البحث

عبارات مقترحة:

الحي

كلمة (الحَيِّ) في اللغة صفةٌ مشبَّهة للموصوف بالحياة، وهي ضد...

الحفيظ

الحفظُ في اللغة هو مراعاةُ الشيء، والاعتناءُ به، و(الحفيظ) اسمٌ...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

صلُّوا عليه وسلِّموا تسليمًا

العربية

المؤلف عبد الله بن عبد الرحمن البعيجان
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. اصطفاء الله لرسوله صلى الله عليه وسلم .
  2. شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته .
  3. فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .
  4. بعض آداب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .

اقتباس

الصلاةُ على النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قُربةٌ وطاعةٌ معروضةٌ عليه، فاحرِصوا أن تكون وفقَ منهجه بالاتباع، وانْأَوْا بها عن الغُلُوِّ والهوى والابتداع، فمَن عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرُ نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- فهو ردٌّ...

الخطبة الأولى:

الحمدُ لله، الحمدُ لله الذي ختَم الرسالاتِ السماويةَ بشريعتنا، وختَم الأنبياء والمرسلينَ بنبيِّنا، وجعَل أُمَّتَنا وسطًا خيرَ أمةٍ أُخرِجَتْ للنَّاسِ، أشهدُ ألَّا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، يخلق ما يشاء ويختار، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه المصطفى المختار، خيارٌ مِنْ خِيارٍ مِنْ خِيارٍ، نبي الحق الذي جاء بالصدق، وأفضل الخَلْق، وأحسنهم في الخُلُق والخَلْق، وأفصحُهم في النُّطْق، بلَّغ الرسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونصَح الأمةَ، وجاهَد في الله حقَّ الجهاد حتى أتاه اليقينُ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومَنْ تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعدُ: فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ، وأحسنَ الهديِ هديُ محمدِ بنِ عبد الله، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدَثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102].

معاشرَ المسلمينَ: اللهُ يصطفى من الملائكة رُسُلًا ومِنَ النَّاسِ، وقد اصطفى محمَّدًا -عليه الصلاة والسلام- مِنْ أَنْفَسِ المعادنِ والأنفاسِ، وكرَّمه وفضَّله على سائرِ النَّاسِ، وجعَل هديَه معيارًا للفضل والقياس، ما ضلَّ وما غوى، (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى)[النَّجْمِ: 3-6]، أنقَذ الله به البشريةَ من غياهب الشرك والجهل ودياجير الظلام، وانحطاط القِيَم والأخلاق وانتكاس الفطرة والتمزُّق والانقسام، فكان حريصًا على هدايتنا ونجاتنا وسعادتنا، قال تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)[التَّوْبَةِ: 128]، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- تلا قولَ الله -عزَّ وجلَّ- في إبراهيم: (رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي)[إِبْرَاهِيمَ: 36]، وفي عيسى -عليه السلامُ-: (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[الْمَائِدَةِ: 118]، فرفَع رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يديه وقال: اللهم أمتي أمتي وبكى، فقال الله -عز وجل-: "يا جبريل، اذهَبْ إلى محمَّد فقل: إنا سنرضيكَ في أمتكَ ولا نسوؤك"(رواه مسلم).

وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَثَلِي، وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ، أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْفَرَاشُ، وَالْجَنَادِبُ يَقَعْنَ فِيهَا، وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا، فَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي"(رواه مسلم)، ومن حرصه -صلى الله عليه وسلم- على أمته، أن ادخر لهم دعوته يوم يفرُّ المرءُ من أخيه وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لأُمَّتِي، فَهِيَ نَائِلَةٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ- مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا"(رواه الترمذي).

عبادَ اللهِ: لقد أمرَنا اللهُ بالمكافأة لِمَنْ أحسَنَ إلينا فقال: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)[الرَّحْمَنِ: 60]، ومَنْ صنَع إليكم معروفًا فكافئوه، ألَا وإنَّ مِنْ حقِّ نبيِّنا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- علينا في مقابل إحسانه إلينا، وإفضاله علينا، الصلاة والسلام عليه، فالصلاة عليه من أعظم وسائل النجاة، وأنفَس الصَّلوات، وأعظم القربات، وأزكى الطاعات، وأجلِّ ما تُعمَر به الأوقاتُ، وتُضاعَف به الحسناتُ، وتُرفَع به الدرجاتُ، وتُمحى به السيئاتُ، وتُكشَف به الهمومُ والغمومُ والكرباتُ، وتُضاعَف من الله بعشر صلوات، جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من عبد يذكرني فيصلي علي، إلا كتب الله له عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات"(رواه النسائي).

وعن أُبَيِّ بنِ كعبٍ -رضي الله عنه- قال: "قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْهَا؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ" قَالَ: الرُّبُعُ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ، وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ" قَالَ: النِّصْفُ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ"، قَالَ: الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: "مَا شِئْتَ وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْعَلُهَا كُلَّهَا لَكَ؟ قَالَ: "إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ"(رواه الترمذي وحسَّنَهُ).

معاشرَ المسلمينَ: إن محمَّدًا -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أكرمُ النَّاسِ على اللهِ، قرَن اللهُ الإيمانَ به بالإيمان به، وطاعتَه بطاعته، وحُبَّه بِحُبِّه، وذِكْرَه بذِكْرِه، فشهادة التوحيد هي شعار الإسلام، وعنوان الإيمان، ورمز الأمان، وجملة الأذان، تُرَدِّدُها المآذنُ كلَّ يوم على الآذان: أشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ، أشهد أنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، ولا ينعقد الإيمانُ بإحدى الشهادتين إلا مقرونةً بالأخرى، فتوجَّب علينا بأمر الله وبحقه علينا أن تمتلئ قلوبُنا بمحبته وتقديره وتوقيره، واتباع سُنَّتِه وطريقه، ألَا وإنَّ من شعار محبته، وواجب حقِّه، وآكَدِ سُنَّتِه: الإكثار من الصلاة والسلام عليه، فقد أخبر الله عن نفسه وملائكته فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ)[الْأَحْزَابِ: 56]، وأمَر عبادَه المؤمنين بذلك وجوبًا فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، فيا عباد الله: أكثروا من الصلاة على رسول الله، أكثروا من الصلاة على رسول الله، حرِّكوا بها اللسانَ، ورَطِّبُوا بها الشفاهَ.

صَلُّوا على هذا النبي فإنَّه

مَنْ لم يَزَلْ بالمؤمنينَ رَحِيمَا

صلُّوا على هادٍ أرانا هديَه

نَهْجًا مِنَ الدِّينِ الحنيفِ قَوِيمَا

يا أيها الرَّاجُونَ منه شفاعةً

صَلُّوا عليه وسَلِّموا تسليمًا

عبادَ اللهِ: إنَّ الله قد عظَّم أجرَ الصلاة على النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وضاعَف ثوابَها، وكرَّم أهلَها وأصحابَها، فعن أبي طلحة الأنصاري -رضي الله عنه- قال: "أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَليه وَسَلَّمَ- يَوْمًا طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ. قَالَ: أَجَلْ أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي -عَزَّ وَجَلَّ- فَقَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلاةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا"(رواه أحمد)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-، أن رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: "أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً"(رواه ابن حبان).

فأَحْيُوا القلوبُ -عبادَ اللهِ- بذِكْرِه، وصلُّوا عليه امتثالًا لأمره، واقتداءً بسُنَّتِه، ووفاءً لحقه، وقُربةً إلى الله، وتعظيمًا ومحبةً وإكرامًا لرسول الله، وزيادةً في الحسنات، وتكفيرًا للسيِّئات، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56].

بارَك اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكْر الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله ربِّ العالمينَ، (بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ)[الْجُمُعَةِ: 2].

معاشرَ المسلمينَ: إن من أَنْفَسِ الدعواتِ والأذكارِ، الإكثارَ مِنَ الصلاةِ والسلامِ على النبيِّ المختارِ، في الغُدُوِّ والآصالِ، بالعَشِيِّ والإبكارِ، فهي للمُحِبِّينَ سمةٌ وعلامةٌ وشعارٌ، وخاصةً في يوم الجمعة؛ فإنه أفضل الأيام، فعَن أوس بن أوس -رضي الله عنه- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ"(رواه أبو داود).

فمَن أرادَ مِنَ اللهِ الثناءَ والإكرامَ، والإجلالَ والإعظامَ، وتذكره الملائكةُ الكرامُ، ويُرفَع ذِكرُه ودرجتُه والمقامُ، فليُكثر من الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، في كل أحواله وأوقاته وسائر الأيام، وخاصةً إذا مرَّ ذِكْرُه في الكلام، فعن علي بن الحسين -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ الْبَخِيلَ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ"(رواه الترمذي)، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ"(رواه الترمذي).

عبادَ اللهِ: إنَّ الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- قربةٌ غير مقيَّدة بزمان ولا مكان، لكنها تتحتَّم في بعض الأحيان، ومنها: عند ذِكْره اسمَه باللسان، أو سماعه وقتَ الأذان، فعن عبد الله بن عمر بن العاص -رضي الله عنهما- أنه سَمِعَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا سمعتُم المؤذنَ فقولوا مثلما يقول، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا لِي الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لعبدٍ مِنْ عبادِ اللهِ، وأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ ليَ الوسيلةَ حلَّت عليه الشَّفاعةُ"(رواه مسلم).

معاشرَ المسلمينَ: وتتحتَّم مشروعية الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- في عدة أوقات، ومنها: في التشهُّد الأخير، وعند دخول المسجد والخروج منه، وعند الدعاء، وعند مصيبة الهمِّ واجتماع القوم، وبعد إجابة المؤذِّن، وغير ذلك من المواطِن والأوقات المأثورة.

عبادَ اللهِ: إن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- تحصل بأي صيغة ذُكرت، وبأي جملة رُكِّبت، وقد ورَدَت فيها صيغٌ متعددة، كلها وافيةٌ بالمطلوب، كافيةٌ في الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- قال: "أَتَانَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ: أَمَرَنَا اللهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ- حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّمَ-: قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ، اللهم بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"(رواه مسلم).
وعن أبي حميد الساعدي -رضي الله عنه- "أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَزْوَاجِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"(رواه البخاري).

أيها الْمُحِبُّونَ لرسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: إن للصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- من الفوائد ما لا يُحصَر، ومن الآثار والثمرات ما لا يُحصَى، وفيها من مصالح الدنيا والآخرة ما لا يُستقصَى، وكلَّما أكثَر الحبيبُ من ذِكْر المحبوبِ واستحضارِه في قلبه، واستحضارِ محاسنِه ومعانيه الجالبة لحبه، تضاعَف حبُّه، وتزايَد شوقُه، وكان ذلك محفِّزًا على اتباعه، ولا شيء أقرُّ لعين المحبِّ من رؤية محبوبه، ولا أقرَّ لقلبه من ذِكْره واستحضار محاسنه، وكلَّما أعرَض الإنسانُ عن ذِكْره نقَص حبُّه من قلبه.

ثم اعلموا -عبادَ اللهِ- أن الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- قربة وطاعة معروضة عليه، فاحرِصوا أن تكون وفقَ منهجه بالاتباع، وانْأَوْا بها عن الغُلُوِّ والهوى والابتداع، فمَن عمل عملًا ليس عليه أمرُ نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم- فهو ردٌّ.

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِكَ ورسولِكَ محمَّدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحب والآل، وعنا معهم بمنِّكَ وكرمِكَ وجودِكَ وإحسانِكَ، يا أرحمَ الراحمينَ.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، واجعل اللهم هذا البلدَ آمِنًا مطمئنًا وسائرَ بلادِ المسلمينَ، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، ووفِّق أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ بتوفيقِكَ، وأيِّدْه بتأييدِكَ، اللهم وفِّقْه ووليَّ عهدِه لِمَا تُحِبُّ وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، يا سميع الدعاء، اللهم آتِنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ)* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصَّافَّاتِ: 180-182].