمزم، أو عسل أو حبة سوداء، أو غير ذلك؛ من ذهاب للأطباء أو أعشاب، أو غير ذلك، لكن لا يجوز أن يتعلق القلب بهذه الأسباب، ويعتمد عليها أنها هي الشافية، فهذا من الشرك، بل يجب أن يعتقد أنها مجرد أسباب، فإن شاء الله نفعت، وإن لم يشأ لم تنفع، فعلينا أن تتعلق قلوبنا بالشافي وحده دون غيره سبحانه وتعالى.
نسأل الله أن يشفي مرضى المسلمين، وأن يكون اعتمادنا على الله الشافي سبحانه وتعالى.
وأقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله، والصلاة والسلام على محمد.
وبعد: إن الشفاء قد يتأخر لحكمة إلهية، إما رفعاً لدرجات المريض، أو تكفيراً لسيئاته، وأهل البلاء يوم القيامة يكون لهم من الأجر العظيم، فقد روى الترمذي في سنته من حديث جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم قال: "يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطي أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض"(حسنه الألباني)، وروي عنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا زال البلاء بالمسلم حي يمشي على الأرض وما عليه ذنب"، فاطمئن -أيها المبتلى بالأمراض- أن الشافي سبحانه وتعالى يريد لك خيراً، فعليك بالصبر والرضا على قدر الله، وأحسن الظن بالله -تعالى-، والاعتماد على الشافي وحده سبحانه وتعالى، فيما نأخذه من الأسباب المشروعة.
نسأل الله -عز وجل- أن يرينا الحق حقا، ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.
اللهم لا تدع لنا ذنبا إلا غفرته، ولا هما إلا فرجته، ولا دينا إلا قضيته، ولا عسرا إلا يسرته، ولا مريضا إلا شفيته.
اللهم وفق ولي أمرنا لما يرضيك، اللهم ارزقه البطانة الصالحة، وأبعد عنه بطانة السوء الفاسدة يا رب العالمين.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
واخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصل وسلم على سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم.