البحث

عبارات مقترحة:

النصير

كلمة (النصير) في اللغة (فعيل) بمعنى (فاعل) أي الناصر، ومعناه العون...

العلي

كلمة العليّ في اللغة هي صفة مشبهة من العلوّ، والصفة المشبهة تدل...

القادر

كلمة (القادر) في اللغة اسم فاعل من القدرة، أو من التقدير، واسم...

لا تيأس

العربية

المؤلف محمود بن أحمد الدوسري
القسم خطب الجمعة
النوع نصي
اللغة العربية
المفردات المنجيات
عناصر الخطبة
  1. ذم اليأس والحزن والنهي عنهما .
  2. ثمرات رضا المؤمن عن ربه في كل أحواله .
  3. التحذير من اليأس والقنوط .
  4. حسن الظن بالله تعالى. .

اقتباس

وكثيرٌ من الناس إذا نزلت بهم المصائب ينشغلون بها, ولا يَرَون ما خَلَّفَتْهُ من المِنَح والعَطايا الإلهية؛ فإنَّ الله -تعالى- لَطِيفٌ بعباده, يبتليهم بالمصائب؛ لِيَعْفِرَ ذنوبَهم, أو لِيَرْفَعَ درجاتِهم في الجنة, أو ليهدي إليهم مِنْحَةً في ثَوبِ مِحْنَةٍ, فَكُنْ -يا عبدَ الله- راضياً....

الخطبة الأولى:

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُ الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليمًا كثيرًا.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71].

أمَّا بعد: لا ينبغي للمسلم أن ييأس أبداً؛ فحياته كلها خير ما دام في طاعة الله -تعالى-, يقول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ, إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ, وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ, إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ, وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ"(رواه مسلم).

فمَن ضاق عليه رِزقُه؛ فعليه أنْ يتذكَّر قولَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ مِنَ الدُّنْيَا -وَهُوَ يُحِبُّهُ-, كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ, تَخَافُونَهُ عَلَيْهِ"(رواه أحمد). وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ رَوْحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِيَ؛ أَنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ أَجَلَهَا, وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَهَا, فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ, وَلَا يَحْمِلَنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةٍ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ"(رواه أبو نعيم).

ومَن كان مريضاً؛ فعليه أنْ يرفعَ شِعارَ: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ)[الشعراء: 80]، وأنْ يكون على يقينٍ بأنَّ الفرج قريب, وأنَّ المرضَ هو عين الرحمة؛ إذْ جعله الله -تعالى- سبباً في تكفير السيئات, ورفع الدرجات, قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَكونُ لهُ المَنْزِلَةُ عِندَ اللهِ فمَا يَبلُغهَا بِعَمَلٍه، فلاَ يَزالُ اللهُ يَبتليهِ بِمَا يَكْرَهُ حَتَّى يُبلِّغَهُ إِيَّاهَا"(رواه ابن حبان والحاكم).

ومَن أراد الزواج ولم يستطع؛ فلا ييأس ولا يقنط, وسوف ييسر الله -تعالى- له ذلك, قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "ثَلاَثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمُ: الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, وَالْمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ, وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ الْعَفَافَ"(رواه الترمذي). وفي رواية: "حَقٌّ عَلَى اللهِ عَونُ مَنْ نَكَحَ الْتِمَاسَ العَفَافِ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ"(رواه الديلمي في مسند الفردوس).

أخي الكريم: عليك أنْ تأخذ بالأسباب لإعفاف نفسك, وأبشر بقول النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "تَنْزِلُ المَعُونَةُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى قَدْرِ المَؤُونَةِ، ويَنْزِلُ الصَّبْرُ عَلَى قَدْرِ المُصِيبَةِ"(رواه ابن عساكر).

ومَن كان فقيراً لا يجد ما يكفيه؛ فليتذكر حبيبه -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يربط على بطنه حَجَراً من الجوع, ومات ودرعه مرهونة عند يهوديٍّ على ثلاثين صاعاً من شعير, وكان أكثر دعائه: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا"(رواه مسلم).

وليعلم بأنَّ الله -تعالى- سيعوّضه في الآخرة, وسينسى كلَّ بُؤسٍ وبلاءٍ مع أول غمسةٍ في جنة الرحمن, قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ, فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ, فَيُقَالُ لَهُ: يَا ابْنَ آدَمَ! هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فَيَقُولُ: لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ! مَا مَرَّ بِي بُؤُسٌ قَطُّ, وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ"(رواه مسلم).

ومَن كان عنده ابتلاء شديد؛ فليتذكر قولَ اللهِ -تعالى-: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)[الشرح: 5-6]. وقولَه -سبحانه-: (سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)[الطلاق: 7]. ولْيَكُنْ راضياً بقضاء الله -تعالى-, قال -تعالى-: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)[الحديد: 22].

ولْيتذكَّرْ قولَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ؛ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ, وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ, لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ, رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ, وَجَفَّتِ الصُّحُفُ"(رواه الترمذي).

وقولَه -صلى الله عليه وسلم-: "مَا يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ"(رواه الترمذي).

ومَن فَقَدَ ماله؛ فلا ييأس ولا يقنط, فكلُّ مصيبةٍ قد تُعوَّض بخيرٍ منها, أمَّا مُصيبةِ الدِّين فخسارةٌ لا تُعَوَّض. ولذلك لَمَّا خُيِّرَ يوسف -عليه السلام- بين أنْ يُصاب في دُنياه فيُسجن, وبين أنْ يُصاب في دينِه فيصبو إلى النِّسوة؛ اختار مُصِيبةَ الدُّنيا عن مُصِيبة الدِّين, فقال: (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ)[يوسف: 33]. ومِمَّا علَّمه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لأُمَّته, أنْ يقولوا: "اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا, وَلاَ تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا, وَلاَ مَبْلَغَ عِلْمِنَا"(رواه الترمذي).

أخي المسلم: لا داعي لأنْ تحزنَ على فواتِ شيءٍ من الدنيا؛ فإنها لا تُساوي عند الله جناحَ بعوضة, فلا تحزن ما دُمتَ مُوحِّداً لله, مُتمسِّكاً بسُنَّة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, ولا تحزن ما دُمتَ آمِناً في سِربك, مُعافًى في بدنك, عندك قوتُ يومك.

ومَن مات له أحبابٌ وخِلاَّن؛ فلا يحزن ولا ييأس, ولْيَكُنْ راضياً بقضاء الله -تعالى-؛ لِيَفوزَ بالأجر العظيم, قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "يَقُولُ اللَّهُ -تعالى-: مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا, ثُمَّ احْتَسَبَهُ, إِلاَّ الْجَنَّةُ"(رواه البخاري). وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ؛ قَالَ اللَّهُ -  لِمَلاَئِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ. فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ. فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ, وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ"(رواه الترمذي).

ومَن ظُلِمَ مَظْلَمةً؛ فلا ييأس, ولا يقنط, فسوف يَنْصُره الله -تعالى- في الدنيا والآخرة, ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ, يَقُولُ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي, لَأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ"(رواه الطبراني). وفي رواية: "اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإنِّهَا تَصْعَدُ إلَى السَّمَاءِ كَأنَّهَا شَرَارَةٌ"(رواه الحاكم). وفي رواية: "اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ -وَإِنْ كَانَ كَافِرًا-؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ دُونَهَا حِجَابٌ"(رواه أحمد).

الخطبة الثانية:

الحمد لله..

عباد الله: إنَّ اليأسَ من كبائر الذنوب, قال الله -تعالى-: (إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الكَافِرُونَ)[يوسف: 87], وقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الكَبَائرُ: الشَّرْكُ باللهِ، والإيَاسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ، والقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ"(رواه البزار).

وكان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُحَذِّرُ أُمَّتَه من اليأس والقنوط؛ كما في قوله -عليه الصلاة والسلام-: "لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ, فَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ, فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي, وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي"(متفق عليه). وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ, فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً, وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً, فَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ لَمْ يَيْأَسْ مِنَ الْجَنَّةِ, وَلَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ بِكُلِّ الَّذِي عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعَذَابِ لَمْ يَأْمَنْ مِنَ النَّارِ"(متفق عليه).

وكثيرٌ من الناس إذا نزلت بهم المصائب ينشغلون بها, ولا يَرَون ما خَلَّفَتْهُ من المِنَح والعَطايا الإلهية؛ فإنَّ الله -تعالى- لَطِيفٌ بعباده, يبتليهم بالمصائب؛ لِيَعْفِرَ ذنوبَهم, أو لِيَرْفَعَ درجاتِهم في الجنة, أو ليهدي إليهم مِنْحَةً في ثَوبِ مِحْنَةٍ, فَكُنْ -يا عبدَ الله- راضياً عن الله في قضائه وقدَره, واعلم –أخي– بأنَّ اللهَ -تعالى- لم يبتليك لِيُعَذِّبَك؛ بل لِيُطَهِّرَك ويُقَرِّبَك. وكان بعض الأخيار لا يحزن إذا نزلت به المصيبة؛ لِعِلْمِهِ بما وراءَها من الأجر والثواب.

ومن أعظمِ النِّعَم؛ أنْ يُحْسِنَ العبدُ ظَنَّه بربّه, قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي؛ إِنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ, وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ"(رواه أحمد). وعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ– يَقُولُ: "لاَ يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلاَّ وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-"(رواه مسلم).

وعن سُهَيْلٍ الْقُطَعِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ مَالِكَ بْنَ دِينَارٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَنَامِي, فَقُلْتُ: يَا أَبَا يَحْيَى! لَيْتَ شِعْرِي؛ مَاذَا قَدِمْتَ بِهِ عَلَى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؟ قَالَ: "قَدِمْتُ بِذُنُوبٍ كَثِيرَةٍ, مَحَاهَا عَنِّي حُسْنُ الظَّنِّ بِاللَّهِ".

حُسْنُ ظَنِّي بِحُسْنِ عَفْوِكَ يَا  

رَبِّ جَمِيلٌ, وَأَنْتَ مَالِكُ أَمْرِي

صُنْتُ سِرِّي عَنِ الْقَرَابَةِ وَالْأَهْلِ  

جَمِيعًا، وَكُنْتَ مَوْضِعَ سِرِّي

ثِقَةٌ بِالَّذِي لَدَيْكَ مِنَ السَّتْرِ  

فَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ نَشْرِي

يَوْمَ هَتْكِ السُّتُورِ عَنْ حُجُبِ الْغَيْبِ

فَلَا تَهْتِكَنَّ لِلنَّاسِ سِتْرِي

وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.

اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.

عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.