الغفار
كلمة (غفّار) في اللغة صيغة مبالغة من الفعل (غَفَرَ يغْفِرُ)،...
العربية
المؤلف | عبد الله بن علي الطريف |
القسم | خطب الجمعة |
النوع | نصي |
اللغة | العربية |
المفردات | المنجيات - الحياة الآخرة |
الموتى قد انتهت فرصتهم في الحياة، وعاينوا الآخرة، وعرفوا ما لهم وما عليهم, أدركوا أنهم كانوا يضيعون أوقاتهم فيما لا ينفعهم في آخرتهم، وأدركوا أن الوقت الذي ضاع من بين أيديهم كان لا يقدّر بثمن، وأنه نعمة لم يستغلوها، وهم يتمنون عمل حسنة واحدة...
الخُطْبَةُ الأُولَى:
إنَّ الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلّ له، ومَن يُضْلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
إنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هديُ محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)[آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب70-71].
أيها الإخوة: من طبيعة الإنسان التمني والتطلعُ للأفضل؛ فمن الناس مَنْ يتمنى أموراً دنيوية، ومنهم من يتمنى أموراً أخروية ودنيوية، وقد ذكر الله -تعالى- أن الإنسان يتمنى بعد موته!, فماذا يتمنى الموتى؟، وكيف نعرف أمنياتهم؛ وقد انقطع خبرهم واندرس ذكرهم؟!.
سبيلنا لذلك الوحي من لدن العليم الخبير, فمن مات كافراً، أمنيته العودة إلى الحياة الدنيا, ليس للتزود من الأموال والدور وغيرها, ولا لاستكمال التلذذ بمتاعها؛ وإنما للتزود بالعمل الصالح, والعجيب أن أمنية العمل الصالح والرغبةِ فيه تبدأ عند هؤلاء من حين نزول ملك الموت بهم؛ ففي موقف الاحتضار يعلنون التوبة، ويطلبون الرجعة إلى الحياة؛ لتدارك ما فات، والإصلاح فيما تركوا وراءهم من أهل ومال!، قال -تعالى- مبيناً ذلك: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)[المؤمنون:99_100], سبحانك ربي! كأن الموقف معروضٌ اللحظةَ للأنظار، مشهودٌ كالعيان!, وإذا بالرد على هذا الرجاء المتأخر لا يوجه إلى صاحب الرجاء، وإنما يعلن على رؤوس الأشهاد: (كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا).
فقوله: (رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ) كلمة لا معنى لها، ولا مدلول وراءها، ولا تنبغي العناية بها أو بقائلها؛ لأنها كلمة صدرت بسبِ الموقفِ الرهيب، ولم تصدر من مخلص منيب, كلمةٌ تقال في لحظةِ الضيق، ليس لها في القلب من رصيد, وبها ينتهي موقف الاحتضار, فالحواجز بين قائل هذه الكلمة والدنيا قائمة؛ فلقد قُضي الأمر، وانقطعت الصلات، وأغلقت الأبواب، وأسدلت الأستار؛ (وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ), وبها ينتهي موقف الاحتضار.
ثم يعيد الكفار أمنيتهم إذا وقفوا على شفير جهنم، يَقُولُ اللهُ -تعالى- عنها: (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَالَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)[الأنعام: 27], ثم بين -تعالى- أنهم كذبة في هذه الأمنية بقوله: (بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ)[الأنعام: 28، 29].
وإذا دخلوا نار جهنم أعادوا أمنيتهم مرة ثالثة، فيجيبهم اللهُ -تَعَالَى- بِقُولِهِ: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ* وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ)[36:37 فاطر], إنها أمنية لن تُنَالَ؛ ذلك أن الحياة الدنيا إذا انتهت فلا كرة ولا رجوع.
أيها الإخوة: أما موتى المؤمنين فيتمنون العودةَ إلى الحياة؛ ليصلّي أحدهم ولو ركعتين؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- مَرَّ بِقَبْرٍ، فَقَالَ: "مَنْ صَاحِبُ هَذَا الْقَبْرِ؟", فَقَالُوا: فُلَانٌ, فَقَالَ: "رَكْعَتَانِ أَحَبُّ إِلَى هَذَا مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ"(رواه الطبراني وصححه الألباني), وفي رواية عَنْه -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى قَبْرٍ دُفِنَ حَدِيثًا فَقَالَ: "رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ مِمَّا تَحْقِرُونَ وَتَنْفِلُونَ, يَزِيدُهُمَا هَذَا فِي عَمَلِهِ؛ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ"(رواه في الزهد والرقائق ابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد وصححه الألباني).
ومما يتمناه الموتى: الصدقة قال الله -تعالى-: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ* وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[المنافقون:10، 11].
وإذا أدخل المؤمن في قبره وأجاب على أسئلة الملكين؛ "مَنْ رَبُّكَ؟ مَا دِينُكَ؟ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ؟", "نَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ أَنْ: صَدَقَ عَبْدِي، فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ، وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ فَيَقُولَانِ لَهُ: قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا فَيُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا وَقَاكَ اللهُ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا مَقْعَدُكَ, فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ وَيُقَالُ لَهُ: عَلَى الْيَقِينِ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ إِنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: نَمْ", فيتمنى "فَيَقُولُ: دَعُونِي أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُبَشِّرُهُمْ فَيَقُولَانِ لَهُ: نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لَا يُوقِظُهُ إِلَّا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ, حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ", وفي رواية أمنيته الثانية: "فَيَقُولُ: رَبِّ! أَقِمْ السَّاعَةَ؛ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي"(جزء من حديث الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ المشهور).
أما الشهيد فبالرغم من عظم المنزلة التي أُعدّت له في أَعْلى درجات الجنة، إلا أنه يتمنى أن يعودَ إلى الدنيا؛ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ, قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا أَحَدٌ يَدْخُلُ الجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَهُ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ، يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ؛ لِمَا يَرَى مِنَ الكَرَامَةِ"(رواه البخاري ومسلم أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ).
أقول ما سمعتم, واستغفر الله العظيم لي ولكم ولوالدي ولوالديكم, فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، الهادي إلى إحسانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأعوانه وسلم تسليما كثيرا, وبعد:
أيها الإخوة: الموتى قد انتهت فرصتهم في الحياة، وعاينوا الآخرة، وعرفوا ما لهم وما عليهم, أدركوا أنهم كانوا يضيعون أوقاتهم فيما لا ينفعهم في آخرتهم، وأدركوا أن الوقت الذي ضاع من بين أيديهم كان لا يقدّر بثمن، وأنه نعمة لم يستغلوها، وهم يتمنون عمل حسنة واحدة لعلها تثقل ميزانهم, أما نحن فنملك نعمة الحياة, ونعمة العمل, ونعمة العلم, فهل من مدكر؟!.
قَالَ إِبْرَاهِيم بن يزيد العبدي: "أَتَانِي رِيَاحٌ الْقَيْسِيُّ فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أَهْلِ الآخِرَةِ نُحْدِثُ بِقُرْبِهِمْ عَهْدًا, فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَأَتَى إِلَى الْمَقَابِرِ, فَجَلَسْنَا إِلَى بَعْضِ تِلْكَ الْقُبُورِ, فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! مَا تَرَى هَذَا مُتَمَنِّيًا لَوْ مُنِّيَ؟, قُلْتُ: أَنْ يُرَدَّ -وَاللَّهِ- إِلَى الدُّنْيَا فَيَسْتَمْتِعَ مِنَ طَاعَةِ اللَّهِ وَيُصْلِحَ، قَالَ: فَهَا نَحْنُ فِي الدُّنْيَا فَلْنُطِعْ اللهَ وَلْنُصْلِح، ثُمَّ نَهَضَ فَجَدَّ وَاجْتَهَدَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَسِيرًا حَتَّى مَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ-"(ذم الهوى وإيقاظ أولي الهمم).
أيها الأخ المبارك: إذا زرت المقبرة أو شيّعت جنازة فلا تكن عندها من الغافلين، ولا تكثر الحديث مع المشيعين، تذكّر أمنيات الموتى، واغتنم فرصتك في الحياة, قف أمام قبر مفتوح، وتأمل ذلك اللحد الضيق، وتخيل أنك بداخله، وقد أغلق عليك باللبن، وأُهِيلَ عليك التراب، وفارقك الأهل والأولاد، وقد أحاطك القبر بظلمته ووحشته، فلا ترى إلا عملك.
فماذا تتمنى يا تُرى في هذه اللحظة؟ ألا تتمنى الرجوع إلى الدنيا لتخرج من مظالم العباد؟! ألا تتمنى الرجوع إلى الدنيا لتعمل صالحا؛ لتركع ركعة، لتسبّح تسبيحة، لتذكر الله -تعالى- ولو مرة؛ بلى, إذاً ها أنت على ظهر الأرض حيٌّ معافى, فاعمل صالحاً قبل أن تصبح في عدادِ الموتى, وتَعَضَّ على أصابع الندم, تتمنى ولا مجيب لك.
إذا وسدت في قبرك فلا أنت إلى دنياك عائد، ولا أنت في حسناتِكَ زائد, أفق أنت في الأمنية؛ فاعمل ليوم القيامة قبل الحسرة والندامة, قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: "مَثَّلْتُ نَفْسِي فِي النَّارِ أُعَالِجُ أَغْلَالَهَا وَسَعِيرَهَا، وَآكُلُ مِنْ زَقُّومِهَا، وَأَشْرَبُ مِنْ زَمْهَرِيرِهَا، فَقُلْتُ: يَا نَفْسِي! أَيَّ شَيْءٍ تَشْتَهِينَ؟, قَالَتْ: أَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا أَعْمَلُ عَمَلًا أَنْجُو بِهِ مِنْ هَذَا الْعَذَابِ، وَمَثَّلْتُ نَفْسِي فِي الْجَنَّةِ مَعَ حُورِهَا، وَأَلْبَسُ مِنْ سُنْدُسِهَا وَاسْتَبْرَقِهَا وَحَرِيرِهَا، فَقُلْتُ: يَا نَفْسِي! أَيَّ شَيْءٍ تَشْتَهِينَ؟, قَالَتْ: أَرْجِعُ إِلَى الدُّنْيَا فَأَعْمَلُ عَمَلًا أَزْدَادُ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ, فَقُلْتُ: أَنْتِ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْأُمْنِيَّةِ"(حلية الأولياء).
وبعد أحبتي: في معرفة أمنيات الموتى دافعٌ لمحاسبة النفس، وزيادة العمل الصالح، والكف عن الإثم والعدوان.
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].
نسألك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام أن ترفع عنا الوباء والبلاء، وأن تقضى حوائجنا، وتشفي مرضانا، وترحم موتانا.
اللهم اغفر لوالدينا, وارحمهما كما ربيانا صغارا, اللهم وفقنا لبر آبائنا وأمهاتنا, وارضَ عنا وعنهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ, اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ, اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ, رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.
عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ؛ فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ولذِكْرُ اللهِ أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنعون.